المتابعون للمدونة

الجمعة، 14 ديسمبر 2018

قوارب الصيادين الغارقة.. المشكلة والحل


قوارب الصيادين الغارقة.. المشكلة والحل

هذا الخبر في مثل هذا اليوم عام 2014 (منذ أربع سنوات):
"لقي 13 صيادا مصريا مصرعهم غرقا وما زال 13 آخرون في عداد المفقودين إثر غرق مركب صيد فجر الأحد في خليج السويس، وتم إنقاذ 11 صيادا.. وقال السيد محمد عرفه، أحد الناجين من الحادث، إن سفينة اصطدمت بمركبهم أثناء تواجدهم بمنطقة جبل الزيت بعد أن أطلقت صفارة عالية قبل الاصطدام".

وطبعا لم يتم تحديد السفينة حتى اليوم، رغم أن هذا أمر سهل بالرجوع إلى سجلات قناة السويس وقت الحادث، ومراجعة الرادارات والأقمار الصناعية!!
الأسوأ أن مركب صيد دمياطي غرق في البحر الأحمر في بداية هذا الشهر في نفس المنطقة والظروف الجوية، وهناك احتمال أن تكون سفينة صدمته هو أيضا، ولم ينج منه أحد وما زالت جثث 13 صيادا مفقودة حتى الآن!
الأسئلة التي يجب أن نطرحها هنا ما دامت نفس الكوارث تتكرر بنفس الغباء ولا يتعلم منها أحد:
1- ألا توجد مسارات محددة للسفن التي تعبر قناة السويس يمكن إعطاؤها للصيادين حتى يتجنبوها؟
2- ألا توجد أي وسائل مراقبة رادارية أو جوية أو بالأقمار الصناعية للتدخل السريع في مثل هذه الحوادث؟
3- ألم يرسل الصيادون أي استغاثة لاسلكية؟.. ألا توجد جهات تتلقى الاستغاثات؟
4-  لماذا سمحوا للمركب بالخروج من ميناء السويس في ظل تلك الظروف الجوية، وما فائدة الأرصاد الجوية؟
5- لماذا في الأصل سمحوا للمركب بالمرور من عزبة البرج عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر؟.. هذه المراكب صغيرة وغير مجهزة لأي طوارئ ولن تصمد في أي عاصفة أو أمواج عالية ولا أظن أنها تستطيع تحديد أماكن الشعاب المرجانية بأجهزة حديثة.. باختصار هي لا تصلح إلا للصيد في المياه القريبة من شواطئ البحر المتوسط.

كل شيء يعمل في مصر بالبركة.. الصيد صناعة اقتصادية ضخمة، تحتاج لمؤسسات كبيرة لبناء أساطيل سفن حديثة مجهزة بالأجهزة الالكترونية ومتصلة بالأقمار الصناعية وفيها ثلاجات وحتى ماكينات تعليب حتى لا يفسد السمك، وتحمل قوارب نجاة ومؤن طوارئ لتستطيع الإبحار لشهور طويلة في البحار والمحيطات بأعلى معدلات الأمان، ويجب أن يكون هناك تعليم مؤسسي يخرج العاملين في هذه المهنة (وهو ما لا يوجد نهائيا في التعليم المصري، الذي يحشو رؤوس التلاميذ بالهراء ويمنحهم شهادات وهمية لا تؤهل معظمهم لأي شيء حقيقي!!).. لكن ما يحدث في مصر هو أن الصيد مهنة عشوائية تعتمد على مراكب صغيرة بدائية يعمل عليها هواة، وبسبب الصيد الجائر في مواسم تزاوج الأسماك إضافة إلى تلوث سواحل مصر بالمخلفات البشرية والصناعية، قلت الأسماك في سواحلنا، وصار الصيادون مضطرين إلى الانطلاق بمراكبهم عميقا في البحر المتوسط والأحمر، ولعلكم سمعتم كثيرا عن اعتقال صيادين مصرين تجاوزا المياه الإقليمية لإرتريا أو الصومال أو تركيا أو ليبيا أو تونس.. كل هذا بمراكب هشة تسير في مهب الريح وتفاجئها الناقلات العملاقة وتهشمها الشعاب المرجانية.

باختصار: الحصول على الرزق في مهنة الصيد في مصر مخاطرة يومية بالحياة، ولا يمكن مطالبة الصيادين وحدهم بحل كل المشاكل التي عرضتها، لأنهم لا يملكون التمويل، ولو فرضت الدولة عليهم أي إجراءات أمان حقيقية فستزيد تكاليف الصيد وثمن الأسماك وبدلا من أن يموت الصيادون غرقا سيموت آلاف الفقراء جوعا!

والحل كما ذكرت أن يتم إعادة تخطيط مهنة الصيد كصناعة بمعايير عالمية حديثة، وإنشاء شركات حكومية وخاصة لبناء أساطيل صيد حقيقية وإنشاء مدارس فنية لتخريج من يعملون عليها وتأهيل المهندسين اللازمين لصيانتها وتشغيلها، وأن يتولى قيادتها ربان حقيقي مؤهل رسميا.. ما لم يحدث هذا فستتكرر هذه الحوادث دوريا، فلا يبك حينها أحد على اللبن المسكوب ولا المركب المقلوب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر