المتابعون للمدونة

الخميس، 27 يناير 2011

إنك لا تجني من الشوك العنب

تونس.. دروس وعبر
(4)
إنك لا تجني من الشوك العنب

من وجهة نظري، أن أكبر وأهم درس يجب أن تتعلمه الحكومات مما حدث في تونس، وما يحدث حاليا في الجزائر والأردن ومصر من مظاهرات غضب عارمة، هو أن الإعلام العربي يزرع الشوك، ولا يمكن أن تحصد الحكومات منه العنب، بل ستحصد شوكا وسخطا وعنفا ودما.
فإعلامنا كله، ببرامجه وأغانيه ومسلسلاته وأفلامه، يروج ثقافة استهلاكية شرهة، تعتمد على إثارة الغرائز والتحاسد والرغبة المحمومة في التملك.. وحتى لو حدث خطأ وقدم الإعلام برنامجا هادفا، فإن الفواصل تتخلله لعرض الدعايات، بما في ذلك البرامج الدينية، بل والقنوات الإسلامية نفسها!
والنتيجة أنه لا أحد يشعر بالرضا.. وكما قال أحد الفلاسفة: "الشعور بالظلم، وليس الظلم نفسه، هو ما يحرك ثورات الشعوب".
فكل إنسان فينا اليوم يعيش في رفاهية تجعله أفضل من ملوك ألف ليلة وليلة، وأفقر شاب عاطل يحمل جوالا بإمكانيات أفضل من الحواسيب الشخصية التي كنا نستعملها منذ 15 سنة، وتوفر له أسرته تلفازا وطبقا فضائيا وحاسوبا شخصيا وإنترنت، وربما أيضا ينفق مئات الجنيهات شهريا لقتل نفسه بالسجائر!
ورغم كل هذا، يظل هذا الشاب بمقاييس الثقافة الاستهلاكية محروما ومظلوما وعاجزا عن تحقيق طموحاته، التي في الغالب تدور حول سيارة فارهة، وشقة فخمة، وزوجة تشبه فتيات الإعلانات، ووظيفة لا يفعل فيها شيئا سوى الجلوس على مكتب ببذلة أنيقة والرد على الهواتف!
ومن أبسط نتائج هذا، أن صارت شركات الاتصالات في بلادنا تجني المليارات شهريا، بسبب ثرثرة ملايين المواطنين في الهواتف بالغيبة والنميمة والفحش والغزل، وكل ما لا قيمة له ولا يعود بنفع، بينما الجميع يبكون ويصرخون من التضخم ونقص السيولة، وضيق ذات اليد!!
وأنا بكلامي هذا لا ألقي باللائمة على الشباب وأهاليهم وثقافة المجتمع فحسب، فالمسئول الأول والأكثر جرما، هو الإعلام الحكومي الذي يُعتبر فوضى تدميرية حقيقية لكل القيم والأخلاق، ولا هم له سوى خدمة التجار وأصحاب المصالح ومحاربة الإسلام والعقل.. إعلام تجاهل تماما كل خبراء التربية وعلم النفس والاجتماع، بينما كان من المفروض أن يتولى هؤلاء مسئولية تخطيط الرسالة الإعلامية.
ربما يقول البعض في شماتة: وما المشكلة.. لقد زرعوا الشوك فليحصدوه.. دعه يمزقهم آرابا.
لكني أرى أن ما يحدث في بلادنا حاليا لا يبشر بخير، فطاقة الغضب تصلح للهدم، لكنها لا تصلح للبناء، ودور المثقفين الحقيقي هو تحليل المشكلة وإيضاح منبع الخلل واقتراح العلاج.. أما أن نبتهج بعواصف التغيير، ونغتر بغضب الشباب دون أن نسأل أنفسنا "وماذا بعد؟"، فهذا قد يقودنا إلى أوضاع كارثية أسوأ مما نعيشه بكثير.
ولنسأل أنفسنا: وماذا بعد أن أطاح الشباب التونسي بابن علي؟.. وماذا بعد أن ينظفوا تونس من كل أتباعه؟.. هل سيزيل هذا أسباب الثورة؟
دعونا نفترض أن ملائكة منزّلة من السماء حكمتهم في الفترة المقبلة، فهل ستستطيع إيجاد فرص عمل لكل العاطلين في لمح البصر؟
ربما ستسترد الدولة الأموال المنهوبة، ولكنّ نقل ملكية الشركات من اللصوص إلى الشعب لن يزيد فرص العمل، كما أن تحويل النقود إلى فرص عمل ليس بالأمر الهين، في ظل أوضاع عالمية معقدة، أصعبها منافسة الصين وشرق آسيا، في ظل اتفاقيات تحرير التجارة ومنع القيود الحمائية وفرض الغرب الحصار التقني علينا لضمان تفوق إسرائيل، ناهيكم أصلا عن أن إنشاء المصانع وتخطيط المشاريع يحتاج إلى سنوات ليست بالقصيرة، ستزيد فيها أعداد العاطلين.. فهل سيصبر الشباب الغاضب على الحكومة التالية إلى أن تضع الخطط المحكمة طويلة الأمد وتنفذها؟.. أم أنه سيستمرئ الغضب والثورة والهدم؟
وهل هناك أصلا دولة في العالم نجحت في إنهاء مشكلة البطالة؟

الأربعاء، 26 يناير 2011

صــــــــرخة

صــــــــرخة

اسخرْ من نفسِكَ ما تبغي: فالكلُّ صحيحْ!
وانبذْ أحلاما بكَ تَسري، وتَوَخَّ الريحْ
واجلسْ كي تُحصيَ أكواما أشلاءَ جريحْ
***
ينهمرُ الدمعُ ولا يُجدي إلا تبريحْ
تنهارُ النجوى والسلوى في جوفِ ضريحْ
تصحو، تتثاءبُ ضاحكةً، جمجمةُ ذبيحْ!
***
نضحكُ تصريحْ
نبكي تلميحْ
ونظلُّ نلمُّ شِتات الدنيا وأراجيحْ
ويموتُ الضوءُ
يموتُ الكونُ
وتعوي الريحْ
والحيُّ إذا أضناه الظلمُ يصيحْ
أما الأمواتُ، فلا يُجدي سيفُ التجريحْ!
***
نعدو، وكأنَّ نهايةَ خطِّ العدوِ تُريحْ
والوهمُ الخاطئُ ما نَهوَى، والحقُّ طريحْ
فلعلَّ الجيبَ الملآنَ
اللحمَ الأطنانَ
اللحمَ العُريانَ
وكومَ صفيحْ
والجشعَ الساكنَ فَخمَ ضريحْ
ولعلَّ الضحكاتِ الثّكلَى
وسطَ دُخانِ رياءِ نفاقٍ
أو تدليسٍ
أو في ثوبِ الذئبِ صريحْ
ولعلَّ الأوهامَ
تُدِرُّ الفرحَ
وتُغْنِي حينَ سيوفُ الظلمِ ثمارَ الذلِّ تُطيحْ!
***
شيءٌ في عمقي في الأنعامِ يصيحْ:
عيشوا التسطيحْ
أو كونوا بوما وخنازيرا وتماسيحْ
آخرُ تصريحْ:
لا أعرفُ وطنا كي أهواهْ!

محمد حمدي غانم
1996

الثلاثاء، 25 يناير 2011

ثقافة استهلاكية

ثقافة استهلاكية

ملحوظة:
تجمّعت نواة هذا المقال من ردودي على مداخلات القراء على قصتي الساخرة "إعلانات يا هوووه".. لهذا سيكون من الأفضل قراءتها أولا، فهي تناقش نفس القضية.

انسف حمامك القديم.. ومطبخك القديم.. وسيارتك القديمة.. وجوالك القديم.. وضميرك القديم أيضا، واشترِ هذا المنتج لتحصل على السعادة الأبدية!
هذا هو شعار الحرب الاستهلاكية التي نعيشها اليوم.
فالحقيقة أننا نعيش واقعا مأساويا يَسِمُ العصر الصناعي بكامله، حيث تستخدم الدعاية بشناعة لتربية أجيال استهلاكية مغيبة عن العقل والضمير، ساخطة لا تشعر بالسعادة والراحة والرضا إلا حينما تمتلك الأجود والأغلى والأفخم، بل وأحيانا لا تهم الجودة بقدر ما يهم الامتلاك نفسه، إذ يقول كل شخص لنفسه: مثلي مثل الآخرين.. أنا لست أقل من فلان وعلان وتان تان وسوبرمان J
لقد قرأت الكثير عن القيم الاستهلاكية لكتاب مختلفين، وهذا أخرجني مبكرا من الغيبوبة التي كنت أعيشها، وجعلني أتحول إلى اعتناق منظومة مضادة من القيم التي ترفض الاستهلاك لمجرد الاستهلاك، فهذا سبب ما نحن فيه من هلاك.
فهذا الإسراف في الاستهلاك سيؤدي إلى هلاك الحياة على سطح الأرض، لأن التلوث الذي تنتجه هذه المصانع لوث البيئة بدرجة تفوق آلية التدوير الطبيعية، كما استنفد غابات ومناجم وحيوات برية ومائية، وكلنا يتابع الآن التحذيرات المخيفة عن ارتفاع حرارة الأرض وانصهار جليد القطبين، كما أن نسب الأمراض والسرطانات صارت مفزعة، إضافة إلى ازدياد معدلات الإصابة بمرض التوحد لدى الأطفال، وكلها أمور لم تعرفها البشرية بهذه الصورة من قبل.
ومن تداعيات هذا الاستهلاك أيضا، أن صار الناس اليوم مؤمنين أن الزواج لا يصح بدون إنفاق عشرات الألوف لشراء كراكيب لا قيمة لها.. هذا إن تجاهلنا الحديث عن باقي الشكليات العقيمة من ذهب وفرش وملابس وحفلات و... و... إلى آخر تلك التعقيدات التي جعلت سن الزواج مأساة حقيقية رغم دعوات رجال الدين المستمرة إلى التخفيف وعدم المغالاة.. والنتيجة أن هناك 6 مليون شاب وفتاة عبروا الخامسة والثلاثين في مصر بدون زواج!!.. لكن النكتة المضحكة المبكية في الأمر أن حتى من نجحوا في امتلاك هذه الكراكيب لم يضمنوا السعادة، بدليل أن ثلث الزيجات الحديثة تنتهي بالطلاق في أول عامين!.. ماذا تتوقع من ناس يبحثون عن الشكليات ونسوا أن يهتموا بجوهرهم؟
لقد صرنا نعيش في عصر تحوّلت فيه الكماليات إلى أساسيات، ويزداد الأمر تعقيدا باستمرار.. العجيب أن كلّ من أناقشهم من الرجال مقتنعون بعدم جدوى معظم الأثاث الذي يشترونه ولكنهم عاجزون عن تحدي أعراف المجتمع.. وللأسف تتبنى النساء الرأي المضاد، ولا يكاد يمر شهر لا أسمع فيه عن زيجة لم تتم بسبب الاختلاف على القائمة أو التنجيد أو هذه التفاهات.. وحين كتبت هذا الكلام كانت عائلتان من بلدتي في السجن وشاب في العناية المركزة بسبب فرن غاز لم يحضره أهل العروسة، مع أنه لم يعد هناك أحد يخبز شيئا أصلا في هذه الأفران!
بالمناسبة: في مدينتي تتحمل المرأة تقريبا نصف تكاليف الزواج، وهذا يجعل أباها يستدين من طوب الأرض لتزويجها بكل تلك الكراكيب التي لا قيمة لها.. لماذا تعطلت عقول هؤلاء البشر عن التفكير؟.. فتش عن الإعلانات!
لكنك إذا قلت هذا، يتهمك البعض بمحاولة...

الاثنين، 24 يناير 2011

مــــوال الحــنيــــن

مــــوال الحــنيــــن

ظمآنُ يا نبعَ الندى
أن تسمعي هذا النِّدا
مُدّى لذي شوقٍ يدا
كي تأسريهِ مُسَّيدا!
ظمآنُ يوما نلتقي
ولمهجتي أن تعشقي
وبعتمِ ليلي تُشرقي
الآنَ توًّا لا غدا
اليومَ ذكرى حبِّنا
كان المكانُ يضمُّنا
كان الحنانُ يلفُّنا
والشعرُ بالنجوى شدا
والآنَ موعدُنا انتهى
والحزنُ أيامي دَهَى
والقلبُ يسألُ والنُّهَى
أنهايةُ العشقِ الرَّدَى؟
وأنا أسيرُ الذكرياتْ
يروي الحنينُ الأمنياتْ
أشدو بكلِّ الأغنياتْ:
إني أحبُّكِ سَرْمَدا
أشتاقُ دوما أن أراكْ
لتتوهَ عَيني في ضِياكْ
فتروغَ عينُكِ في ارتباكْ
والخدُّ هاجَ تَوَرُّدا
فمتى أراكِ مُجدَّدا؟
محمد حمدي غانم
24/1/2011

إلقائي لقصيدة شعب الإباء


هذا هو إلقائي لقصيدة شعب الإباء :





الأحد، 23 يناير 2011

آبدة 16: معذبة القلوب

أعرف أنك تلومين الرجال ـ الذين ينظرون لك ـ على وقاحتهم، لكنهم معذورون فقد فُطِروا على حب الجمال.. وربما تلومينني أيضا على حبي لك، لكنه ليس خطأ مني، حتى لو لم أكن لك أنسب الرجال.
محمد حمدي، 6/12/2010

العلم نور.. والتعليم نار!!!

تونس.. دروس وعبر
(3)
العلم نور.. والتعليم نار!!!

من أوضح المفارقات في ثورة تونس، هي أنها جاءت في بلد نسبة المتعلمين فيه تتجاوز 94%.. وبينما يحاول العلمانيون إظهار هذه النقطة كمفخرة لنظام الطاغية السابق، إلا أنه على العكس، أحد أبرز مظاهر الجهل والغباء وسوء التخطيط السائدة في الوطن العربي كله!
فهذه النسب المرتفعة من المتعلمين خاصة الجامعيين، لا توازيها نسب مرتفعة في النمو الاقتصادي، ولا يصاحبها تخطيط منهجي لنظام التعليم ليلبي احتياجات السوق، وهذا كله هو السبب الرئيسي في الارتفاع المتسارع في نسبة البطالة في كل بلادنا العربية، خاصة مع الإصرار المريض على زج النساء في كل الوظائف القليلة المتاحة، مما ضاعف من بطالة الشباب وعنوسة النساء، وأوجد الوضع المثالي للإحباط واليأس من الحياة الذي يدفع إلى الانتحار أو الثورة!
وربما بدوت مجنونا حينما كنت أجادل في السنوات السابقة مطالبا بتغيير رؤية الدولة لنظام التعليم، ولكني آمل أن يعيد الجميع حساباتهم في ضوء ما حدث، فيسأل كل أب نفسه:
-  هل أريد أن أكرس كل جهدي ومالي وهمي لتعليم ابني، ليصير عاطلا ويشعل النار في جسده مثل محمد بوعزيزي وغيره ممن سبقوه أو تبعوه في كل مكان في بلادنا؟.. هل يعقل أن يكون حصاد كل هذا الجهد والمال وسنوات العمر المهدرة، بطالة وانتحار وخسران الدنيا والآخرة؟.. هل تستحق شهادة الجامعة كل هذه الخسائر؟
كما أن على كل حكومة عربية أن تسأل نفسها:
-  هل يعقل أن نقتطع من أقوات الناس وميزانيات الصحة والطرق والمواصلات وكل مرافق الدولة، لننفق المليارات على تعليم بلا عائد، يخرج لنا الشباب العاطل الذي يطيح بنا؟
فإن بدا هذان السؤالان عاطفيين بأكثر من كونهما عقلانيين، فلا بأس إذن من أن نؤصل المشكلة تاريخا:
فقد نشأ نظام التعليم المؤسسي في الغرب بعد ثورة البخار، لتخريج عمال وفنيين ومهندسين وإداريين مهرة، لتشغيل المصانع والمنظومة الاقتصادية المبنية عليها.. وهذا معناه أن المصنع والمؤسسات التابعة له، هي ما يحدد عدد المتعلمين المطلوبين في المدارس.. ولو أن هذه القاعدة البسيطة والواضحة قد طبقت في أي مكان في العالم، لما كان ظهر مصلح البطالة قَط، ولما صار شباب صحيحو البدن في أوج عافيتهم وتوهجهم الذهني وحماسهم للعمل، وفوق كل هذا مؤهَّلون علميا ومتخصصون وظيفيا ـ عاطلين عن العمل بالملايين في كل مكان في العالم!
لكن لسبب ما (يدخل فيه بصورة كبيرة الصراع بين الشيوعية والرأسمالية)، تحول التعليم من احتياج اقتصادي يتحكم فيه المصنع وآليات السوق، إلى حق اجتماعي مكتسب لكل طفل في العالم، فصار بهذا غاية بدلا من أن يكون وسيلة.. وهذا عبء غير مبرر على اقتصاد العالم، وأحد أسباب خرابه المحتوم، بسبب تصاعد نسب البطالة في كل مكان.. إن هناك علاقة تغذية مرتدة بين التعليم والبطالة:
فكلما تعلم أطفال أكثر، استنزف هذا نقود الدولة أكثر، مما يقلل من مشاريع التنمية المنتظر منها إقامتها لتوسيع الاقتصاد، وبالتالي تزيد البطالة، مما يعني أن شبابا أكثر لن يتزوج، وقدرته على الإنفاق ستقل، مما يحد من نمو الاقتصاد ومن قدرة المصانع على التوسع، كما يثقل الدولة بمعونات بطالة أكثر، فيؤدي كل هذا إلى بطالة أكثر... وهكذا في حلقات متداخلة من التأثير السلبي المتراكم.
ومما يجعل هذه التغذية المرتدة السلبية أكثر شراسة، طول مسار التعليم، واعتماد نظم التعليم على تلقين المتعلمين ثقافة عامة أكثر من المواد التخصصية، انتظارا إلى وصول الطفل إلى السن المناسبة ليستطيع اختيار التخصص.. وهذا الوضع جعل أنظمة التعليم في العالم تهدر أموالا طائلة في تعليم كل الناس كل شيء، وهذا يؤدي إلى ما يلي:

السبت، 22 يناير 2011

أجمل ما قيل في الحب

أجمل ما قيل في الحب

هذا كتاب رقمي، أعددته منذ خمس سنوات حينما كنت أدير قسم النثر في موقع أدباء دوت كوم، وقد جمعت فيه أكثر من 300 مقولة عن الحب من المنتديات ومواقع الإنترنت، لكتاب من الشرق والغرب، من الماضي والحاضر، حلقوا في آفاق الحب فسقاهم شهده، أو أسقطهم سهمه وأضناهم سهده، فآمنوا به أو كفروا، فمنهم من قال:
نسمي الحب حباً....لأننا نبحث عن حرفين.. أولهما حياة وحرية، وآخرهما بقاء وبراءة.. وبينهما نختصر كل ما نشعر به في حضرة الحبيب.
ومنهم من قال:
الحب ربيع القلب, وقيظ الأحشاء, وشتاء الجوارح, وخريف الصورة!
ومنهم من قال:
علمت أن الحب أكبر حقيقة في قلوب النساء، وأجلّ كذبة في عقول الرجال!
ونظرا لأننا أغلقنا موقع أدباء دوت كوم منذ ثلاثة أعوام بسبب عجزنا عن متابعته أنا والصديق م. نزار شهاب الدين، فقد أعدت نشر هذا الكتاب في صورة ملف Pdf على موقع كتابي دوت كوم، الذي يملكه الصديق العزيز محمد رضا الغياتي، وهذا هو رابطه:
قد تتفق مع بعض ما قيل في الحب، وقد تختلف مع كثير منه، لكن تظل هذه العبارات أجمل ما قيل في الحب.. فاستمتع بها.

الجمعة، 21 يناير 2011

تونس.. دروس وعبر

تونس.. دروس وعبر
(2)
الناس كفرت!!

طوال عقود، صارت بلادنا ساحة للصراع بين العلمانيين والإسلاميين، حتى نسيت الحكومات العربية واجباتها الرئيسية، وتفرغت بكامل قواها الأمنية والإعلامية والثقافية لمحاربة الإسلاميين وأحيانا الإسلام نفسه، باعتبار أن هذا هو مصدر الخطر الأول والأوحد عليهم!
وكان من نتيجة هذا، أن امتلأت صفحة إنجازات هذه الحكومات بما يلي:
-       إعلام فاحش مخرب للعقل والضمير والأخلاق والانتماء للوطن.
-       تعليم منزوع العلم والتاريخ والإسلام والعروبة يخرج أشباه متعلمين ليصيروا عاطلين عالة على الاقتصاد!
-  ثقافة منحطة غريزية بذيئة إلحادية، وجوائز دولة توزع على الأغبياء والدهماء ومن يسبون الإسلام ويهينون المقدسات ويشككون في الثوابت الدينية.
-  قوانين مريضة تدمر الأسرة والمجتمع لاجتثاث الإسلام من التشريع، وتعطيل الحدود الإسلامية، ومحاولة التخلص مما كان فعالا منها كالقصاص (الإعدام).
-  تشويه شخصية المرأة، وإشاعة العداء بينها وبين الرجل.. وإصدار تشريعات تخل بتوازن الأسرة والمجتمع، وتفجر مشاكل معقدة.
-  إرهاب أمني سياسي، يقابله تسيب في الأمن الاجتماعي، بسبب عدم اكتراث الأجهزة الأمنية بحماية أرواح وممتلكات الناس، وتركيزها على التيارات الإسلامية، وتغافلها عن المجرمين والبلطجية.
-  تولية الجهلة والفجرة واللصوص والمجرمين لكل مناصب البلد، صغرت أم كبرت، وعدم تعيين أي شخص في وظيفة حكومية (حتى لو كانت التدريس) إلا بعد أن يصدق عليه أمن الدولة، لكي لا يصل الإسلاميون إلى أي منصب مهما صغر.
وغير هذا الكثير من الإنجازات، التي تجعل من الطبيعي والمنطقي أن ينهار اقتصاد بلادنا، لأن هذه الحكومات الرشيدة أثناء انشغالها بكل هذه الإنجازات المبهرة، لم تجد وقتا لتطوير التعليم والبحث العلمي والصناعة والزراعة والتجارة والمواصلات والصحة وكل هذه الأشياء (الثانوية)، كما أن من ولتهم المناصب العليا من معدومي الضمير خربوا ما كان قائما أصلا بسبب عدم كفاءتهم، ولأن همهم الأول هو النهب والسرقة لا أكثر.
وهكذا أهملوا أدوارهم واتبعوا أهواءهم، وظنوا أن كل أمر مستقر، فما دام الإسلاميون في المعتقلات والغرب عنهم في رضا، فمم يخشون على كراسيهم ومكاسبهم؟
لكن فجأة ومن حيث لم يحتسبوا، هوت على رؤوسهم الطامة الكبرى، فها هو الشعب التونسي يطيح بالطاغية في ثورة شعبية عفوية، ليس وراءها إسلامي ولا قومي ولا شيوعي، وليست لها أي قيادات تقليدية، بل قادها الشباب الغاضب العاطل عن العمل.. إنها ثورة اقتصادية اجتماعية ضد الظلم والفساد والسرقة وتردي أوضاع المعيشة.. ثورة تعطي درسا كبيرا للحكومات العربية، بأن الخطر عليهم ليس حفنة من المثقفين وأحزاب المعارضة والتيارات الإسلامية فحسب، فهؤلاء لا يستطيعون فعل أي شيء بأنفسهم، ما لم يكن وراءهم جماهير غفيرة.. وهذه الجماهير لا تتحرك إلا إذا يئست من الحياة وضاقت عليها سبل العيش الكريم، ولم تعد ترى أي أمل في حدوث أي تغيير إلى الأفضل إلا إن صنعته هي بأيديها.
كما أن ما حدث يعلمنا أن هذه الحكومات كانت تدمر نفسها بنفسها، وتضع القنابل الموقوتة تحت كراسيها، وذلك للأسباب التالية:
1- بدأت الثورة بانتحار، وهو فعل كفر وليس فعلا إسلاميا!!.. فهل التربية الإسلامية هي التي أطاحت بالطغاة أم التربية غير الإسلامية التي تبناها إعلام الفحش وتعليم الجهل؟!!.. هل قامت الثورة لأن الناس أسلمت أم لأن (الناس كفرت)؟!!.. طبعا لا أعني الكفر الديني هنا، ولكني أعني التعبير الشعبي الذي يشير إلى نفاد صبر الناس، وإن كانت المفارقة الساخرة أن هناك من الناس من كفر فعلا وأحرق نفسه، يائسا من حكامه ويائسا من رحمة الله والعياذ بالله.. وللحكام العرب أن يفخروا بإنجاز جديد، بتحويل التعبيرات البلاغية إلى تعبيرات حقيقية!!
2- الإسلام يأمرنا بالسمع والطاعة للحاكم حتى إن أخذ مالنا وجلد ظهورنا، ما دام يقيم الصلاة.. فهل يعرف الشباب الذين أطاحوا بالطاغية شيئا من هذا؟.. هل الإسلام يهدم النظام أم يقيمه؟
3- كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده.. فتعمد إفقار الناس لضمان السيطرة عليهم بلقمة العيش، هو لعبة خطرة يمكن أن تفلت خيوطها في أي لحظة كما رأينا.
4- حكم الإرهاب والبطش والسرقة ومحاربة الأخلاق والقيم، لا يمكن أبدا أن يحقق الرفاهية للناس، لأنه يمنع وجود مناخ علمي وثقافي ثري، كما أن اللص يحاول دائما أن يجمع حوله لصوصا أصغر لكي لا يحاسبه أحد، وينتشر هذا كالسرطان في جسد المجتمع، فيعين كل لص تحته لصوصا أصغر، فأصغر، إلى أن تفسد المنظومة الإدارية كلها، وتشل كل مظاهر الإصلاح في الدولة، وتعجز عن تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الشعب، فيحدث ما حدث.

السؤال الآن:
هل سيتعظ أحد في الدول العربية التي تنطبق عليها نفس هذه الظروف مما حدث في تونس؟
وهل سيصون الحكام العرب الأمانة، فيوكلون كل أمر إلى أهله من ذوي الخبرة والكفاءة والاختصاص؟
أم سيستمرون في زرع القنابل الموقوتة تحت كراسيهم، وهم يظنون أنهم يحمونها من الشرفاء والإسلاميين؟

وصدق الله سبحانه:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ {37}) ق.

محمد حمدي غانم
20/1/2011


الخميس، 20 يناير 2011

ثورة عاشق

ثورة عاشق

أنا موش لعبة ف إيديكي
بالحلم تعشميني
وبصدك تجرحيني
وتغيبي وتهجريني
وأفضل مشتاق إليكي
أنا قلت كثير بحبك
وحياتي وقلبي ملكك
وجميع أحلامي عندك
وندهت وقلت عايزك
والوقتي الدور عليكي
لو كنتي عشقتي قلبي
وخيالك تاه في حبي
واخترتي تعيشي جنبي
فكفاية تستخبي
شاوري على طول أجيكي
ودي آخر حاجة عندي
لو عايزة كمان تعاندي
موش هعمل فيها غاندي
روحي هاتي علبة هاندي
وامسحي دمعة عنيكي
أنا موش هجري وراكي
ولا تاني أطلب هواكي
ولا هصرخ من أساكي
ولا أبات طول ليلي شاكي
ولا دمعي يكون شريكي
ما كفاية حرام عليكي
عذبتي القلب بيكي
حيرتي العقل فيكي
آخر ما هقوله ليكي:
أنا موش لعبة ف إيديكي
محمد حمدي غانم
20/1/2011

الأربعاء، 19 يناير 2011

الغــــــــائبة

الغــــــــائبة

كنتُ أرتادُ الليالي، حائرَ الأحلامِ، وحدي
سائرا في قَفرِ نفسي، تائها من دونِ سَمتِ
أخبريني أينَ كنتِ؟
ما وجدتُ النهرَ عذبا قبلَ أن ألقاكِ أنتِ
ما عرفتُ السحرَ إلا منذُ في عينِي نظرتِ
واستباحَ الشوقُ قلبي حينَ كالبدرِ ابتسمتِ
ثم غبتِ
أخبريني: أينَ أنتِ؟
صارَ صدري خاويا من دونِ نبضي، بعدَما قلبي انتزعتِ
ثم ضعتِ
***
إنني أُكوَى بوجدي
عدتُ أرتادُ الليالي، حائرَ الأحلامِ، وحدي
مثلما سيزيفَ أرقى كلَّ يومٍ طودَ وَكْدي
أحملُ الأشواقَ صخرا هائلا، والحُلمُ جدّي
صاعدا أدميتُ حِسي، آلما والصبرَ أُبدي
والتمنّي: "ليتَ يُجدي"
واعتزامي: "سوفَ يُجدي"
ثم شكّي: "ما سيُجدي؟"
ثم يأسي: "ليس يجدي!"
ثم أهوِي كلَّ ليلٍ في لَظَى دمعي وسُهدي
ثم أرقى.. ثم أهوِي.. ثم أرقى في تحدّي
ثم أهوي.. ثم أرقى.. ثم أهوي في تَرَدِّي
مُحبطا من همسِ شِعري، يائسا من أن تَرُدِّي
ذاك حالي كلَّ يوم.... هكذا مِن دونِ حدِّ!
لعنةُ المجنونِ عشقا، منذُ نَبْضاتي فتـنتِ
أخبريني: أينَ أنتِ؟
أين عن عينِي انتأيتِ؟
هل حلالٌ ما جَـنَيتِ؟
هل بأحزاني انتشيتِ؟
هل زَهَتْ عيناكِ فخرا حين أعلنتِ انتصرتِ؟
أم ترى أبكاكِ حزني حينَ في قلبي نظرتِ؟
أخبريني لو سمحتِ:
كيفَ إحساسي جرحتِ؟
كيف أحلامي ذبحتِ؟
إنني صادقتُ همّي منذُ عن لُقيايَ صُمْـتِ
إنني في ركنِ حزني شاردٌ أَزوِي بِصَمتي
أنقذيني لو علمتِ
أم ترى أعلنتِ موتي
حينَ عن دنيايَ غبتِ؟
يا جنوني أين أنتِ؟
أخبريني: أين أنتِ؟
هل بقلبي الآنَ عدتِ؟

محمد حمدي غانم
18/1/2011



الثلاثاء، 18 يناير 2011

المرأة التي أسقطت ابن علي

تونس.. دروس وعبر
(1)
المرأة التي أسقطت ابن علي

منذ قرن أو أكثر، والعلمانيون في جميع بلادنا يصدعوننا بشعارات كاذبة عن حقوق المرأة (التي أسميها عقوق المرأة)، وراحوا يستخدمون الأدب والفن والتعليم والإعلام لغسيل مخ الناس وتربية أجيال مريضة مشوهة الفطرة، مع تغيير القوانين وفرض أفكارهم المدمرة علينا كرها.
وقد حذرهم العقلاء كثيرا من أن هذا يظلم المرأة والرجل على السواء، ويشيع الفاحشة والتحلل في بلادنا، ويهدم الأسرة ويفسد الأبناء بسبب اختلال الأدوار وشيوع الطلاق وغياب من يربي، مع انتشار متلازمة العنوسة والبطالة، لأن كل امرأة تعمل تؤدي بالضرورة إلى بطالة رجل وعنوسة فتاة، خاصة في بلاد متخلفة علميا وصناعيا ومسروقة منهوبة من طغاتها!
ورغم أن كل هذه النتائج وأكثر منها قد حدثت فعلا، فقد ظل العلمانيون على غبائهم وغيهم، متجاهلين أن هذا خطر عليهم مثلما هو خطر على المجتمع الذي يكرهونه، ويريدون التخلص من ثقافته الإسلامية وعاداته الشرقية.
وها هو ذا الأمر يصل إلى ذروته العبثية في تونس، حتى أطاح برئيس الدولة وكثير من حاشيته.. فانظروا إلى مكر الله، كيف أن امرأة زج بها ابن علي في جهاز الشرطة تطيح به بصفعة واحدة!
فلنسأل أنفسنا هذه الأسئلة:
1-  لو أن كل امرأة في تونس جلست تربي أطفالها في بيتها.. هل كان عدد العاطلين من شباب تونس (والعوانس الذين ينتظرنهم) قد وصل إلى هذا الحد، لدرجة الغضب والثورة والإطاحة بالنظام؟
2-    لو أن بن علي عين البوعزيزي في الشرطة بدلا من المرأة، هل كان حدث ما حدث؟
3-  لو أن من صفع البوعزيزي على وجهه كان شرطيا لا شرطية، فهل كانت درجة الإهانة والمذلة تصل به إلى إشعال النار في نفسه؟.. في بلادنا، صفعة رجل لرجل إهانة، لكن صفعة امرأة لرجل عار!
فسبحان الله، ما أغباهم وما أجهلهم وما أظلمهم لأنفسهم ولنا!!
طبعا هناك شق آخر لهذا الموضوع، هو زوجة ابن علي، التي تسلقت على كتفيه لتنتقل من خانتها الاجتماعية الوضيعة إلى أعلى هرم السلطة، فتصير حاكمة قرطاج، ويقال عنها إنها هي التي كانت تحكم تونس فعليا هي وعائلتها، التي نهبت كل خيرات البلد.. أفلم يسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة؟"
فهل سيتعظ أحد في بلادنا من كل هذا؟.. أم لا حياة لمن تنادي؟
ومتى سيعلمون أن هناك فروقا جسدية ونفسية وعاطفية بين الرجل والمرأة تجعل كلا منهما مؤهلا لوظيفة معينة، وأنه لو كان من المفروض أن يكونا متساويين في دوريهما في الحياة، لكان الله سبحانه قد خلق الإنسان مخنثا من نوع واحد فقط يلد ذاتيا مثل بعض أنواع الديدان والنباتات؟!
وحتى لو كان من يتبنون هذا الكلام ملحدين من أتباع نظرية داروين، فمتى يتعلمون أن الأفراد التي توضع في ظروف لا تناسب تكوينها الجسدي تنقرض، كما يدعي داروين وأتباعه؟.. فلماذا تحكمون على المرأة بالانقراض، بتضييع أنوثتها وتدمير أمومتها وإذلال رجلها ودفعه إلى الصراع معها وتطليقها أو تعطيله عن العمل وتركها عانسا من دونه، بدلا من أن يكون أنيسها ومعينها في الحياة؟
ما لكم كيف تحكمون؟
وبأي شريعة تؤمنون بالضبط، لنناقشكم بها؟
وبأي علم وعقل ومنطق وتجربة تتذرعون لنحاججكم فيها، وقد ثبت خبال هذه الأفكار ودمارها غربا وشرقا، ولم يفلح مجتمع واحد طبقت فيه في أي مكان في العالم!
وصدق الله سبحانه:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ {37}) ق.

محمد حمدي غانم
18/1/2011

---------------------
اقرأ أيضا:

آبدة 15: سجن الانتظار العبثي

منذ أن طواكِ المكان، وحجبكِ غيب الزمان، وانزوى الحلم في جُبّ المستحيل، لم يعد للوقت عندي مغزى، إلا أن أُهلِكَ ثوانيَه البطيئة الثقيلة في أي شيء ليته يشغلني عن حزني، فلا يجدي!
يأكلني القلق، وتستعجل لهفتي الوقتَ أن يمضي، لأنام وأصحو، وأمزق يوما جديدا من تقويم العمر، بحثا عن صباحٍ باسمٍ ألقاكِ فيه من جديد أو يأتيني منكِ خبر.
كل الأيام متشابهة من دونكِ، ماسخة بلا طعم ولا غاية، مهدرة في انتظار ما لا يجيء.
فهل سأراكِ غدا؟
أو بعد غد؟
أو بعد بعد غد؟
أو ..... ؟
أو ..... ؟
محمد حمدي غانم، 2011


الاثنين، 17 يناير 2011

شعــب الإبـــاء

شعــب الإبـــاء

إلى الشعب التونسي الأصيل، وروح الشاعر التونسي الجميل أبي القاسم الشابي

سلامٌ عليكَ أبا القاسمِ الباعثَ الروحَ بين مَواتِ البشَرْ
ويا كاسرَ القيدِ في كلِّ عصرٍ بصوتٍ أصيلٍ أبيٍّ عَطِرْ
من الغيبِ جاءَ َفَدَوَّى بسمعِ الزمانِ فحرّكَ حتى الحَجرْ
وزلزلَ عرشَ الظلامِ ومَزّقَ نافذةً للضِّيا فانتشَرْ
فإنا جميعا نُغنَي وراءَكَ والشمسُ جَوقَتُـنا والقَمَرْ:
إذا الشعبُ يوما أرادَ الحياةَ فلا بدَّ أن يستجيبَ القدَرْ
ولا بدَّ لليلِ أن ينجلي ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسِرْ
ومَن لم يُعانقْه شوقُ الحياةِ تبخّرَ في جوِّها واندثرْ
كذلكَ قالتْ ليَ الكائناتُ وحدّثَني رُوحها المستَتِرْ
ودمدمَتِ الريحُ بينَ الفِجاجِ وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجَرْ:
إذا ما طَمَحْتَ إلى غايةٍ ركبتَ المُنَى ونَسِيتَ الحَذَرْ
ومَن لا يحبَّ صعودَ الجبالِ يَعِشْ أبدَ الدهرِ بينَ الحُفَرْ
فَعَجّتْ بقلبي دماءُ الشبابِ وضجّت بصدري رياحُ أُخُرْ
وأطرقتُ أُصغِي لقصفِ الرعودِ وعزفِ الرياحِ ووقعِ المطرْ
وقالتْ ليَ الأرضُ لمّا سألتُ أيا أمِّ هلْ تَكرهينَ البَشَرْ؟:
"أباركُ في الناسِ أهلَ الطموحِ ومن يَستلذُّ ركوبَ الخطرْ"
"وألعنُ مَن لا يُماشي الزمانَ ويقنعُ بالعيشِ، عيشِ الحجرْ"
"هو الكونُ حيٌّ يُحبُّ الحياةَ ويحتقرُ المَيْتَ مهما كَـبُرْ"
وقالَ ليَ الغابُ في رقّةٍ محببة مثلَ خفقِ الوتَرْ:
"يجيءُ الشتاءُ ـ شتاءُ الضبابِ شتاءُ الثلوجِ شتاءُ المطرْ"
"فينطفئُ السحرُ سحرُ الغصونِ وسحرُ الزهورِ وسحرُ الثمرْ"
"وسحرُ السماءِ الشجيِّ الوديعِ وسحرُ المروجِ الشهيِّ العَطِرْ"
"وتَهوِي الغصونُ وأوراقُها وأزهارُ عهدِ حبيبٍ نَضِرْ"
"ويَـفنَى الجميعُ كحُلمٍ بديعٍ تألّقَ في مُهجةٍ واندثَرْ"
"وتبقى الغصونُ التي حُمَّلتْ بِذخيرةِ عمرٍ جميلٍ عَبَرْ"
"معانقةً وهْيَ تحتَ الضبابِ وتحتَ الثلوجِ وتحتَ المَدَرْ"
"لِطَيْفِ الحياةِ الذي لا يملُّ وقلبِ الربيعِ الشذّي النَّضِرْ"
"وحالمةً بأغاني الطيورِ وعطرِ الزهورِ وطعمِ المطرْ"
صدقتَ فقد أورقَ الغُصنُ زهرا بجناتِ تُونسَ يَسبي النظرْ
وجاءَ الربيعُ طليقَ الحماسِ وولَّى ظلامُ الشتاءِ الأَشِرْ
لقد رامَ شعبُكَ عزَّ الحياةِ فقامَ وثارَ دَمًا وانتصَرْ
تدفّقَ للحُلمِ ريحَ فداءٍ وبُركانَ حُنْقٍ وسيلا هَدَرْ
وأحرقَ قشَّ الطغاةِ الهشيمَ، وأعظمَ ملحمةٍ قد سَطَرْ
وأشعلَ للخائفينَ الضياءَ وخلّدَ للكبرياءِ الخَبَرْ
هنيئا لتُونسَ شعبَ الإباءِ، فما رَصّعَ التاجَ إلا الدُّرَرْ
محمد حمدي غانم
17/1/2011
---------------
ملحوظة: الأبيات باللون الأزرق هي قصيدة أبي القاسم الشابي كاملة، فهذا أوان عرسها، ويجب أن نتغنى بها جميعا.

الحكم فوق صفيح ساخن!!

الحكم فوق صفيح ساخن!!

أعترف أنني لا أستطيع أن أفهم، كيف يفكر الحكام العرب في توريث الحكم لأبنائهم، في مثل هذه الفترة الحرجة من تاريخ المنطقة، التي يجد فيها الحاكم نفسه بين مطرقة الغرب وسندان الشعب، فإن أغضب الأول أعدمته أمريكا كصدّام العراق، وإن أغضب الأخير أطاح به شعبه كابن علي تونس، وإن أفلت من هذا وذاك أدانوه في المحكمة الدولية بتهمة جرائم الحرب وفتتوا دولته إلى فتاتات كبشير السودان!
فإن نجا من كل هذا، ظل في صداع مستمر بسبب الفضائيات والمدونات والمظاهرات والإضرابات والاحتجاجات، خاصة مع الأزمة المالية التي تورط فيها العالم بسبب حماقات بوش العسكرية!
كما قد انتهى عصر فخامته وجلالته وعظمته ونيافته، وصار أي حاكم يُنتقد على الهواء مباشرة، ويُجلد على صفحات الجرائد، ويسب ويلعن على مواقع الإنترنت والمدونات، ويُسخر منه عبر رسائل المحمول، ولا يغمض له جفن ليلا وهو كل يوم يتلقى نبأ رأس زعيم يطير، وعرش حاكم يتزلزل، وأرض دولة تتفتت، فإن أخذ منوما ليهرب من كل هذا، ظهر له وجه كونداليزا رايس القبيح في كوابيسه، وهي تضحك ضحكة شيطانية وتقول في غل:
-       الفوضى الخلاقة.. الفوضى الخلاقة.. الشرق الأوسط الجديد.. نيا هاهاهاهاه.
فيهب مفزوعا من نومه يتصبب عرقا، ويُهرَع إلى حاسوبه النقال (إن كان يستطيع استعماله أصلا) ليراجع حساباته في البنوك العالمية، فيكاد قلبه يتوقف هلعا، وهو يقرأ الرسائل المتلاحقة التي تؤكد أن البنوك تفلس تباعا والدول الغربية تقول لله يا محسنين، فيسقط على عرشه محبطا، غير مطمئن على مستقبله بعد أن يطرده شعبه من هذا الجحيم المستعر الذي يسمى الحكم، ويظل ساهدا إلى الصباح ليبدأ يومه الجديد، فيطمئن أن حماس وحزب الله وإيران وإسرائيل لا تهدد عرشه، والتيارات الإسلامية في المعتقلات أو في المنفى، وأحزاب المعارضة تلتهم الفتات وتقبّل يديه دون أن تطمع في المزيد، وكلابه من العلمانيين يشيعون الفاحشة في الأدب والفن وإعلام الدولة، ليخدروا الناس عن حيتانه الذين يسهّل لهم نهب المال العام وأراضي الدولة واحتكار تجارتها وتوكيلات سلعها المستوردة لكي يساندوا حكمه، والأهم من كل هذا أن يتأكد أن السفير الأمريكي لا يوبخه اليوم لشيء فعله!!
فإن نجح في كل هذه المهام المعقدة، يتنفس الصعداء، ويدرك أنه أفلت بعنقه ليوم آخر!

من وجهة نظري:
الحكم في هذا الزمن ابتلاء لا يقدر عليه إلا شخص نذر نفسه لخدمة شعبه لا مصالحه وأطماعه.. شخص يقرأ الشهادتين قبل أن يقدم على هذه المحنة، ويعتبر نفسه مجاهدا في سبيل الله والوطن، متخليا عن كل ما كان فيه من نعيم وراحة بال، ليتحمل الأمانة، ويؤدي الرسالة، ولا يبتغي شيئا إلا وجه الله سبحانه.
فهل أبناؤكم ـ الذين ولدوا وفي أفواههم الملاعق الذهبية ـ من هذه النوعية؟.. وهل تظنون حقا أنهم قادرون على قيادة بلادنا المتهالكة عبر كل هذه العواصف والزلازل، وأنتم أنفسكم بكل ما لكم من تاريخ عسكري وخبرات سياسية وسنوات طويلة في الحكم، لم تستطيعوا حفظ رؤوسكم وعروشكم وأراضي أوطانكم؟
بالله عليكم: أتكرهون أبناءكم وتكرهوننا إلى هذا الحد؟
أم أن لديكم مشكلة في فهم الواقع وقراءة المستقبل؟

محمد حمدي غانم
16/1/2011

صفحة الشاعر