أهم أقسام المدونة

الصفحات

الأحد، 2 يونيو 2013

نيل مصر في خطر (3/6)


نيل مصر في خطر

 (3/6)

 

ب- حلول تهدف إلى توفير مصادر جديدة للمياه العذبة في مصر.. ومن هذه الحلول:

1- تقوم الحكومة المصرية حاليا بمساعدة دول المنبع في إقامة مشروعات تزيد من استفادتها بمياه الأمطار.. هذا منحنى جيد، ويجب التوسع فيه.. كما يمكن إعادة تفعيل بعض المشاريع الهامة مثل قناة جونجلي، ومشروع ربط نهر الكونغو بروافد النيل.

2-  هناك فكرة جميلة، أشار إليها أحد الإخوة في منتدى آخر:

(هناك سيول سنوية و موسمية على سيناء.. وهنالك منخفضات في سيناء كبيرة جدا، لو تم صنع شبكة صرف لتصريف مياه السيول وتجميعها في هذه المنخفضات، فإن هذه المنخفضات سوف تتحول إلى بحيرات صناعية مثل بحيرة ناصر بالضبط.. سيول سيناء قادرة على صنع خمس بحيرات صناعية، ومن ثم سوف تبدأ عملية الزراعة هناك، خاصة أن فرعا من نهر النيل في العصور القديمة كان يمر بسيناء، لذا فإن تربة ورمال سيناء مشبعة بالطمي، فهي تربة خصبة للزراعة والزراعات التي تجري هنالك من أجود الزراعات لدينا).

وقد أعادت السيول الأخيرة الاهتمام بفكرة الاستفادة منها ببناء السدود، خاصة بعد ما سببته هذه السيول من خسائر في الأرواح والممتلكات.. ويقول اللواء مراد موافي محافظ شمال سيناء (حينها): إن كميات كبيرة من مياه السيول أُهدرت في البحر, لذلك يتم الإعداد لبناء 200 سد على مسارات الأودية بسيناء لتعوق المياه وتحتجزها لإعادة الاستفادة منها في الزراعة؛ حيث إن السد الوحيد المقام حاليا بسيناء هو سد الروافعة الذي يبلغ ارتفاعه 14 مترا وعرضه 186 مترا, واحتجز كمية من المياه قُدّرت بنحو 19.5 مليون متر مكعب ستكفي لزراعة مساحة كبيرة من الأراضي المحيطة به.

3- الإنفاق على تحلية مياه البحر.. إن مصر تمتلك أكثر من 2000 كيلومتر من السواحل، فلماذا لا نشرع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر على هذه السواحل كخط دفاع ثان؟.. على الأقل على السواحل الشمالية لضمان مياه الشرب للمحافظات الشمالية التي ستكون أول ما تنحسر عنه مياه النيل؟

ولدينا في الشمال موارد هائلة من الغاز الطبيعي لهذه المهمة، كما يمكن استخدام الطاقة الشمسية في عمليات التحلية.. وهذه المشاريع ستوفر فرص عمل جديدة لآلاف المهندسين والعمال الفنيين، وستدفع جامعاتنا إلى تطوير البحوث في مجال تحلية ماء البحر.

كما أدعو المهندسين إلى ابتكار تصميم جديد لمحطات تحلية ماء البحر التي تعمل بالغاز الطبيعي، للاستفادة من البخار الساخن في توليد الكهرباء قبل تكثيفه.. وبهذا تمنحنا هذه المحطات الماء والكهرباء معا!

طبعا هذا يجب أن يبدأ الآن، لأنه يحتاج إلى وقت طويل لإنشاء هذه المحطات وربطها بشبكة مياه الشرب، ولا يمكن أن نفعل هذا بعد أن يبدأ الجفاف فعلا!

4- من المؤكد أن هناك بحرا من المياه الجوفية العذبة تحت الوادي والدلتا تسربت من الفيضانات والري عبر آلاف السنين.. ما زالت بعض المناطق في مصر تدق طلمبات وتستخدم هذه المياه، وإن كان هذا خطأ لأن الماء الذي يستخرجونه مخلوط بما تسرب من مياه الصرف الصحي، وإن لم يكن، فما زال غير منقى من الشوائب والجراثيم.. لهذا يجب أن تكون هناك بنية تحتية جاهزة للطوارئ لاستخراج هذه المياه وتوصيلها إلى محطات معالجة مياه الشرب، أو إقامة وحدات صغيرة أو حتى وحدات متنقلة محمولة على شاحنات، لتنقية هذه المياه لتصلح للشرب في كل قرى مصر وقت الأزمة.. أظن هذا قد يمنحنا الحياة لسنوات إلى أن يعود الفيضان.. لكن طبعا ستتبقى مشكلة الطعام، وعلينا أن نوفر احتياطيا نقديا لهذه الأزمة لاستيراد الطعام لعدة سنوات متتالية، مع وضع نظام عادل لتوزيع الحد الأدنى منه على المواطنين.

5- هناك مشروع قديم عملاق لتحويل منخفض القطارة إلى بحيرة صناعية ضخمة بغمره بماء البحر المتوسط، واستخدام اندفاع المياه من ارتفاع 149 مترا ـ هي عمق المنخفض ـ في توليد الكهرباء.. وأنا أضيف إلى هذه الفكرة استخدام جزء من هذه الكهرباء في تحلية المياه على جوانب هذه البحيرة لاستخدامها في الزراعة، مما يتيح إنشاء مجتمع سكني وزراعي وصناعي عملاق في هذه المنطقة الصحراوية المهجورة، إضافة إلى الصيد والسياحة.. كما يمكن شق قنوات من المنخفض ومدها شرقا وغربا، وإقامة محطات تحلية على جانيها تعتمد على شمس الصحراء، لزراعة مناطق أخرى.. كما أضيف للفكرة استخدام الكهرباء الناتجة في تحليل المياه إلى هيدروجين وأكسجين، والاستفادة من الأكسجين في الأغراض الصناعية والطبية، واستخدام الهيدروجين كوقود، وإنشاء المصانع التي تحتاج إلى طاقة حرارية عالية على جوانب المنخفض، وتشغيلها بالهيدروجين، الذي يعتبر مصدر طاقة نظيف، فعند حرقه ينتج عنه بخار الماء (ومع آلية تكثيف مناسبة نحصل على ماء عذب أيضا :) ).. كما يمكن إنشاء مصانع تستفيد من الأملاح الناتجة عن عمليات تحليل وتحلية ماء البحر، لأننا يجب أن نسحب الأملاح باستمرار من المنخفض حتى لا تزيد ملوحته إلى الدرجة التي تؤدي إلى قتل الأسماك والحياة البحرية.

6- ابتكار طرق تقنية حديثة لتكثيف بخار الماء، فجوّ مصر مشبع بالرطوبة.. هذا الحل تستخدمه منظمات الإغاثة في بعض دول أفريقيا التي يندر فيها الماء، وقد استوحته من بعض أنواع الخنافس التي تستخدم حركة أجنحتها لتكثيف بخار الماء في الصباح.. وكفكرة: أقترح استخدام الخلايا الشمسية على سطح كل منزل لتوليد الكهرباء اللازمة لأجهزة التكييف لتبريد المنازل صيفا، ومعروف أن هذه الأجهزة تكثف بخار الماء وتصرّف ماء فائضا، وعلينا أن نوعّي الناس لتصريف هذا الماء في خزان صغير للاستخدام المنزلي في أغراض تنظيف السلالم أو دورات المياه أو غسيل السيارات أو ما شابه، ومن ثم سيوفر هذا جزءا من مياه الشرب المهدرة في أغراض لا تحتاج ماء نقيا، وسيعود الماء بعد استخدامه إلى شبكة الصرف الصحي التي يعاد تنقيتها واستخدامها في الزراعة.. بهذه الفكرة البسيطة ستوفر البيوت جزءا من استهلاك الكهرباء والماء، وستحصل على رفاهية التكييف في الصيف.. ولكي تكون هذه لفكرة عملية ومجدية، يجب أن ننشئ في مصر مصانع إنتاج وحدات الطاقة الشمسية، وأن تتولى شركات التكييف تركيب المنظومة المتكاملة التي تربط التكييف بوحدات الطاقة الشمسية والبطاريات وتصرف مياهه في خزان بسعة مناسبة، يسهل الحصول على الماء منه عند الحاجة.

7- عندي تصور ـ يمكن أن يبت فيه الخبراء ـ بأن مياه بحيرة ناصر لو انحسرت في مواسم الجفاف، فستكشف عن أخصب تربة عرفتها مصر، بسبب الطمي الذي تراكم فيها منذ عقود.. وربما نحصل على مئات الآلاف من الأفدنة الخصبة (مساحة بحيرة ناصر تساوي تقريبا 950 ألف فدان)، ناهيكم عن كميات هائلة من السمك الذي يسهل صيده من البرك المتبقية في فترات الانحسار.. ويجب التخطيط منذ الآن لزراعة هذه المنطقة بأكفأ طريقة (ولا أظنها تحتاج إلى أسمدة) لتوفير جزء من طعام الناس وقت الأزمة.. طبعا حل كهذا يجب أن يعتمد على الآلات بأكثر من البشر، لأننا لن نُهجّر ملايين الفلاحين حينها لهذه المهمة المؤقتة، التي ستنتهي فور عودة منسوب المياه للارتفاع.

مرة أخرى أكرر: هذا أمر يحتاج إلى دراسة وخطة طوارئ وميزانية احتياطية، وآلات مجهزة ومخزنة استراتيجيا لهذا الاحتمال، مع خطط شاملة لتخزين ونقل الحاصلات من هذه المنطقة إلى باقي المحافظات.. يجب أن نتوقف ولو لمرة واحدة عن انتظار وقوع الكارثة لنبدأ في العمل!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.