أهم أقسام المدونة

الصفحات

الخميس، 27 يونيو 2013

توريط الجيش في المستنقع 3


عن محاولات توريط الجيش في المستنقع 3

 

قوة الجيوش ليست في أسلحتها.. قوة الجيوش في مساندة شعوبها، التي تمدها بالمال والرجال والدعم المعنوي.. ومن يظن أن ضرب الجيش لشعبه بمدافع الدبابات يحسم له أي صراع، فهو أغبى من بشار، الذي حول مظاهرات فردية عابرة إلى حرب أهلية في سرعة البرق!!

على العكس تماما.. حينما تدوس الدبابة على مواطن أعزل، أو يمزق مدفع المصفحة جسده برصاصاته، وتنتشر هذه الصور واللقطات على الفيسبوك واليوتيوب، يكون المواطن الأعزل قد هزم الدبابة، ويكون الجيش في خبر كان!!

وإن كنتم نسيتم، نذكركم بما شرحه لنا علنا عملاء 6 إبليس عما تعلموه في صربيا من فنون تحييد الأجهزة الأمنية كوسيلة من وسائل المقاومة السلمية.. فالحشود التي تنزل الشوارع في حراسة آلات التصوير، تجعل الأجهزة الأمنية مرتعشة، عاجزة عن استخدام أسلحتها، خالصة مع توددها للجنود بالطعام والزهور والشعارات العاطفية (فعل حازمون هذا الجزء الأخير مع قوات تأمين مدينة الإنتاج الإعلامي).. وفي هذه الحالة لو أطلقت هذه القوات النار تنتشر الصور فتزيد الشعب غضبا وينشق الجنود تحت الضغط النفسي، وإن لم تطلق النار، يقتحم المتظاهرون المنشأة ويُسقطون الدولة.

هؤلاء الأغبياء يظنون أنهم هم فقط من يستطيعون تنفيذ هذا، كأنهم يتعاملون مع دمى لا تتعلم.. لكن الحقيقة أن كل هذه الأساليب صارت ملك الجميع، ولن يجرأ أحد على استخدام القوة ضد أي فصيل لأن كل شيء مسجل لحظة بلحظة، والسيطرة على الإعلام مستحيلة (حاول مبارك وفشل).

 

 

توريط الجيش في المستنقع 2


عن محاولات توريط الجيش في المستنقع 2

 

أرى أن الجيش سيظل خارج اللعبة السياسية مجبرا.. فجنوده هم أفراد من الشعب المصري، ولا يستطيع في الواقع أن يستخدمهم لضرب المواطنين مهما كان انتماؤهم، لذا فالفيصل في هذا الصراع هو الشعب نفسه، فهو الذي يمنح الشرعية وهو الذي يسحبها.

تذكروا أن الجيش لم يستطع أن يفعل لمبارك سوى إرسال طائرات إف 16 تحوم حول ميدان التحرير، وترك البلطجية يهاجمون الثوار يوم موقعة الجمل، وحينها نام الناس أمام جنازير الدبابات عندما حاولت أن تضيق عليهم في الميدان لإخلائه، فتوقفت حيث هي.

هذا أقصى ما استطاع الجيش فعله لقائده الأعلى مبارك، بعد ثلاثين عاما من حكمه!.. وحينما وجد أن الشعب كله ساخط على مبارك، وانتشرت الإضرابات في كل المصالح الحكومية في كل المحافظات مهددة بهدم الدولة، اضطر الجيش للوقوف مع إرادة الشعب، ونحى مبارك عن السلطة (مع لعبة اتضحت كاملة لحمايته هو وأبناؤه وعصابته، فحتى الآن لم يسجن سوى عبد الله بدر الذي سأل الفاجرة عن عدد الرجال الذين اعتلوها باسم الفن!!)

أكثر من هذا لن يجرؤ أحد في الجيش أن يفعل شيئا، لأن التورط في حرب شوارع ضد مصريين، سيفتت الجيش ويجعل كثيرا من المجندين يهربون، ويجعل كثيرا من الأسر تمنع أبناءها عن التقدم للتجنيد!

الجيوش تكوّنت لحماية شعوبها، لا لضربها.

لهذا إن كان الشعب المصري منقسما حول مرسي والإخوان، فالحل ليس في يد الجيش.. الحل في صندوق الانتخابات الذي يفرز إرادة الأغلبية.. ومن يرفض الاحتكام إلى الصندوق، فهو يفرض على مصر الحرب الأهلية، فحينما يكون المجتمع منقسما لفريقين كل منهما له تواجده على الأرض، فلن تستطيع فئة أن تزيح فئة بالبلطجة والثورة والانقلاب إلا بدخول حرب أهلية!

ومن يدرس تجربة لبنان والصومال، يدرك أنه مهما طالت هذه الحرب، فإن أي فئة لن تستطيع إبادة الأخرى أو تركيعها.. كل ما سيحدث هو قتل الناس وتدمير الدولة وحسب، وفي النهاية، سيعود الجميع مجبرين إلى مائدة الحوار وصناديق الانتخاب!!

 

توريط الجيش في المستنقع 1


عن محاولات توريط الجيش في المستنقع 1

 

من يظن أن عملاء أمريكا يريدون أن يسلموا حكم مصر للجيش، ينسون أن الجيش حكم مصر بالفعل عاما ونصفا حكما مباشرة كانت الأسوأ بعد الثورة، وتم توريطه في مواجهات شوارع وتشويه سمعته كأنه جيش صهيوني.. أم نسيتم ست البنات ومواجهات محمد محمود و "يسقط يسقط حكم العسكر"؟!

عليكم أن تعلموا أن كلاب أمريكا سيلعبون لعبة التشويه مع كل من يجلس على الكرسي، مع حصاره اقتصاديا وإغراقه في الأزمات ومواجهات الشوارع وتشويهه إعلاميا بالإشاعات والدعاية السوداء، وهكذا يتم إسقاطهم جميعا واحدا تلو الآخر إلى أن يصل إلى الكرسي في النهاية عميل أمريكي يحافظ على مصالح إسرائيل مثل البرادعي أو جمال مبارك نفسه!

 

الأربعاء، 26 يونيو 2013


 
أخيرا بحمد الله استلمت النسخ المخصصة لي من ديواني "دلال الورد" الصادر عن قصر الثقافة.. الغلاف جيد والطباعة جيدة والمحتوى كما نسقته بنفسي لهذا لا توجد أخطاء مطبعية.

الديوان موجود حاليا في قصر ثقافة دمياط، لكنه غير معروض للبيع، وسيتم توزيعه قريبا بإذن الله بواسطة أخبار اليوم، وسيباع بسعر رمزي جنيه واحد.

لتحميل نسخة الكترونية من الديوان:


 

السبت، 22 يونيو 2013

دنياكِ أغوتني


همساتٌ لامرأةٍ ما
(16) 

كلُّ الجراحِ نَسِيتُها لمّا تَغنَّـتْـني
لمّا رأتْـني زاهدًا، بالعشقِ أَغنَـتْـني
أنا كنتُ قبلَكِ راهبًا، دُنياكِ أغْوتْـني
نَسِيَ الفُؤادُ وَقارَه، بالفرْحِ أغْرَتْني
لي جَنةُ الأحلامِ أمْ نَجواكِ غَرَّتْني؟

محمد حمدي، 2013

 

الخميس، 20 يونيو 2013

السبت، 15 يونيو 2013

توحد


تَوَحُّــــد

 

حينَ يهبُّ الحزنُ ويَسفِي

أحضُنُ نَسفي

أدفنُ نفسي في أوراقي أرسمُ شمسي

أجمعُ من نبضاتي نَزفي

أبدأ عَزفي

أسألُ حلما يُلهمُ حرفي:

ماذا يُخفي؟

أذرعُ نفسي،

بحثا عن دُرّاتِ الأمسِ

وبلا كللٍ أزرعُ همسي

جناتٍ دانيةَ القَطفِ

ثم أراني

أبحثُ عنّي في عُنواني

حينَ تُغرّبُني أوطاني

أسألُ آلافََ الغرباءِ المُلتـجئيـنَ إلى شطآني

عن بيتٍ من همّي يَشفي

يَسكنني وأنا أَسكُنهُ

هو بيتٌ من نَسجِ الحرفِ

بفِراشٍ رَخوٍ مِن ذِكرى

وبساطِ حريرٍ مِن عَرْفي

وبلا سقفِ

بيتٌ مسحورٌ في قلبي

يُؤويني في لحظةِ خوفي

لا صرحًا كانَ ولا قصرًا

لكنْ كلَّ الدنيا يكفي

 

حينَ يَزورُ الحُزنُ بلادي

أجمعُ زادي

أونسُ بالأحبابِ فؤادي

أجمعُ أحلامي في قُربي

وأناجي في الوَحدةِ ربي

أفرغُ أفكاري مِن رأسي

لا أغرَقُ في لُجّـة يأسي

أجعلُ رُوحَ الشِّعرِ مِدادي

وأسطّـرُ أحلى أمجادي

وأنادي نَجماتِ الدَّربِ

أرشفُها في النهرِ العَذبِ

في ليلِ شجوني تُؤنسني

تُشجيني بِنشيدِ الحُبِّ

وتُريني من غيرِ تمادي

أنَّى يأتي الفرحُ بلادي

حينَ يَمسُّ الحُلمَ فَيُمسي

يعصرُ في حاساتي الخمسِ

لذّةَ كأسي

 

محمد حمدي غانم

15/6/2013

الخميس، 13 يونيو 2013

الآن


(6)

·      الآن:
لا شيءَ غيرُ الآنْ
والحلمُ في المجهولْ
هل آنَ أنْ...؟
ما آنْ! 

بعض من تجليات الألف
(صفحات مهربة من معجم مفقود)
محمد حمدي غانم، 2000

لوعة


همساتٌ لامرأةٍ ما

(15)

 

لم أدرِ حينَ رأيتُها أنَّ الجَوَى لَوعةْ
قلبي: أما أفهمتَني أن الهَوَى رَوعةْ؟
قالَ: اختُطِفْتُ لفاتنٍ جعلَ المُنى طَوْعَهْ
ذقتُ العذابَ ببسمةٍ لجمالِها فَوْعةْ
أدمنتُ لذّةَ مُسكرٍ لم أدرِ ما نوعَهْ!


محمد حمدي، 2013

 

الأربعاء، 12 يونيو 2013

من وحي امتحان الثانوية العامة


من وحي امتحان الثانوية العامة

 

ورد في امتحان اللغة العربية للثانوية العامة سؤال عن جمع كلمة الوحي.. هذا ما يقوله لسان العرب:

"الوَحْيُ: الإِشارة والكتابة والرِّسالة والإِلْهام والكلام الخَفِيُّ وكلُّ ما أَلقيته إِلى غيرك. يقال: وحَيْتُ إِليه الكلامَ وأَوْحَيْتُ. ووَحَى وَحْياً وأَوْحَى أَيضاً أَي كتب؛ والوَحْيُ: المكتوب والكِتاب أَيضاً، وعلى ذلك جمعوا فقالوا وُحِيٌّ مثل حَلْيٍ وحُلِيٍّ؛ قال لبيد:

فمَدافِعُ الرَّيّانِ عُرِّيَ رَسْمُها

خَلَقاً، كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها"

واضح طبعا أن السؤال صعب والكلمة في صيغة الجمع "وُحيّ" نادرة الاستخدام ـ إن كانت تستخدم أصلا، ولكن واضح أيضا أن السؤال دفعني لفتح المعجم والقراءة فيه ومعرفة معلومات إضافية، وهذا هو غرض التعليم أصلا :)

إذن فالضجة التي حدثت بسبب هذا السؤال، تكشف أحد منابع الخل في منظومة التعليم المصري، وهو تقديس كتاب المدرسة وعدم وجود أي رغبة في معرفة أي شيء خارجه، وهو ما أدى بمصر إلى ما هي فيه الآن من كوارث وأزمات، بسبب عقليات محنطة تقدس الجهل، وتعتبره طريقة حياة، وتتمايز فيما بينها بمقياس أيهم أشد حفظا وتسميعا في الامتحانات، التي يضغط المجتمع كله سياسيا وإعلاميا ليجعلها أتفه وأتفه عاما بعد عام!

تحية مني لواضع هذا السؤال، فقد علمني شيئا.. وبالمناسبة: السؤال المعقد الذي لا يجيبه أحد لا تأثير له، فدرجته ستخصم من الجميع، وبالتالي لن يكون لها تأثير في التنسيق!

أنا من أشد مؤيدي الامتحانات التي تفرز الفروق الفردية بين الطلبة، وأنادي منذ سنوات بفتح الحد الأقصى لدرجة الامتحان، بمعنى أن يكون هناك حد أدنى للنجاح (50 درجة مثلا)، ولا توجد درجة نهائية، بحيث يحتوي الامتحان على أسئلة تقيس إلمام الطالب بكتاب المدرسة بدرجات مختلفة من الصعوبة، تزيد عن ضعف الحد الأدنى للنجاح، وأسئلة تقيس ذكاء الطالب وثقافته العامة في المادة موضوع الامتحان، فكل طالب الآن يستطيع أن يعرف أضعاف ما يحتويه كتاب المدرسة عبر الفضائيات والإنترنت، وبهذا يتمايز الطالب المجتهد المطلع المثقف الذكي من الطالب الخامل البليد حافظ كتاب المدرسة، وتصير الدروس الخصوصية عديمة الجدوى إلا للطالب ضعيف الفهم.. كما أن هذه الطريقة مفيدة لمن يحبون مواد معينة ويكرهون أخرى، إذ يمكنهم مذاكرة ما يكرهونه في حدود النجاح، وتعويض الدرجات بالساتزادة من المعرفة في المواد الأخرى التي يحبونها.

لكني أؤكد أيضا على أن الامتحان ليس هو الوسيلة الوحيدة ولا الأهم لتقييم الطلاب، لأن القدرات العملية والخبرات الحياتية أهم مليون مرة مما يكتبه الحافظ في ورقة إجابة.. لهذا يجب أن يكون شق من التقييم متعلقا بالمشاريع العملية والأبحاث المكتوبة، والمنتجات الطلابية المادية (كالاختراعات والصناعات اليدوية وما شابه) والمعنوية (مثل المواهب الفنية والأدبية وغيرها).. وكل هذا لا يمكن أن يحدث أصلا ما لم يتم خفض كثافة الفصول، وهذا لا يمكن أن يحدث أبدا بدون فرز التلاميذ مبكرا من نهاية المرحلة الابتدائية إلى نوعين مختلفين من التعليم:

-  تعليم أكاديمي عادي: لأصحاب المهارات الذهنية، يستمر عبر المرحلة الإعدادية ثم العليم الفني والثانوي.

-  تعليم حرفي: لأصحاب المهارات اليدوية الذين لا يملكون مهارات ذهنية كافية (ونعلم جيدا أنهم لا يجيدون القراءة والكتابة وتستمر المنظومة الحالية في دفعهم حتى يحصلوا على دبلوم وهمي!!).. وهذا النوع من التعليم يهتم بتدريبهم على حرفة، وإعطائهم المعارف المطلوبة لهذه الحرفة.. وإذا كان كل ما يعني الناس الآن هو الشهادات، فما أسهل أن تمنح الدولة للمتخرج من هذا التعليم شهادة دبلوم حرفي!

يبدو أنني أسهبت قليلا.. ولكن هذه عينة لما يمكن أن ينتجه سؤال صعب في الامتحان من بحث عن المعرفة، وتحليل للمشاكل، وابتكار للحلول.

 

غـــرق


غـــرق 

كان مَرْكبًا من وَرَقْ
واحترقْ
تَهَرَّا وغرِقْ
فلا غروَ سنفترِقْ
لقدْ خادَعنا الألَقْ
فَضَيّعْـنا الأُفُقْ
محمد حمدي
18/1/2012

الاثنين، 10 يونيو 2013

عصابة


عصابة

 

من طرائف المعارضة المصرية، أنها تحارب باستماتة لتعطيل انتخابات مجلس النواب بمساندة قضاة مبارك، بينما تصر بجنون على القيام بثورة من أجل التغيير!

ما أعرفه، أن الشعوب تقوم بثورات لتنتزع حقها في التعبير السلمي عن رأيها عبر صناديق الانتخاب، الذي يتيح لها فرصة التغيير دوريا.. أما المستبدون الطغاة، فيحاربون باستماتة لفرض وصايتهم على الشعوب بالعنف والقوة والبلطجة!

الثورات لا تقوم بلا مبررات، فلا يمكن حدوث انفجار بدون ضغط!.. وأبواب التغيير السلمي مفتوحة، ومن يصرون على جرنا إلى حرب أهلية، يوقعون بأيدهم شهادة إبادتهم.. فأقلية الصندوق من المستحيل أن تصير أغلبية في حرب الشوارع!.. فكيف يمكن لمن لا يستطيع أن يقنع المسالمين البسطاء بالتصويت له في الانتخابات، أن يقنعهم بالموت في سبيله في الشوارع؟!

وكما يقول المثل: لماذا تقوم بثورة، وعندك صندوق الانتخابات؟

 

الخلاصة:

الثورة: يقوم بها شعب ضد نظام قمعي يكمم الآراء ويزور الانتخابات ولا يعمل بإرادة الشعب.

الانقلاب: يقوم به أقلية بلطجية ضد الشرعية المعبرة عن إرادة الشعب في الانتخابات المختلفة!

والسبب مفهوم طبعا، وهو حماية ما يسرقونه وينهبونه من أن تمنعه عنهم أيدي التطهير، وحماية رقابهم من قبضة العدل وسيف القصاص.

الأحد، 9 يونيو 2013

نيل مصر في خطر (6/6)


نيل مصر في خطر

 (6/6)

 

في الحقيقة، كل الأفكار السابقة هي مشاريع عملاقة، وهي تحتاج إلى:

1- إرادة سياسية قوية. (تحقق بعد الثورة بفضل الله، بعد أن تخلصنا من بلادة المخلوع ونظامه الديناصوري)

2- إدارة واعية علميا واقتصاديا (لأول مرة في تاريخ مصر، صار لدينا رئيس مهندس حاصل على الدكتوراه أستاذ جامعة درس ودرّس في جامعات أمريكية وله بحوث علمية)

3- تمويل ضخم، وهو غير متوفر، وإن كانت هناك طرق لجلب استثمارات خارجية مع منحها نسبة من حق الانتفاع من هذه المشاريع، مثل شركات تصنيع أو تجميع الخلايا الشمسية وأجهزة التكييف وآلات الري الحديثة والمواسير المستخدمة لتغطية الترع والقنوات، ومحطات تحلية المياه... إلخ.

4- وعي شعبي، ليدرك الناس وخاصة الشباب ـ مخاطر مستقبلهم القريب، لأن هذه المشاريع ستحتاج إلى أيدٍ عاملة وعمل شاق سيكون أحيانا في الصحراء.. وأنا أنتظر اليوم الذي أرى فيه ملايين الشباب الذين تضيع الدولة أعمارهم في تعليمها العقيم المهدر لميزانياتها والمفضي إلى البطالة، يُجنّدون إجباريا من سن 18 عاما ليعملوا في هذه المشاريع العملاقة ويستصلحوا الصحراء ويبنوا مساكنهم فيها.. وهذا أفضل تعليم وتدريب وعمل وخبرة يمكن أن يكتسبوها في حياتهم، وسيوفر لهم المأكل والمسكن وفرصة الزواج والأمل في الغد، بدلا من أن نفاجأ في عقد أو عقدين من الزمان بأننا نموت عطشا وجوعا ونهاجر جماعيا من مصر!

 

أما إذا استحال تنفيذ أي من المشاريع المذكورة أعلاه، فعلى كل منا أن يتفرغ للعبادة، لنستعد للإبادة في أقرب فرصة، مع أول فيضان كاسح، أو سنوات جفاف قاحلة، أو في حروب دموية في منابع النيل تستمر لعقود!!.. أو حتى مع استمرار تجريف الزراعة والصناعة وزيادة البطالة في مصر وتلوث النيل زيادة السكان واضمحلال فرص الحياة في دولة لا تنتج شيئا، وليست لديها أي فرصة لمواجهة تحديات المستقبل!

 

محمد حمدي غانم

14/9/2009

 

الجمعة، 7 يونيو 2013

نيل مصر في خطر (5/6)


نيل مصر في خطر
 (5/6) 

د. الحلول العدائية العنيفة، وهي الحلول التي يجب أن نلجأ إليها في حال لم تُجدِ كل الأفكار السلمية السابقة، ورفضت دول المنبع التعاون، ففي هذه الحالة علينا التفكير بطريقة "عليّ وعلى أعدائي" لكن دون التورط في حرب مباشرة مع دول المنابع.. ومن هذه الحلول:

1- تهديد إسرائيل نفسها لجعلها تتراجع عن مخططاتها، ولتخويف دول المنابع التي انصاعت لها.. هذا التهديد لإسرائيل قد يكون بطريقة غير مباشرة، وذلك بإصلاح علاقة مصر مع حزب الله وحماس وسوريا وإيران، أو بطريقة مباشرة بحثّ مظاهرات الطلبة والشعب ضد إسرائيل، وزيادة الجيش المصري في سيناء، وتزويد حماس بسلاح متطور، والتهديد بأن التلاعب بمياه النيل يعني نهاية مصر وفي هذه الحالة لن يكون لديها ما تخسره أو تخشاه، وأننا سنأخذ إسرائيل معنا إلى العدم، بنظرية عليّ وعلى أعدائي التي يفهمها اليهود جيدا!! (الأمور الآن صارت أسهل مع حماس بوصول الإخوان إلى قصر الرئاسة :) )

2-  في أثيوبيا يشكّل المسلمون ثلثي السكان، ويمكننا أن نمول ونسلح الحركات الإسلامية هناك للوصول إلى الحكم.. ويمكننا الاستعانة في هذا بأريتريا والصومال وإقليم أوجادين الصومالي الذي تحتله أثيوبيا.. لاحظوا أن الحركات الإسلامية ـ على عكس الحركات العلمانية والقومية ـ تؤمن أنه لا فرق بين مسلم مصري ومسلم أثيوبي، وبالتالي لو حكموا أثيوبيا فسيكونون أكثر رحمة بنا وحرصا على حياتنا، وسيكونون أكثر استعدادا للتعاون في كل المشاريع المشار إليها سابقا. (الأمور الآن صارت أسهل مع هذه الحركات الإسلامية بوصول الإخوان إلى قصر الرئاسة :) )

 

ملحوظة: منذ عدة أيام خرج 10 آلاف أيوبي في مظاهرات ضخمة لمعارضة نظام الحكم.. نظام أثيوبيا مستبد طائفي هش، ومن السهل نسفه إن لم يعد إلى رشده!


 

الخميس، 6 يونيو 2013

موسيقى الشعرِ: 17- الكامل وشعر التفعيلة


موسيقى الشعرِ العربي.. دروس مبسطة للهواة
بقلم: م. محمد حمدي غانم
17- الكامل وشعر التفعيلة
 


 

سنقوم الآن بتقطيع قصيدة "نعلاك أطهر من فرنسا كلها" للشاعر العراقي أحمد مطر، وهي قصيدة من شعر التفعيلة، مكتوبة على وزن البحر الكامل، حيث تسير كلها بانتظام على التفعيلة "متفاعلن"، مع إمكانية تحولها إلى "مستفعلن" في أي موضع.. وتستخدم القصيدة بعض العلل في نهاية السطور، بزيادة حرف ساكن لينتهي السطر بالتفعيلة متفاعلانْ أو مستفعلانْ كما في السطر:

قمرٌ تَوشَّحَ بالسَّحابْ

قمرُنْ تَوَشْ (متفاعلن) ـ شَحَ بِسْ سَحَابْ (متفاعلانْ)

أو بزيادة كتحرك وساكن، لينتهي السطر بالتفعيلة متفاعلاتنْ أو مستفعلاتنْ كما في السطر:

منْ أيِّ باِرقةٍ نبيلةْ

منْ أيْيِ بَا (مستفعلن) ـ رِقَتِنْ نبيلهْ (متفاعلاتن)

وفي هذه القصيدة يجري أحمد مطر حوارا مع المرأة المسلمة المحجبة التي تعيش في فرنسا، بعد قرار منع الحجاب في المدارس والمصالح الحكومية (ثم تلاه منع النقاب في الشوارع).. وتمتاز القصيدة بانسيابيتها، وقدرة الشاعر على ملامسة جوانب القضية دون التخلي عن شاعريته، أو تحويل القصيدة إلى خطبة وعظية.

فهو يشيد بقيمة العفاف والاحتشام، ويربطها بمظاهر الجمال في الكون، ويظهر على النقيض منها تحلل المجتمع الغربي وفساده، مشيرا حتى إلى الإيدز (السيدا) في قوله:

هي ما لَها من مالِها شيءٌ سِوى (سِيدا) بَنيها!

وهي إشارة إلى أن أول ظهور للإيدز كان في فرنسا في نهاية السبعينيات وإن تم التعتيم عليه إلى أن اكتشف في أمريكا.

كما سخر من مبادئ الثورة الفرنسية التي تتشدق بالحرية وعدم التمييز على أساس ديني وهي مجرد شعارات فارغة:

نعْلاكِ أجْملُ من مبادئِ ثورةٍ ذُكِرَتْ لِتُنْسى

ومن أجمل إشاراته قوله:

قَرِّي بممْلكةِ الوقارِ وسَفِّهي المَلِكَ السّفيها

وهي إشارة إلى قصة الملك الذي خدعه الخياط وأوهمه أنه صنع له ثوبا شفافا لا يراه أحد، فخرج على الناس عاريا، فجاراه الناس نفاقا وخوفا وأظهروا انبهارهم به، ما عدا طفل صغير صاح فيهم إنه يرى الملك عاريا!.. فهو يربط هنا بين سفه الحضارة الغربية التي تجعل من العري والفساد الأخلاقي قيما تفتخر بها، كذلك الملك العاري الذي يفتخر بثوبه الوهمي الفخم الذي لم يلبسه من قبله أحد!!

ثم يشير أحمد مطر إلى تاريخ فرنسا الاستعماري، ونهبها لثروات البلاد العربية، ويأخذ ذلك منطلقا ليؤكد أن كل ما في فرنسا هو ميراث أجداد هذه المسلمة المحتشمة، لهذا يطالبها بألا ترحل عن فرنسا، بل تبقى فيها وتفرض قيمها الأصيلة.. ويمتاز هذا المقطع بالطلاقة والسلاسة، حيث جعل الشاعر يجرد لنا ميراثنا الذي سرقته فرنسا:

هي كلُّها مِيراثُكِ المسْروقُ:
أسْفلتُ الدروبِ، حجارةُ الشرفاتِ، أوعيةُ المعاصِرْ
النفْطُ، زيتُ العِطْرِ، مسْحوقُ الغسيلِ، صفائحُ العَرباتِ،
أصْباغُ الأظافرْ
خَشَبُ الأسِرّةِ، زِئْبقُ المِرْآةِ، أقْمشةُ الستائِرْ
غازُ المدافئِ، مَعْدِنُ الشَفَراتِ، أضْواءُ المتاجرْ
وسِواهُ مِن خيرٍ يَسيلُ بغيرِ آخِرْ
هي كلُّها أمْلاكُ جَدّكِ في مُرَاكشَ أو دِمشْقَ أو الجزائِرْ! 

والآن فلنرَ القصيدة وتقطيعها.. ويمكنك أيضا سماع قراءتي للقصيدة مقطعة عروضيا هنا:

 

نعلاكِ أطهرُ من فرنسا كلِّهــا
للشاعر: أحمد مطر 

قمرٌ تَوشَّحَ بالسَّحابْ
قمرُنْ تَوَشْ ـ شَحَ بِسْ سَحَابْ 

غَبَشٌ تَوغّلَ، حالماً، بفِجاجِ غابْ
غَبَشُنْ تَوغْ ـ غلَ حَالِمَنْ ـ بفِجَاجِ غَابْ 

فَجْرٌ تَحمّمَ بالنّدى وأطلَّ من خلْفِ الهضابْ
فَجْرُنْ تَحَمْ ـ مَمَ بِنْ نَدا ـ وَأَطَلْلَ مِنْ ـ خَلْفِلْ هضَابْ 

الورْدُ في أكْمامِهِ
أَلْورْدُ في ـ أكْمَامِهي 

أَلَقُ اللآلئِ في الصَّدَفْ
أَلَقُلْ لآ ـ لِئِ فِصْ صَدَفْ 

سُرُجٌ تُرفْرِفُ في السَّدَفْ
سُرُجُنْ تُرَفْ ـ رِفُ فِسْ سَدَفْ 

الأربعاء، 5 يونيو 2013

ألف قصيدة


همساتٌ لامرأةٍ ما 

(14)

أحتاجُ ألفَ قصيدةٍ لأقولَ ما عِندي
في وصفِ مَن قدْ روَّضَتْ مِن حُسنِها عَندي
أنا سائرٌ بَعدَ المَدَى أشدو لها وَحدي
بَـكَتِ الزهورُ لِصَبوتي وتناثرَتْ بَعدي


محمد حمدي، 2013

 

نيل مصر في خطر (4/6)


نيل مصر في خطر

 (4/6)

 

ج- حلول تهدف إلى زيادة التعاون بين مصر ودول المنبع لنتعايش جميعا في رخاء وأمان.. ومن هذه الحلول:

1- شراء أو استئجار الأراضي في دول المنابع وزراعتها تحسبا لهذا الاحتمال، كما تفعل السعودية والكويت والصين وإسرائيل في هذه الدول!

وعلينا أن نعلم مثلا أن الإقليم العفري في أثيوبيا يمثل 61% من مساحتها وأرضه خصبة ويسكنه قبائل رعوية مسلمة تعاني من الفقر والجهل والمرض والجوع والتنصير، فلماذا لا نستثمر أموالنا بشراء أو استئجار الأراضي هناك لتوطينهم ودفعهم إلى زراعتها من أجلنا، وبهذا نضرب عصفورين بحجر واحد: نحميهم من الإبادة والتنصير، ونقدم لهم الخدمات الصحية والتعليمة، ونضمن جزءا من الحاصلات الزراعية التي سيزرعونها لنا؟

أظن أن وضعنا سيختلف كثيرا لو فكرنا على هذا النحو الإنساني، وسنكسب تعاطف الكثير من الأثيوبيين والمسلمين في أثيوبيا والدول المحيطة، وسنؤمن لأنفسنا بعض المحاصيل الاستراتيجية كالأرز والقمح.

ولنذهب أبعد من هذا: لماذا ننتظر أن تفعل الحكومة المصرية هذا؟

أليس عندنا مستثمرون أو جمعيات خيرية قادرة على فعل هذا، فتستثمر هناك في الزراعة، وتنقذ المسلمين وتعود إلينا بالأرز والقمح؟

دعوني أنقل لكم مقالا نشره إسلام أونلاين في 1/4/2004 للباحثة المصرية سها السمان وهي ناشطة مصرية في مجال الدعوة والتربية مقيمة بلندن، نفذت هذه التجربة فعلا هناك (لكن ليس من منظور استثماري أو استراتيجي، بل من منظور خيري وإنساني ودعوي.. فلماذا لا نضيف إلى تجربتها البعدين الاستثماري والاستراتيجي؟).. هذا هو المقال:



2- لماذا لا نشرع فورا في مد خط سكة حديد من مصر يربطها بالسودان وأثيوبيا ودول المنبع؟.. هذا الخط سينشط التجارة البينية، فيمكننا حينئذ أن نستورد منهم قطعان الماشية والحاصلات الزراعية، ونصدر إليهم المنتجات الصناعية والأيدي العاملة.. هذه البلاد بها أخصب أراضي زراعية، وهي أفضل من أرض مصر المنهكة والملوثة.. لكن هذا يحتاج إلى خطة ضخمة لتطوير الصناعة المصرية وإنشاء المصانع القادرة على منافسة الصين.. ولو أنشأنا خط السكك الحديدية، وأنشأنا خطا آخر يربطنا بدول المغرب العربي، فسيكون من السهل علينا إقناع الشركات العالمية بإنشاء فروع لها لدينا، لأننا الأقرب إلى أوروبا والشرق الأوسط ووسط وشمال أفريقيا، وهذا سيجعل منتجاتنا أرخص، وحظنا في المنافسة أفضل من الصين. (لم يبدأ التحرك في هذه الاتجاهات بالفعل إلا بعد الثورة، ونأمل أن ينجز مرسي خط سكة حديد الإسكندرية - كيب تاون الذي أعلن عنه)

3- من المهم أيضا أن نعرف أن خطر الجفاف والعطش ليس الخطر الوحيد الذي يهددنا.. هناك أيضا خطر ارتفاع منسوب بحيرة ناصر عن 180 مترا، وهو خطر دفع السادات لتنفيذ مشروع مفيض توشكا بعد موجة فيضانات عالية في نهاية السبعينيات، وفي عام 1996 ملأت المياه بحيرات توشكا لأول مرة، وهي تستطيع تخزين ما يعادل ربع مياه بحيرة ناصر، أي أنها زادت السعة التخزينية بمقدار 25%.. لكن هذا لا يكفي، فالطمي يتراكم في قاع بحيرة ناصر منذ أربعين عاما بسبب احتجاز السد له، ومنسوب المياه يرتفع باستمرار، وفي أي موسم فيضان جارف يتجاوز قدرة منخفضات توشكا على التخزين، سنواجه خطر انهيار السد العالي، أو خطر الاضطرار إلى فتح بواباته لتصريف كمية ضخمة من المياه ستدمر مئات القرى والمدن في طريقها!.. هذا معناه أننا في حاجة إلى سدود في السودان وأثيوبيا للحماية المبكرة من هذا الاحتمال!.. لهذا بدلا من أن نعلن الوصاية على دول حوض النيل ونحرمها من حقها في الحياة، يجب أن نخطط معها لنستفيد جميعا، بإنشاء سدود ذات قدرات تخزينية كبيرة، بشرط أن يتم تخزين المياه فيها تدريجيا بمعدلات لا تؤذينا في السنوات العادية، لتحمينا هذه السدود في سنوات الفيضانات الغزيرة، ويكون ما تخزنه من مياه في هذه الفترات حماية لأثيوبيا من مخاطر الجفاف في سنوات القحط.. مثل هذا التخطيط يتطلب معاهدات ولجان رقابة مشتركة، وقاعدة عسكرية مصرية في أثيوبيا مع مهندسين وخبراء لإدارة وحماية هذه السدود ومراقبة تنفيذ هذه الاتفاقيات.. وهذا سيجنبنا الحروب ويجنب الجميع مخاطر الموت عطشا أو غرقا.

4- لماذا لا نسعى إلى إنشاء دولة اتحادية عملاقة تضم دول حوض النيل؟.. لو حدث هذا، فسيمكننا أن نرسل ملايين المصريين إلى هذه الدول كبعثات علمية وتعليمية وعسكرية وعمالة زراعية وفنية، لتطوير وتحديث هذه الدول وزراعة الأراضي الخصبة فيها، وإرسال الفائض من ثروتها الزراعية والحيوانية إلى مصر، وهو أجدى وأرخص من محاولة استصلاح الصحراء عندنا، كما أنه سينشط التجارة والصناعة ويوجد تكاملا اقتصاديا بين هذه الدول الغنية بالمعادن والثروات، ويخلصنا من فائض السكان والبطالة في مصر.. هذه الفكرة الطموح ستصطدم بالتأكيد بمصالح الدول الاستعمارية في هذه الدول، والتي تسعى إلى تأجيج الصراعات القبلية والطائفية فيها للعمل على تفتيتها (كما حدث في السودان ورواندا وبروندي، وفي كل هذه الدول عامة).. وهو أمر يحتاج إلى إرادة سياسة ووعي من شعوب هذه الدول، وهذا يبدو حلما بعيد المنال حاليا، ولا أظن أن هذا الحل سيكون مطروحا قبل أن تبدأ المجاعة في مصر، وتبدأ الهجرة الجماعية إلى السودان!! (قدر الله أن تقوم ثورات الربيع العربي بعد كتابتي لهذا الكلام بعام ونصف.. فهل يمكن أن تمنحنا هذه الثورات الأمل من جديد في التوجه نحو التكامل والاندماج بين دول المنطقة؟)

 

الاثنين، 3 يونيو 2013

آمين


(5)

·      آمين:

لم تَكُنِ الهمسةُ رِيحًا

لكنَّ ترابَ رُؤوسِ الناسِ انتفضَ بَخورًا

حتّى ازدادَ ضبابُ الواقعْ

ما زالَ الناسُ نِيامًا حتّى الآنْ

يَنتفضونَ لكلِّ دُعاءٍ باستحسانْ!

بعض من تجليات الألف

(صفحات مهربة من معجم مفقود)

محمد حمدي غانم، 2000

 

الأحد، 2 يونيو 2013

نيل مصر في خطر (3/6)


نيل مصر في خطر

 (3/6)

 

ب- حلول تهدف إلى توفير مصادر جديدة للمياه العذبة في مصر.. ومن هذه الحلول:

1- تقوم الحكومة المصرية حاليا بمساعدة دول المنبع في إقامة مشروعات تزيد من استفادتها بمياه الأمطار.. هذا منحنى جيد، ويجب التوسع فيه.. كما يمكن إعادة تفعيل بعض المشاريع الهامة مثل قناة جونجلي، ومشروع ربط نهر الكونغو بروافد النيل.

2-  هناك فكرة جميلة، أشار إليها أحد الإخوة في منتدى آخر:

(هناك سيول سنوية و موسمية على سيناء.. وهنالك منخفضات في سيناء كبيرة جدا، لو تم صنع شبكة صرف لتصريف مياه السيول وتجميعها في هذه المنخفضات، فإن هذه المنخفضات سوف تتحول إلى بحيرات صناعية مثل بحيرة ناصر بالضبط.. سيول سيناء قادرة على صنع خمس بحيرات صناعية، ومن ثم سوف تبدأ عملية الزراعة هناك، خاصة أن فرعا من نهر النيل في العصور القديمة كان يمر بسيناء، لذا فإن تربة ورمال سيناء مشبعة بالطمي، فهي تربة خصبة للزراعة والزراعات التي تجري هنالك من أجود الزراعات لدينا).

وقد أعادت السيول الأخيرة الاهتمام بفكرة الاستفادة منها ببناء السدود، خاصة بعد ما سببته هذه السيول من خسائر في الأرواح والممتلكات.. ويقول اللواء مراد موافي محافظ شمال سيناء (حينها): إن كميات كبيرة من مياه السيول أُهدرت في البحر, لذلك يتم الإعداد لبناء 200 سد على مسارات الأودية بسيناء لتعوق المياه وتحتجزها لإعادة الاستفادة منها في الزراعة؛ حيث إن السد الوحيد المقام حاليا بسيناء هو سد الروافعة الذي يبلغ ارتفاعه 14 مترا وعرضه 186 مترا, واحتجز كمية من المياه قُدّرت بنحو 19.5 مليون متر مكعب ستكفي لزراعة مساحة كبيرة من الأراضي المحيطة به.

3- الإنفاق على تحلية مياه البحر.. إن مصر تمتلك أكثر من 2000 كيلومتر من السواحل، فلماذا لا نشرع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر على هذه السواحل كخط دفاع ثان؟.. على الأقل على السواحل الشمالية لضمان مياه الشرب للمحافظات الشمالية التي ستكون أول ما تنحسر عنه مياه النيل؟

ولدينا في الشمال موارد هائلة من الغاز الطبيعي لهذه المهمة، كما يمكن استخدام الطاقة الشمسية في عمليات التحلية.. وهذه المشاريع ستوفر فرص عمل جديدة لآلاف المهندسين والعمال الفنيين، وستدفع جامعاتنا إلى تطوير البحوث في مجال تحلية ماء البحر.

كما أدعو المهندسين إلى ابتكار تصميم جديد لمحطات تحلية ماء البحر التي تعمل بالغاز الطبيعي، للاستفادة من البخار الساخن في توليد الكهرباء قبل تكثيفه.. وبهذا تمنحنا هذه المحطات الماء والكهرباء معا!

طبعا هذا يجب أن يبدأ الآن، لأنه يحتاج إلى وقت طويل لإنشاء هذه المحطات وربطها بشبكة مياه الشرب، ولا يمكن أن نفعل هذا بعد أن يبدأ الجفاف فعلا!

4- من المؤكد أن هناك بحرا من المياه الجوفية العذبة تحت الوادي والدلتا تسربت من الفيضانات والري عبر آلاف السنين.. ما زالت بعض المناطق في مصر تدق طلمبات وتستخدم هذه المياه، وإن كان هذا خطأ لأن الماء الذي يستخرجونه مخلوط بما تسرب من مياه الصرف الصحي، وإن لم يكن، فما زال غير منقى من الشوائب والجراثيم.. لهذا يجب أن تكون هناك بنية تحتية جاهزة للطوارئ لاستخراج هذه المياه وتوصيلها إلى محطات معالجة مياه الشرب، أو إقامة وحدات صغيرة أو حتى وحدات متنقلة محمولة على شاحنات، لتنقية هذه المياه لتصلح للشرب في كل قرى مصر وقت الأزمة.. أظن هذا قد يمنحنا الحياة لسنوات إلى أن يعود الفيضان.. لكن طبعا ستتبقى مشكلة الطعام، وعلينا أن نوفر احتياطيا نقديا لهذه الأزمة لاستيراد الطعام لعدة سنوات متتالية، مع وضع نظام عادل لتوزيع الحد الأدنى منه على المواطنين.

5- هناك مشروع قديم عملاق لتحويل منخفض القطارة إلى بحيرة صناعية ضخمة بغمره بماء البحر المتوسط، واستخدام اندفاع المياه من ارتفاع 149 مترا ـ هي عمق المنخفض ـ في توليد الكهرباء.. وأنا أضيف إلى هذه الفكرة استخدام جزء من هذه الكهرباء في تحلية المياه على جوانب هذه البحيرة لاستخدامها في الزراعة، مما يتيح إنشاء مجتمع سكني وزراعي وصناعي عملاق في هذه المنطقة الصحراوية المهجورة، إضافة إلى الصيد والسياحة.. كما يمكن شق قنوات من المنخفض ومدها شرقا وغربا، وإقامة محطات تحلية على جانيها تعتمد على شمس الصحراء، لزراعة مناطق أخرى.. كما أضيف للفكرة استخدام الكهرباء الناتجة في تحليل المياه إلى هيدروجين وأكسجين، والاستفادة من الأكسجين في الأغراض الصناعية والطبية، واستخدام الهيدروجين كوقود، وإنشاء المصانع التي تحتاج إلى طاقة حرارية عالية على جوانب المنخفض، وتشغيلها بالهيدروجين، الذي يعتبر مصدر طاقة نظيف، فعند حرقه ينتج عنه بخار الماء (ومع آلية تكثيف مناسبة نحصل على ماء عذب أيضا :) ).. كما يمكن إنشاء مصانع تستفيد من الأملاح الناتجة عن عمليات تحليل وتحلية ماء البحر، لأننا يجب أن نسحب الأملاح باستمرار من المنخفض حتى لا تزيد ملوحته إلى الدرجة التي تؤدي إلى قتل الأسماك والحياة البحرية.

6- ابتكار طرق تقنية حديثة لتكثيف بخار الماء، فجوّ مصر مشبع بالرطوبة.. هذا الحل تستخدمه منظمات الإغاثة في بعض دول أفريقيا التي يندر فيها الماء، وقد استوحته من بعض أنواع الخنافس التي تستخدم حركة أجنحتها لتكثيف بخار الماء في الصباح.. وكفكرة: أقترح استخدام الخلايا الشمسية على سطح كل منزل لتوليد الكهرباء اللازمة لأجهزة التكييف لتبريد المنازل صيفا، ومعروف أن هذه الأجهزة تكثف بخار الماء وتصرّف ماء فائضا، وعلينا أن نوعّي الناس لتصريف هذا الماء في خزان صغير للاستخدام المنزلي في أغراض تنظيف السلالم أو دورات المياه أو غسيل السيارات أو ما شابه، ومن ثم سيوفر هذا جزءا من مياه الشرب المهدرة في أغراض لا تحتاج ماء نقيا، وسيعود الماء بعد استخدامه إلى شبكة الصرف الصحي التي يعاد تنقيتها واستخدامها في الزراعة.. بهذه الفكرة البسيطة ستوفر البيوت جزءا من استهلاك الكهرباء والماء، وستحصل على رفاهية التكييف في الصيف.. ولكي تكون هذه لفكرة عملية ومجدية، يجب أن ننشئ في مصر مصانع إنتاج وحدات الطاقة الشمسية، وأن تتولى شركات التكييف تركيب المنظومة المتكاملة التي تربط التكييف بوحدات الطاقة الشمسية والبطاريات وتصرف مياهه في خزان بسعة مناسبة، يسهل الحصول على الماء منه عند الحاجة.

7- عندي تصور ـ يمكن أن يبت فيه الخبراء ـ بأن مياه بحيرة ناصر لو انحسرت في مواسم الجفاف، فستكشف عن أخصب تربة عرفتها مصر، بسبب الطمي الذي تراكم فيها منذ عقود.. وربما نحصل على مئات الآلاف من الأفدنة الخصبة (مساحة بحيرة ناصر تساوي تقريبا 950 ألف فدان)، ناهيكم عن كميات هائلة من السمك الذي يسهل صيده من البرك المتبقية في فترات الانحسار.. ويجب التخطيط منذ الآن لزراعة هذه المنطقة بأكفأ طريقة (ولا أظنها تحتاج إلى أسمدة) لتوفير جزء من طعام الناس وقت الأزمة.. طبعا حل كهذا يجب أن يعتمد على الآلات بأكثر من البشر، لأننا لن نُهجّر ملايين الفلاحين حينها لهذه المهمة المؤقتة، التي ستنتهي فور عودة منسوب المياه للارتفاع.

مرة أخرى أكرر: هذا أمر يحتاج إلى دراسة وخطة طوارئ وميزانية احتياطية، وآلات مجهزة ومخزنة استراتيجيا لهذا الاحتمال، مع خطط شاملة لتخزين ونقل الحاصلات من هذه المنطقة إلى باقي المحافظات.. يجب أن نتوقف ولو لمرة واحدة عن انتظار وقوع الكارثة لنبدأ في العمل!