أهم أقسام المدونة

الصفحات

الخميس، 3 نوفمبر 2011

عن الربح والخسارة

عن الربح والخسارة وتسليع الحب

قرأت قصة بعنوان "عن الربح والخسارة" على مدونة "قهوة بالفانيليا".. ونظرا لأن القصة ترسب العديد من السلبيات في نفس قارئها دون وعي منه، فقد علقت عليها بما يلي:
أسلوبك الأدبي سلس جذاب.. لكن المضمون نفسه يحتاج لوقفة.. فالفكرة تقدم الحب كما ورد في العنوان بمنطق "الربح والخسارة" وتقدم الرجل باعتباره سلعة مادية يمكن تغييرها إن فقدت صلاحيتها، فالحبيب يمكن إبداله بالصديق عند الضرورة.. وهذا بدوره يسلع المرأة، التي يمكن تناقلها بين الرجال بهذه البساطة، وكأن قلبها مجرد حاسوب، يسهل تغيير حساب الدخول إليه!.. وهذا يطرح سؤالا في غاية الأهمية:
ما الفارق بين بطلة القصة وبين بطلها زير النساء؟
هو أيضا مثلها يحسب الربح والخسارة.. في لحظة فترت مشاعره ناحيتها، حتى صارت مملة، فبحث عن المتعة لدى نساء أخريات.. وهي بالمثل، في لحظة لم تعد تجد منه اهتماما، فبحثت عمن يهتم بها.. هو يبحث عن النساء اللاتي يجرين خلفه، وهي تبحث عن الرجال الذين يجرون خلفها.. الشخصيتان بنفس النرجسية والأنانية والمنطق المادي النفعي البحت!
إضافة إلى أني لم أحب فكرة أن تجعل امرأة نفسها تسلية لرجل لعشر سنوات.. لا يوجد حب يمكن أن يستمر كل هذا الوقت دون أن يموت بلا هدف.. أنت تقدمين نموذج امرأة غربية تتزين وتتعطر وتقدم نفسها تسلية للحبيب حتى يملها.. وتقدمين رجلين من نفس العينة، أحدهما زير نساء، والآخر بلا نخوة ولا غيرة، يحب امرأة لا تستحق رغم أنه يعرف كل شيء عن علاقتها بالآخر.. فهل يوجد حب بلا غيرة؟
قصتك كلها تبدو لي قاتمة خانقة، أشبه بالفلسفات المادية في الحداثة وما بعد الحداثة، حيث كل شيء قابل للتسليع حتى الإنسان نفسه بل والقيم نفسها.
وربما كانت القصة ستصير أجمل لو حذفت منها ذلك الصديق الأسمر.. أو لو بدأتِها من نقطة بعد انفصالها عن الحبيب اللا مبالي، بحيث يصير هو الذكرى، ويصير الصديق الأسمر هو الحاضر.. القصة كانت ستكون ممتعة لو أن مشاهدها الرئيسية كانت هي مشاهد ذلك الأسمر ومواقفه معها، وانهيار مقاومتها للانجذاب إليه باعتبارها ترفض تكرار التجربة لما سببته لها من ألم.. ولاحظي أن هناك منطقا في عرض القصة من هذه الزاوية، لأن القارئ يحب الوفاء في الحب ويستمتع به، بينما يفقد الحب كل طعم له حينما يبتذل ويعرض كمجرد مشاعر عابرة تتبدل بسهولة وبقرارات لحظية ولأسباب منطقية باردة، تجعل الأمر أيسر من تبديل فردتي حذاء قديم!

هناك 4 تعليقات:

  1. السيد / م . محمد حمدي غانم ..

    بداية أشكرك لأنك وجدت الوقت الكافي لكتابة هذا التعليق المطول ..
    و لن أقول أنه نقد .. لأنه لم يمس الشكل الأدبي للقصة لذلك أفضل أن أسميه تعليقًا ..
    فاجأتني و الله حين أفردت صفحة في مدونتك لتضع هذا التعليق بها ، و هذا شيء ينبغي أن أشكرك عليه أيضًا حيث انك تساهم بهذا الشكل في ارتفاع عدد زوار مدونتي اليومي :)
    الفكرة كلها يا صديقنا الطيب هي تسليع الحب .. نعم ، فهذا هو الشكل الذي صارت عليه الأمور في هذا العصر ، و ينبغي الآن أن أرحب بك في القرن الحادي و العشرين ..
    الناس جائعون للحب ، لا يعرفون شكله ، و يبدو كسرابٍ يركض هنا و هناك و يرمح في خيالاتهم طوال الوقت .. و هذا هو المقصد .. البحث عن الحب .. البحث المحموم عن الحب ..
    فهو يبحث عن امرأة يحبها و هي تبحث عن رجل يحبها و بين محاولاته و محاولاتها ضاع تاريخهما المشترك .. ضاعت اللحظات و ضاعت كل الملامح الفريدة للعلاقة .. !!
    كلاهما نرجسي و هذا مقصود ايضاحه في القصة .. و النرجسية انتشرت في هذا الزمن .. بل أن هناك دراسة تقول أن السيكوباتية و النرجسية صارتا سلوكا جماعيا في بعض المجتمعات .. و هناك دراسات حديثة جارية بخصوص هذا الأمر .

    أنا لا أرى مشكلة في أن تتعطر بطلة القصة .. ايه مشكلة البيرفيوم يعني ؟؟ :)
    و بالمناسبة ، فإن فكرة البحث عن الحب و التوهم به هي الشكل الاساسي للقصة ، مع احترامي لرأيك ، فالناس تكتب عن الوفاء في الحب طول الوقت ، و لم أرَ أي تغير في أعداد ضحايا الوهم حتى الآن ..!!
    و أريدك أن تعلم بشكل ما أن للقاري قناعاته التي تتشكل لديه من خبرته الخاصة في الحياة ، إلا إذا تتحدث عن قاريء يسكن صندوقاً مظلماً ينتظرني و ينتظرك لنعلمه ماهو الحب و ما هو الوفاء و ما هي الخيانة ..
    و ينتظرنا لنطعمه المفاهيم بالملعقة .. و هذا غير موجود .. و غير متاح أيضًا .

    بالنسبة للصديق .. لماذا لانقول أنه رجل له كرامة ؟؟
    رجل يعلم أن هذه المرأة تحب رجلاً آخر فوقف على خط الصداقة دون أن يتحرك احتراماً لمشاعرها ؟؟
    و هذا النموذج موجود أيضًا بالمناسبة .. النماذج الثلاثة هي شكل القصة .. !!

    أما قولك بأن قصتي قاتمة خانقة ، فقصتي ليست قاتمة و لا خانقة .. القصة يمكن أن تحدث ، بل أنها تحدث طول الوقت في أطر مختلفة ..
    و اود أن أخبرك بما يمكنه أن يصدمك .. نعم .. كل شيء قابل للتسليع .. هذا هو كوكب الأرض .. و مرحباً بك على كوكب الأرض .. !
    قلائل فقط هم الذين يستطيعون الحفاظ على قيمهم و مبادئهم في هذا العالم ، لأن ذلك صار يتطلب قدرات كبيرة خاصة في هذا الزمن !
    و و لا يمكن حذف أي من شخصيات القصة كما ذكرت ، لأن هذه هي الفكرة في الأساس ..
    و لا أستطيع حذف أية شخصية من التي طالبت او اعتقدت أنتَ بحذفها ، لأن هذا هو الخط الدرامي المقصود للقصة ، و ليس شيئاً آخر ..
    و في نهاية تعليقنا البسيط .. أود أن أخبرك بأنني أتحفظ على لهجة الخطاب الغاضبة و لا أقبلها ، و حاولت ألا أسلك نفس مسلكك في هذا الرد .
    أشكر لك تفاعلك ..
    دمت بخير .
    شيماء علي

    http://vanillalatee.blogspot.com/2011/10/blog-post_30.html?showComment=1320359829192#c1156992535082643970

    ردحذف
  2. مرحبا بك في مدونتي يا أ. شيماء.. سعيد بأنك وصلت هنا، فلدي مشكلة غريبة تمنعني من تسجيل الدخول بحسابي عند التعليق على مدونتي أو مدونات الآخرين.
    ولا داعي لشكري على ردي المطول أو اعتبار هذا شيئا غريبا، فأنا من هواة التطويل في كل كتاباتي، ولدي المرانة الكافية للكتابة بسرعة وإخراج أفكاري كلها في وقت معقول.. إضافة إلى أنني فرغت نفسي للكتابة، فهذا هو ما أفعله وما أحب أن أفعله، وما أشعر بقيمة وأنا أفعله، وهو الشيء الوحيد الذي أجده مفيدا فيما أفعله في الحياة :).. ولكي يحدث كل هذا، يجب أن أحس بكل حرف أكتبه، وهو ما يجعل كلماتي تبدو لك غاضبة، ولا أظن أنها بلغت هذه الدرجة.. لو ركزت قليلا، فستجدين كل ردي منحصرا على نقد عملك، وليس كاتبته.. وحتى لو كان نقدي غاضبا، فلا ضير من هذا، فالسعادة بالعمل أو الغضب منه، حق أصيل لكل قارئ يندمج بما يقرؤه، ولا يعبره بعينيه كأنه مقال بارد.. ولك بالتأكيد فضل في هذا، لأنك أجدت كتابة العمل بدرجة جعلتني أعيشه.
    >>>

    ردحذف
  3. والآن، لا أدري ما الذي يزعجك في "نقدي" لقصتك، إذا كان دقيقا بهذا الشكل، وحلل بالفعل كل ما أردت قوله في قصتك، كما أقررت بذلك أنت؟
    علينا إذن أن نفرق بين أمرين:
    خطة الكتابة وأدوات الكاتب الذي نفذها بها، وتقييمنا لهذه الخطة نفسها وهدفها النهائي.
    فلا شك أنك كاتبة بارعة، تملكين أدواتك، وترسمين شخصياتك جيدا، وتستطيعين تنفيذ الخطة التي تريدين أن يصل إليها العمل.. لكن من الواضح من قصتك ومن ردك، أنك من أنصار التعبير عن الواقع بدون أن تتدخلي لتضعي عليه لمساتك الفكرية، وهذا يجعل دور الأديب من وجهة نظرك مجرد مصور ضوئي، ينقل ما يراه لقارئه، دون أن يعيد ترتيبه له بطريقة تريه شيئا مختلفا.. ومبرر ذلك بالنسبة لك هو أن القارئ جاهز بالفعل ولا ينتظر أن يعلمه أحد شيئا.. صدقيني، لو وصل أي إنسان إلى هذا الكمال، فلن يقرأ لك شيئا ولن يشاهد أي عمل درامي على الإطلاق، لأن أحدا لن يستطيع إدهاشه بأي موقف جديد عليه، أو إثارة فضوله لمتابعة أحداث تشغفه وتؤثر فيه وتضيف إليه خبرات افتراضية لم يعشها في الواقع.
    >>>>

    ردحذف
  4. لكن دعك من هذه الجزئية، ولنركز في نقطة جوهرية: فالحقيقة أنا مندهش للغاية من استمرار نفس الكلام التقليدي عن الواقع والواقعية، بينما نحن الآن نعيش الفترة الذهبية التي يعيد فيها الإنسان العادي صياغة الواقع (الثورات العربية)، فكيف يكون الفنان متراجعا بهذا الشكل عن تيار التغيير بدعوى الواقعية؟
    ألا يفسر لك هذا لماذا كانت شعوبنا ـ خاصة جيل الشباب ـ في مقدمة الثورات، بينما المثقفون والسياسيون تابعين لها؟.. طبيعي جدا أن يحدث هذا لأن المدارس الأدبية والنقدية السائدة منذ عقود دمرت هدف الكتابة، ونفرت الكتاب من دورهم كصانعين للواقع الجديد (المستقبل)، وأسمت أي عمل أدبي فيه فكرة أو هدف بالأدب الوعظي.. وهناك بالفعل كتب تشرح دور المخابرات الأمريكية والغربية في صنع مثل هذه المدارس والتيارات.. يسفهون هذا بتسميته نظرية المؤامرة!!
    فأرجوك لا تخبريني بأن أي شخصية من شخصياتك موجودة في الحياة.. هناك من هم مثلها وأسوأ، ونحن نقابلهم ونعرفهم، فما الذي تقدمينه أنت لنا بالحديث عنهم؟.. أين أنت في هذا العمل، وما الذي تقدمينه لنا؟.. ما دورك في تغييرهم وتغيير واقعهم السيء؟.. ما دورك في صناعة أحلامهم وأفكارهم وصياغة أسمى مشاعرهم؟.. ولماذا يجب أن أتركهم أنا في الواقع لآتي لأقابلهم في قصتك مرة أخرى؟.. شيء خانق هو، أليس كذلك؟
    أخيرا: بالنسبة لقولي عن قصتك إنها قاتمة خانقة، فهذا هو إحساسي بها كمتلقي.. لا يمكنك نفي هذا ولا يمكننا الجدال حوله، فهذا ليس من حقائق الكون المثبتة رياضيا أو مخبريا.. هكذا وصلتني القصة، وليس شرطا أن تصل هكذا إلى كل قارئ.. اختلاف أذواق وثقافات ورؤى كما تعلمين.
    سعدت بالحوار معك..
    تحياتي

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.