موسيقى الشعرِ: 11- المتقارب وشعر التفعيلة

موسيقى الشعرِ العربي.. دروس مبسطة للهواة

بقلم: محمد حمدي غانم

11- المتقارب وشعر التفعيلة

اضغط هنا لعرض فهرس الدروس

سنقوم الآن بتقطيع قصيدة "أحبك أو لا أحبك" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهي قصيدة من شعر التفعيلة، مكتوبة على وزن البحر المتقارب.

وتمتاز هذه القصيدة بالطول المفرط لمعظم سطورها الشعرية، حتى إن السطر الواحد قد يحتوي على أكثر من جملة مستقلة كاملة المعنى، لكن تفعيلاتها متداخلة بحيث لا يمكن تقسيم هذه الجمل موسيقيا على أكثر من سطر شعري منفصل.. انظر قوله مثلا:

أريدُكِ، أو لا أريدُكِ.. إنَّ خريرَ الجداولِ مُحترقٌ بِدَمي.. ذاتَ يومٍ أراكِ، وأذهبْ

أريدُ (فعولُ) ـ كِ أو لا (فعولُنْ) ـ أريدُ (فعولُ) ـ كِ إنْنَ (فعولُ) ـ خريرَلْ (فعولُن) ـ جدَاوِ (فعولُ) ـ لِ مُحْتَ (فعولُ) ـ رِقُنْ بِ (فعولُ) ـ دَمي ذَا (فعولُنْ) ـ تَ يَومِنْ (فعولُنْ) ـ أرَاكِ (فعولُ) ـ وأذْهبْ (فعولُنْ)

في السطر الشعري السابق توجد ثلاث جمل مختلفة، لكن آخر حرف في الجملة الأولى يدخل في أول تفعيلة في الجملة الثانية، وآخر حرف في الجملة الثانية يدخل في أول تفعيلة في الجملة الثالثة، مما يجعل فصل هذه الجمل موسيقيا غير ممكن.

لاحظ أيضا أن الشاعر استخدم في نهاية سطور هذه القصيدة نوعين من العلة، وهما:

- العلة "فَعُولْ" (||oo): كما في قوله:

أحبُّكِ، أو لا أحبُّكِ.. أذهبُ، أتركُ خلفي عناوينَ قابلةً للضياعْ.

أحبْبُ (فعولُ) ـ كِ أوْ لا (فعولُنْ) ـ أحبْبُ (فعولُ) ـ كِ أذْهَـ (فعولُ) ـ بُ أتْرُ (فعولُ) ـ كُ خلْفي (فعولُنْ) ـ عنَاوي (فعولُنْ) ـ نَ قَابِ (فعولُ) ـ لَتَنْ لِضْ (فعولُنْ) ـ ضيَاعْ (فعولْ)

- العلة "فَعُو" (||o): كما في قوله:

وكلَّ السلاسلِ في قلبِها.

وَكُلْلَسْ (فعولُنْ) ـ سلاسِ (فعولُ) ـ لِ في قلْ (فعولُن) ـ بِهَا (فعو)

والآن فلنرَ القصيدة وتقطيعها.. وهذه هي قراءتي للقصيدة مقطعة عروضيا لتستمع إليها:

http://www.youtube.com/watch?v=2nEKScqaPFk

أحبُّكِ، أو لا أحبُّكِ

للشاعر محمود درويش

أحبُّكِ، أو لا أحبُّكِ..

أذهبُ، أتركُ خلفي

عناوينَ قابلةً للضياعْ.

أحبْبُ ـ كِ أوْ لا ـ أحبْبُ ـ كِ أذْهَـ ـ بُ أتْرُ ـ كُ خلْفي ـ عنَاوي ـ نَ قَابِ ـ لَتَنْ لِضْ ـ ضيَاعْ

وأنتظرُ العائدينَ،

وهم يعرفونَ مواعيدَ موتي

وأنْتَ ـ ظِرُلْ عَا ـ ئدينَ ـ وَهُمْ يَعْ ـ رِفُونَ ـ موَاعي ـ دَ موتي

ويأتونَ..

أنتِ التي لا أحبُّكِ حينَ أحبّكِ..

أسوارُ بابلَ ضيّقةٌ في النهارِ،

ويأْتو ـ نَ أنتِلْ ـ لَتِي لا ـ أحبْبُ ـ كِ حينَ ـ أحبْبُ ـ كِ أسْوَا ـ رُ بَابِ ـ لَ ضيْيِ ـ قَتُنْ فِنْ ـ نَهَارِ

وعيناكِ واسعتانِ،

ووجهُكِ منتشرٌ في الشعاعْ

وَعينَا ـ كِ وَاسِ ـ عَتَانِ ـ ووجْهُ ـ كِ منْتَ ـ شِرُنْ فِشْ ـ شُعَاعْ

كأنكِ لم تولدي بعدُ..

لم نفترقْ بعدُ..

لم تصرعيني

كأنْنَ ـ كِ لَمْ تُو ـ لَدي بَعْ ـ دُ لَمْ نَفْ ـ تَرِقْ بَعْ ـ دُ لَمْ تَصْ ـ رَعيني

وفوقَ سطوحِ الزوابعِ

كلُّ كلامٍ جميلٌ،

وفوقَ ـ سطوحِزْ ـ زوَابِ ـ عِ كلْلُ ـ كلامِنْ ـ جميلُنْ

وكلُّ لقاءٍ وداعْ

وكلْلُ ـ لقَاءِنْ ـ ودَاعْ

وما بيننا غيرُ هذا اللقاءِ،

ومَا بَيْ ـ نَنَا غَيْ ـ رُ هَاذَلْ ـ لقَاءِ

وما بينَنا غيرُ هذا الوداعْ.

ومَا بَيْ ـ نَنَا غَيْ ـ رُ هَاذَلْ ـ ودَاعْ

أحبُّكِ، أو لا أحبُّكِ

يهرُبُ مني حبيبي،

أحبْبُ ـ كِ أو لا ـ أحبْبُ ـ كِ يَهْرُ ـ بُ مِنْني ـ حبيبي

وأشعرُ أنكِ لا شيءَ أو كلُّ شيءٍ

وأشْعُ ـ رُ أنْنَ ـ كِ لا شَيْ ـ ءَ أَوْ كُلْ ـ لُ شَيئِنْ

وأنكِ قابلةٌ للضياعْ

وأنْنَ ـ كِ قَابِ ـ لتُنْ لِضْ ـ ضيَاعْ

أريدُكِ، أو لا أريدُكِ

إنَّ خريرَ الجداولِ مُحترقٌ بِدَمي،

ذاتَ يومٍ أراكِ، وأذهبْ

أريدُ ـ كِ أو لا ـ أريدُ ـ كِ إنْنَ ـ خريرَلْ ـ جدَاو ـ لِ مُحْتَ ـ رِقُنْ بِ ـ دَمي ذَا ـ تَ يَومِنْ ـ أرَاكِ ـ وأذْهبْ

وحاولتُ أن أستعيدَ صداقةَ أشياءَ غابتْ..

نجحتُ

وحَاولْ ـ تُ أنْ أسْ ـ تعيدَ ـ صدَاقَ ـ تَ أشيَا ـ ءَ غَابتْ ـ نجحْتُ

وحاولتُ أن أتباهى بعينينِ تتّسعانِ لكلِّ خريفٍ..

نجحتُ

وحَاولْ ـ تُ أنْ أَ ـ تبَاهى ـ بِعَيْنَيْ ـ نِ تَتْتَ ـ سِعَانِ ـ لكلْلِ ـ خريفِنْ ـ نجحْتُ

وحاولتُ أن أرسُمَ اسْمًا

يُلائمُ زيتونةً حولَ خاصرةٍ

فتناسلَ كوكبْ.

وحَاولْ ـ تُ أنْ أرْ ـ سُمَسْ مَنْ ـ يُلائِ ـ مُ زَيتُو ـ نَتَنْ حوْ ـ لَ خَاصِ ـ رتِنْ فَ ـ تنَاسَ ـ لَ كوكبْ

أريدُكِ حينَ أقولُ أنا لا أريدُكِ..

وجهي تساقطَ..

نهرٌ بعيدٌ يُذوّبُ جسمي

أريدُ ـ كِ حينَ ـ أقولُ ـ أنَا لا ـ أريدُ ـ كِ وجْهي ـ تَسَاقَ ـ طَ نَهْرُنْ ـ بَعيدُنْ ـ يُذَوْوِ ـ بُ جسْمي

وفي السوقِ باعوا دَمِي كالحَساءِ المُعلّبْ

وَفِسْ سو ـ قِ بَاعو ـ دَمِي كَلْ ـ حَسَاءِلْ ـ مُعلْلبْ

أريدُكِ حينَ أقولُ أريدُكِ

يا امرأةً وضعتْ ساحلَ البحرِ في حِضنِها..

وبساتينَ آسيا على كَتفيها..

أريدُ ـ كِ حينَ ـ أقولُ ـ أريدُ ـ كِ يَمْرَ ـ أَتَنْ وَ ـ ضَعَتْ سَا ـ حِلَ لْبحْ ـ رِ في حِضْ ـ نِهَا وَ ـ بَسَاتِي ـ نَ آسيَا ـ على كَ ـ تِفَيْهَا

وكلَّ السلاسلِ في قلبِها.

وَكُلْلَسْ ـ سلاسِ ـ لِ في قلْ ـ بِهَا

أريدُكِ، أو لا أريدُكِ

إنَّ خريرَ الجداولِ،

إنَّ حفيفَ الصنوبرِ،

إنَّ هديرَ البحارِ،

وريشَ البلابلِ

محترقٌ في دَمِي..

ذاتَ يومٍ أراكِ، وأذهبْ

أريدُ ـ كِ أو لا ـ أريدُ ـ كِ إنْنَ ـ خريرَلْ ـ جدَاوِ ـ لِ إنْنَ ـ حفيفَصْ ـ صنوبَ ـ رِ إنْنَ ـ هديرَلْ ـ بحَارِ ـ وَرِيشَلْ ـ بلابِ ـ لِ مُحْتَ ـ رِقُنْ في ـ دَمِي ذَا ـ تَ يَومِنْ ـ أرَاكِ ـ وأذْهبْ

أغنّيكِ، أو لا أغنّيكِ

أَسكتُ،

أصرخُ..

لا موعدًا للصراخِ

أغنْني ـ كِ أو لا ـ أغنْني ـ كِ أَسْكُ ـ تُ أصْرُ ـ خُ لا مَوْ ـ عِدَنْ لِصْ ـ صُرَاخِ

ولا موعدًا للسكوتِ..

ولا مَو ـ عدَنْ لِسْ ـ سكوتِ

وأنتِ الصراخُ الوحيدُ

وأنْتِصْ ـ صرَاخُلْ ـ وحيدُ

وأنتِ السكوتُ الوحيدْ.

وأنتِسْ ـ سكوتُلْ ـ وحيدْ

تداخلَ جِلدي بحنجرتي..

تحت نافذتي تعبر الريحُ لابسةً حَرَسًا

والظلام بلا موعدٍ..

حين ينزل عن راحتَيَّ الجنودُ سأكتبُ شيئا.

تدَاخَ ـ لَ جِلْدي ـ بِحنْجَ ـ رتي تحْ ـ تَ نَافِ ـ ذَتِي تَعْ ـ بُرُرْ رِي ـ حُ لابِ ـ سَتَنْ حَ ـ رَسَنْ وَظْ ـ ظَلامُ ـ بلا مَوْ ـ عِدِنْ حي ـ نَ يَنْزِ ـ لُ عنْ رَا ـ حَتَيْيَلْ ـ جنودُ ـ سأكْتُ ـ بُ شيئَنْ

وحينَ سينزلُ عن قَدميَّ الجنودُ سأمشي قليلا..

وحينَ ـ سينْزِ ـ لُ عَنْ قَ ـ دَمَيْيَلْ ـ جنودُ ـ سأمْشي ـ قليلَنْ

وحينَ سيسقطُ عن ناظريَّ الجنودُ أراكِ..

وحينَ ـ سيسْقُ ـ طُ عنْ نَا ـ ظِرَيْيَلْ ـ جنودُ ـ أرَاكِ

أرى قامتي من جديدْ.

أرَى قَا ـ مَتِي مِنْ ـ جديدْ

أغنّيكِ، أو لا أغنّيكِ

أنتِ الغناء الوحيدْ

أغنْني ـ كِ أو لا ـ أغنْني ـ كِ أنْتِلْ ـ غنَاءُلْ ـ وحيدْ

وأنتِ تغنّيني لو سكتُّ..

وأنتِ ـ تُغَنْنِي ـ نَنِي لو ـ سكتْتُ

وأنتِ السكوتُ الوحيدْ.

وأنْتِسْ ـ سكوتُلْ ـ وحيدْ