أهم أقسام المدونة

الصفحات

الثلاثاء، 13 مارس 2012

أدب الشباب (2/3)

أدب الشباب في مصر في أربعة عقود
 (2/3)

إن كانت كتابات محمود سالم تصلح للأطفال في المرحلة الابتدائية (مع أن دار المعارف ودار الهلال تصنفانها على أنها موجهة لأعمار تبدأ من 13 عاما، وهذا مستحيل مع تطور الطفولة في عصر التلفاز والفضائيات والحاسب)، فإن كتابات د. نبيل فاروق تصلح للمرحلتين الإعدادية والثانوية، ولها دور هام في دفع قارئها إلى حب القراءة وحب اللغة العربية والمواد العلمية.. لكن الملاحظات تشير إلى أن بعض قراء د. نبيل فاروق يبدأون قراءته وعمرهم 10 أعوام، وكثيرين يستمرون في قراءته في المرحلة الجامعية وما بعدها.. (عن نفسي أنا مستمر في قراءته حتّى الآن J).
ولا شك في أن كل من ينتمي إلى جيلنا الذي قرأ د. نبيل فاروق بُعيد ظهوره، يشعر بأن هذا الرجل قد غير مسار حياته وأثر فيه تأثيرات كبيرة.
ومهما يقال عن ثبات أسلوب د. نبيل فاروق الأدبي، ففي هذا ميزة هائلة بالنسبة للمرحلة السنية التي تنجذب لقراءته أكثر، هي أنها تعمل على تشرب قرائه للألفاظ والصيغ الفصيحة التي يكتب بها، وهي لغة عربية قياسية سليمة متوسطة البلاغة لا غبار عليها، ولو أجادها قارئها فهذا هدف كبير يستحق الإشادة.
أما عن مضمون كتاباته، فهو أيضا يلائم المرحلة العمرية الموجه إليها.. ويحسب لهذا الرجل أنه رسم هدفه واستطاع الوصول إليه.. لقد حدد الكتابة للقاعدة العريضة في مرحلة ما قبل التشكل، وهي المرحلة التي يستطيع أن يكون فيها أقوى تأثيرا (وطبعا أكثر قراء).. فمن المعروف أنك كلما صعدت سلم الإبداع ازددت صعوبة وقل جمهورك، لأنك تتطلب جمهورا أكثر ثقافة ليتذوق إبداعك.. والمنطقة التي يكتب فيها د. نبيل فاروق تضمن له مليون قارئ، بينما لو صعدنا إلى مستوى كتاب الشعر الحديث برمزيته وغموضه فلن نجد بضع مئات من القراء أصلا!
لعل هذا يوضح مسألة تسطح الشخصيات وعدم عمقها في كتابات د. نبيل فاروق.. هذا مناسب تماما للسن التي كتبها لها، فالفكرة هي البطل والتشويق هو اسم اللعبة، ولا يوجد أحد في هذه السن لديه استعداد لأن يضيع وقته لفهم أحزان شخصية ومشاكلها وتناقضاتها.. المراهقون في تلك السن متحمسون متوهجون يبحثون عن المتعة والحماس والإثارة والجديد، فلماذا تغرقهم بهموم ومشاكل وأوحال نفسية؟!
هذا أيضا يوضح لماذا يكتشف بعض القراء فجأة أن أسلوب د. أحمد خالد توفيق أكثر روعة.. لقد صعدوا درجة د. نبيل فاروق ـ ومن دونها لم يكونوا ليصلوا إلى ما هو أعلى ـ وصاروا في المرحلة العمرية التي تؤهلهم لتذوق كتابات د. أحمد خالد توفيق، والذي أعلن بوضوح أنها موجهة للشباب في العشرينات، وهم جمهورها الأساسي فعلا، وإن كان هناك من قرائه من هم أصغر من ذلك قليلا.. لكن علينا أن نقر أن جزءا ليس بالهين من قراء د. نبيل فاروق يتوقفون عن القراءة بعد العشرينات ولا يقرأون لـ د. أحمد خالد!.. هذا عن ملاحظة شخصية لمن أعرفهم من حولي.
ويجب ألا ننسى أنه مهما كان إبداع د. أحمد خالد، فقد جاء ووجد الطريق ممهدة بكتابات د. نبيل فاروق، التي جمعت ملايين القراء لروايات مصرية للجيب.. تخيلوا فقط لو أن د. أحمد خالد قد أصدر أعماله مع دار نشر أخرى وتعثرت مبيعات أول كتابين أو ثلاثة، فهل كنا سنسمع عنه؟!
وقد كنت ـ مثل آخرين ـ قد وصلت في فترة ما إلى مرحلة الزهد في قراءة رجل المستحيل، ولكني أعترف أن التغييرات التي ألمت بالسلسلة في مراحلها الأخيرة أعادت إليها رونقها وصرت أقرأها بنفس الشغف والاستمتاع القديمين، وأندهش بأفكارها الجديدة وأبعادها السياسية التي تتصل بالواقع المعاصر.. أما ملف المستقبل فلم يفتر شغفي بها لحظة واحدة منذ بدأت قراءتها إلى اليوم، وهي محافظة على تألقها وتجددها، مثلها مثل كوكتيل 2000.. (كان هذا صحيحا إلى أن قرأت آخر عدد صدر من سلسلة ملف المستقبل بعنوان "الشمس الباردة"، وآخر عدد صدر  من سلسلة كوكتيل 2000 بعنوان النجم، فقط هبط مستوى العلم والخيال العلمي فيهما إلى الحضيض!!)
ولا ننسى أن د. نبيل فاروق كتب أكثر من 50 رواية ضمن سلسة ألغاز بوليسية محكمة اسمها "ع×2"، وهي من وجهة نظري أقوى من ألغاز المغامرين الخمسة، بالإضافة إلى سلسلة مذهلة اسمها "فارس الأندلس"، قدم فيها لمحة من التاريخ في صورة مغامرات.. ومن وجهة نظري أن "محمد سليمان عبد المالك" تأثر بالفكرة، وعزف عليها في سلسلة "لوتس" التي تدور فكرتها حول ما يشبه جهاز مخابرات في العصر الفرعوني، وهذا يحسب للاثنين على كل حال: الأستاذ والتلميذ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.