دون جوان رغما عني!!
كان عام 2012 كبيسا بالنسبة لشهر فبراير،
وبالنسبة لي أيضا.. فقد خسرت فيه ثلاث قصص حب دفعة واحدة!!
يبدو هذا غريبا وصادما حتى لي أنا نفسي،
فقد كنت أظنني مخلصا في الحب، ولا أستطيع أن أنتمي في نفس اللحظة إلا إلى امرأة
واحدة، وأنني لا يمكن أن أتلاعب بقلوب العذارى.. لكني اكتشفت مرعوبا أنني حطمت
كثيرا من القلوب دون أن أتعمد هذا!!
فقد كنت أحرص دائما أن أكون صريحا مع أي
فتاة أقترب منها، وفي الغالب كان هذا يؤدي إلى ترددها في قبول حبي، وانتهاء
التجربة قبل أن تبدأ.. وبالتالي كنت أواصل رحلتي المعقدة للبحث عن نصفي الآخر دون
أن ألتفت ورائي.
لكن ما يجعل الأمر يصير مزعجا ومأساويا، هو
أن تقرر إحداهن حسم ترددها متأخرا جدا، لتبدأ في اكتشاف أنها كانت تحبني بجنون بعد
أن يكون كل شيء قد انتهى!.. وفي الغالب يكون هذا الاكتشاف مقترنا بوهم أنني قد
تغيرت أو يمكن أن أتغير لأناسب طموحها في الحياة، وهو ما لم يحدث ولن يحدث أبدا!
والحقيقة أن مثل هذا الأمر لا يسبب لي أي
تأنيب ضمير، لأن الحياة اختيار، وكل إنسان مسئول عن اختياره.. لست ممن يخدعون
الآخرين أو أوهمهم بأني لست أنا، وبالتالي هم مسئولون مسئولية تامة عن أي قرار
يبنونه على ما صارحتهم به من حقائق.
وبناء على هذه الخلفية، وجدت نفسي فجأة
وفي مدى زمني قصير واقعا في تقاطع ثلاث دوائر من الماضي:
الأولى كانت تريدني أن أظل أتغزل فيها
بلا هدف.. وحتى بعد أن قطعتُ خطّ الرجعة، وصارت لرجل آخر، وجدتها مرة توهمه بالحب
بكلمات تعارض بها إحدى قصائدي القديمة لها!!.. وهو شيء لا يصيب أي رجل سَوِيّ سِوَى
بالاشمئزاز، فمن تَخُنْ رجلا تَخْنْ ألفا!!
والثانية نجحت أخيرا بعد خمس سنوات كاملة
في معرفة إن كانت تحبني أم لا!!.. متسرعة قليلا.. أليس كذلك؟!
وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي أخبرها
فيها أنني قرأت منذ أمد كل ما خبأته في صندوق أسرارها، وأُخبرها أنه لم يسعدني على
الإطلاق.. فأنا لا أحب ترددها.. حتى لو كنت أحبها.. ألم أقل لها هذا صراحة من قبل؟!..
ألم أطلب منها مواصلة حياتها دون أن تنتظر ما لن يجيء أبدا؟!
لهذا لم يصبني اعترافها المتأخر بالحب،
إلا بالشفقة عليها، وربما الغضب منها.. هذا اعتراف طالما طالبتها به، لكن حتى
حينما دعوتها هي وأسرتها لزيارتنا، وجدتها تخبرني في منزلي أنها لم تقرر بعد، فقلت
لها ساخرا: هل أتعبت نفسك وأهلك وقطعتم كل هذه المسافة لتقولي لي هذا؟!
فكان ترددها سببا ضمن أسباب كثيرة ومعقدة
لانتهاء الأمر قبل أن يبدأ!
ومن المفارقات، أن تسببت رسالة غامضة
منها في التوقيت الخطأ، في الكثير من الأضرار، لأني خلطت بينها وبين الفتاة الأولى،
مما دفعني إلى اتخاذ خطوة في غير توقيتها ندمت عليها فيما بعد!
أما الثالثة فقد تذكّرتْ أنها تحبني، فقط
عندما لم يعجبها خطيبها الذي لم يكن هناك ما يجبرها على القبول به في المقام
الأول!.. والأسوأ أنها قُدّمَتْ لي على طبق من ذهب، بينما ما زال في إصبعها خاتم
الذهب!.. نوع من اللعب على الحبلين تمجّه نفسي، والنتيجة أني تركتها تلعب على الحبل
الآخر غير مأسوف عليها!
والحقيقة أن سبب كل هذه الملهاة المأساوية
كان شيئا بسيطا جدا، هو أن أيا منهن لم تفهم من أنا وماذا أريد مِن الحياة ومِن
المرأة أصلا، رغم كل محاولاتي المبكرة لتنبيههن إلى ذلك، كل منهن في حينها.
وربما كانت المشكلة أنهن صدقن الجزء الشاعر
مني، رغم أني أكّدت مرارا وتكرار أن الجزء المفكر مني هو الذي يحكمني ويحكم
تصرفاتي ويحدد أهدافي في الحياة، وأن خواطري أصدق من أشعاري، وأن مقالاتي أصدق من
كليهما.
لقد قلتها كثيرا: أنا أبحث في الحياة عمن
يفهمني لا عمن يحبني.. لعلي لهذا السبب أنجذب دائما لفتيات أقل جمالا لكن أكثر
عقلا وثقافة، باستثناء الفتاة الثالثة التي كانت ملكة جمال فعلا لكن بلا أي ثقافة،
لهذا لم أكتب لها إلا قصيدة واحدة، لم أنشرها ولم تعلم هي نفسها بها، ولم أحتج
وقتا طويلا لإخراجها من حياتي مبكرا، بعد أن فشلت كل محاولاتي لإعطائها مفاتيح عالمي.
نعم: ملكات الجمال اللاتي أصورهن في شعري
هن كذلك عندي فقط، وفي الغالب هن متوسطات الجمال أو أقل، لكني دائما أرى ما تحت
الجلود، وأفتش عما داخل الحقائب المبهرجة، ولا يشغلني الزجاج الملون عن البحث عن
الماس.. لهذا تكون كل فتاة أكتب عنها فريدة ومتفردة من حيث أراها بعقلي وقلبي وليس
بعيني فقط، وأسوأ شيء يحدث حينما تنسى هذا، وتظن أن غلافها الخارجي وحده يمكن أن
يمنحها نفوذا على قلبي وعقلي، يدفعني لتغيير مساري من أجلها، وأنها قد تعود إلى
حياتي دون زوال السبب الذي فرق بيننا في الأساس.
مزعج جدا أن أكتشف أنني شرير إلى هذا
الحد.. أليس كذلك؟
ولكنهن في الغالب لا يضيعن وقتهن، وتجيد
معظمهن سياسة اللعب على الحبلين.. لسن بهذه البراءة أيضا J
محمد
حمدي
21/1/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.