التقدم إلى الهاوية
مفهوم التقدم لدى معظم الناس لا يتعدى كلمة
الرفاهية، والعيش في بيوت فخمة مليئة بالكراكيب وامتلاك سيارات وأجهزة أكثر،
وارتداء ملابس مستوردة، وحصول أبنائهم على شهادات تبعدهم عن العمل اليدوي... إلخ..
وبهذه الطريقة تحول الوادي والدلتا إلى غابات قبيحة من الأسمنت وصرنا عاجزين عن
إطعام أنفسنا، إضافة إلى فشلنا في التحول إلى دولة صناعية..
مع كل مدرسة ومصنع يبنيان في الوادي والدلتا،
تدمر مساحات هائلة من الأراضي الزراعية، وتتحول إلى مساكن ومتاجر تبيع كماليات لا
قيمة لها..
ما لم تضخ الدولة كل نقودها لإنشاء مدن سكنية
وصناعية في صحاري مصر الشاسعة، فلن تتبقى أي أرض زراعية لنأكل منها.. الفلاحون
يريدون أن يبنوا لأبنائهم في الطين، ويطالبون الدولة بتوفير أراضي جديدة ليزرعوها
في الصحراء، وهذا أمر مقلوب ومستحيل اقتصاديا، وإن حدث فلن يذهبوا هم إلى هذه
الصحاري لأنهم اعتادوا الرفاهية ويريدون خدمات كاملة أولا.. وهذا يعني أن المدن
يجب أن تُنشأ في الصحراء أولا قبل استصلاح الأراضي الزراعية.
محاولة حل أي مشكلة من مشاكل الوادي والدلتا
والعاصمة الآن لن تكون إلا استمرارا للجري المفرغ في متاهة المشاكل المعقدة التي
لن تنتهي.. فكلما حلت مشكلة في القاهرة زادت جاذبيتها للسكان فأتى المزيد منهم
وضخموا المشاكل أكثر!!.. وكلما حلت مشكلة في الوادي والدلتا، زاد النشاط التجاري
والسكني مما يشجع على مزيد من تدمير الأراضي الزراعية!!
كل هذه مسكنات لمرض قاتل تزيده تدهورا!!..
والحل الوحيد في نظري، هو إنشاء عاصمة جديدة لمصر بين 6 أكتوبر والواحات، وإخراج
نصف السكان من الوادي والدلتا للحفاظ على ما بقي من الأرض الزراعية، وحل مشاكل
الازدحام والتلوث والمرور والسكن وغيرها من مشاكل مجتمعات الزحام.
نحتاج إلى تفكير ثوري بدون أي تأجيل، لأن
الثورة كانت إنذارا بأننا تجاوزنا مرحلة المسكنات والحلول الجزئية والنظر تحت
الأقدام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.