أهم أقسام المدونة

الصفحات

الأربعاء، 29 مايو 2013

بين العربية والفرعونية


بين العربية والفرعونية

 

كنت أقرأ دراسة جيدة بعنوان "اللغة المصرية القديمة بين المسيحية والإسلام"، حينما راودتني هذه التأملات:

من المؤكد أن لغات المنطقة كلها تعود إلى أصل واحد بما في ذلك الفرعونية، فقد كانت شعوب هذه المنطقة في حركة تواصل دائم.. (يقول علماء اللغات إن اللغة المصرية القديمة تنتمي إلى العائلة الأفرو آسيوية المنتشرة منذ القدم وحتى الوقت الحاضر؛ في شمال إفريقيا وشرق البحر المتوسط وغرب آسيا. وتضم هذه المجموعات لغات متحَدثة اليوم؛ مثل البربرية والكوشتية في شمال إفريقيا، والعربية والعبرية في الشرق الأوسط.. ومن الواضح أن اللغة المصرية القديمة بدأت تأخذ شكلها قبل تطور الفرعين الأفريقي والآسيوي إلى مجموعتيهما المنفصلتين الحاليتين، إذ أنهما تظلان تحتويان على ألفاظ من اللغة المصرية القديمة؛ خاصة تلك السائدة في عصر الدولة الحديثة)

وكمثال على التواصل بين شعوب هذه المنطقة تاريخيا، وبعيدا عن تاريخ الغزوات المعروفة، فننظر إلى قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي ولد في العراق وينتمي لقبيلة هاجرت من شبه الجزيرة العربية، ثم عبر النهر إلى الشام (ومن هنا جاء اسم العبرانيين) ثم جاء إلى مصر وتزوج السيدة هاجر المصرية ثم عاد إلى بيت المقدس ثم أخذ ابنه إسماعيل وأمه وتركهما في مكة.. وهي رحلة تؤكد سهولة التواصل اللغوي بين شعوب المنطقة في ذلك العهد (وإلا فكيف كانوا يتفاهمون؟)، كما تؤكد التصاهر والنسب بين شعوب المنطقة تاريخيا، فليس الإسلام فقط هو ما جمعنا، فالحقيقة أن كل الأديان فعلت هذا (وهذا واضح أيضا في قصص أنبياء الله يوسف وموسى وعيسى عليهم السلام).

وتقول بعض الدراسات إن الشعب المصري القديم قادم من شبه الجزية العربية واليمن عبر باب المندب ثم هاجر شمالا، أو قادم من الشام عبر سيناء.. ومن المؤكد أننا جميعا أبناء آدم عليه السلام، وأيا كانت المنطقة التي هبط فيها، فقد انتشر منها أبناؤه في أنحاء الأرض، ولا ريب أن هناك علاقة مؤكدة بين شعوب هذه المنطقة بسبب اتصالها جغرافيا، وبالتالي لغويا.

تذكروا أن هناك تيارا علمانيا معاديا للإسلام والعروبة، يحاول أن يصور أن الإسلام طمس هويتنا الثقافية.. وينسحب منظورهم هذا على الأدب في رفضهم للغة العربية الفصحى ودعوتهم للكتابة بالعامية باعتبارها لغة المصريين (مع أن معظم كلمات العامية عربية الأصل)!!.. بل يقولون إننا يجب أن نحرر الشعر من أوزان الخليل ابن أحمد، وقال أحدهم أمامي إنه قرأ قصائد قبطية فوجدها بدون وزن وإن المصريين القدماء لم يكونوا يتقيدون بهذه القيود، فسألته: "هل قرأتها بالقبطية؟".. فقال: "لا"!!.. فقلت: "هذه إذن نصوص مترجمة فكيف تبحث فيها عن أوزان؟".. ثم سألته: "هل عرف المصريون القدماء الغناء والمعازف؟".. فأجاب: "نعم"، فقلت له: "إذن فقد عرفوا الشعر الموزون، فكل أمة عرفت الغناء عرفت الشعر، وما وُزِنَ الشعر أصلا إلا لِيُغني".. ومن قبيل التحدي، وزنت له أغنية Frozen لمادونا على وزن البحر المتدارك، فلم يُحِر جوابا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.