هل تقديرات الأزمان
الجيولوجية دقيقة؟
لم
أثق يوما في الافتراضات الخاصة بالتأريخ باستخدام الكربون المشع.. هذا الاقتباس
بقلم برايان جون، من كتاب "فكرة الزمان عبر التاريخ"، المنشور في سلسلة
عالم المعرفة (يمكنكم تحميل السلسلة كلها من عشرات المكتبات الالكترونية)، أكد لي
أنني كنت محقا:
”نحن
نفترض في معظم الأحيان أن الـقـيـاس الزمني الإشعاعي صحيح، كما نشير في اغلب
الأحيان إلى العصور المقيسة بالإشعاع على أنها عصور مطلقة.. ويقـول دون آيـشـر Don Eicher في ختـام كتابه
«الزمان الجيولوجي» هذه العبارات: «... ما برحت الشكوك قائمة، إذ أن التقويم
المبني على القياس الإشعاعي قد يكون ـ بسبب مصدر غير متوقع للخطأ المنهجي ـ خاطئا
من أوله إلى آخره..» (صفحة 139).
وقد
ثبت فعلا أن بعض الافتراضات الأولى المبنية على التأريخ بالقياس الإشعاعي خاطئة،
واليوم أدخل عدد من التغيرات في حسـابـات الـعـصـور المقيسة بالإشعاع لم تكن تخطر
على بال منذ عقد من الـزمـان.. وقـد ثـبـت أيضا أن مواصفات الأجهزة المستخدمة في
التأريـخ بـالـقـيـاس الإشـعـاعـي يمكن أن تؤثر تأثيرا بالغا على النتائج التي
نحـصـل عـلـيـهـا.. وفـي الـتـأريخ بالكربون المشع كان هناك دائما افتراض أساسي هو
أن سرعة إنتاج الكربون 14 في الغلاف الجوي كانت موحدة خلال الزمن الماضي، ولكن
نعرف الآن أن هذا الافتراض يجانب الصواب، وأن التواريخ التي أمكن التوصل إليـهـا
بالكربون المشع عن ال 4500 سنة الماضية يمكن أن تكون مخطئة في حوالي 700 سنة..
ويزداد الخطأ باطراد قبل هذا التاريخ.. ورغم أن الجداول متاحة الآن لتصحيح هذه
التواريخ، فما برحت هناك انحرافات محيرة كثيرة تنشأ عندما تقارن المقاييس الزمنية
التاريخية (أي تـلـك الـقـائـمـة عـلـى الـتـاريـخ المسجل) بالحقب التي تحددت في
ضوء النباتات المتحجرة والكربون المشع.
ويتردد
كثيرا في أيامنا الادعاء بأن الحقب المقيسة بالكربون المشع يجب ألا نستند إليها
باعتبارها حقبا محسوبة حسابا حقيقيا بالسنة الشمسية، ومن يدرى فربما أننا إذا ما
أخضعنا التقنيات الأخرى للتأريخ بالقياس الإشعاعي لعمليات تفحّص دقيق كالتي تعرض
لها التأريخ بالكربون المشع، فقد تجابهنا مشكلات مماثلة بل وربما أشد حدة، بحيث
تـفـضـي إلـى إدخـال مـزيـد مـن التعديلات على الجدول الزمني للعصور الماضية.
وكما
أوضحنا في الفصل الثاني، ظل علماء الفلك أمدا طويلا يعتقدون أن معدل سرعة دوران
الأرض حول نفسها آخذ في النقصان ببطء، وأثبتت الحسابات أن طول اليوم يزيد بحوالي
ثانيتين كل 100000 سنة.. وفي خلال العصر الثـلاثـي Triassic
Period كانت أيام السـنـة 382 يوما تقريبا، أمـا فـي خلال العصر
الأردوفيسي Ordovicia period فكان عدد أيام
السنة 410 أيام، وفي بداية العصر الـكـمـبـري Cambrian
Period كانت أيام الـسـنـة 421 يومـا، ومدة اليوم 21 ساعة فحسب (ولا نريد
أن نمضي بعيدا بالطبع عـلـى هـذا المنوال، وإلا وصل اليوم في زمن تكوين الأرض إلى
18 دقيقة ليس إلا).. وإذا كان طول اليوم على كوكب الأرض قد اختلف على مر الزمان
الجيولوجي، فلماذا لا يختلف طول السنة; وأليس من الممكن أن تكـون قـد طـرأت عـلـى
الزمان الجيولوجـي اخـتـلالات عـارضـة كـتـلـك الـتـي ذهـب إلـيـهـا إيمانـويـل
فيليكوفـسـكـي Emmanuel Velikovsky في كتبه:
العوالـم تـتـصـادم Worlds in Collision و«حقب في العمـاء»
و«الأرض فـي حـالـة ثـوران»?
ويـؤثـر
مـعـظـم علماء الأرض تجاهل فيـلـيـكـوفـسـكـي وآخـريـن مـن أتـبـاع مـذهـب
الـكـوارث المحدثين، ولكننا لا نستطيع الزعم وعلـى الـرغـم ممـا فـي نـظـريـاتـهـم
مـن أغاليط كثيرة، أن مشكلات الزمان الجيولوجي قد حلت.. وعلى الرغم من أن هناك
خليطا مقنعا من تواريخ القياس الإشعـاعـي فـي مـتـنـاول أيـديـنـا، فما زلنا لا نستطيع
الادعاء بأن لدينا مقياسا للزمان المطلق.. فالزمان شيء لم يزل الجيولوجيون بعيدين
عن فهمه حق الفهـم، وإن كـانـت لـديـهـم رؤيـة للزمان قد تكون أشد واقعية من رؤية
الغالبية العظمى من الناس".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.