أهم أقسام المدونة

الصفحات

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

وَحــــدََك

وَحــــدََك

كل القوافلِ سافرتْ وصحوتَ وحدَكْ
الليلُ أخرسُ، والنجومُ كفيفةٌ
والبدرُ ماتَ من الأسى، والبردُ يفتِكْ
والريحُ أشباحٌ تجوبُ شوارعا نسيتْ نعالَ السائرينَ
ترومُ خَطْوَكْ
والرَّوضُ قفرٌ، والبيوتُ مقابرٌ
والوقتُ شيخٌ طاعنٌ يحتاجُ كفَّكْ
كلُّ الزمانِ الآنَ أنتَ
خريطةُ البُلدانِ أنتَ
مقاصدُ الأحداثِ أنتَ
الكونُ إنّكْ
هل يعرفونَ الآنَ أنّك؟
***
من دونِ صوتٍ، شاردا تمتمتَ: "لا أحدا"
حينا ونبّهكَ الصدى في لهفةٍ: "أحدا"!
في لمحةٍ ومضَ
في لمسةٍ وَ مضى
زرعتْ رؤاه بمقلتيكَ مَدى
أنستكَ أنفاسا كطَعْناتِ المُدى
هدأتْ نُبيضاتٌ كأناتِ الصدى
ورأيتَ، ثُمّ رأيتَ ثَمّ غدا
الآنَ يغمرُكَ الهُدى
الآن ينكشفُ الغطاءُ، الآنَ تهلكْ!
لا تُستَردَّ الآنَ.. مَهلَكْ
تَستلهمُ الأنوارُ ظلَكْ
تستدفئُ النجماتُ وجدَكْ
يستوحشُ الليلُ الدجى إن لم يضمَّكْ
فتآمروا،
ضنوا على الجثمانِ أن يختارَ لَحدَكْ
لا لستَ وحدَكْ
كلُّ القوافلِ في القفارِ، وحيدةٌ في التيه بعدَكْ
كل القوافلِ تحتمي بذئابها، وحللتَ أهلَكْ
كل القوافلِ تستطيبُ هوانَها، وبلغتَ مجدَكْ
كل القوافلِ آفلاتٌ في الرَّدَى، وعلوتَ خُلدَكْ
كل القوافلِ أنتَ كنتَ وَهُمْ هَمَوْا
وَهْما، وَهَى يجتازُ حدَّك
لتظلّ وحدَكَ أنتَ وحدَك!

محمد حمدي غانم
6/10/2009
(نشرت بديوان انتهاك حدود اللحظة)

هناك تعليقان (2):

  1. قصيدة جميلةٌ جداً و إن كانت تحتاج للفك بعض الشيئ.
    ذكرتني بشيئين:
    1- فن الواو في صعيد مصر؛ حيث يلعب الشاعر بالكلمات و يدمجها بكل حريةٍ حتي تحس أنك أمام متاهةٍ لفظية، و لا أقصد بالطبع أن قصيدتك معقدةٌ مثل قصائدهم، و لكني أقصد أن من لا يمتلك ذخيرةً لغويةً كذخيرتك يحتاج إلي مزيدٍ من التوضيح :)
    2- أبياتٌ من قصيدة (لا تصالح) لأمل دنقل، حين قال:

    أنت فارس هذا الزمان الوحيد
    و سواك المسوخ

    فهما يحملان نفس الجو المقبض الموحي بالاغتراب لشخصي بطل القصيدة عن واقعه المزري.

    ردحذف
  2. شكرا على نقدك الرائع م. وائل..
    الإيضاح الوحيد الممكن، جعلته عبر إهداء هذه القصيدة.. وهو إهداء نشرته معها في المنتديات ويوتيوب للتسهيل على القارئ العادي، لكني لم أنشره في الديوان ولا هنا، لأني خفت أن أحجر على ذوق القارئ المثقف..
    هذا هو الإهداء:
    هذه القصيدة أهديها إلى الناقد الدمياطي الراحل "مصطفى كامل سعد"، الذي مات وحيدا في شقته ولم تكتشف جثته إلا بعد أيام
    وأهديها إلى د. مصطفى محمود، الذي كان مريضا وقت كتابة هذه القصيدة ولم تتدخل الدولة لعلاجه أو إكرامه، ثم مات بعدها فلم يمشِ في جنازته أي من مسئوليها وهو أحد رموزها (وكان هذا أحد مؤشرات سقوط النظام السابق)
    وأهديها إلى كل مبدع هجره وطنه، يعاني وحيدا آلام المرض وسكرات الموت!

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.