أهم أقسام المدونة

الصفحات

الأحد، 9 يناير 2011

في عالم الموهوبين

في عالم الموهوبين

في ليلة مذهلة منذ خمسة عشر عاما لا يمكن أن أنساها ما حييت، حضرت مهرجان الربيع في دار العلوم، فسمعت شعر أحمد بلبولة ومحمد حسام خضر ومحمد شلبي ومحمد العساس، فكنت أدور حول نفسي طربا ـ فعليا وحرفيا ـ من روعة الشعر وحلاوته، وكانت الكلمات تتلعثم في حلقي وأنا أصف مقدار انبهاري لصديقي العزيز محمد طه (طالب الهندسة حينها والطبيب حاليا J ).
والمفاجأة المبهجة أن بلبولة والعساس وشلبي كانوا بلدياتي (من دمياط) ومحمد حسام كان طالبا في كلية الهندسة.. وهكذا لم تمر الليلة إلا وكنت أتعرف على الثلاثة الدمايطة في المدينة الجامعية، وتعرفت بعدها على محمد حسام في الكلية.. وهذا فتح أمامي الطريق للتعرف على باقي زمرة الشعراء الموهوبين، أمثال منتصر الكاشف، سامح محجوب، حسام جايل، نزار شهاب الدين، أمير رمزي، وكثيرين غيرهم، على رأسهم الصديق الشاعر الدمياطي سامح النجار، وهو لم يكن معنا في جامعة القاهرة، ولكنه صديق لدود لأحمد بلبولة أيضا، وصار أعز أصدقائي بعدها.
وحتى اليوم لم أصدق أن تجتمع في الجامعة معا كل هذه الأصوات الشابة الواعدة، في نفس الفترة.. كانت طفرة رأيتها تخبو تدريجيا مع تخرج كل واحد منهم، وكأنا كنا آخر جيل يصادق الكِتاب ويعشق الإبداع، فقد أتت من بعدنا أجيال اختطفتها ألعاب الفيديو والفضائيات والإنترنت، حتى صار من النادر أن نجد من يقرأ ما نكتبه ناهيكم عمن يكتب، ومعظم الموهوبين والمدونين اليوم يستسهلون كتابة العامية بسبب ضحالة لغتهم العربية، وقلة صبرهم على القراءة!
نافلة قول إنني تعلمت الشعر والعروض من هؤلاء العباقرة، وأخص منهم بالفضل د. أحمد بلبولة وم. محمد حسام وأ. سامح النجار، ولا يمكن أن أنكر فضل م. نزار أيضا رغم أننا كنا زملاء في نفس العام.
ورغم أن الحياة باعدت بيني وبين الكثيرين منهم، إلا أننا ندور في فلك واحد، فلنتقي على فترات تتقارب أو تتباعد.. فالأقرب سامح النجار الذي أقابله كثيرا، والأبعد محمد حسام خضر الذي كانت آخر مرة رأيته فيها في حفل توقيع ديوان الصديق الشاعر نزار شهاب الدين في مكتبة مبارك بالجيزة عام 2007.. وقد هجر محمد حسام الشعر بعد تخرجه، ومنغمس في تصميم المواقع، وله شهرة واسعة في هذا العالم.. وقد ذكرنا في آخر مقابلة ببت قديم له يقول فيه (أمهندس أم شاعر أم لست م الاثنين) وقال ضاحكا إن الإجابة كانت (لست من الاثنين)، فهو لم يعمل كمهندس، ولم يواصل كتابة الشعر!
أما د. أحمد بلبولة، فقد سار في مشواره الأكاديمي فحصل على الماجستير والدكتواره، وما زال يكتب الشعر.
وأنا وهو في شد وجذب دائمين.. نختلف ونتجافى كثيرا، ونتصافى ونتلاقى أكثر.. لكن علاقتنا شهدت فترة ذهبية عامي 2007 و 2008 قبل أن يسافر إلى كوريا الجنوبية.
وأحمد من نوع الشاعر الذي يعيش كشاعر.. وأحيانا كنت أذهب إليه في غرفته فأعرف من ملامح الإرهاق البادية عليه أنه أنهى قصيدة للتو، فكأنه ينزف كل حرف يكتبه، أو يقتطعه اقتطاعا من قلبه.. ولمثل هذا لم أتوقف عن الدهشة أمام كلماته، فأسأل نفسي من أي معجم يأتى بهذه الكلمات والمعاني.. ثم سرعان ما أدركت أنه يقتبسها من شعلة مشاعره، ويقتطفها من بستان خياله، ويقتطعها من روحه ذاتها.
وقد مر د. أحمد بلبولة بمرحلة أخرى في شعره أثناء عمله في رسالة الماجستير، ربما لتأثره بالشعر الصوفي.. وهي منطقة تقع خارج نطاق ذوقي، لهذا لم أتأثر بشعره فيها.
ويبدو أنه الآن يمر بمرحلة جديدة، تتبلور معالمها في أعماله الجديدة.. مرحلة أتلهف شوقا لتلمس معالمها، فقد أبلغني اليوم بصدور ديوانه "طريق الآلهة" عن دار شمس للنشر والتوزيع.. سأضع لكم نبذة عنه في الإدراج التالي بإذن الله.
وإني لأرجو مخلصا من د. أحمد أن ينشر أعماله القديمة التي تمثل أجمل ذكريات شبابنا وأحلامنا.. فإن كان ينظر إليها اليوم كمرحلة بدائية ـ وهي ليست كذلك بالنسبة لنا بالتأكيد ـ فعلى الأقل ليته ينشئ مدونة وينشرها عليها، كنوع من التأريخ لمساره الفني ورحلته الشعرية.
كل التهاني للصديق والأستاذ والشاعر د. أحمد بلبولة على صدور ديوانه، وأصدق تمنياتي له بدوام التوفيق والإبداع.
مبارك يا أبا شادن.

محمد حمدي غانم
8/1/2011



هناك تعليقان (2):

  1. أبو إياس (م. وائل حسن):
    للصحبة أثرٌ كبير علي مجري حياة الواحد منا؛ فالمرء علي دين خليله كما قال المعصوم صلي الله عليه و سلم، و أنا أحس بالفعل بهذا الأمر بشدةٍ كلما جلست مع واحدٍ من أقرب أصدقائي إلي، و دائماً ما يقول لي:
    لقد أكرمنا الله تعالي بأن كنا سوياً؛ فقد كانت صحبةً تأمر بالمعروف و تنهي عن المنكر حقا، و لولاها لتفلتنا و أكلتنا الدنيا.
    و لكن علي الرغم من وجود هذه الصحبة الرائعة إلا أنني لم أحس بذات إحساسك مع أصدقائك؛ فقد كنت أختلف مع أصدقائي المقربين للغاية في الهوايات و الميول، مما أدي إلي أن يصبح تقاربنا الفكري معزولاً عن الأمور التي أقضي جل وقتي فيها !
    و أعترف أنني عانيت و أعاني كثيراً بسبب هذا.

    ردحذف
  2. صدقت أبا إياس..
    رزقنا الله دائما بالصحبة الصالحة، ذات الميول المشتركة، والثقافات المتكاملة.
    تحياتي

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.