أهم أقسام المدونة

الصفحات

الأحد، 27 مارس 2011

الحضارة الغربية تلتهم نفسها

الحضارة الغربية تلتهم نفسها

ما يسمى بالحياة العصرية التي نحياها اليوم، هو نمط غربي مادي إلحادي استهلاكي مضاد للفطرة قبل أن يكون مضادا للأديان، وقد حكم الإسلام على هذا النمط بالانهيار من 1400 عام.. فلنوجز هذا هنا سريعا، وتفصيله يحتاج إلى مجلدات:
1-   (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) ـ (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط):
نمط الحضارة الغربية نمط استهلاكي، اقتصاده قائم على الإنتاج بالكتلة، وقصف عقول الناس بالدعاية المستمرة لإثارة شرههم للامتلاك، بل والتخلص من الأقدم باستمرار للحصول على الأحدث.. فمثلا، بمجرد تصنيع سيارة لها مرآة جانبية بمسّاحة، يتم إقناع الملايين بالتخلص من سياراتهم القديمة للحصول على الميزة الجديدة في الطراز الجديد!
هذا النمط سيبيد البشرية، بسبب الاعتماد على استنزاف موارد البيئة لإنتاج كميات أكبر من السلع لبيعها بسعر تنافسي، وتحقيق معدل نمو اقتصادي يقلل من نسبة البطالة، وهذا التصاعد الاستنزافي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، لأن الموارد في النهاية محدودة، ما يعني أن البيئة ستدمر بالكامل، والاقتصاد سينهار بالكامل لو استمررنا في إبادة النباتات والحيوانات، وتلويث البيئة، وقتل الإنسان بالأمراض الجسدية والنفسية والاجتماعية المصاحبة لكل هذا (على سبيل التأمل: نسبة الوفيات السنوية في الإمارات حوالي 1 في الألف، وفي السعودية 3 في الألف، وفي مصر 6 في الألف، وفي الولايات المتحدة 9 في الألف!!.. فبفضل تقدم أمريكا لديهم سرطانات أكثر، وإدمان أكثر، وإيدز أكثر، وانتحار أكثر، وحوادث سيارات أكثر، وجرائم قتل أكثر!)
2-  (ولا تقربوا الزنا، إنه كان فاحشة وساء سبيلا):
الإباحية الغربية دمرت الأسرة، فزادت معدلات العنوسة والطلاق، وصار ثلث الأطفال غير شرعيين ولا يعرفون آباءهم (كما في أمريكا وفرنسا)، وقل معدل الخصوبة وانقلب المنحنى السكاني، وصارت هذه الدول مهددة بالانقراض، لأن الرجل نفر من مسئولية الزواج، ما دام يحصل على متعته مجانا!.. والمرأة شغلتها طموحاتها الوهمية عن الزواج، وعند الزواج على مشارف الأربعين تكتشف أنها صارت عقيما، وتذهب للوقوف في طوابير التبني الطويلة، حيث تقول الإحصائيات إنه لكل طفل أبيض صحيح يولد في أمريكا، هناك عشرون زوجا وزوجة ينتظرون تبنيه!
ملحوظة: تقول الآية (ولا تقربوا الزنا)، ولم تقل ولا تزنوا.. هذا معناه أن كل منظومة الاختلاط والصداقة بين الجنسين، والموضات والعري، وانفلات المرأة من حجاب بيتها، والإعلام الفاحش والأدب البذيء، كلها داخلة في السياق.
3-  (يمحق الله الربا ويربي الصدقات):
الاقتصاد العالمي الحالي كله اقتصاد ربوي.. والربا يعمل على تركز الثروات في أيدي المرابين على المدى الطويل، وبالتالي إفلاس المستدينين باربا في نهاية المطاف بسبب العبء الإضافي المفروض عليهم، مما يؤدي إلى انهيار كل الشركات والمؤسسات وفقدان الوظائف وتراجع التجارة والبيع والشراء، وهو ما يؤدي إلى خسارة كل المشاركين في الاقتصاد حتى لو لم يتعاملوا بالربا، وفي هذا الوضع الكارثي تنهار قيم الأصول (كالأراضي والعقارات) بسبب انخفاض الطلب، ويجد حتى المرابون أنفسهم مفلسين ولا قيمة لما يمتلكونه من نقود وأصول بسبب انهيار الاقتصاد.. وفي هذه الحالة يجب أن يعاد توزيع الثروات من جديد لإنعاش الاقتصاد، وهو ما فعلته حكومات أمريكا وأوروبا في الأزمة الأخيرة، وما أدى بالتبعية إلى تحميل المواطنين فاتورة الأزمة التي خلقها المرابون، وسقوط حكومات أوروبا في أزمة ديون وبدأ حالة التقشف.. ومن يراقب اقتصاد العالم، سيعلم أن هذه الأزمات تحدث دوريا بسبب الربا، وأن بنك انجلترا خفض الفائدة الربوية إلى أقل من نصف بالمئة بعد الأزمة، ومنذ عدة أيام خفضت اليابان الفائدة إلى الصفر تقريبا (0.2% وهي نسبة لا تكاد تغطي المصاريف الإدارية للبنك!!) وهو ما يؤكد أن الاقتصاد الأمثل هو الذي تكون فيه الفائدة = صفر.. أي اقتصاد غير ربوي.
4-   سنة الدفع (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض):
الحضارة الغربية حضارة مبنية على الاحتلال والسرقة لحل كل مشاكلها التي سبق إيضاحها.. لكن كما يحدث بين اللصوص دائما، فإنهم يتقاتلون في النهاية للحصول على نصيب أكبر.. ولولا الحربان العالميتان الأولى والثانية لكان هؤلاء اللصوص ما زالوا يحتلون العالم كله إلى اليوم!
وقد رأينا كيف اندفعت أمريكا كالثور الأعمى لتورط نفسها في حربين معا في نفس الوقت، من أجل سرقة ثروات أفغانستان والعراق، فكانت النتيجة خسائر مادية وبشرية هائلة (ولا نحتاج لذكاء لنعرف من كان يساند المقاومة في هاتين الدولتين من أعداء أمريكا)، وكل هذا مهد للأزمة المالية العالمية، التي جرّت أوروبا إلى أزمة اقتصادية وأزمة ديون سيادية، وصرنا نرى كل شعوب أوروبا تدفع مع الشعب الأمريكي ثمن جرائمهم، وأعلنت بريطانيا عن تقليص الإنفاق العسكري وتقليل جيشها بمقدار 17 ألف جندي، بل إنها ستتخلص من نصف مليون موظف من موظفي القطاع الحكومي في السنوات الثلاث القادمة!!.. واليوم نرى عملاء أمريكا في الوطن العربي يتساقطون واحدا تلو الآخر!
5- إهلاك القرى بظلمها (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا):
هذه سنة إلهية لا تتبدل، فإضافة إلى كل عوامل التدمير الذاتي السابقة، فإن الله سبحانه يسخّر جنوده لإهلاك الطغاة، لحماية عباده المستضعفين، واستجابة لدعوة المظلوم التي لا يردها سبحانه أبدا.. وقد رأينا في السنوات الأخيرة سلسلة من الكوارث البيئية التي حاقت بأمريكا وحلفائها وكبدتهم خسائر فادحة، لعل أخطرها إعصار كاترينا وبركان إيسلندا، كما أن عدة كوارث أخرى ضربت مناطق استراتيجية كلفت أمريكا الكثير، مثل زلزال هاييتي وهي محمية أمريكية تدخلت كثيرا للحفاظ على حكومتها العميلة، مما اضطرها إلى إرسال عشرة آلاف جندي وتكبد معونات ضخمة في الزلزال الأخير للمحافظة على تبعيتها لها!.. ومؤخرا رأينا تسونامي اليابان (وهي من حلفاء أمريكا الذين شاركوا في احتلال العراق) وما صاحبه من أزمة المفاعل النووي، وهو ما سيؤثر على الاقتصاد العالمي تأثيرا كبيرا، خاصة في مجال الاستثمار في الطاقة النووية ومعاملات تأمينها.


الخلاصة:
كل ما سبق يفسر قوله تعالى (إن الباطل كان زهوقا).. فلم يصفه سبحانه بالزاهق  (أي الهالك)، بل وصفه بصيغة المبالغة (زهوق) أي أنه سريع الهلاك لأنه كما شرحت في النقاط السابقة يهلك نفسه بنفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.