تعمدت أن أتأخر في رثائه علي أوفيه بعضا من حقه وما فعلت!
رحل أستاذي الحبيب عبد السلام البستاني مدرس الرياضيات
الذي لم أتشرف قط بأن يدّرس لي، لكنه - ولا أدري كيف - كان من أحب المدرسين إلى
قلبي منذ أن كنت في المرحلة الثانوية.. لكن لا غرابة، فهو من نفس الأصل الكريم
الذي نبت منه أستاذي إبراهيم البستاني، شقيقه الأكبر ومدرس الرياضيات أيضا الذي
تشرفت بتدريسه لي في بداية المرحلة الإعدادية لفترة قصيرة قبل أن يسافر، لكنه ترك
بصمة لم يَمحُها الزمن، حفظه الله وبارك فيه، وخالص تعازيّ له.
أذكر مرة أن أ. عبد السلام كان يزورنا في البيت فسألته عن
مسألة في تشابه المثلثات عجزت عن حلها، فنظر لرسمي للمسألة فاستعصت عليه لدقائق
فأخذها مني ووعدني بأن ينظر فيها في البيت.. وحينما رأيته في المرة التالية، قال
لي ضاحكا: سامحك الله، ظللت ساعات أحاول حلها بلا جدوى، ثم قررت أخيرا أن أنظر
لأصل المسألة في الكتاب، فاكتشفت أنك أخطأت في قراءة المسألة ورسمتها بشكل خاطئ
يستحيل حله!
وقد كان درسا مهما أن أقرأ المعطيات بدقة وأركز في رسم
المسألة بشكل صحيح، وهو درس يكفي وحده أن أدين له بالفضل ما حييت.
وقد ظل أ. عبد السلام يقابلني بنفس ابتسامته العذبة
وضحكته الصافية ويعاملني بنفس الود الأبوي في كل مرة رأيته فيها طوال ثلاثين عاما،
وهو أسلوبه العاديّ مع كل مع يعاملهم، فكان حقا بستانيا يزرع القلوب بزهر المحبة
والألفة.
رحمك الله أستاذي الحبيب، وجعل علمك وخلقك الطيب في
ميزان حسناتك، وجمعنا بك يوم القيامة في جنات الخلد.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.