هل يمكن أن تدور الشمس حول الأرض؟
المسافة بين الشمس والأرض حوالي 150
مليون كم.
تدور الأرض حول الشمس دورة كاملة في
365 يوما.. أي أنها تقطع مسافة تساوي محيط الدائرة التي نصف قطرها 150 مليون كم =
2 × 3.14 × 150 = 942 مليون كم.
هذا يعني أن سرعة دوران الأرض حول الشمس
= 942.000.000 ÷ (365 × 24) = 107 ألف كم في الساعة.
فلنر إذن ما الذي سيحدث لو جارينا من يزعمون
أن الشمس تدور حول الأرض:
في هذه الحالة يجب أن تقطع الشمس دورة
كاملة حول الأرض كل 24 ساعة، أي أن سرعتها يجب أن تكون 365 ضعف سرعة دوران الأرض
التي حسبناها أعلاه = 40 مليون كم / ساعة!!!
واضح طبعا أن هذه سرعة مستحيلة
بالنسبة لجرم سماوي بحجم الشمس:
أولا: لأن كتلة الأرض لا تستطيع منح الشمس
هذه السرعة المدارية (كتلة الشمس 330 ألف ضعف كتلة الأرض)، ولو دارت الشمس حول
الأرض بهذه السرعة الخرافية فهي كفيلة بإفلات الشمس من مدار الأرض والانطلاق في
الفضاء في خط مستقيم بعيدا لتتجمد الأرض إلى الصفر المطلق!!.. طبعا مجرد التفكير
في هذا الكلام يبدو كوميديا، لأن الأرض من المستحيل أن تجذب الشمس أصلا كما سنوضح
في النقطة التالية.
وثانيا: لأن الكتلة الأكبر تجذب الكتلة
الأصغر نحوها، والذي يمنع الأرض من السقوط في الشمس هو دورانها حولها بسرعة كبيرة
تمنحها طردا مركزيا كما يحدث في حركة المقلاع حينما تربط صخرة بحبل وتدورها حولك
بسرعة تمنع الحجر من السقوط على الأرض.. الحبل هو قوة الجذب التي تحافظ على الحجر
في مداره حولك، لكنك لو أفلته من يدك فسينطلق الحجر في خط مستقيم باتجاه المماس
لمداره في لحظة إفلاته، بفعل قوة الطرد المركزي.. ولو كان الحجر كبيرا وثقيلا جدا
فسينقطع الحبل حتى بدون أن تفلته أنت، وهذا يعني أنك يجب أن تختار حبلا قويا
يتناسب مع كتلة الحجر.. هذا بالضبط ما سيحدث لو كانت الأرض تدور حول الشمس، فيجب
أن تكون جاذبية الأـرض قوية جدا للحفاظ على الشمس في مدار حولها، وهذه الجاذبية
كانت ستسحقنا طبعا!!
لكن المشكلة الأكبر هي أن الأرض لو كانت ثابتة وحافظت بطريقة ما على دوران
الشمس حولها، لكانت الشمس شفطت الأرض وابتلعتها ابتلاعا منذ مليارات السنين، لأن
جاذبية الشمس أقوى من جاذبية الأرض، وثبوت الأرض لا يمنحها قوة طرد مركزي تسمح لها
بمقاومة جاذبية الشمس!!
وأتوقع هنا من أتباع هذه الفكاهة - ما داموا يقولون بأننا نرى الشمس ظاهريا
تشرق وتغرب إذن فهي تدور حول الأرض - أن يقولوا أيضا إن قرص الشمس صغير بدليل أننا
نراه في حجم طبق الغسيل، ولهذا فهو قريب من الأرض مثل القمر وليس بعيدا كما تكذب
علينا ناسا، وبالتالي يمكن أن يدور بسرعة كبيرة حول الأرض لأنها الأكبر حجما
وكتلة، دون أن يشكل هذا خطورة عليها.. طبعا هذا مستحيل يا ظريف، لأن الشمس لو كانت
صغيرة بهذا الحجم فلن تحدث فيها تفاعلات نووية إلا إن تكدست كتلتها على بعضها تحت
ضغط هائل وهذا لن يقلل من خطورتها بل على العكس يهدد بتحولها لثقب أسود وهذا أسوأ
مما كنت أتكلم عنه.. ناهيك طبعا أنها كانت ستبتلع القمر لأنه سيكون أقرب إليها
وربما يصطدم بها في هذا التصور الهزلي :D
ملحوظة: المفروض أن تسير الشمس والكواكب في خطوط مستقيمة، لكن جاذبية مركز
المجرة (الحبل) تجبر الشمس على الدوران حولها وتمنعها من الإفلات، وكذلك تمنع
جاذبية الشمس كواكبها من الانطلاق في الفضاء في خط مستقيم بلا هدف.. قوة الجاذبية
ليست مفهومة علميا حتى الآن، ولكن تأثيرها موصوف بقانون الجذب العام لنيوتن، الذي
ينص على أن التجاذب بين كتلتين يتناسب طرديا مع حاصل ضربهما، وعكسيا مع مربع المسافة
بينهما.. لهذا كلما تقارب الجسمان تزيد القوة بينهما بصورة كبيرة، وهذا يجب
الكواكب الأقرب للشمس أن تدور بسرعة أكبر لمحاولة الإفلات من السقوط فيها.. فمثلا
العام على كوكب عطارد يساوي 88 يوما فقط، لأنه يدور حول الشمس في مدار أصغر بسرعة
173 ألف كم في الساعة وهي أكبر من سرعة دوران الأرض (107 ألف كم/س) مع ملاحظة أن
كتلة الأرض أكبر 18 مرة من كتلة كوكب عطارد، وصغر كتلة عطارد تقلل انجذابه نحو
الشمس، ولهذا استطاع النجاة بسبب صغر حجمه وزيادة سرعته!
وثالثا: لأن ما رصدناه أن سرعة دوران الشمس
حول مركز المجرة هو 230 كم في الثانية أي حوالي 830 ألف كم في الساعة، وهي سرعة
هائلة، لكنها أقل من 2% فقط من سرعة 40 مليون كم في الساعة اللازمة لدوران الشمس
حول الأرض في زعم أنصار هذه الخرافة!
ورابعا: لأن الشمس كتلة غازية ملتهبة، وإن
جرت في الفضاء ب 50 ضعف سرعتها الحالية فستنفلت الغازات من غلافها الخارجي بشكل
أسرع لتتفتت وتنطفئ، أو تفقد كتلتها وينكمش حجمها وتتحول إلى قزم أبيض سريعا..
الشمس موجودة منذ 4.5 مليار سنة وفقدانها لكتلتها يحدث ببطء بسبب التفاعلات
النووية الاندماجية داخلها، وبسبب الانفجارات الشمسية التي تقذف شذرات من غلافها
في الفضاء ويقدر العلماء أنها في نصف عمرها ويمكن نظريا أن تعيش 4.5 مليار سنة
أخرى إلا أن يقضي الله سبحانه أمرا كان مفعولا (من لديه أي شيء يريد أن يفعله
فليتعجل قبل هذا التاريخ :D ).
وخامسا: لأن علم الفلك منذ آلاف السنين رصد
المجموعات النجمية، وقسم القبة السماوية إلى 12 برجا (مجموعة نجمية) تدخل كل
مجموعة منها في دائرة الرصد كل شهر (لهذا قُسّمت السنة إلى 12 شهرا)، وهذا لا يمكن
أن يحدث إلا لو كانت الأرض تدور حول الشمس ويتغير موضع رصد النجوم منها، فهذه
النجوم التي تبعد عنا ملايين ومليارات السنين الضوئية لا يمكن أن تكون هي أيضا
تدور حول الأرض، وإلا لكانت تدور حولها بسرعة تزيد عن سرعة الضوء نفسه!!.. الأرض
ليست مركز الكون يا أحمق، ولا يمكن أن تكون بكل الحسابات العلمية!
وأخيرا: لأن العلم تقدم والأقمار الصناعية
ومراصد الفضاء ترصد الكرة الأرضية وتتابع حركتها حول الشمس، وكل دول العالم لها
أقمار صناعية، ومن بينها دول إسلامية، ولا يعقل أن يتفقوا جميعا على الكذب عليك
بهذه الطريقة البلهاء، ببساطة لأن هذه القوانين العلمية هي التي صنع بها المهندسون
الأقمار الصناعية ووضعوها بها في مداراتها، ولو أن هذه القوانين ملفقة لما كنت
الآن تشاهد الفضائيات وتتحدث إلينا بهذه الخزعبلات على الإنترنت الذي صار إيلون
ماسك يبثه عبر شبكة أقمار ستارلنك الفضائية!
فأقول لمن يروج هذه الخرافات: توقف عن
الإلحاد في آيات الله وادعاء الأكاذيب على كتابه وتشكيك الناس في دينهم بتلفيق
تضارب كاذب بين القرآن والعلم.. أنت جاهل بالعلم وجاهل بالدين وجاهل باللغة، فتعلم
قبل أن تتكلم، وخذ العلم من أهله، فإنما يخشى الله من عباده العلماء.
محمد حمدي غانم
29 رمضان 1444
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.