هذه مدونة شخصية، تحتوي على أعمالي الأدبية والفكرية ومقالاتي البرمجية.
أهم أقسام المدونة
▼
الصفحات
▼
الأربعاء، 29 ديسمبر 2010
على صدر الزمان (5)
على صدر الزمان
-5-
قالت له بتعجّب:
-إنّكَ غريبُ الأطوار!
-هذا بالفعلِ ما دأبْتُ على إقناعِكِ به دهرا.
-أتتخيلُ أنّكَ إلى الآن، لم تُهْدِ لي أيّةَ زهرة؟!
- [أنغضَ رأسَه]: لن يمكنَكِ إلا أن تكوني امرأة!
-[بتحدٍّ]: وما بالُ النساءِ إذن؟
-تتعـلّقُ قلوبُهـنَّ بالجزئيّـات، ولا يستطعْـنَ الخـروجَ مِن أسْرِ المرحليّات.
-أنا أريدُ أن أعيشَ كلَّ لحظاتِ سعادتي.
-وهل لا تعيشينَها؟
-ماذا سيبقى لي منها إذا ذهبَتْ؟
-الذّكريات.
-وماذا سيعيدُ لي الذكرياتِ من بئرِ النسيان؟
-أَوَزهرةٌ محنّطةٌ في كتاب؟
-ألا تؤمنُ بالرموز؟
-أؤمنُ بالمعاني أكثر.
-لا بدَّ للمعاني من آنيةٍ تحملُها.
-لهذا أصبحْنا نعبدُ الآنيةَ ونُهرقُ المعاني.
-تطلّعُكَ الدائمُ خارجَ درقةِ المألوفِ إلى أجواءِ المجهولِ هو الذي سيحطّمُك يوما.
-لأنْ أكونَ حُطامًا، لهُوَ خيرٌ عِندي من أن أكونَ تمثالا، في مَيدانِ أبجديّاتِ الحياة.
-آها!.. أبجديّات.. أنتَ تُؤمنُ إذن أنّها أُسُس.
-أسسٌ وأطرٌ وقواعدُ وكتبُ تعليمات.. لا لا.. لا أستطيعُ أن أكونَ تكرارا.. ألا تفهمينَ ذلك؟
-لا أفهم.
-لماذا لا أكونُ أنا: أحبُّكِ كما أشعرُ بذلك.. أعبّرُ لكِ عن حبّي بدونِ كلماتٍ أو أشعارٍ أو زهور؟.. أتقدرينَ أن تخبريني: بماذا ستفيدُكِ زهرةٌ ستذبُل، وقد أعطيتُكِ قلبي للأبد؟
-ستُدخِلُ السرورَ على قلبي.. ألا يعنيكَ هذا؟
-ولماذا ستُدخل السرورَ على قلبِك؟
-...!
-أقولُ أنا لك.. لأنّكِ تبرْمَجْتِ على أنّ المحبَّ يُعطى لحبيبتِه زهرةً فتُدخلُ السـرورَ على قلبـِها.. أليسَ هذا مذكورًا بالنّـصِّ في كلِّ (كتالوجاتِ) الحبّ؟
-إنّكَ متمرّد.. أتدرى إلامَ سيقودُك تمرّدُك؟
-إلاما؟
-إلى رغبةٍ جامحةٍ في القلـبِ والتّبديـلِ والفوضى.. وبدلا مَن أن تكونَ (مُتمرّدًا) ستقلبُ أحرفَكَ لتصيرَ (مُتدمّرًا).. لَكَمْ أخشى عليكَ من نفسك!
-لَكَم أخشى على نفسي منك!
-أنا؟!
-لقد صارَ مصيري معلّقًا بك.. إذا لمْ تُؤمني بي فلن أصيرَ شيئا.. وإذا تخلَّيْتِ عنّي فلن أعودَ شيئا.. إنّ الزمانَ معـك، لم يَعُـدْ كما كانَ قبلَك، ولن يعودَ كما كانَ ـ بعدك.
-خِلْتُ أنّه لن يكونَ هناك (زمانٌ بَعدى).. خِلْتُ أنّكَ مَحَـوْتَ لفظةَ (بَعْدَكِ) من قاموسِكَ للأبد.
-إنّني أتخيّلُ الأسوأ.
-إنّكَ تنتوي الغدر.
-إنّكِ قطّةٌ غَيور!
-تُعاهدني إذن؟
-علاما؟
-على حذفِ كلمتَيْ (بَعْدَكَ) و (بَعْدَكِ) مِن قاموسَيْنا؟
-هذا مستحيل!
-لماذا؟!
-لأنّ قاموسي بالفعل، لم يَعُدْ يَحْوي سوى كلمةٍ واحدة: (أنتِ).
-[تنهّدَتْ في استسلام]: لا فائدة.. لن يُمكنَنى الحصولُ منكَ على حقٍّ أو باطلٍ أبدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.