المتابعون للمدونة

الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

موسيقى الشعر.. 4- التقطيع العروضي والتفعيلات

موسيقى الشعرِ العربي.. دروس مبسطة للهواة

بقلم محمد حمدي غانم
4- التقطيع العروضي والتفعيلات

وحداتٌ متكرّرة
عندما تسمعُ الشعرَ، تطربُ لما به من موسيقى.
هذه الموسيقى ناجمةٌ عن تكرارِ نغماتٍ معيّنةٍ على طولِ القصيدة.
وقد تعلّمنا في الدرسِ السابق، كيف نكتبُ الأبيات عروضيًّا، وكيف نعبّرُ عنها بالرموزِ الدالّةِ على الحروفِ المتحرّكةِ والساكنة.
الآن، تعالَ نطبّق ذلكَ على بيتينِ من معلّقةِ (عنترة)، ونرى: هل حقًّا ستعطينا الرموزُ وحداتٍ مميّزةً متكرّرةً أم لا.

الشطرة

هلاّ سألتِ القـومَ يا ابنةَ مـالكٍ

الكتابة العروضيّة

هلْـلا سـألْتلْ قومَ يبْـنةَ مالكـنْ

الرموز الصوتيّة

|o|o - ||o|o - |o| - |o|| - |o||o

الشطرة

إنْ كنْـتِ جاهـلةً بما لم تعـلمي

الكتابة العروضيّة

إنْ كنـْتِ جاهلتَنْ بما لـم تعـلمي

الرموز الصوتيّة

|o - |o| - |o|||o - ||o - |o - |o||o

الشطرة

يُخْبـرْكِ مَن شهـدَ الوقيعةَ أنّني

الكتابة العروضيّة

يُخْبرْكِ مَن شهـدلْ وقيعةَ أنْـنَني

الرموز الصوتيّة

|o|o| - |o - |||o - ||o|| - |o||o

الشطرة

أغْشى الوَغَى وأَعَفُّ عِندَ المَغْنَمِ

الكتابة العروضيّة

أغْشَلْ وَغَى وأَعَفْفُ عِندَلْ مَغْنَمي

الرموز الصوتيّة

|o|o - ||o - | - ||o| - |o|o - |o||o

و الآنَ فلنتأمّلْ جيّدًا الرموزَ الصوتيّةَ في الشطراتِ الأربع.. ماذا نلاحظ؟

الشطرة الأولى
|o|o - ||o|o - |o| - |o|| - |o||o
الشطرة الثانية
|o - |o| - |o|||o - ||o - |o - |o||o
الشطرة الثالثة
|o|o| - |o - |||o - ||o|| - |o||o
الشطرة الرابعة
|o|o - ||o - | - ||o| - |o|o - |o||o


التفعيلات
نلاحظُ أنَّ الرموزَ الصوتيّةَ للبيتين تتكوّنُ من مجموعتينِ متكرّرتين هما:
1-  (|o|o||o).
2-  (|||o||o).
إذن، فهناكَ حقًّا وحداتٌ متكرّرةٌ في القصيدة، هي التي تمنحُنا الإحساسَ الموسيقيّ.
هذه الوحداتُ أطلقَ عليها مكتشفُها (الخليلُ بنُ أحمد) اسم: التفعيلات.
وهي تُستخدمُ للتسهيل، فبدلا من أن نكتبَ الرموزَ الصوتيّةَ في كلِّ مرّة، سنستبدلُ بكلِّ مجموعةٍ من الرموزِ كلمةً مكافئةً لها (لها نفسُ الصوتِ ونفسُ الرموز).
فمثلا، المجموعةُ الأولى من الرموز، يمكنُ التعويض عنها بالتفعيلة "مُسْـتَفْعِلُنْ": (|o|o||o).
والمجموعةُ الثانيةُ يمكنُ التعويض عنها بالتفعيلة "مُتََفاعِـلُنْ": (|||o||o).

ولعلك تتساءل لماذا سمّى (الخليلُ) الوحداتِ الموسيقيّةَ "تفعيلات".. لقد اختارَ أسماءَها مشتقّةً من المادّة "فَعَلَ"، التي هي مادّةُ الميزانِ الصرفيّ.
ففي الصرفِ نقول:
"ذَهَبَتْ" على وزنِ "فَعَلَتْ"، و"استنْكَرَتْ" على وزنِ "اسْتـفْعَـلَتْ"، وهكذا.
بينما في العروضِ نقول:
"ذَهَبَتْ" على وزنِ "فَعِلُنْ"، و"استنْكرَتْ" على وزنِ "مُسْتفْعِلُنْ"، وهكذا.
والجدولُ التالي يسردُ بعضَ التفعيلاتِ الهاّمة.

التفعيلة

الرموزُ الصوتية

مثال
مَفْـعُولاتُ
|o|o|o|
شيءٌ فاتَ
مُفاعِلَتُنْ
||o|||o
بلا وَطَنٍ
مَفاعيلُنْ
||o|o|o
أنا حرٌّ
مُتَفاعِلُنْ
|||o||o
مُتفاوتٌ
مُسْـتفْعِلُنْ
|o|o||o
عُمْري أنا
فاعِلاتُنْ
|o||o|o
يا صديقي
فَعولُنْ
||o|o
أريني
فاعِـلُنْ
|o||o
دائمًا
فَعِـلُنْ
|||o
ثمَنٌ
فَعْـلُنْ
|o|o
كُنّا

هذه التفعيلات هي بمثابة الأبجديّة.. أيّ أنّ عليك حفظها جيّدا كما تحفظ الحروف العربيّة، لأنّنا سنستخدمها فيما بعد لوزن البحور.. (ولا تشغل نفسك من أين أتت هذه التفعيلات.. هكذا أرادها واضع علم العروض).


التقطيع العروضي
والآنَ، تعالَ نعودُ إلى بيتيْ (عنترة)، لنقسّمَهما إلى تفعيلاتِهما، مع ملاحظةِ أنَّ تقسيمَ كلماتِ الشطرةِ صوتيًّا إلى تفعيلات، يُسمّى بالتقطيع العروضيّ:

الشطــــرة:

هلاّ سألتِ القومَ يا ابـنةَ مـالـكٍ

الكتابةُ العروضيّة:
هلْـلا سألْـتلْ قـومَ يبْـنةَ مالـكنْ
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o - ||o|o - |o| - |o|| - |o||o

التقطــــيع:
هلْلا سألْ - تلْ قومَ يبْ - نةَ مالكنْ
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o||o - |o|o||o - |||o||o

التفعـــيلات:
مستفعلن مستفعلن متفاعلن

الشطــــرة

إنْ كنْتِ جاهلـةً بما لم تعلـمي
الكتابةُ العروضيّة:
إنْ كنْتِ جاهلتَـنْ بما لـم تعلـمي
الرموزُ الصوتيّة:

|o - |o| - |o|||o - ||o - |o - |o||o

التقطــــيع:
إنْ كنْتِ جا - هلتَنْ بما - لم تعلمي
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o||o - |||o||o - |o|o||o

التفعـــيلات:
مستفعلن متفاعلن مستفعلن

الشطــــرة

يُخْبـرْكِ مَـن شهدَ الوقيـعةَ أنّني
الكتابةُ العروضيّة:
يُخْبـرْكِ مَن شهدلْ وقيـعةَ أنْـنَني
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o| - |o - |||o - ||o|| - |o||o

التقطــــيع:
يُخْبرْكِ مَن - شهدلْ وقي - عةَ أنْنَني
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o||o - |||o||o - |||o||o

التفعـــيلات:

مستفعلن متفاعلن متفاعلن

الشطــــرة

أغْشى الوَغَى وأَعَـفُّ عِندَ المَغْنَمِ
الكتابةُ العروضيّة:
أغْشَلْ وَغَى وأَعَفْفُ عِندَلْ مَغْنَمي
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o - ||o - | - ||o| - |o|o - |o||o

التقطــــيع:
أغْشَلْ وَغَى - وأَعَفْفُ عِنْ دَلْ مَغْنَمي
الرموزُ الصوتيّة:

|o|o||o - |||o||o - |o|o||o

التفعـــيلات:

مستفعلن متفاعلن مستفعلن


وهكذا كما ترى، أصبحتْ لديكَ طريقةٌ رياضيّةٌ لمعرفةِ موسيقى الشعرِ العربيّ، حيثُ يمكنُكَ أن تعرفَ إن كانَتِ الأبياتُ موزونةً أم بها كسر.
قبل أن تسألني، دعني أطمئنك: لن يتضح لك الأساس الذي نقطّع على أساسه الأبيات إلى تفعيلات قبل أن ندرس البحور والتفعيلات المميزة لكل منها.. يبدو الأمر صعبا هه؟.. صدقني هو ليس كذلك.. تحلّ بالصبر فقط.
ولكن ماذا عنِ كتابةِ الشعر؟
قد يبدو لكَ أنّه من المستحيلِ أن يكتبَ الإنسانُ شعرًا جميلا غامرًا بالمعاني والأحاسيسِ، وهو يضعُ في ذهنِه هذه القواعدَ الموسيقيّة!
الذي يجبُ أن تعرفَه، هو أنَّ كبارَ شعراءِ الجاهليّةِ، قد كتبوا أبدعَ الشعرِ وأطربَه موسيقيًّا، دونَ أن يعرفوا بوجودِ هذه القواعد، بل إنَّ (الخليلَ بنَ أحمدَ) قد استنبطَها من أشعارِهم في الأساس.
إذن فكتابةُ الشعرِ تعتمدُ على الأذنِ الموسيقيّةِ والحسِّ الموسيقى، الأمرُ الذي يحتاجُ للكثيرِ من الاستماعِ والقراءةِ والتدريب.
ولكنَّ هذا لا يُغني عن تعلّمِ قواعدِ العروض، لأنّها تساعدُ المبتدئينَ على تدريبِ آذانِهم وحسِّهم الموسيقيّ، في وقت أسرع.
وكبداية، عليكَ أن تتمرّنَ على قراءةِ البيتينِ السابقينِ موسيقيًّا، بأن تردّدَ بصوتٍ مسموع:
هلْـلا سـألْ (مستفعلن) تِلْ قـومَ يَبْ (مستفعلن) نَةَ مالـكنْ (متفاعلن).
وهكذا .....


تدريبات
قطّعِ الأبياتِ التاليةَ عروضيًّا، واكتبِ التفعيلاتِ الدالّةَ عليها.. اكتب الرموز الصوتية للأبيات ثم حاول أن توافق هذه الرموز بتفعيلات مناسبة من تلك الموجودة في الجدول:
1-  إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياةَ فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ.
2-  و ليلٍ كموجِ البحرِ أرْخى سدولَه عليَّ بأمواجِ الهمومِ ليبْـتلي.
3-  ثاوٍ على صخْرٍ أصمَّ وليتَ لي قلبًا كهذي الصخرةِ الصمّاءِ.
***

الوزن (البحر)
عندَما درسَ (الخليلُ بنُ أحمدَ) عددًا كبيرًا من قصائدِ الشعرِ العربيّ، واكتشفَ التفعيلاتِ التي تتحكّمُ فيها، وجدَ أنّ هناكّ (15) نوعًا مختلفًا من موسيقى القصائدِ، سمّي كلَّ نوعٍ منها باسم: بحرِ الشِّعر.
وكلُّ بحرٍ منها ينشأُ عن تتابعِ تفعيلاتٍ معيّنةٍ داخلَ القصيدة.
فمثلاٌ: يُقالُ إنّ هذه القصيدةَ من بحرِ "الرَّجز"، إذا كانت تفعيلاتُ كلِّ شطرٍ فيها "مستفعلن مستفعلن مستفعلن"، فإذا دخلَ مع "مستفعلن" واحدةٌ أو أكثرُ من التفعيلةِ "متفاعلن" سُمِّيَ البحرُ باسمِ: "الكامل".
وقد سمّى (الخليلُ) وزنَ القصيدةَ باسمِ البحر، لأنَّ كلَّ وزنٍ منها يُشبهُ البحرَ اللا متناهي، تُوزنُ عليه أعدادٌ لا نهائيّةٌ من القصائد.
وكما ذكرنا: اكتشف الخليلُ (15) بحرًا، وزاد من بعدِه (الأخفشُ) بحرًا آخرَ سَّماهُ "المُتدارَك".
كما أنّ هناك بعضَ الأبحرِ المُهمَلة، التي لم يكتبْ فيها العربُ، أو كتبوا فيها نادرًا، مثلَ البحرِ "المتوفّر".
كما أنّ هناكَ عددًا من البحورِ المستحدثةِ مؤَخرًا مثلَ بحرِ "شوقي".
وهناك بحورٌ بسيطة، تتكوّنُ من تفعيلةٍ واحدةٍ متكرّرة، وهناكَ بحورٌ مركّبةٌ تتكوّنُ من تفعيلتينِ مختلفتين.
فما رأيُك لو أخذنا فكرةً عن البحورِ البسيطة؟
ستجدها سهلةً: تعالَ نتعلمها، ونكتب عليها القصائد.
و لكن...
لقد أدركَ (شهريار) الصباح، فسكتَ عنِ الكلامِ المباح!
انتظرْنا إذن في الدرسِ القادم إن شاء الله.

هناك 3 تعليقات:

  1. السلام عليكم

    أرجو أن تتكرم استاذي بتصفح ما يلي حول العروض الرقمي

    https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha

    http://arood.com/vb/?styleid=18

    شاكرا كل تقويم وتقييم

    خشان خشان

    ردحذف
  2. شكرا هاذا مفيد

    ردحذف
  3. شكرا هذا مفيد

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر