مواطن ومثقف وسياسي 2
من وجهة نظري، يجب أن يتمتع السياسي الناجح
ببعض سمات القائد الناجح، كالذكاء الاجتماعي، والشخصية الوالدية، وقوة الذاكرة
التي تتيح له تذكر وجوه الناس وأسماءهم وتفاصيل حياتهم، ليقابلهم بالبشاشة
والترحاب والتحية، ويسألهم عن أحوالهم وأحوال عوائلهم، ويسعى لحل مشاكلهم، وفض
المنازعات بينهم، فيكسب بذلك قلوبهم ويجمعهم حوله، وتتسع بهم شبكة علاقاته وصلاته
الاجتماعية، وبهذا يحصل على دعمهم وأصواتهم، ويستطيع استنهاضهم وحشدهم حوله إن
تطلب الأمر الضغط على الحكومة بطرق التظاهر السلمي أو الإضراب أو جمع التوقيعات.
ويخطئ من يظن أننا نريد أعضاء في مجلس النواب مهمتهم
الوحيدة أن يشرعوا لنا القوانين.. فالحقيقة أن مهنة تشريع القوانين لا تناسب الناس
الذين نختارهم سياسيا من دوائرنا بدون أي ضمانات علمية وتخصصية، وقد طالبت مرارا بقصر
التشريع على مجلس الشورى واختيار أعضائه من أهل العلم والتخصص بطريقة أخرى غير الانتخاب
الشعبي المباشر.
لكن أهم مهام عضو مجلس النواب، مراقبة الحكومة،
ونقل مشاكل دائرته إلى ممثليها والضغط لحلها.. فالنائب هو صوت دائرته أمام
الحكومة، ولا يمكن أن يقوم بهذه المهمة بدون أن يكون عضوا فاعلا في دائرته، يعيش
همومها ويتفاعل مع أهلها.. وهي أمور تتطلب المواصفات القيادية التي أشرت إلى بعضها
أعلاه.
أرجو أن تراعي الأحزاب الإسلامية هذه المعايير
عند اختيار مرشحيها في الانتخابات القادمة.. فالمسألة لا تتوقف على حجم العلم
والثقافة والتخصص ـ وهي مطلوبة ـ ولكن الأهم هو شخصية المرشح وتأثيره في الناس،
وثقتهم به، وبدونها لا يستطيع النائب تأدية دوره كاملا في المجلسين، خاصة مع حملات
التشويه الإعلامية الشرسة، التي ستجد أذنا مصغية من الناس، لو كانوا قد صوتوا لأشخاص
لا يعرفونهم ولا يرونهم في الواقع، ولكنهم اختاروهم لمجرد انتمائهم لأحزاب بعينها.
ولذا من المهم أيضا عقد لقاءات شهرية بين نواب
كل محافظة وشعبها، يشرحون فيها ما يفعلونه في المجلس، ويستطلعون آراء الناس، فيشعرونهم
أنهم شركاء فعليا في اتخاذ القرار، بحيث لا يقتصر الأمر على لقاء النائب مع نفر من
أعضاء حزبه، ففي النهاية هو نائب الدائرة كلها، وليس حزبه فقط.. وهذا أحد أهم
العوامل لكسب الحزب تأييد شرائح مختلفة من الناس من خارجه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.