لا أحد يستطيع أن ينكر وقوع أخطاء طبية جسيمة بعضها ناتج عن الإهمال أو غياب الضمير، لكن معاقبة أي طبيب تقتضي أولا أن توفر له تعليما جيدا، تدريبا جيدا، الإمكانيات الطبية، ساعات عمل آدمية، ومرتبا عادلا يتناسب مع سنوات تعليمه والجهد الذي يبذله والمخاطر التي يتعرض لها، وبعد هذا أعدمه إن أخطأ لو أردت!
حماية حق المريض يبدأ من إصلاح التعليم بشكل عام،
والتعليم الطبي بشكل خاص، وأكرر دائما ضرورة وجود مدارس ثانوية طبية فيها أطباء
بجوار المدرسين العاديين، وتركز على تأهيل الطالب للمهن الطبية المختلفة، لتسمح
باختصار سنوات تعلم الطب الطويلة، بحيث يبدأ الطالب في الجامعة دراسة التخصصات
المختلفة في أول عامين، ثم يختار التخصص في الأعوام الثلاثة التالية، ويتدرب عليه
في عامي الامتياز، وبهذا يتخرج متخصصا بعد 10 سنوات دراسية (تشمل الثانوية العامة)،
في سن 25 عاما، ويكتسب مزيد من الخبرة العملية بالعمل تحت أساتذة التخصص في
المستشفيات.. أما ما يحدث حاليا فهو إهدار للعمر والمال والجهد في تعليم قليل
الكفاءة يخرج وحوشا متعطشة لجيوب المرضى لتعويض العمر الضائع والزواج والإنجاب، أو
الهروب إلى الخارج لاختصار 20 عاما من العمل غير المجدي بمرتبات هزيلة.
مهما كان القانون قاسيا، فلا يمكنه إصلاح أسس
مهترئة، بل سيؤدي إلى مزيد من هروب الأطباء للخارج
وإلقاء الكثيرين منهم في السجن وتعطيل
المستشفيات وإيذاء كثير من المرضى بينما الأطباء في الحبس الاحتياطي، أو يستثمرون
فيهم في العيادات الخاصة لتحصيل مبالغ الغرامة والتعويضات!
العقاب وسيلة ردع، لكنه وحده لا يحل أي مشكلة من
جذورها.. أصلح المنظومة لتقل المشاكل، ثم عاقب النسبة القليلة المنفلتة أو معدومة
الضمير المتبقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.