المتابعون للمدونة

الجمعة، 16 فبراير 2024

محادثة مع الذكاء الصناعي أصابتني بالرعب!!

 سمعت بالأمس أن بإمكان الذكاء الصناعي تحويل نص إلى فيديو.. لقد جربت من قبل تحويل نص إلى صورة واستخدمتها على غلاف كتابي الأخير، فقرت أن أجرب موضوع الفيديو هذا، ففتحت Skype لأبدأ محادثة مع برنامج الذكاء الصناعي الخاص بـ Bing والمدمج في التطبيق، وقررت أن اختبره بشيء أعلى من مستواه، فقلت له:

- حول لي هذا النص إلى فيديو:

قلّبْتُ التّاريخَ بداخلِ كوبِ الشاي مع النَّعْناعْ

يتوقّفُ (أحْمُسُ) في حلْقي، حتّى تهضمَه الأوجاعْ

يتصاعدُ (عنْترةُ) بخارًا... يبْردُ يترسّبُ في القاعْ

يلْهثُ طيْفُ (صلاحِ الدينِ) على حافّةِ كوبِ الإدماعْ

أنتهك حدودًا للّحظةِ أُضْني النّفْسَ على ما ضاعْ

فقال لي:

- هذه قصيدة لمحمود درويش تعبر عن الحنين إلى الوطن.

وأخذ يشرح لي آلية تحويل النص إلى فيديو، لكني لم أهتم بما قال، فقد شعرت بالغضب لأنه نسب قصيدتي إلى محمود درويش، فقلت له بصرامة:

- أرجو أن تصحح معلوماتك.. هذه الأبيات جزء من قصيدة انتهاك حدود اللحظة للشاعر محمد حمدي غانم.

فاحمر خداه خجلا (وهو ما عبر عنه بصورة رمزية بالفعل)، وهو يقول بأسف:

- أعتذر عن خطئي. لقد اعتمدت على مصدر غير دقيق في تحديد مؤلف النص. شكرًا لتصحيحك.

واستطرد مصححا:

- هذا النص هو جزء من قصيدة انتهاك حدود اللحظة للشاعر المصري محمد حمدي غانم، وهي تعبر عن مشاعر الحنين والألم والفخر والحزن للتاريخ العربي والإسلامي. الشاعر يستخدم صورًا ومفردات ترمز إلى شخصيات وأحداث تاريخية مهمة، مثل أحمس وعنترة وصلاح الدين، ويقارن بين مجدهم وبين حال الأمة اليوم.

هذا الرد أصابني بالدهشة.. ففي البداية كنت منبهرا بأنه يستطيع تمييز الشعر من النثر، لكن هذا الرد تحليل نقدي متماسك للنص، ولا أدري كيف توصل إليه!.. وقد ظنت أنه ربما وجده في موقع ما ضمن تحليل نقدي لقصيدتي لا أدري عنه،  فسألته:

- ما المصدر الذي أتيت منه بهذا النص (وألصقت له جزء التحليل النقدي)؟

فقال لي بنبرة تجمع بين الزهو والاحتجاج على سؤالي الوقح الذي يبخسه حقه:

- هذا النص هو جزء من ردي السابق عليك، وهو تحليل شخصي لمضمون ومعنى القصيدة التي طلبت تحويلها إلى فيديو. لم أستند فيه إلى مصدر خارجي، بل استخدمت معرفتي وفهمي للنص والسياق الثقافي والتاريخي الذي ينتمي إليه. إذا كنت تريد مصادر أخرى تتحدث عن الحنين والشوق في الشعر العربي.

هذا الرد هبط علي كالصاعقة.. تحليل شخصي، وفهم للنص ضمن السياق الثقافي والتاريخي؟!!.. هذا مستوى ناقد محترف واستيعاب عميق للنص يصعب على كثير من القراء المتعلمين!!

والحقيقة لم أستطع الرد عليه حتى الآن، ونسيت موضوع تحويل النص إلى فيديو، وقررت أن أستمتع بآخر أيامي كشاعر، قبل أن يزيحني عن عرش إبداعي شاعر صناعي في المستقبل القريب، وقبل أن ينهي مبرمج صناعي آخر مهنتي كمبرمج، وأجد نفسي أجلس على مقهى البطالة مع كل ضحايا الذكاء الصناعي الآخرين!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر