استمتعت
بمشاهد فيلم "زيارة"، بطولة أحمد الريدي وصديقي المهندس حسام عبد
المنعم.. حسام يعمل في الإخراج أيضا، لكن هذا العمل ليس من إخراجه.. ومن المؤسف
أنني لم أشاهد هذا الفيلم من قبل رغم أنه من إنتاج 2012.. بالتأكيد لم تكن الأحداث
السياسية الملتهبة في ذلك الحين تسمح لأحد بترف مشاهدة الأفلام والمسرحيات.
تعرفت
على حسام في فريق المسرح بكلية الهندسة، وقد حاولنا في إحدى السنوات عمل مسرحية عن
الانتفاضة الفلسطينية أعطاني فكرتها وكتبت منها فصلين، لكن لم نستطع إكمالها بسبب
عدم التزام الزملاء الممثلين في الحضور :).. أظن أن قفشاتي عن الفيلمين المصريين
الشهيرين: "الرقّاصة لا تزال في جيبي" و "مهمة في تل أنابيب"
لم تنل استحسانهم :D
:D :D
ثم
حاول حسام بعدها بعام عمل مسرحية اسمها "المواطن مصري" أرسلها لي فأشرت
عليه بإضافة بعض الأفكار، لكن لا أذكر إن كان قد قدم المسرحية أم لا، لأني لم أكن
موجودا في القاهرة حينها، لكن أذكر أنه قال لي إن لقطة "وديتو الناس
فين" من إعلان فيلم "طباخ الريس" ذكرته بفكرتنا المشتركة في
المسرحية!.. لكن طبعا بعد مشاهدة الفيلم اتضح أن الفكرتين مختلفتان تماما.
نعود
إلى فيلم "زيارة".. هو فيلم قصير مدته ربع ساعة، مأخوذ عن مسرحية للكاتب
الراحل ألفريد فرج، وهو من عمالقة كتاب المسرح المصري والعربي، بسيط وعميق في آن،
ومدهش حتى الامتاع، ومتأثر بالتراث العربي والإسلامي.. قرأت له الكثير من الأعمال
في الفترة التي كنت ما زلت فيها أمسك الكتاب الورقي، قبل أن تصير كل ثقافتي رقمية
في السنوات الأخيرة.. هو اختيار موفق بالتأكيد، أضاف قيمة عالية للعمل عوضت إمكانيات
الإنتاج المحدودة، وتمحور العمل حول شخصيتين فقط.
لحسام
والريدي أكثر من عمل معا بهذه الصيغة، وهو جهد مشكور في محاولة تقديم فن هادف
بأبسط الإمكانيات، وسط تجاهل شركات الإنتاج الضخمة التي تصب الغثاء صبا على رؤوس
المشاهدين في الوطن العربي.
استدعى
العمل إلى ذهني ملحوظة سبق أن ذكرتها عن كتاب الخيال العلمي الجدد، وهي في الحقيقة
تصلح للتعميم على كل كتاب الدراما:
مشاهدة
الدراما وحدها هي أفضل وصفة لصنع كاتب دراما فاشل!
كاتب
الدراما الحقيقي يجب أن يقرأ أمهات الأدب والفن والفكر أولا قبل أن يحاول تقديم
خلطته للجمهور.. فالدراما في أغلب الأحيان تفقد الكثير من عمق الأدب والفكر، وتستسهل
إبهار المشاهد بالقدرات الإخراجية والألوان والأصوات والحركة والضحك والمواقف التي
تتلاعب بمشاعره مباشرة، دون اهتمام بعمق الفكرة ورقي الحوار، ووسط كل هذه الزخرف
يتم تمرير رسائل سياسية أو استهلاكية للعقل الباطن، بالاعتماد الرئيسي على تشويه
شخصيات معينة وتلميع أخرى، دون السماح للمتلقي بأي هامش للاختيار أو التفكير..
وهذا يجعل هذه الأعمال الدرامية مجرد تسلية تصل في أغلب الأحيان إلى كونها تسلية
هدامة!
هذا
دون أن تضع في الاعتبار المط والتطويل في الأعمال الدرامية خاصة المصرية منها
لتملأ 30 حلقة أو أكثر بدون مضمون، لأنها تباع بالساعة للقنوات الفضائية! (هذا
يجعل المسلسلات المصرية في الثمانينات أفضل وأعلى فنية بسبب تركيزها وقصرها وخلوها
من كثير من الهلس والفحش الذي تحشى به المسلسلات اليوم)
كم
أعاد لي فيلم "زيارة" الكثير من الذكريات الجميلة!
أرشحه
لكم لمشاهدته:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.