سر خطورة كورونا (كوفيد 19) يكمن في ضعفه!.. فهذا الفيروس العجيب
يمكن أن يحمله الشخص لمدة تتراوح بين 14 إلى 37 يوما بدون ظهور أي أعراض عليه لكنه
يستمر في توزيعه على آلاف الناس في البيت والشارع والمواصلات والعمل والمحال
التجارية، وهذا هو سبب فشل كل دول العالم في محاصرته.
لهذا لا يمكن أن تحدث المحاصرة الفعالة للفيروس إلا بحل من
ثلاثة:
1- حبس الناس كلهم في منازلهم إلى أن تتوقف وفيات الفيروس
نهائيا، لكن هذا سيقتلهم جوعا، ولو أطعمتهم الدولة على نفقتها فستفلس.
2- اكتشاف لقاح وعلاج، وهذا غير متوقع قريبا.
3- تحليل الفيروس لكل السكان بلا استثناء وعزل كل من يحملونه
في بيوتهم وتوفير الطعام لهم، وتكرار التحليل للمسموح لهم بالخروج للعمل.. هذا هو
الحل العملي الوحيد، وهو ما تحاول أمريكا والدول المتقدمة فعله بالتوسع في
المسحات.
الحل الأخير هو الأرخص اقتصاديا فخسارة الأطقم الطبية والكوادر
العلمية والوظيفية وملايين المواطنين أغلى من أي نقود، ولو استحكم الوباء فسيهدد
بانهيار الدولة كلها وليس القطاع الصحي فقط... وهذا معناه ضرورة توجيه كل أموال
وطاقات الدولة لإنشاء مصانع الأجهزة الطبية وأجهزة التحاليل وليس فقط الاكتفاء
باستيرادها.
من المتوقع أن يضرب هذا الوباء بعنف في الشتاء القادم، وقد تصل
الوفيات إلى 5 ملايين إنسان في شهور قليلة.. تذكروا أن مصر خسرت حوالي 100 ألف
قتيل بسبب الانفلونزا الإسبانية أثناء الحرب العالمية الأولى منذ قرن مضى، وخسرت
حوالي 400 ألف إنسان في عدة أوبئة ضربتها في فترة الحرب العالمية الثانية وما
بعدها.. تعداد سكان مصر حينها لم يكن يقارن بالعدد الحالي.
نسبة وفيات كورونا قد تصل إلى 6% من الإصابات، ولو تركنا الشعب
كله يصاب في فترة قصيرة، فسنخسر 6 مليون إنسان في عدة أشهر، ورغم أنه ليس عددا
كبيرا بالنسبة لتعداد السكان ولكنه سيدمر كثيرا من الأسر المصرية ويؤدي إلى إفلاس
قطاعات عمل كثيرة، وسيدمر المنظومة الصحية تماما لأن عدد الإصابات التي تحتاج إلى
رعاية طبية سيصل إلى حوالي 20 مليون إنسان نصفهم قد يحتاج إلى أجهزة تنفس صناعي،
كما أن خسارة 6% من الأطباء والممرضين والمدرسين وأساتذة الجامعة والمهندسين
والموظفين وضباط الجيش والشرطة والجيش (وسيكون معظمهم فوق سن 40 سنة أي القيادات) سيضع
الدولة على حافة الانهيار، وستتكفل الأزمة الاقتصادية العالمية القادمة بدفعها إلى
الهاوية!
باختصار: مصر تواجه شبح الانهيار بالوباء وتوابعه الاقتصادية
(غلاء السلع والغذاء، توقف السياحة وتقلص عائدات قناة السويس وتحويلات العاملين
بالخارج)، ولكني لا أرى أي تحركات جادة لاستباق الطوفان القادم.. أمامنا 4 شهور
فقط قد تتباطأ فيها وفيات الفيروس مع حرارة الصيف وستعطي إحساسا بالأمان الزائف
سيزيد من انتشار هذا الفيروس الصامت، قبل أن نفاجأ بانفجار الجائحة بعنف في الخريف
والشتاء.
الشهور الأربعة القادمة هي فرصتنا الأخيرة لعزل الفيروس وتوفير
الأدوية والمخزونات التموينية والاستفادة من موسم الأرز بتوجيه كل الفلاحين
لزراعته (مهما سحب من مخزون مياه السد العالي.. نحل كارثة الجوع العاجل أولا، ثم
نفكر في كارثة العطش الآجل لاحقا) وتخزينه ومنع تصديره نهائيا، ثم فعل المثل في
موسم القمح التالي، لأن المتوقع أن روسيا لن تسمح بتصدير القمح والذرة في ظل
الأزمة.
الدول التي استهترت تدفع الثمن، ولنا في أمريكا والبرازيل
عبرة، مع ملاحظة أن خسائر البرازيل وخسائرنا إن لحقنا بها ستكون جنونية فلا وجه
مقارنة مع التقدم الطبي في أمريكا وقوة صناعتها واقتصادها.
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا..
اللهم إنا نبرأ إليك من كل ظلم وكل ظالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.