امتحان التابلت
بعقلية لمبة الجاز
أمر مؤسف ان يتحول شيء جميل مثل إدخال الحاسوب اللوحي (التابلت)
لنظام التعليم المصري إلى ثورة طلابية في معظم محافظات مصر .. شيء لم يحدث في أي
دولة في العالم اعتمدت هذه التقنية.. مثال سيخلد في كل كتب الإدارة والتنمية
البشرية على سوء التخطيط والفوضى والاستعجال والفساد..... واللهم إني صائم!
كان من الواجب ان يتم تأجيل النظام الجديد بعد ان تأخر استيراد
التابلت (وهنا سؤال جوهري: لماذا يستوردونه أصلا بعد ان جعل د. مرسي مصانع الهيئة
العربية تصنع تابلت اينار وتم توزيعه على الطلبة بالفعل بعدها بعام،
واكتشفنا أن الهيئة العربية للتصنيع عندها خطوط إنتاج متقدمة لطباعة اللوحة الأم
وبعدة طبقات!!)
وكان من الواجب أيضا عمل امتحان تجريبي للتابلت لا يضاف
للمجموع قبل أسبوعين من امتحان نصف السنة واخر السنة الورقي التقليدي حتى يفهم
الطلبة النظام اولا قبل ان يتم تطبيقه عمليا في الصف الثاتي الثانوي.
لقد وصل بهم الفشل لافاق اسطورية، لدرجة ان اللقطة التي كانوا
يريدون اخذها بجوار نظام تعليم جديد وتقنية حديثة، انقلبت 180 درجة حتى خرج طلبة
وطالبات اولى ثانوي للشوارع في مشهد غير مسبوق ينادون بعودة النظام القديم
والامتحان الورقي وكأن مصر تسير عكس مسار التاريخ!
ومن رايي ان شركة تي اي داتا او جهاز تنظيم الاتصالات او وزازة
الاتصالات او الجهة المسيطرة على كل هؤلاء لها يد في فشل التجربة بسبب عدم كفاءة
الشبكة التي تحمل فوق طاقتها في كل مصر ولا يمكنها احتمال امتحان موحد على مستوى
الجمهورية، وكان من المنطقي ان تطلب الشركة من الوزارة تقسيم مواعيد الامتحان
لتخفيف الضغط، ما دام الامتحان مختلفا لكل طالب. هذا ما كان متوقعا بعد فشل اول
تجربة، لكن لا شيء يتغير في هذا البلد الا بعد الكارثة!
ومن المهم هنا ان اربط بين هذا الأمر وإطلاق شركة سبيس اكس
لشبكة أقمار صناعية لتوفير الانترنت الفضائي في كل مكان في العالم بسعر زهيد
وسرعات تبدأ من واحد جيجا بايت في الثانية!.. ولعل بعضكم رأي المنشور الهزلي الذي
ردت فيه شركة تي اي داتا على هذا الخبر بان مصر لن تسمح بتقديم هذه الخدمة!.. هذا
الاحتكار الخانق للانترنت في مصر قتل الاقتصاد المعلوماتي بسبب استحالة تشغيل
خوادم المواقع web servers هنا لانها لن تستطيع تلبية طلبات ملايين المستخدمين من كل مكان في
للعالم.. وقد رايتم ما حدث لنظام التابلت الجديد!.. لكن الأسوأ انها أيضا ضيعت 20
سنة كان يمكن ان يختلف شكل التعليم فيها جذريا في مصر حتى قبل ظهور التابلت،
بتحويل المدارس والجامعات إلى مواقع تفاعلية قي الوقت الحقيقي، وتزويدها بمعامل
افتراضية ثلاثية الأبعاد، وربطها بالجامعات والمؤسسات البحثية العالمية والمراصد
الفلكية والمختبرات وناسا وغير ذلك.. لكن كل هذا كان يستلزم منح المشتركين سرعات
هائلة بأثمان بخسة، كانت ميزانيات التعليم المهدرة بلا جدوى تكفي لدعمها! لكن
شركات المحمول والانترنت همها الاول ان تكبش المليارات من مستقبل الوطن.. كان من
الممكن حتى الا تحدث ثورة يناير لو كان الشباب قد أحسوا ان هناك تعليما حقيقيا
يفتح امامهم ابواب المستقبل وفرص عمل جديدة في مجال المعلوماتية تتيح لاصحاب
العقول منهم ان يصيروا مليارديرات لو ابتكروا تطبيقات جديدة ووفروا خوادم لتشغيلها
في مصر بدلا من ابتزاز مزودي الخدمة في الخارج.. اي شيء ذي قيمة بدلا من ان يفتح
كل شاب سايبر انترنت او محلا لبيع وصيانة المحمول!
لكن كل شيء في مصر يظل على وضعه إلى ان تحدث الكارثة!