المتابعون للمدونة

الاثنين، 28 فبراير 2011

لحظـةُ عشـق

لحظـةُ عشـق

كيمامتينِ قد التقينا فوقَ تلِّ الشوقِ والصمتُ احتوانا
لم تفترقْ نظراتُنا وتعانقتْ كفّانا
من نبضِنا نسقي الزهورَ براءةَ النجوى جُمانا
من حبِّنا صُغنا زمانا
ما فيه ليلُ الهمِّ حاصرَنا ولا الحزنُ اعترانا
***
كفراشتينِ، على جَناحِ الريحِ يحملُنا سَنانا
تَهمي بعينينا رُؤانا
كالراحلَيْنِ إلى فضاءٍ من ضياءٍ ليس يسلُكُه سِوانا
والحُلمُ يَهدينا مَدَانا
***
كالماثلَيْنِ بلا مَـثيلٍ، ضمّنا عشقٌ تَفرّدَ في سَمانا
لا أنتِ مثلُ الفاتناتِ الفانياتِ
ولا أنا أهوَى بعيني ما يُخادعُني مُزانا
فلقد عشقنا حينَ أغمضنا العيونَ
فأبصرَ القلبانِ والعقلانِ داخلَنا الجِنانا
فَدَنَى لِثغْرَينا جَنانا
***
كأَنَا وأنتِ
وليس يفصلُنا سوى جسدينِ من نورٍ تسامى في عُلانا
ألقيتُ قلبي في يديكِ
فصارَ لؤلؤةً تُضيءُ لنا
وكلِّ السائرينَ إلى هُدانا
وجعلتُ من عينيكِ محرابي
ومن سَكَنِي إليكِ ملاذَ أحلامي
ومن خوفي عليكِ نصالَ أشواكي
ومن همساتِكِ النشوى قُطوفَ ربيعِ ذكرانا
وجمعتُ عطرَ الياسمينِ
وضوءَ نجماتِ الثريا
وارتفافَ فراشةٍ تزدانُ ألوانا
وشرودَ حملانِ الروابي
وابتسامَ الفجرِ في ثغرِ الحقولِ
وعِقدَ أسرابِ النوارسِ
وائتلافَ حمامتينِ يثيرُ تَحنانا
وغزالةً بين الزنابقِ قربَ يَنبوعٍ يُداعبها النُعاسُ
وقشةً من عُشِّ عُصفورٍ  
وضحكةَ طفلةٍ تعدو لِقطّتِها
ورقصةَ موجةٍ رسمتْ لملاّحٍ شريدِ البحرِ شُطآنا
وغناءَ أزواجِ العنادلِ في الربيعِ
وخضرةَ الأشجارِ في غاباتِها العذراءِ
والغيثَ المسافرَ في السَّحابِ
وبهجةَ الترحابِ من بعدِ الغيابِ
وكلَّ ما تَهْوَيْنَ من أسمارِ نَجوانا
وعلى فُتوني واشتياقي والتهابِ لواعجي أشهدتُهم
وجعلتُهم تذكارَ لُقيانا
***
فلتشهدي
سأحبُّكُ الأمسَ البعيدَ،
وقد عشقتُكِ في غدي
وأحبُّكِ الآنَ
لا تعجبي
فإذا مضى الماضي مضى
وذَوَى كحلمٍ قد قضى
نرجو يعودُ مجددا
فَغَدَا غدا!
وغدًا زمانٌ لا يجيءُ، وإن أتى يوما مضى!
فجميعُ ما نحياه لحظتُنا التي لا تنقضي
فتصيرُ أزمانا
فانسَيْ زمانَكِ وانفضي
عنكِ المكانَا
فالآنَ لحظةُ عشقِنا
والآنَ كلُّ زمانِنا
ورحابُ هذا الشوقِ كلُّ نعيمِنا
وجمالُ دنيانا

محمد حمدي غانم،
18/7/2010

الأحد، 27 فبراير 2011

هل تم تعديل الدستور فعليا؟

هل تم تعديل الدستور فعليا؟

ما تم تعديله من بنود في الدستور أقل بكثير من المتوقع، حتى وإن كان باقي الدستور معرضا للتعديل بعد تعيين مجلس الشعب، فنحن الآن نملك فرصة تاريخية لتصحيح الكثير من الأوضاع المقلوبة، ولو تم تعيين رئيس بكل الصلاحيات المتاحة له حاليا (فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد الأعلى للشرطة، ويعين مجلس الوزراء والمحافظين ورؤساء الصحف والجامعات وعمداء الكليات.... إلخ)، فسيكون من الصعب تقليص هذه الصلاحيات بعد ذلك، حتى ولو كانت أقصى مدة له هي 8 سنوات فقط في فترتين.
على سبيل المثال لا الحصر:
-  يجب رفع الحد الأدنى لسن انتخاب الرئيس من 40 عاما إلى 50 عاما.. 40 عاما سن مناسبة لتعيين وزير أو رئيس وزراء، لكن رئيس الجمهورية يجب أن يمتلك خبرة إدارية وسياسية أكبر من هذا.. كما يجب ألا تزيد سن الرئيس في السلطة عن 65 عاما، لأن الشيخوخة تقلل المرونة الذهنية، وتجعل الشخص أقل قدرة على التفاهم وتقبل الحوار والاختلاف في الرأي، وتجعل الشخص أكثر عصبية، إضافة إلى أمراض الشيخوخة التي تجعل الرئيس أقل تركيزا، وتطيل فترات غيابه للعلاج.. هذا يعني أن الحد الأقصى لسن الترشح يجب ألا يزيد عن 61 عاما، ليحكم الشخص فترة رئاسية واحدة ويخرج وعمره 65 عاما.. أما من أراد الترشح لفترتين، فيجب أن يكون عمره أصغر من 57 عاما.. وعموما، يجب ألا يزيد عمر أي شخص في أي منصب من مناصب الدولة عن 65 عاما بأي شكل من الأشكال، وكلنا رأينا التخريف الذي كان يقوله شيخ الأزهر السابق بعد أن تجاوز الثمانين وهو في منصبه.. وليس معنى هذا أنا سنهدر الكفاءات، فالأشخاص الأكبر سنا يستطيعون أن يتفرغوا لكتابة مذكراتهم، والظهور في برامج الحوار على الفضائيات لاتحافنا بخبراتهم، كما يستطيع الرئيس والوزراء الاتصال بهم لاستشارتهم.. أما العمل الرسمي، فهناك سن للمعاش في الدولة، ولا يعقل أن نحيل الناس على المعاش في الستين، ليظل أشخاص آخرون يحكمون مؤسسات الدولة إلى الثمانين!!
-  يجب إلغاء المادة التي تتيح للرئيس حل مجلسي الشعب والشورى، فلا يعقل أن ينتخب الناس مجلسا فيحله الرئيس حينما لا يعجبه!!
-  يجب إلغاء كوتة النساء والعمال والفلاحين في مجلس الشعب، لأنها مهزلة تأتي بجهلة إلى مجلس يفترض فيه تشريع القوانين ومحاسبة المسئولين، كما أنها ضد حرية الاختيار (إذ ما ذنب أعضاء بعض الدوائر أن يفرض عليهم الاختيار بين مجموعة من النساء فحسب؟؟)، وتؤدي إلى تقسيم المجتمع عنصريا، وتفتح الباب أمام المطالبات بكوتة للمسيحيين وكوتة للبدو، وكوتة للنوبيين، وكوتة لوظائف وتخصصات أخرى!!
-  يجب أن يكون مرشح مجلس الشعب متعلما وحاصلا على شهادة جامعية على الأقل، وألا يكون مزدوج الجنسية أو متهربا من الخدمة العسكرية.
-  يجب إلغاء المادة التي تتيح لرئيس الجمهورية تعيين ثلث أعضاء مجلس الشورى، مع الاشتراط أن يكون أعضاء هذا المجلس من أساتذة الجامعات ورؤساء النقابات، على أن يتوزع الترشيح بالتساوي بين التخصصات المختلفة، لأن هذا المجلس يناقش القوانين، ومن المهازل أن يدخله أميون وحملة دبلومات!!
-  يجب وضع قواعد صارمة لمن يحق له التصويت في الانتخابات، وذلك برفع الحد الأدنى من 18 إلى 21 (سن الرشد) وألا يكون المصوت أميا، وبالنسبة لانتخابات رئيس الجمهورية، يجب اشتراط حصول المصوت على شهادة جامعية على الأقل، والأفضل أن يكون التصويت مقصورا على أساتذة الجامعات والقضاة ورؤساء النقابات وصفوة القوم.

بدون هذا، ستعود ريمة العقيمة إلى عادتها القديمة السقيمة، وسنظل ننتج عبد الناصر والسادات ومبارك والأشكيف المخيف، فنثور عليهم، وننتجهم، ونثور عليهم ... إلى ما لا نهاية!!

ثــــورة الأخـطـــاء

ثــــورة الأخـطـــاء

شَجَرَ البرْقُ، وزأرَ الرّعْدُ، ونَخَرَ البرْدُ عظامَ الليلْ
والرّيحُ تَصَاعَدُ إيقاعًا، والرعْبُ سيفْتتحُ الحَفْلْ
تعْدو الأشياءُ، وتَصْطفقُ الأبوابُ ويَحْتَدِمُ الهَولْ
تتناثرُ كتبي، أقلامي، أحْلامي، وبقايا العقْلْ
يتبعْثرُ أنْفي، أذنايَ، وعينايَ، وصمْتي والقَولْ
تتمزّقُ رُوحي، وضلوعي والنبضةُ وفؤادي الكهْلْ
وأنا في الريحٍِ كعُصْفورٍ لا يملِكُ ريشًا أو ذيْلْ
تتصارخُ حولي الأشياءُ وتَنجرفُ إلى وادي الثَّكْلْ
تتبدّدُ أعْشاشُ الطيرِ وتتمرّغُ هاماتُ النخْلْ
تتدحرجُ جُمْجمةُ السلبيّةِ لتدكَّ حصونَ النّملْ
تتطايرُ مُدُنُ الأخطاءِ وتنفجرُ فقاقيعُ الجَهْلْ
والناسُ جميعًا في هَلَعٍ تنقذفُ كحبّاتِ الرملْ
تتطوّحُ آلامُ الشيْخِ، رُؤَى الشّابِّ، وبسْماتُ الطّفْلْ
تسْتدْعي السُّحْبُ صواعقَها وتصبُّ على الأرضِ الويْلْ
يخْترقُ المطرُ الجدرانَ وتتطاحنُ أنيابُ السَّيلْ
ويُزمجرُ طُوفانٌ شَرِهٌ لا يتْركُ حَرْثًا أو نَسْلْ
تَحْتدمُ براكينٌ غَضْبَى وتُقهْقهُ وتدقُّ الطّبلْ
ويُدمْدمُ زلزالٌ أرْعنُ ويرجُّ العالَمَ في خَبْـلْ
تنْتفخُ الكرةُ الأرضيّةُ تنْفجرُ شظايا كالمُهْـلْ
تنتهكُ الأرْياحُ اللّحْظةَ، وكأنّا في يومِ الفَصْلْ

مقطع من قصيدة "الرياح"، من ديوان انتهاك حدود اللحظة
محمد حمدي غانم، 2000


الجمعة، 25 فبراير 2011

إلى الشعوب العربية التي لم تبدأ ثورتها بعد!

إلى الشعوب العربية التي لم تبدأ ثورتها بعد!
الـــــــــريـــــــــــــــــــــــاح


كان صباحًا صحْوًا، حينَ وجدتُ القُمْقُمَ بينَ الكُتُبِ
لغْزٌ برّاقٌ تتطاحنُ داخلَه الأرياحُ بغضبِ
جاهدْتُ لأفتْحَه قَسْرا فاسْـتعْصى، واستدعى عَجَبي
أنَّ الأرياحَ بداخلِه أخذتْ تتشكّلُ كالسُّحُبِ
واصْطنعتْ وجْهًا، كلّمني في صوتٍ كفحيحِ اللّهَبِ
قالتْ: "فلْتُرْدِفْ أسْئلتي بجوابٍ وافٍ مُقْتَضَبِ"
"إنْ أنتَ أصبْتَ ستملِكُني وأُريكَ القوّةَ عَنْ كَثَبِ"
"أمّا إنْ أخْفقْتَ فوَيْلَكَ: لنْ تَجِدَ مكانًا للهَرَبِ"
فاسْتهْوَتْ لُعْبتُها نفْسي، أنْصتُّ بقلبٍ مُرْتقبِ
"هلْ تعْرفُ بُلْدانًا تقْلبُ رأسَ الأشياءِ على عَقِِبِ؟"
"الدّينُ تراه كإ رهابٍ، والجَهْل كنوزًا مِن ذَهَبِ!"
"ضيَّعتِ الماضي والحاضرَ والآتي بضميرٍ خَرِبِ!"
"يطْعنُها الأعْداءُ فَتَغْرَقُ سكْرَى في اللهوِ وفي الطَرَبِ!"
"هلْ تعْرفُ شعْبًا مُنْقادًا يعْبُدُ تَمْثَالا من حَطَبِ؟"
"أطْعمهمْ ذُلا من جوعٍ، آمنهمْ موتًا من رُعُبِ!"
"هلْ تعْرفُ أحياءً موتى يبْدونَ كألواحِ الخشبِ؟"
"يمْشونَ بسلسلةِ القهْرِ إلى اللقْمةِ في وادي النَّصّبِ"
"ما معنى الخبْزِ لمقتولٍ؟.. ما معنى العزّةِ يا عربي؟"
أًلْجِمْتُ ولمْ أَسْطِعْ قَولا، فانتفضتْْ تضْحكُ في صَخَبِ
وانفجرتْ تنتهكُ القُمْقُمَ واللّحْظةَ وجميعَ الحِقَبِ


مقطع من قصيدة "الرياح"، من ديوان انتهاك حدود اللحظة
محمد حمدي غانم، 2000

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

القذافي يهدد الأمن القومي المصري

القذافي يهدد الأمن القومي المصري

لم يعد التدخل المصري في ليبيا واجبا إسلاميا أو عروبيا أو إنسانيا فحسب، بل صار ضرورة من ضرورات الأمن القومي المصري، فمجنون ليبيا يدمر الدولة الليبية وقصف مقرات الجيش ومخازن الذخيرة ودفع شعبه إلى إحراق مقرات الأمن والحكومة، وهذا سيؤدي لا محالة إلى تدخل قوات من الأمم المتحدة بقيادة أمريكا وبريطانيا وإيطاليا ليحتلوا ليبيا مجانا، تحت شعار حماية الشعب الليبي من الإبادة الجماعية وتأمين آبار النفط وحماية سواحل ليبيا، وإن كنت أرى أن السبب الرئيسي الذي سيجعلهم يقدمون على هذا، هو إرعاب الشعوب العربية الأخرى من مغبة الثورات التحررية، فالرسالة التي ستصلهم هي أنها ستؤدي إلى الخراب والقتل والاحتلال، وبهذا تستطيع أمريكا وأوروبا وقف انهيار الأنظمة العميلة لها في العالم العربي، والذي كنت أتوقع أن يمتد إلى أفريقيا وآسيا تباعا.
فإذا حدث هذا، وتدخلت قوات أجنبية في ليبيا، وظلت هناك إلى أمد لا يعلمه إلا الله، وأنشأت قواعد عسكرية لها في ليبيا بالاتفاق مع الحكومة العميلة الجديدة التي ستنصبها هناك كما فعلت في العراق، فستجد مصر نفسها محاصرة من كل اتجاه: فمن الشرق إسرائيل ومن الغرب ليبيا ومن الجنوب جنوب السودان، وهو وضع سيجعل الرئيس المصري القادم مجرد رهينة في يد الغرب، وغير قادر على اتخاذ أي قرار لتعمير مصر، لأنه سيحتاج إلى إنفاق عسكري هائل لتأمين حدود مصر الطويلة مع ليبيا والسودان (أكثر من 2000 كم)، وإلى الرضوخ إلى إملاءات أمريكا وإسرائيل حفاظا على حصة مصر من مياه النيل!
لكل هذا أقول إن مصر لا تملك إلى حلا واحدا عاجلا وفوريا، وهو القيام بضربة جوية عاجلة على كل المطارات الليبية، لإيقاف تدفق المرتزقة الأفارقة الذين يبيدون أهلنا في ليبيا، ولإيقاف الضربات الجوية التي يقوم بها مجنون ليبيا على المدنيين، ويمكن أن تشارك في هذه الضربة الجوية قوات من تونس والجزائر وشمال السودان، لأن احتلال ليبيا يهدد أمنها القومي جميعا، وفي هذه الحالة يجب أن يصدر قرار من جامعة الدول العربية لإعطاء الغطاء الشرعي لهذه الضربات.
غير هذا، لا أحد يعلم إلا الله ما الذي ستئول إليه الأوضاع في المنطقة كلها.

الاثنين، 21 فبراير 2011

شعب ليبيا يباد.. أين الجيش المصري؟

شعب ليبيا يباد.. أين الجيش المصري؟

سفاح ليبيا المجنون يقتل إخواننا بالطائرات والمدافع.. أين الجيش المصري والطيران المصري؟.. إن لم يكن تدخلنا الآن فرضا علينا من أجل الإسلام والعروبة والإنسانية وحق الجوار، فعلى الأقل من باب نفعي بحت: كسب ثقة الشعب الليبي سيمهد للوحدة بين البلدين، وهي كفيلة بحل كل مشاكل مصر وليبيا معا، فلدينا العمالة والخبرة، ولديهم النفط والثروات.
على الأقل فلنفتح المعبر أمام القوافل الطبية والإنسانية للعبور من مصر إلى بنغازي.
يا رب المستضعفين، انصر عبادك في ليبيا، وأرنا في القذافي وعائلته وكلابه يوما أسود.

هذه نهاية كل ظالم

السبت، 19 فبراير 2011

القذافي وعلي عبد الله صالح يتنافسان على برونزية الرحيل!

القذافي وعلي عبد الله صالح يتنافسان على برونزية الرحيل!

كل الحكام العرب ملة واحدة: حثالة، خونة، كلاب مسعورة، سفاحون، لا يترددون عن قتل شعوبهم للمحافظة على الثروات التي ينهبونها، لكنهم أغبياء لم يفهموا الدرس بعد، ولم يتعلموا من بطء فهم شين الهاربين، ولم يتعظوا من عناد اللا مبارك.. فكل قطرة دم يسفكونها تقربهم من نهايتهم، فالشعوب العربية اليوم تختلف جذريا عن الشعوب الخانعة التي حكموها طيلة العقود الماضية، فاليوم امتزج الغضب بالأمل بالحماس في نفوس الشباب، فصنع سبيكة ساحرة لا يمكن صهرها أو فلّها بأي وسيلة كانت.
وأنا أرشح القذافي لبرونزية السقوط، وأشهد له بالإبداع في الإجرام، فقد استجلب مرتزقة من الأفارقة بطائرات عسكرية، ليحتل بهم البلد الذي يحكمه ويقهر بهم شعبه!!.. هذا تفرد في الغباء لا يوصف، فقد جعل كثيرا من أفراد الشرطة والجيش ينضمون إلى الشعب الثائر لحماية بلدهم وأعراضهم من الغزاة!
والآن، هناك جرائم بشعة يرتكبها القذافي وكلابه ضد أهلنا في بنغازي ـ التي عشت فيها عاما كاملا في طفولتي ـ والقتلى يتساقطون بالعشرات أمام المدافع المضادة للطائرات التي يوجهونها إلى صدورهم، وإن شاء الله لن يذهب دمهم سدى، ولن يفلت هذا المجرم وكلابه من العقاب.
أما في اليمن فلا يختلف الوضع كثيرا، وبدأنا نسمع في اليومين الأخيرين عن إلقاء القنابل اليدوية على المتظاهرين العزل.. نفس الإجرام ونفس الوحشية والخسة والنذالة، والاستكلاب في التمسك بالسلطة.
اللهم انتقم من المجرمين، واحفظ عبادك وانصرهم فهم مظلومون ضعفاء لا نصير لهم غيرك، وطهر بلادنا من هؤلاء الحكام الخونة السفاحين، واستخلف غيرهم لا يكونون أمثالهم، يا رب العالمين.

ملحوظة:
ما يحدث الآن في الوطن العربي، أثبت فشل كل الأطروحات القُطرية التي روجها المتأمركون، فثورة تونس ألهمت مصر، التي ألهمت بدورها كل المظلومين في اليمن وليبيا والبحرين والكويت وجيبوتي والجزائر والأردن والعراق وحتى إيران وتركيا.. إنها أمة واحدة تعيش في منطقة واحدة، وأي شيء يحدث في أي جزء منها يؤثر على باقي الأجزاء، لهذا أرى أن ما يحدث الآن أحيا مشروع الوحدة العربية، بدون زعماء ولا منظّرين، فكل إنسان في الوطن العربي الآن يشعر بإخوانه من الخليج إلى المحيط، ويتفاعل مع ما يحدث لهم، ويستلهم تجاربهم، ويستدل بأحلامهم على الطريق.. وهذا ما كان عملاء أمريكا يحاولون قتله فينا طوال السنوات الماضية، فإذا بمحمد البوعزيزي يبعثه فجأة من حيث لم يحتسب أحد.
وأنا أقول إن سقوط ثالث رئيس عربي لن يؤدي إلى سقوط باقي الرؤساء والملوك العرب فحسب، بل سيمتد هذا إلى باقي شعوب القارة الأفريقية المطحونة، وسيمتد أيضا إلى باقي الدول الإسلامية غير العربية، وإلى جمهوريات آسيا الإسلامية التي يحتلها الروس والصينيون ولا يعترف باستقلالها أحد.. لقد انطلقت شرارة الحرية، ومع كل حاكم يسقط يتضاعف الأمل والحماس في النفوس، حتى يصير الشاب الأعزل أقوى من البندقية والمدرعة.
لعل هذا يفسر الصمت الأمريكي والأوروبي العجيب إزاء كل هذه الجرائم، رغم أنهم كانوا يتمنون يوما كهذا يصطادون فيه القذافي، لكن في ظل هذه الظروف، بقاء القذافي على كرسيه أحب إليهم من بقائهم هم على كراسيهم، فلو استمر تساقط أحجار الدومينو، فستفقد أمريكا وأوروبا كل سيطرتهما على ثروات بلادنا المنهوبة، وستخرج كل المردة من قماقمها، وتنقلب موازين القوى في العالم رأسا على عقب.
فسبحان الله الملك الحق، الذي ينصر عباده المستضعفين من حيث لا يحتسب أحد، وبأبسط الأسباب التي لا يتوقعها أحد.

دستور يا أسيادنا

دستور يا أسيادنا

حدثت ثورة 1919 في مصر منذ قرن من الزمان تقريبا، وكان من نتائجها أن أعلن الإنجليز استقلال مصر عام 1922 وأنشأوا لها دستورا وبرلمانا.. وكل هذا كان صوريا ولم يغير شيئا، فقد استمر الاحتلال الإنجليزي لمصر، وظلت السفارة البريطانية هي الحاكم الفعلي لها، حتى قامت ثورة 1952 وتم إجلاء الإنجليز عام 1954.. وقد ظلت مصر طوال ثلاثين عاما منذ إنشاء المجالس النيابية تدور في حلقة مفرغة من الصراعات الحزبية والانتخابات النزيهة والمزورة، والحكومات المنتخبة التي يعزلها الملك إما لعدم رضائه عنها، وإما بضغط الإنجليز، الذي وصل ذروته حينما حاصرت الدبابات الإنجليزية قصر الملك لإرغامه على إقالة الحكومة في 4 فبراير عام 1942!
وكان من نتيجة ذلك أن تلك الفترة شهدت مظاهرات سياسية مستمرة، كما شهدت العديد من الاغتيالات للساسة والوزراء، وهو تاريخ يجب ألا ينساه من يدعون الآن إلى الديمقراطية، وإلى الجمهورية البرلمانية تحديدا، وعليهم أن يتذكروا أيضا أن أحد أسباب قيام ثورة يوليو هو فساد الأحزاب والحياة السياسية، واقتناع ضباط الجيش باستحالة تغيير أي شيء في مصر بدون التدخل العسكري ليفرضوا التغيير بأنفسهم، وكان نتيجة هذا أنهم ألغوا الأحزاب تماما ولا أستطيع أن ألومهم على هذا!
لكل هذا أرجو ألا نعول كثيرا على فكرة تعديل الدستور وتغيير المجالس النيابية وكفى.. فهذه حيل تستخدم لتفريغ الغضب واحتواء الثورات، وكما أقول دائما: ثقافة الشعوب والمصالح المسيطرة هي ما يحكم فعليا وليس الكلام المكتوب على ورق الدساتير.
وعلينا أن نعي جيدا أن الديمقراطية في حقيقتها فكرة معوّقة وليست فكرة إصلاحية.. بمعنى أنها تستطيع أن تحد من سلطات الحاكم الدكتاتوري عن طريق رفض المجالس النيابية لقراراته.. لكن الديمقراطية ستعوق أيضا أي قرار إصلاحي بسبب عدم وجود أغلبية نيابية تستطيع تمرير قرارات الحاكم، وبسبب اختلاف التيارات السياسية في توجهاتها، واختلاف شرائح المجتمع في مصالحها.. ولنأخذ أمثلة:
-  هل يتخيل أحدكم أن الحاكم القادم يستطيع إغلاق مصانع السجائر والخمور ومنع استيرادها؟.. هل يستطيع حتى أن يفرض ضرائب مرتفعة عليها لتمويل وزارة الصحة لكي تعالج أضرارهما، بدلا من تحميل هذه الفاتورة على غير المدخنين وغير المدمنين؟
-       هل يمكن منع الفواحش التي ترتكب في القرى السياحية والملاهي الليلة وصالات القمار؟!
-  هل يمكن فرض قانون يمنع البناء على الأرض الزراعية نهائيا؟.. د. كمال الجنزوري فرضه بأمر الحاكم العسكري في التسعينيات، وقال إنه فعل ذلك لأنه أدرك أنه لن يستطيع تمريره في مجلس الشعب، رغم سيطرة أغلبية الحزب الحاكم عليه، لأن معظم النواب عمال وفلاحون أو نواب عن قرى، والناس تريد البناء على الأرض الزراعية!
-       هل يمكن إلغاء مجانية التعليم، مع دعم الدولة للمتفوقين فقط، لرفع كفاءة التعليم وتحقيق النهضة العلمية؟
ملحوظة: أدى قرار الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن بتحرير العبيد إلى قيام حرب أهلية في أمريكا، بسبب رفض ولايات الجنوب لهذا القرار لاعتمادها اقتصاديا على العبيد.. هذا مثال صارخ على ما يمكن أن يحدث عندما تتعارض الديمقراطية مع مصالح قطاع من الشعب!!
وقيسوا على هذا أي فكرة إصلاحية تخطر ببالكم، والتي ستواجهها معارضة من الشيوعيين أو الليبراليين أو القوميين أو من المنتفعين من التجار أو باقي الشعب، والأخطر من ذلك مقاومة الناس العاديين لكل ما لا يفهمونه من الأفكار الجديدة، بسبب غسيل المخ الإعلامي الذي تم إجراؤه لهم طوال العقود السابقة، وبسبب تدني ثقافتهم وخوفهم على مكاسبهم الوهمية الحالية من المجهول.. وكل هذا سيعيدنا إلى مرحلة التخبط السياسية التي سبقت ثورة يوليو، فكل قرار إصلاحي سيواجه معارضة كبيرة في مجلس الشعب، وستسقط حكومات ائتلافية بسبب انسحاب وزراء غير راضين عن بعض القرارات، وسيثور الشعب في مظاهرات عارمة ضد أي قرار تتوافق عليه الأحزاب يمس واقعهم، وسنظل ندور في حلقة مفرغة إلى تأتي الثورة التالية عسكرية كانت أم شعبية!!
باختصار: الديمقراطية رفاهية تصلح للمجتمعات المستقرة أو شبه  المستقرة، لكن المجتمعات الواقفة على حافة الهاوية، التي تحتاج إلى إصلاحات جذرية عاجلة، لا تملك ترف الجدل العقيم والصراعات الحزبية لمجرد الحصول على لقب الديمقراطية على حساب وجودها نفسه!
إنني أحذر مبكرا حتى لا يظل التاريخ يعيد نفسه، فمن الواضح أن مصر تمر بثورة كل جيلين أو ثلاثة، واحدة عسكرية ثم واحدة شعبية ثم عسكرية ثم شعبية وهكذا... وهذا واضح في ثورة عرابي العسكرية 1881، ثم ثورة 1919 الشعبية، ثم ثورة 1952 العسكرية ثم ثورة 2011 الشعبية.
والمؤسف أننا بين كل هذه الثورات لم نحقق أي تقدم ملحوظ، لأنا نتقافز بين نفس النقاط ذهابا وعودة، دون أن نهتم ولو مرة واحدة بإحداث طفرة حقيقية في التعليم والبحث العلمي تضعنا على خريطة التنافس الصناعي والتجاري في العالم، وهذا ليس لأسباب داخلية فقط، فتدخل الغرب واضح تماما للسيطرة على هذه الثورات وإجهاضها.
لكل هذا أقول: نحن لا نحتاج إلى كلام على ورق، وهتافات في الحملات الانتخابية، وصراعات تحت قبة البرلمان، لنفرغ الكبت من صدورنا ونرضى عن أنفسنا باعتبارنا دولة ديمقراطية تسب وزراءها وحكامها على صفحات الجرائد وشاشات التلفاز، دون أن يتغير أي شيء في واقع المجتمع وتفكير الناس وتطور التعليم والبحث العلمي والصناعة والإنتاج.
وأرجو مخلصا ألا نخطئ تشخيص المرض للمرة الألف، فمصر الآن تحتضر، وأي علاج خاطئ سيكون قاتلا، فقد تجاوزت مشاكلنا مرحلة المسكنات، ونحن على أعتاب الفوضى والمجاعة وتفتت الدولة، ما لم نبدأ العمل الحقيقي لتعمير صحراء مصر بمشاريع عملاقة جريئة، بدون شعارات حزبية وهلاوس ديمقراطية.

محمد حمدي غانم
19/2/2011
--------------
اقرأ ايضا:

الجمعة، 18 فبراير 2011

تعرفين عني

تعرفين عني

تعرفينَ الحُـزنَ عنّي
واحدٌ في الليلِ أمضي،
مُستفيضًا في التمنّي
مستعينًا بانطلاقي في خيالاتي وظنّي
هائما لا أستقرُّ في تَغنّي
لي جمالُ الكونِ يَعني:
أن أغنّي دونَ لَحنِ!
هائما في كلِّ دربٍ مُسْـكِرٍ من غيرِ دَنِّ
باحثا عن عزّ نفسي،
لافظا ذلَّ التدنّي
ضاجرا من مُسْتَحِلِّي الخوفِ في ليلِ التجنّي
ساكِنِي البيتِ الذي كالعنكبوتِ فَرْطَ وَهْنِ
والسواقي تستبيحُ العُمرَ
كي تُضني البعيرَ دونَ تِبْنِ!
قانطا من أمّةٍ شاختْ بِجِبسِ العَجْـزِ،
لكنْ تستطيبُ الجَعْجعاتِ دونَ طِحْنِ!
***
تعرفينَ العَنْدَ عنّي
نخلةٌ آبى لِعالي عزّتي في الريحِ أَحنِي
مُفردٌ ضدَّ الجموعِ،
جامحٌ ضدَّ القيودِ،
شاردٌ في ليلِ حُزني
كاهلي ناءتْ بأحمالٍ على أحمالِ آمالي
وأمشي كلَّ حَـزْنِ
أعشقُ الآلامَ أعني!
***
تعرفينَ الآنَ أنّي
ذلك المجنونُ فنّي
فارفضيني واكرهيني والفظيني
تستريحي من متاهاتي وظَعْـنِي!
أو خذيني في مدى عينيك رَحّالا
وطوفي كلَّ رُكنِ
أشعريني أنني حُرٌّ طليقٌ في يديكِ
ولتكوني حُرّةً في أسْـرِ حِضني
حينَها أُضْـفي على آياتِ حُسنِكِ الذي أهواه حُسني!

محمد حمدي غانم
5/1/2011
______________________
* الطِّحن: اسم، بمعني الحَّب المطحون (الدقيق).. أما الطَّحن فهو مصدر الفعل طَحَن، بمعنى تحويل الحَّب إلى طحين.. ويقول العرب فيمن يقول ولا يفعل: "هذه جعجعة دون طِحن"  و "ما لي أسمع جعجعة ولا أرى طِحنا"، لأنه كالطاحونة التي تصدر ضجيجا ولا تخرج طحينا.. طبعا حينما كتبت هذا لم أكن أتخيل أنني بعد أسبوعين سأشهد إسقاط شين الهاربين بن علي في تونس، وبعد شهر سأشهد إسقاط اللا مبارك من مصر.. فتحية إلى جيل الشباب الجديد في تونس ومصر، الذي غسل عنا التخاذل ومزق عنا قيود السلبية، ومنحنا الأمل في الغد.
* الحَزن: الأرض الغليظة الخشنة الوعرة، وعكسها السهل.

الخميس، 17 فبراير 2011

اخرجوا من القاهرة قبل فوات الأوان!

اخرجوا من القاهرة قبل فوات الأوان!

كتبت هذا الكلام منذ عام، متحدثا عن سيناريو الاعتداء الأمريكي أو الإسرائيلي على مصر:
لا يحتاج شل القاهرة ـ المشلولة أصلا ـ إلا إلى ضرب عدة كباري تربطها بالجيزة، وتدمير كباري الطريق الدائري، وتدمير محطات المياه والصرف الصحي والكهرباء والهاتف، وستجدون ساعتها أن الحرب قد انتهت قبل أن تبدأ، والروح المعنوية تحت الصفر.. والمرعب أن كل مقار الوزارات ومجلسي الشعب والشورى ومجلس الوزراء ومجمع التحرير ومبنى الإذاعة والتلفزيون وعشرات غيرها من المباني الحيوية والإدارية، محصورة كلها في وسط البلد في منطقة صغيرة، وتدميرها لا يحتاج إلا إلى عدة صواريخ شديدة التدمير أو أم القنابل، ولا أدري لماذا لا يفكر أحد في نقل هذه المقار خارج القاهرة، وتفريقها على 6 أكتوبر وحلوان والعبور وغيرها، على الأقل لتقليل الزحام وسط القاهرة، أو إنشاء مدينة حصينة خارج 6 أكتوبر محاطة بأسوار منيعة ووسائل دفاع متطورة، وتزويد كل المقرات الحكومية فيها بملاجئ حصينة وأنفاق سرية على أعماق تزيد على ثلاثين مترا لمقاومة صواريخ الأنفاق الحديثة، وجعل هذه المدينة العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، لتصعيب شل الحكومة بضربة واحدة في بداية أي حرب!.. على الأقل سيحمي هذا الحكومة من الهجمات الإرهابية في غير زمن الحرب!
طبعا الإجابة واضحة: وهي أن أحدا هنا لا ينتظر الحرب ولا يسعى إليها، والكل سيفعل المستحيل لتجنبها، حتى لو طالبتهم أمريكا بالرقص عرايا على شاشات التلفاز، فهم يعرفون جيدا أن أي حرب قادمة ستنتهي قبل أن نقرأ خبرها في الصحف!!
***
ما ذكرني بهذا الكلام، هو ثورة 25 يناير، وسيطرة المتظاهرين على ميدان التحرير، مما شل حركة المواصلات في القاهرة، وعطل المحال التجارية والمكتبات ومقار الشركات المحيطة به، والأخطر أن هذا جعل مجمع التحرير رهينة تحت أيدي المتظاهرين وهو مفصل إداري حيوي يحتاجه الناس لاستخراج الكثير من الأوراق وجوازات السفر.. وبعد أن امتدت المظاهرات حاصر المتظاهرون مباني الوزارات القريبة ومجلسي الشعب والشورى ومجلس الوزراء، مما شل الحكومة بالكامل تقريبا، وجعل تنحي الرئيس أمرا حتميا!
السؤال هو: لماذا لم يفكر أحد في هذا الاحتمال ويحتَط له مبكرا؟
وألم يطالب كثيرون من قبل بنقل الوزارات خارج القاهرة لتقليل التكدس المروري؟
ومَن العبقري الذي فكر أصلا في إنشاء مجمع التحرير؟.. هل يعقل أن يوضع 13 ألف موظف معا في مبنى واحد، ليتردد عليه عشرات الآلاف من المواطنين يوميا، مما يعني خنق المواصلات في قلب القاهرة؟
وماذا لو احترق هذا المبنى لأي سبب، أو تم قصفه في الحرب، وهو يحتوي على أطنان من الأوراق الرسمية الهامة التي تحوي مصالح المواطنين؟
وماذا لو احتله بعض الإرهابيين؟.. ألم يشاهدوا فيلم الإرهاب والكباب؟
واضح طبعا مدى بلادة النظام السابق وكل مسئوليه، فلم يكن لديهم أي رؤية استراتيجية، ولا نية لإصلاح أي شيء، أو حساب أي احتمالات، وهو ما نأمل أن يتغير في المرحلة القادمة.
نرجو من السيد الرئيس القادم تنفيذ ما يلي:
1- إخراج كل الوزارات من قلب القاهرة وتفريقها على أطرافها في 6 أكتوبر وحلوان والعبور وغيرها، بحيث يسهل الوصول إليها عبر الطريق الدائري.. أرشح أيضا إخراج مباني النقابات والصحف ودار القضاء وغيرها من هذه المنطقة.. فعل هذا يتطلب تفعيل الحكومة الالكترونية، وربط كل الوزارات والمصالح الحكومية معا عبر شبكة حكومية مؤمنة، حتى لا يظل المواطنون يجرون هنا وهناك وراء سراب الروتين لمجرد توقيع ورقة.
2-    تفكيك مجمع التحرير، وضم كل إدارة موجودة فيه إلى الوزارة التي تنتمي إليها.
3- إلغاء محطة قطار رمسيس، وتحويلها إلى ورشة صيانة أو مخزن أو ما شابه، لتخفيف الضغط على قلب القاهرة، وإنشاء محطة جديدة خارج شبرا، لأن محطة شبرا نفسها لا تصلح، فالمنطقة التي توجد فيها مختنقة بما يكفي ولا تتحمل كل هذا الضغط، ويا ليت أي مسئول عاقل ينقل موقف شبرا الملاصق لهذه المحطة، لأنه السبب الرئيسي في اختناق المرور أمام الخارجين من القاهرة يومي الأربعاء والخميس.. وأرى أن أنسب موضع لمحطة القطار الجديدة هو بالقرب من الطريق الدائري خارج شبرا، ويجب مد محطة المترو من محطة شبرا إلى هذه المنطقة، مع إخراج موقف السيارات من عبود إلى هذه المنطقة أيضا.. هذا سيجعل هذه نقطة مفصلية هامة يلتقي عندها محطة القطار بمحطة المترو بالطريق الدائري بموقف السيارات، وبهذا يستطيع القادم إلى القاهرة التحرك إلى أي اتجاه بمنتهى البساطة، ويخف الزحام عن القاهرة وشبرا بصورة غير مسبوقة.
4- كل مبنى حكومي يتم إخلاؤه من وسط البلد لا يمكن بيعه أو استخدامه لأغراض أخرى فهذا لن يخفف الزحام، وأرى أنه يجب هدمه لتحويله المنطقة إلى مسطح أخصر، ومنع دخول السيارات إلى وسط البلد، وبهذا تصبح متنزها جميلا تذهب إليه العائلات للاستمتاع بالنيل والخضرة والتسوق من المناطق التجارية، ويذهب السياح إلى المتحف المصري دون التأذي من الضوضاء والزحام والتلوث والفوضى والقبح.
أرجو أن تجد هذه المقترحات أذنا مصغية، وأن يكون هناك أحد تعلم أي شيء مما حدث.. ولا يجب أن يتذرع أحد بارتفاع تكلفة هذه المقترحات، فنحن لا نريدها أن تحدث جميعا في يوم وليلة.. يمكن أن يتم التخطيط بحيث يتم نقل مبنيين أو ثلاثة كل عام تدريجيا، بحيث يتم إنجاز المطلوب في عشر سنوات مثلا، وهذا أفضل من البلادة الحكومية السابقة، التي كانت تعمل بمبدأ ما لا يدرك كله، يجب أن يترك كله!




الأربعاء، 16 فبراير 2011

شرطي المرور أعمى.. لا تتوجهوا إلى الميدان!

شرطي المرور أعمى.. لا تتوجهوا إلى الميدان!
فلتبدأ الثورة الفكرية والاجتماعية

يخطئ من يظن أن الثورات تقتصر على الشق السياسي فحسب، دون أن تطال تداعياتها المجتمع، وهو ما رأيناه يحدث في ثورة 1952، حين قامت بخلع الملك ثم بدأت تغيير شكل الاقتصاد والمجتمع.
ويخطئ أكثر من يظن أن إسقاط مبارك وحاشيته ولصوصه وبلطجيته سيكفي وحده لحل كل مشاكلنا.
ويخطئ إلى حد السذاجة من يعتقد أن تغيير بعض سطور الدستور سيجعلنا ملائكة تعيش في جنة، فمشكلتنا أن كل شيء صار ينحصر عندنا في الورقة والقلم والكتب والدساتير، دون أن يتغير شيء على أرض الواقع.. فلدينا ديمقراطية على الورق منذ عام 1923، وانتخابات على الورق، وأحزان على الورق، ونقابات على الورق، وتعليم على الورق، ووزارة بحث علمي على الورق.. نحن دولة من ورق، وعلى رأي الفوازير: عالم ورق ورق!
أما خارج الورق، فهناك على أرض الواقع شبكة علاقات معقدة تشمل الشعب المصري كله، فيها مصالح ومنتفعون وثقافة وأعراف وتراث من السلبية والخوف والجبن، وكسر الشباب له لا يعني بالضرورة تغييرهم للأجيال السابقة لهم، فليس من السهل تغيير الطباع والضمائر والعقول في يوم وليلة بمجرد شعارات أو حتى بتعديل قوانين أو دساتير.. فالثقافة هي التي تحكم الشعوب وليس الكلام المكتوب على الأوراق.. والشعب المصري اعتاد على تحدى القوانين كل يوم طول عقود، ولم تستطع الحكومة نفسها إجباره على تطبيقها.
فهل نجح أي قانون في منع الثأر في الصعيد؟
وهل نجح أي دستور في منع الواسطة؟
وهل منعت الثورة طوابير المنتفعين من تقديم طلبات الحصول على شقق لا يحتاجونها فعليا، بينما دماء شهداء الثورة لم تجف بعد؟
وهل توقف السائقون عن دفع الرشوة لشرطي المرور رغم كل ما حدث؟
وهل يتصور أحدكم أن يعيش الإنسان شريفا براتب قدره 500 جنيه، يدفعها إيجارا لشقته؟
الآن، الكل يتكلم عن أن الحل هو رفع الحد الأدنى للأجور، ورفع رواتب ضباط الشرطة وأفرادها، وتطوير التعليم، وتوفير فرص العمل، و.. و.... و....
فمن أين في نظركم ستأتي الدولة بكل هذه النقود؟.. إن كل المليارات التي نهبها مبارك وعائلته ووزراؤه ولصوص الحزب الواطي لا تكفي ميزانية مصر لعام واحد فقط، ومن السذاجة افتراض أن استعادتها ـ إن استعدناها أصلا ـ ستغير شيئا ملموسا في فترة قصيرة، خاصة أن معظم هذه الثروات هي مصانع وعقارات وأراضي وليست نقودا سائلة، وبالتالي فهي لن تضيف شيئا إلى الاقتصاد فعليا!
والسؤال الآن هو: من أين نبدأ وما هو الحل؟
يجب أن نكون صرحاء ونعترف أنه لا توجد حلول مثالية ولا عاجلة ولا كاملة.. كل حل سيتم طرحه سيوجد متضررون منه ومعارضون له، ولكن الحكمة تقتضى تغليب مصلحة الأغلبية، والصبر على الآثار الجانبية إلى أن تؤتي هذه الحلول ثمارها على الأمد البعيد.
باختصار: نحن في حالة ثورة ونحتاج إلى حلول ثورية لمشاكلنا.. لهذا أنا أقول التالي:
1-  الطلب بزيادة الأجور للجميع أمر غير عملي، لأنه سيرفع الأسعار وسنظل ندور في نفس الحلقة المفرغة القديمة.. لهذا، يجب على الدولة أن تقلص الأجور الجزافية التي سمعنا أن البعض يتقاضونها، لتقليل إحساس المواطنين بالظلم، فلا يعقل أن يتقاضى طبيب شاب 300 جنيه في الشهر، ويتقاضى شخص آخر أقل منه علما وأهمية مليون جنيه في الشهر لمجرد أنه مدير بنك!!
2-  يجب أن تكون الأولوية المطلقة لتعيين الشباب العاطل وليس الفتيات إلا الفتاة التي تكون في حاجة ملحة فعلا للعمل لكونها العائل الوحيد لأسرتها.. ويجب على الإعلام إيصال رسالة مختصرة إلى الفتيات مفادها: رجل عاطل = فتاة عانس + ثائر يهد نظام الدولة + بلطجي يخل بالأمن + متحرش يغتصب الفتيات!
3-  يجب نسف نظام التعليم من جذوره، بإيقاف تعليم الفتيات فورا، وإيجاد مسار حرفي مبكر من السنة الرابعة للتعليم للتخلص من الأطفال الذين لا يمتلكون أية ملكات ذهنية ولا فائدة من إهدار نقود الدولة في تعليمهم، مع تثقيف الفتيات من خلال الأم والإعلام والإنترنت، وبرامج مختصرة تابعة للمساجد والإدارة المحلية والجمعيات الأهلية، لتعليمهن القراءة والكتابة والحاسوب وبعض المهارات المنزلية، مع خفض سن الزواج مرة أخرى إلى 16 عاما.
4-  التجنيد الإجباري لكل من بلغ 18 عاما من الشباب دون تأجيل بسبب الدراسة، إلا لمهنتي الطب والهندسة وأي مهنة أخرى ترى الدولة أنها في حاجة ماسة لها ولا يوجد منها فائض في مخزون البطالة الاستراتيجي J.. على أن يتم توجيه هذا الجيش لتعمير الصحراء وإنشاء المشاريع القومية العملاقة، لخلق مجتمعات جديدة وفرص عمل للأجيال القادمة.
ولتفاصيل أكثر عن المقترحين الأخيرين أرجو قراءة هذا الموضوع:
أعرف أن هذه المقترحات صادمة، لكن لا مناص عنها، فالحلول البطيئة صارت مستحيلة بدليل قيام الثورة ووجودنا في هذا الوضع الذي صارت فيه الدولة هشة للغاية ومهددة بالانهيار.
لقد تكلم د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق منذ عام 1997 عن ضرورة التوسع في التعليم الفني وتقليص التعليم الجامعي، وإلى اليوم لم يتم تنفيذ هذا، بسبب خشية الدولة من ردة فعل الناس، لهذا اختارت التغيير البطيء، بإنشاء الجامعات الخاصة والتوسع في التعليم المفتوح، وكانت على وشك تطبيق نظام الثانوية العامة الجديدة لتقليص التعليم الجامعي المجاني.. لكن الثورة سبقت كل هذه الإجراءات البطيئة!!
والآن، الكل يريد أن يعيش كمواطن في دولة عظمى، بمستوى دخل مرتفع وتعليم راق وفرص عمل مرموقة، مع زج النساء في كل هذا.. والسؤال ببساطة هو: من أين يا حسرة؟؟!!.. نحن نعيش على 4% من مساحة مصر التي رسمها لنا الإنجليز مشكورين على الخريطة، مصرّين على أن مصر فقط هي التي عاش فيها الفراعنة، مع أن زيادة تعدادنا جاءت على حساب تدمير الرقعة الزراعية، فصرنا نستورد 80% من غذائنا، و 100% من الآلات والأجهزة الالكترونية، وخسرت مصانعنا وأغلقت بسبب عجزها عن منافسة المنتجات الصينية، ونعتمد كلية على عائدات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين من الخارج (وهي ستقل حتما بسبب توابع الثورة على دول الخليج، التي ستسعى حكوماتها إلى تقليص بطالة شعبها على حساب طرد العمالة الوافدة، تفاديا لثورات مشابهة).. ومن الطبيعي أن نعلم أن هذا الدخل لا يكفي لتحقيق كل أحلامنا الوهمية، وأننا نحتاج إلى البدء في العمل الفوري بسواعدنا وعقولنا لتعمير مصر والانتشار على أرضها والاستفادة بخيراتها، ليختفي الزحام والتلوث والعشوائيات وتنفتح آفاق المستقبل أمامنا.
إن صحراء مصر كلها ثروات، فشمسها طاقة تكفي لتوليد الكهرباء طوال العام بلا أي تلوث، ورملها سيليكون يضمن لنا طفرة في صناعة الالكترونيات، وباطنها معادن وبترول ومياه جوفية، وفيها مناطق صالحة للزراعة، وأخرى صالحة لإنشاء المدن السكنية والصناعية، و... و.... و....
فهل سنستمر في اجترار نفس الخطاب الفاشل الذي خدرنا به مبارك، عن التعليم وحقوق المرأة وتحديد النسل ولا للختان ولا للزواج المبكر ونعم لعمل المرأة، ونعم لكوتة النساء في مجلس النهب، أم سنثور على عالم الورق ونتوقف عن الكلام والشعارات الفارغة والجدل العقيم، ونبدأ العمل فورا مضحين ببعض الرفاهية والأحلام الشخصية، في سبيل غد أفضل لنا ولأولادنا؟
إنني أحذر أننا بدون هذه الثورة الفكرية والاجتماعية، سنعيد إنتاج نفس النظام السابق بأنفسنا: نفس الشعارات، ونفس الانتهازية، والتزاحم في الطوابير ووسائل المواصلات، والتكدس في عشش الفراخ في العشوائيات، والمطالبة بزيادات وهمية في المرتبات تؤدي إلى التضخم والغلاء، ودفع الرشاوى وتقاضيها في مجتمع لا يعمل، وإهدار العمر في علب السردين المسماة بالفصول لحفظ كلام عبيط لا يفيد في شيء، لتخريج عاطلين يثورون على الحكومة التالية.... وهكذا دواليك إلى أن تنهار مصر نهائيا وتبدأ الفوضى والقتل ويأكل الناس بعضهم حرفيا!
إنها لحظة الاختيار الحاسم، وعلينا أن نعلو جميعا لنرى الصورة شاملة قبل أن نقرر:
مصر الآن أشبه بميدان ضخم، كان يديره شرطي مرور أعمى أو مجنون، بحيث أوصل السيارات إلى التكدس في مواجهة بعضها من كل اتجاه، فلم يعد أحد قادرا على التقدم أو حتى التراجع.. الطرق موجودة، والسيارات موجودة، لكن كل شيء توقف، ولا أمل في الحركة!
لهذا علينا أن نعيد طرح الأسئلة البديهية من البداية: من نحن؟.. وماذا نريد من الحياة؟.. وإلى أين نريد أن نصل؟.. وكيف نصل؟.. ومن منا يجب أن يتحرك بسيارته أولا، ومن منا يجب أن يتراجع ليفسح له، حتى يعود انسياب الحركة طبيعيا ويصل كل منا إلى وجهته؟
باختصار: على السادة القادمين إلى هذا الميدان بسياراتهم: رجاء غيروا مساركم حتى لو سرتم على طرق ترابية أطول، لتسمحوا للآخرين بالتراجع، حتى يمكننا إعادة تنظيم المرور والتحرك نحو مستقبل أفضل لنا جميعا.

محمد حمدي غانم
16/2/2011

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

تعقيب على "ثورة النيل"

تعقيب على "ثورة النيل"

هذه أبيات كتبها أستاذي وصديقي د. م. محمد عطية العربي تعقيبا على قصيدة "ثورة النيل".. مع العلم أن د. محمد عطية ليس شاعرا بالأساس، ولم أقرأ له من قبل إلا محاولة شعرية واحدة (كانت جميلة أيضا بالمناسبة)، وربما تكون هذه هي المرة الثانية التي يكتب فيها الشعر في حياته، ولكن يبدو أن ثورة مصر قد أطلقت مواهبه الدفينة J
يقول د. محمد عطية:

لن يحكمَ الحرَّ العبيدْ ... وعن الصراطِ الآنَ حاشا أن نحيدْ
فلقد كوتنا نارُ صمتٍ ميتٍ حتى بُعِثـْنا من جديدْ
والآنَ قد صدحت حناجرُ حرة ٌ في أنغمِ الحقِّ السديدْ
هذي سواعد شـُمـِّرت نحو العلا - هل من مزيدْ؟
فتَحَتْ طريقا واعرا، هُبوا جميعا نَحْوَ مَجْدِكمُ التليدْ
نَصَرَ القديرُ عبادَهُ، سبحانَهُ، شكرًا لمَوْلانا الحميدْ

الأحد، 13 فبراير 2011

ثـــــــورة النيـــــــل

ثـــــــورة النيـــــــل


أطلِـقْ إلى الغَدِ أغنياتِكَ أيها الشعبُ العنيدْ
من ذا سيحبسُ نورَ فَجرِكَ خلفَ قُضبانِ الحديدْ؟
الآنَ قامَ النائمونَ، تَبسَّمَ الحُلمُ الوليدْ
وتطايرَ الزهرُ المغرّدُ من سنا دمِّ الشهيدْ
***
أَهْدَى الربيعُ إلى ينايرَ ثورةً عبرَ البريدْ!
وشبابُ مِصرَ على ضفافِ النيلِ في يومٍ مجيدْ
عبروا إلى المَيدانِ كالطوفانِ في عزمٍ مَريدْ
هتفوا فزالَ القيدُ، غَنَّوا فابتدا عهدٌ جديدْ
وارتاعَ جُرذانُ الظلامِ، تَزلزلَ الصنمُ البليدْ
ومباخرُ الكهانِ عَافتْ قصرَ فِرْعَونٍ يَميدْ
وعوتْ كلابُ القهرِ ثَكْـلَى بعدَ أن هربَ الشريدْ!
***

فَلْـتَشهدي يا مصرُ أنّا فَخْرُ ماضيكِ التليدْ
ولسوفَ نعملُ كي نُسَطِّرَ بالسَّنَا غَدَكِ الفريدْ
وَلْـيَشهدِ الشهداءُ أنّا صامدونَ ولن نحيد:
إنّا انتزعنا عِزّنا، لنْ يَحكمَ الحُـرَّ العبيدْ
محمد حمدي غانم
13/2/2011

صفحة الشاعر