مصر الغد
سألني أحد الأصدقاء عن توقعاتي لما سيئول إليه الوضع في مصر، فأجبته قائلا:
كل الاحتمالات مطروحة.. مصر كانت مقدمة على الفوضى والانهيار أصلا بسبب التدمير المنظم الذي تعرضت له كل مؤسساتها طوال العقود الماضية، وهذه الثورة إما أن توقف هذا وتدفعنا إلى المسار الصحيح، وإما أن تسرّع الانهيار.. الشيء المؤكد أن استمرار هذا النظام صار مستحيلا، لأنه سيدمر مصر تماما ونهائيا.. وكل ما أثق به، هو أن أسوأ ما سيحدث لاحقا، أفضل بالتأكيد مما كان يحدث لنا قبل 25 يناير، فلقد اكتشف كل المثقفين والشرفاء أن وراءهم شعبا يساندهم ويطالب بحقه، وهذا سيمنح قوة هائلة لكل المصلحين لاجتثاث الفساد في النقابات والجامعات والمصالح الحكومية والحياة السياسية.. لقد كان عقل مصر النشط عاجزا عن التحكم في جسدها ويظن أنه مصاب بشلل رباعي لا علاج له.. لكن اكتشفنا يوم 25 يناير أن أطراف مصر كانت مقيدة لا مشلولة، وأن شعبها قادر على تمزيق هذه القيود، وبهذا صار بإمكان العقل أن يتفاعل مع العضلات لجعل الأفكار واقعا.
أيضا: أي حاكم قادم مهما كان سيئا، صار بإمكانه المناورة سياسيا مع أمريكا وأوروبا، لأنه يستطيع دائما أن يقول لهم: لقد رأيتم ما فعله شعب مصر وما يستطيع أن يفعله.. ما تفرضونه عليّ من قرارات سيجعلكم تخسرون كل شيء، ولا أستطيع قبوله.
لقد ضخ الشعب المصري دماء جديدة في عروق المثقفين والسياسيين، ومصر الغد لن تكون أبدا مصر مبارك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.