حتى تشرقَ شمسُ الله
شعر: سامح حسن النجار
الانتقالُ إلى أبعدِ المسافاتِ في الخوفِ معجزةُ الخائفينْ
نحن ننهضُ لكنَّنا نصعدُ الآنَ مَدْرجةَ الخائفينْ
وقدْ كانَ قلبي هناك على قمةِ النورِ مستشرفا صبحَنا
فالذي يسكنُ الروحَ شيءٌ غريبٌ سوى الخوفْ
ربَّما رغبةٌ في انتقامٍ عنيفٍ
سيأخذُ في عنفِهِ الساكتينَ عنِ الحقِّ
حتى المدافعينَ عن الحقِّ بالعهرِ
ربَّما رغبةٌ في انتقامٍ حزينٍ
ليمسحَ رُوحَ السرورِ عن الفَرِحِينَ بأحزانِنا
وعنِ الشَّامتينَ بآلامِنا
وعنِ الدافعينَ بأيامِنا للظلامِ العنيفِ
كأنَّك في فِيلْمِ رعبٍ سخيفٍ
وأنت كأنَّك وحشُ الفضاءِ يخافون أسلحة الرعب فيه وليسَ يخافُ
فخافوا إذن يا وحوشَ الظلامِ لأنكمو تجهلون بنا
لعلكمو تدفعونَ بروحي إلى الظلماتِ
لأجلبّ نور الصباح لكم كي يحلَّ على أرضِنا
نعمْ أستطيعُ مع الحلمِ أرسمُ دنيا جديدةْ
مع الحلمِ بالخيرِ أنثرُ أغنياتٍ سعيدةْ
مع النورِ أحمل شمسا من النورَ أدفعُها نحو أرواحِكم
ليتني أستطيعُ فكفِّي مقيدةٌ في دمائي
لساني على الأرضِ يهذي بآلامِه وبلائي
ولكنني معكمْ أستعيدُ رِضايَ عن الأرضِ
أحلم الآن أن غداً يتمدَّدُ فيهِ السرور وبالنورِ فوقَ الخضارْ
أستعيدْ رِضايَ عن القلبِ حاولَ جِداً مساعدةَ الآخرينَ
تعذَّب حتَّى يجيءَ النهارْ
استعدُّوا معي للنهارِ الجديدِ
أحضروه هنا كي نبوسَ يديهِ
كطفلٍ عزيز وتاه طويلاً عنِ الأرضِ
عنْ روحِنا أمِّهِ
عن حُلْمِنا والدٍ عبرَ الأرضَ في العابرينَ وخاضَ الغِمَارْ
طفلنا عادَ لكنني متعبٌ
قبلوا لي يديه ـ لقلبي كرامةَ روحٍ مَضَتْ قبلَكم لتجيءَ به
قبلوا لي يديه وبوسوا جبينهْ
وقولوا له - طفلَنا - ذا أبوك تحطَّم عمراً عليكَ أضاعَ سنينَهْ
***
أخي يا أخي أو أبي
استمرَّ معَ الدفعِ للنورِ هذي البلادَ
لأنَّك تعلمُ كمْ أنا متعبٌ ووحيدٌ أخافُ من الظلماتِ التي دفعوني إليها
ورغمَ مرارِ حقيقةِ أنَّي غريبٌ على الأرضِ حقاً
ولكنني مثلُ أيِّ امرئٍ خلقتهُ العنايةُ مستوحشاً
كنبيٍّ وحيدٍ وليسَ هناكَ بهِ مؤمنونَ
ولستُ كأي نبيِّ سيوحى إليَّ: اطمئن,
فلستُ نبياً
ولكنني مثلُ أيِّ غريبٍٍ وحيدٍٍ أضلَّ الطريقَ إلى دارِهِ
وغادرّ أنوارَ أيَّامِهِ,
ظلماتُ الطغاةِ تحاربه والزبانيةُ المظلمونَ بما عرفوا قدرَه
يعلمون بأني أرى المستكنَّ ضميراً بِهِم
وأرى المستكنَّ بأرواحِهم
وأرى الليلّ ينبعُ من عمرِهم
وأرى الظلماتِ تسيلُ على الأرضِ حينَ يسيرونَ من فوقِها
وتميدُ بأرواحِنا حين يسيرونَ من تحتِِِها
أفوِّضْ كفَّكَ تكتبُ عنِّي رسالةَ نورٍ إلى المبصرينْ
أفوِّضُ رُوحَكَ تنهضُ بالنورِ والشمسِ
في روحِ هذي البلادِ التي فارَقتْها ابتساماتُ أعمارِ أطفالِها المشرقينْ
أفوِّضُ روحَكَ تدفعُ للظلماتِ جبايَتَها لتزولَ عنِ الأرضِ
تذهبُ نحوَ منازلِها البعيداتِ عنْ نورِ أوطانِنَا
أفوِّضُ كفَّكَ تكتبُ هذي الرسالةَ
كفِّي جِوارِي مُمَزَّقَةَ الشرايينِ
مِنْ فعلِ بعضِ الزبانيةِ الخائنينْ
أخافُ الظلامَ وليسَ معي مِنْ قناديلِ رُوحي
صباحي بعيدٌ
وشمسي تكادُ على الأرضِ تهوي تباريحَ آمالِنا
أنتَ تذكرُ يا سيِّدي
حينَ ناشدتُ فيك البطولةَ تنهضُ تدفعُ عني,
ـ أخيكَ الصغيرِِ (أنا) ـ
خياناتِ مَن دفعونا إلى الحزنِ واليأسْ
لا بأسْ
لا بأسَ حينَ تَحُلُّ مَحلِّي أخوكَ أنا
وسبقتُ بخطوي خُطاكَ امش بعدي إذنْ
ودافع بربِّكَ عن ذكرياتِ الطفولةِ
عن ذكرياتِ البطولةِ
من أذؤبِ الليلِ
دافعْ أخي عن حِمَى وطنٍ هم أحالوهُ رَمْساً
و داسوه دَهْسَاً
فيا غُرباتِ الوطنْ
وما كان هانَ علينا الوطنْ
كأي أبٍ
وما هان يوما
وعاش أبونا أبو الشهداءِ
خَضارُ الزمانِ البديعِ
سرورُ الزمانِ الربيعِ
اشتجارُ تشابكِ فنِّ المشربيةِ
فنُّ العروبةِ
فنُّ التَّدَيُنِ للهِ
فنُّ التَعّبُّدِ للهِ
فنُّ الشَّجَنْ
أخي فاكْتُبَنْ
محنةَ الظلماتِ تكادْ تزولُ اكتبنْ
أخي لا تزلْ عن مكانِكَ
حتَّى يهبَّ النسيمُ العليلُ على الأرضِ
تمطرُ أمطارَها المُعْـشِباتِ
فيَخْضَرُّ هذا الزمانُ
وتورقُ بين يديكَ المصابيحُ
تسقطُ بين يديكَ الثمارُ اليوانعُ
تفتحُ أبوابَها بعد العشاءِ الجوامعُ
يذهب عن بدنِ البلدِ المستجيرِ بنا
وبروحِ البطولة فينا - الوهنْ -
اكتبنْ يا أخي ما أريدُ أقولُ
أكتبنْ يا أخي
فلساني شهيدٌ على الأرضِ
بينَ يديك دمي
في يديكَ كفاحي القصيرُ
أعلِّـقُهُ في سنانِ بنانٍ بكفك
كي تكتبَ العمرَ لي ولأولادِنا ولآبائِنا
ولكلِّ الذينَ سيأتونَ
أنَّا اجتهدنا
سبقتَ بخطوكَ خطويَ يوما
وأسبقُ خطوكَ يوما
ودورك حان اسبِقَنْ
أبونا البديعُ برغمِ التقدمِ في السنِّ حِملٍ من العمرِ ناءَ بهِ
جاءَ ليلة أمسٍ ليهديَنا عمرَه الطاهرَ المتجمِّلَ
كي تكتب اليوم قِصَّتَنا كلِّنا
أخي يومُنا حانَ كي تُشرقَ الشمسُ
فوقَ بلادٍ تتوقُ إلى الشمسِ
بعد طويلٍ من الظلِّ حَلَّ عليها
أشْرِقِ اليومَ أعمارَنا يا أخي بالحكاياتِ
تلكَ التي كنتُ أكتبُها عن بلادٍ إلى النورِ أدنى
عن بلادٍ من الحبِّ مَعنى
عن بلادٍ معَ الخيرِ أسنى
اكتبن يا أخي سكةً
مركباً تحملُ اليومَ عمرَ الزهورِ الشيوخِ الكهولِ
إلى النورِ كلَّ الزمانْ
اكْتبنْ سكةً إلى الخيرِ ـ باللهِ ـ أحلى
اكتبنْ سكةً لبلادٍ على القلبِ أغلى
اكتبنْ سكةً ومساراً يسيرُ عليهِ الذينَ يجيئونَ من بعدِنا
اكتبنْ يا أخي
بالبنانِ السَّخِي
والفؤادِ الذي دوَّخَ العالمينَ بأفكارهِ
عن زمانٍ جميلٍ رَخِي
اكتبن يا أخي
لبائعة الخضروات التي في الصباحِ تبيعُ الخَضَار لدنيا
من الجَدْبِ تشتاقُ أيَّامُها للخَضَارْ
لبائعةِ البرتقالِ التي أذهبتْ عمرَها تزرعُ البرتقالَ النُضَارْ
لأخي وأخيكَ
أبي وأبيكَ
وخالي وخالِكَ
عمّي وعمكَ
أمي و أمِّكَ
فالخوفُ أنّى التفتًّ يَرِينُ ويسمكْ
اكتبن لا يهمَّكَ ممن يذمُّكَ فاليوم يومُكْ
اكتبن بادئاً بالكتابِ
بفاتحةٍ في الكتابِ لنقرأها سكةً وطريقاً يقودُ بلادي
نغنّي معا بعدَها ولآخرِ العمرِ
أغنيةَ النورِ من عمرِنا:
بلادي بلادي بلادي
لكِ حبّي وفؤادي
مِصرَ يا أمَّ البلادْ
أنتِ غايتي والمرادْ
واسلمي في كلِّ حينْ
أخي فرصةُ النورِ تعلم جداً بها أنَّها ليلةُ الحُلُمِ المستحيلْ
أخي فرصةُ النورِ تعلم مثلي بها أنها إلى اللهِ بابٌ
وللشمسِ والنورِ بابٌ
كبابِ السماء بليلةِ قدرٍ هي المستحيلْ
وقد حلَّ في رُوحِِنا
مستحيلٌ تحوَّلَ في كفِّنا
حالةً من تَوَهُجِ آمالِنا
أمْسِكِ الآنَ قبضةَ نورٍ تُنيرُ الطريقَ الظلامْ
اقبضِ الآنَ قبضةَ نورٍ لتنثرَها فوقَ آلامِنا
لتفكَ طلاسمَ سحرِ الفراعنةِ الظالمينْ
أقشعِ الآنَ عن وجهِ أوطانِنا ظلماتِ الزمانِ الحزينْ
اقبضِ الآنَ فرصَتُنا يا أخي.
أضِعْها إذَنْ!!!!!!
وعليكَ الملامْ
..................
ــــــــــــــــــــــــ
يحضر في روح هذه القصيدة معي كل آبائنا من الشعراء العظام الذي أهدونا مصابيح أعمارهم، أمل دنقل و غيره من العظماء الذين بثوا المصابيح تضيء حياتنا من بعدهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.