المتابعون للمدونة

الاثنين، 31 مارس 2014

تقطيع أسهل للبحر الخفيف والبحر المنسرح


تقطيع أسهل للبحر الخفيف والبحر المنسرح 

منذ سنوات، وأنا أتحاشى الكتابة على البحر الخفيف، على الأقل في صيغته الكاملة (فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن) فهو مربك لأذني وليس خفيفا علي الإطلاق!

لكن لسبب ما جاءتني قصيدة "الأمنيات سؤال" على البحر الخفيف، فكتبتها على الصيغة (فاعلاتن مستفعلن فعلاتن).

ثم راودني سؤال موسيقي عماذا سيحدث لو أضفت سببا خفيفا في بداية الشطر، لأجعل أذني أكثر راحة مع الموسيقى؟

وقد جربت هذا، لأحول القصيدة بقليل من التعديلات إلى صيغة رائعة من البحر المنسرح.

هذا البحر في صيغته الرئيسية "مستفعلن مفعولاتُ مستفعلن" مربك جدا بسبب التفعيلة مفعولاتُ، فهعي تفعيلة طويلة وتنتهي بمتحرّك، وهذا ما جعله يكاد يكون مهملا وتندر الكتابة عليه.. لكني في هذه التجربة اكتشفت أن ترفيل هذا البحر بزيادة "فع" في نهايته مع استخدام الزحاف "مستعلن" سيحوله إلى "مستفعلن مفعولاتُ مستعلاتن" وهو ما يكافئ: "مستفعلاتن مستفعلن فعلاتن" وهي صيغة راقصة وسهلة جدا عند الكتابة عليها!

وبالنسبة لمن لا يريدون ترفيل التفعيلة الأخيرة، يمكنهم الكتابة على الصيغة:

مُستفعلاتنْ مستفعلنْ فعِلنْ

أو: مُستفعلاتنْ مستفعلنْ فاعِلنْ

في الحقيقة لقد أجحف العروض العربي التفعيلة "مستفعلاتن" حقها (وشقيقتها متفعلاتن)، فهي تفتح أبوابا موسيقية رائعة.. وقد سبق أن كتبت قصيدة "أذوب شوقا" على وزن "متفعلاتن متفعلاتن متفعلاتن" حيث أقول في مطلعها:

طيورُ رُوحي إذا تَراها تَهيمُ عِشقا
ودِفءُ نبضي إذا تولّتْ يصيرُ حَرقا
وبالبحث وجدت أن "مستفعلاتن مستفعلاتن" هي صيغة بحر تركي كتب عليه بعض الشعراء العرب، ومنحه البعض اسم "البحر اللاحق"، وسمى البعض الصيغة "متفعلاتن متفعلاتن" باسم "بحر السمر"، ورآها البعض مجرد صيغة من صيغ "مُخَلَّع البسيط"، والحقيقة أنها صيغة أسهل وأرشق من التقسيم "متفعلن فاعلن فعولن"، كما أن مسار الصيغتين سيختلف مع عدد مرات تكرار متفعلاتن، واختلاف زحافات مخلع البسيط.

وهو ما يعيدني إلى بداية كلامي عن أن التفعيلتين مستفعلاتن ومتفعلاتن تقدمان تقسيمات موسيقية راقصة لبحور تبدو في تقسيمها الخليلي صعبة ومربكة!

كما أني أعدت النظر في تقطيع البحر الخفيف بدوره، لعل مشكلتي معه تكون نابعه من طريقة تقطيعه الخليلية، فاكتشفت صيغة مدجهشة له سهلة للغاية، وهي:

فاعلن فاعلن فعولن فعولن

والتي تكافئ (فاعلاتن متفعلن فاعلاتن)

مع قدرة فاعلن على التحول إلى فعِلن، وفعولن إلى التحول إلى فعولُ

وقد جربت التقطيع (فاعلن فاعلن فعولن فعولن) فكتبت عليه ببساطة، لأنه يجعل الإيقاع أوضح في الأذن:

أيها المُبْـتَلى بِحبِّ الجَمالِ

إنّها تَنتهي بدربِ المُحالِ

أستطبتَ إذنْ شرودَ الليالي

أم حلا لَذْعُهُ عذابُ الخيالِ؟

 

 

السبت، 29 مارس 2014

القرآن وخرافة التطور


القرآن وخرافة التطور 

يحاول البعض أن يربط خرافة التطور زورا وبهتانا ببعض آيات القرآن الكريم، وللأسف كان من أوائل من نهجوا هذا النهج د. مصطفى محمود رحمه الله في فترة كان فيها يصدق خرافة التطور (وتغيرت آراؤه بعد هذا ككثير من أفكاره، فقد كان عقله مرنا لا يتوقف عن البحث عن إجابات).. وهناك ردود كثيرة عليهم، أهمهما قصة خلق سيدنا آدم، والتي حاول البعض أن يكذبها ويحرفها ليدعي أنه مولود من أبوين غير بشريين!!!، مع أن القرآن قاطع جدا في هذا الشأن:

(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)

لكني أكتفي هنا بذكر ملاحظتين:

 

الملاحظة الأولى:

القرآن ينفي أي تطور أو تطوير مزعوم لمخلوقات الله، فكل منها في أوج كماله وإبداعه.. ولننظر هذه الآيات:

(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)

فكل ما يدب على الأرض، وكل ما يطير في السماء من مخلوقات الله، أمم لها مجتمعات ونظم، ولها لغات تتفاهم بها (يجتهد العلماء في فهم أصوات هذه اللغات حاليا بالنسبة لبعض المخلوقات كالكلاب والأفيال والدلافين وغيرها).. يقول تعالى:

(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)

بل إن القرآن يذهب أبعد من هذا، فنعرف منه أن الهدهد رأى أفعال أهل سبأ وفهمها ونقلها لسيدنا سليمان:

(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ {22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {23} وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ {24} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ {25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {26})

وتحذر النملة قومها من جيش سليمان قائلة:

(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)

ملحوظة: هناك أبحاث حول أصوات النمل، لكن هناك أبحاثا أيضا عن لغة كيميائية يستخدمها النمل في التفاهم، حيث يفرز روائح معينة تحدد الطريق أو تحذر من خطر وغير ذلك.

السؤال هنا هو: ما هو التطور؟

ما هو المخلوق الأرقى من هدهد يطير ويعقل ويتكلم؟

وهل هناك مخلوقات أذكى وأكثر براعة وتنظيما من النمل؟

كل مخلوق من مخلوقات الله صغر أم كبر هو معجزة بديعة في ذاته، ليس أقل شأنا ولا يحتاج تطويرا.. وانظروا كم مليون إنسان تقتلهم الفيروسات والبكتريا سنويا رغم كل الأدوية والتقدم الطبي الذي وصل إليه الإنسان، لتعرفوا من أكثر تطورا ممن!!

بالمناسبة: هناك نوع من الدواب لم يظهر بعد، لكنه سيظهر في آخر الزمان كما يحدثنا القرآن.. هذه الدابة لن تكلم الناس فحسب، بل ستحدد من منهم مؤمن ومن منهم كافر، وهي ملكة لا يملكها البشر:

(وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ)

السؤال للإخوة الذين يحاولون أن يوفقوا بين القرآن الكريم وخرافة داروين: ماذا سيكون رد فعل الداروينيين حينما تخبرونهم عن هذا النوع من المخلوقات الذي لم يظهر بعد؟!!

 

الملحوظة الثانية:

أن الثابت في القرآن يقينا هو عكس خرافة التطور، وهو المسخ!

فالقرآن يحدثنا عن أناس سخط الله عليهم فمسخهم قردة وخنازير:

(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ)

(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ {60})

 

الجمعة، 28 مارس 2014

الأمنيات سؤال (المنسرح)


الأمنيات سؤال
(البحر المنسرح)
 
لا  تتركيني قد ضعتُ بينَ iiظنوني
هـذي الـليالي تَـغتالُني بشجوني
قـد  حارَ فكري والأمنياتُ سؤالٌ:
أنَّـى  سـيحيا في مقلتيكِ iiفُتوني؟
أهْـوَى غـزالا طـاردتُهُ iiبِهُيامي
لـكنْ ظـنوني مِن دُونِهِ iiأسروني
أَخـلِي  سـبيلي إنَّ الـفَتَى iiيتفانَى
في عِشقِ حُسنٍ أنّسى المنامَ جُفوني
فَـلْتُوقظيني فـي قـسوةٍ iiوذَريني
أو  فـاتْركيني في غفلتي iiوجنوني
أو صـدّقيني مـا قالَ أهْواكِ iiكِذْبًا
قـلبٌ تَغنَّى، والشعرُ ليسَ iiمُجوني
لا  تَـسخري مِمَّنْ ذابَ فيكِ iiعليلاً
قدْ  كنتُ غِرًّا عانَى هَواكِ iiفكُوني! 

محمد حمدي غانم
28/3/2014

الأمنيات سؤال (الخفيف)


الأمنيات سؤال
(البحر الخفيف) 

سامحيني قد ضعتُ بينَ iiظنوني      والـليالي  تَـغتالُني iiبـشجوني
حـارَ  فكري والأمنياتُ 
iiسؤالٌ:      هـل  سيحيا في مقلتيكِ iiفُتوني؟
يـا  غـزالا طـاردتُهُ 
iiبِهُيامي      لـم أُصِـبْ إلا حسرةَ iiالمَغبونِ
حـرّريـني  فـإنّني 
iiمـأسورٌ      فـي  هَوَى حُسنٍ بالوفا iiمَقْرونِ
أيـقظيني فـي قـسوةٍ وذَريني      أو دَعـيني في غفلتي 
iiوجنوني
صـدّقيني
 مـا قـالَ قلبي iiكِذْبًا      حينَ غنّى، والشعرُ ليسَ مُجوني
لا  تَـلُومي مَن ذابَ فيكِ 
iiعليلاً      كنتُ  غِرًّا عانَى هَواكِ iiفكُوني!
 
محمد حمدي غانم
23/3/2014 

الأربعاء، 26 مارس 2014

أحبك ألف مرة


أحبكِ ألفَ مرّة


أحبُّكِ، أنتِ دُرّةْ
أحبُّكِ ألفَ مرّةْ
أحبُّكِ عَـدَّ نجماتِ المجرّةْ
أحبُّكِ مثلَ أحلامٍ بجوفِ القلبِ حُرّةْ
أحبُّكِ بَعدَ أبعدِ ما تمنَّى كلُّ مشتاقٍ لِغايةْ
وأحلى ما تَصورَّه خيالٌ في فضاءاتِ الحكايةْ
أحبُّكِ فوقَ ما تُفضِي لَه الما لا نهايةْ
ففي عينيكِ للحلمِ الكفايةْ
وأنتِ على جبينِ العشقِ غُرّة
فقولي لي "أحبُّكَ" لو لِمرّةْ!
أذيقيني المَسَـرّة 

محمد حمدي غانم
26/3/2014

 
ملحوظة:

الكود المكتوب في الصورة، يستمر في عرض مربع الرسالة إلى لما لا نهاية، لأن حلقة التكرار Do Loop مفتوحة بلا شرط توقف.. وقد لاحظت أن البعض يظن أن هذا سيدمر ذاكرة الحاسوب في خلال بضع ثوانٍ، لكن هذا لا يمكن أن يحدث، لأن مربع الرسالة هو نافذة إجبارية Modal، بمجرد ظهورها يتوقف تنفيذ الكود إلى أن يتم إغلاق مربع الرسالة، وهذا معناه أنه لا يمكن أن يعرض هذا الكود أكثر من مربع رسالة واحد في نفس اللحظة.. والحكمة من هذا أن الدالة MsgBox لها قيمة عائدة، تخبرك بنوع الزر الذي ضغطه المستخدم على مربع الرسالة.. هذه القيمة العائدة لم نستخدمها هنا لأننا نتعامل مع مربع الرسالة الافتراضي الذي يعرض الزر "OK" فقط، لكن لو كنا نتعامل مع مربع رسالة يعرض زرين أو أكثر، لوجب علينا قراءة القيمة العائدة واستخدام جملة شرط لاتخاذ القرار المناسب للزر الذي ضغطه المستخدم.

 

 

الثلاثاء، 25 مارس 2014

كسنجاب إذا أغراه بندقها


كسنجابٍ إذا أغراهُ بُندقُها 

تُخادُعني
أُصدّقُها!
كسنجابٍ إذا أغراهُ بُندقُها!
فلا ما اسْطَاعَ يكسرُهُ
ولا يَقوَى يُفارقُها
ألا تدري إذا طارتْ إلى النجماتِ
أن القلبَ يَسبقُها؟
وعيناها إذا ما لاقَتَا الأزهارَ
دمعُ الشوقُ يُعبقُها؟
وأنِّي حلمُها الدافي، وبهجتُها وخافقُها؟ 

وأسألُها: أحبّـيني
وفي شوقٍ أُلاحقُها
تُراوغُني
تُمنّيني
يُضيعُ اللُّبَّ رَونقُها
وتُوهمُني بأنّي كلُّ دنياها
وتضحكُ لي مَشانقُها!
فأعدو نحوَها لَهِـفًا
نعم.. إنّي مُراهقُها!
وحينَ أظنُّ ألقاها
فَثَمَّ تَغيبُ عيناها
وليلُ الحزنِ يُشقيني
أما قدْ حانَ مَشرقُها؟ 

وتُضنيني
وتُدميني
وآهاتي أُصادقُها
إذا غابتْ ذَوَى بدري
بأحزاني ألا تدري
وأشواقي تُرافقُها؟
وتنساني
وأرعاها
وفي بستانِ أحلامي أُنمّيها
بعطرِ الحبِّ أَرويها
وفي الأشعارِ أُورقُها
وأُزهرُها
وأُثمرُها
وأمنحُ عشقَها عمري
فتَحسَـبُني أنافقُها
أُلاطفُها فتَنهرُني
بعيدا عن غَدِي تَجرِي
فأهجرُها
وأخدعُها بأنّي لستُ أعشقُها!
وحينَ تمرُّ ساعاتٌ
ويغلبُ مهجتي شوقي فَأَرمُقُها
وتَرمقُني
وأسمعُها
وحينَ تَظنُّ تَخدعُني
فتَخدَعُها!
تُعاندُ كِلْمةً لَهْـفَى تُعاني بينَ شفتيها
فتُحرقُها
وتُخمدُها بصمتِ جليدِها الساكنْ
وتَشعُرُها برجفةِ قلبِها لكنْ
غُرورًا كيفَ تَنطقُها؟!
فتُنكِرُها
وتُنكرُني
ولا تدري ـ وسُـكّرُ همسِها لَحنِي ـ
بأنّي مَن يُؤرّقُها!
وأنّي سرُّ ذِكراها
وأنَّ هَوايَ مَوثقُها
وتَكتبُني
وتَمحوني
تُضِيعُ حُروفَ عُنواني
وحينَ تقولُ تَكرهُني
تقولُ العينُ: تَهواني
وحينَ تَغيبُ عن عيني وتَبقَى بينَ أحضاني!
أَراني مُجبرًا دَومًا
بلا شكٍّ أصدّقُها
سريعًا نحوَها أعدو
كسنجابٍ إذا أغراهُ بعدَ الجوعِ بندقُها!
ولا ما ذاقَهُ يومًا
ولا يومًا سيُعتقُها! 

محمد حمدي غانم
25/3/2014

الاثنين، 24 مارس 2014

إنّي بشر


إنّي بشر
(صرخة على لسان جندي... إنسان) 

يا سيدي إني بَشَرْ
لا من لَظَى، لا من حجرْ
عمري سَما في زهرةٍ
أو طائر ناجَى الشجرْ
يا سيّدي ما لي إذنْ
متلوّذًا بمسدّسٍ
مِن رُفقةٍ عِشنا هنا
نحسو معا كأسَ الزمنْ
ها أحمدٌ..
كنّا هنا، نلهو صغارًا بالكرةْ
يبكي إذا ما قد جُرِحتُ، وفي المفارحِ كَرْكَرةْ
في ثَغْرِهِ، ما زالَ طعمٌ مِن رَغيفي ذاكرةْ
ما زالَ دِفْءُ الكفِّ في كفّي رنينَ مُصافحةْ
في الأُذْنِ ثَرثرةُ الليالي، ذِكرياتُ البارحةْ
ما زلتُ خارجَ مسجدٍ رَيْـثًا لِيُـنهِيَ فاتحةْ
نَرنو لأبراجِ الكنائسِ والمآذنُ صادحةْ
يا سيّدي هذا هو
ذُلاًّ أمامَكَ جاثما
في قيدِنا يَعوِي دَما
ونَراهُ وغدًا آثما
قلبي تَمزَّقَ
مثلَ هذي الخِرقةِ الخَرقاءِ
فَوقَ لَبانِهِ المَصبوغِ سَوطَ عذابِنا
دَمعي يَسيلُ
كمثلِ حُمَمٍ
مِن لهيبِ الآهِ تَلعنُ جَورَنا
ويلي أنا
يا سيدي
باللهِ كيفَ تَمدُّ كفَّكَ بالسياطِ لأجلدَهْ؟
باللهِ كيفَ تَزجُّ سيفَكَ لي فأبترُ ساعِدَهْ؟
باللهِ كيفَ يموتُ جوعًا في الليالي الباردةْ؟
يا سيدي ما ذنبُهُ؟
ذي أختُهُ عذريةُ الأوصافِ
تأمرُني لأهتِكَ عِرضَها
ذي أمُّه ولَطالما نادتْ عليّ بابْنِها
وتقولُ: فاخسفْ دارَها
وتقولُ: مَزّق طُهرَها
وتقولُ: وانسفْ رأسَها
وتقولُ: أوقدْهُم بنارٍ لا يَخفُّ أُوارُها
يا سيدي ما ذنبُهم؟
بل سيدي ذنبي أنا؟
لَوَدَدْتُ لو أبكي دمي وأنا أقبّلُ نعلَهمْ
لوددتُ لو عادَ الزمانُ وعدتُ فردًا بينَهمْ
ومزجتُ في صَفْوِ التوادِّ صليبَنا وهلالَهمْ
لكنَّهم يا سيدي بصقوا بوجهي أغلقوا أبوابهمْ
ورأيتُ نفسي وحشَ ذُعرٍ في عيونِ صِغارهمْ
وتَلطَّخَ اسمي بالحقارةِ والدناءةِ عندَهمْ
متأسّفٌ يا سيّدي
لا أنضوي كلبًا لكمْ
ولتفعلوا ما راقَكمْ
لكنْ أنا... إنّي بَشَرْ 

محمد حمدي غانم
1996

 

الأحد، 23 مارس 2014

وبستنّى


وبستنّى 

وبتمنّى
أشوفِك تاني لو لمحة
كأنِّك من الهنا نفحة
بنورِك عيني تتحنّى
يرفرف قلبي من الفرحة
يحطّ يمامة ف إيديكي
وينسى دنيته الجارحة
ويسكن في دفا عنيكي
وبعد الحزن يتهنّا 

وبستنّي
سنين ضاعت وأنا لوحدي
وشوش رايحة ووشوش جاية
وكل ما ضحكة بتعدي
يقول قلبي مهيش هيّا
حبيبتي فراشة م الجنة    

وما بينّا
يدوب التلج في المسافات
ويخلص سكر الحكايات
وألف ربيع يضيع تاني
وتدبل زهرة الأوقات
وفاكرك وأنتي ناسياني
وحبي ليكي يتغنَّى 

يا تمر الفرح يا حِنّة
يا عطر نسيم رياحنا
يا ريح دايرة طواحينا
في قلبي محبتك طارحة
يا أحلى عروسة بالطرحة
سمعتِك عازفة ألحانّا
أتاري القلب بِتمنّى
ويستنّى
وبَستنّى 

محمد حمدي غانم
22/3/2014

السبت، 22 مارس 2014

أسكنتها عمقي


أَسْكَنْتُهـا عُمْـقي 

هذا هو إلقائي للقصيدة:



علّمْتُها صَمْتي،
شرودي في متاهاتي
علّمْتُها ذاتي التي في عمقِ أنّاتي
فتعلّمتْني
أبصَرَتْ ناري فأمستْ في حكاياتي
علّمْتُها فتعلّمتْ
أحببتُها فتناثرَتْ دُرًّا مُضيئًا مِن مناراتي
أحببتُها: فتلوَّنَتْ بالسّحْرِ، بالأحلامِ،
بالعُصفورِ، بالأشْياءِ،
بالتّاريخِ، بالأفلاكِ،
بالرّوحِ التي تَسْري بجنّاتي
صارتْ أنامي أو أنا
صارتْ أنانِيَتي، أناتي
صارتْ بآلامي ملذاتي
سكوني طيَّ عينيها
رحيلي في مباهجِها
دموعي أو مسرّاتي
علّمتُها
أحببتُها
لوّنتُها
دوّنْتُ في مَسْرى النّسيمِ العَذْبِ
حلوى ثَغْرِها بعبيرِ همْساتي
أسكنْتُها عُمْقي
فلمّا جاوَزَتْ عُمْقي،
وأحْصَتْ كلَّ مُتَّكَئٍ وكُرْسيٍّ
ولوحةِ نَجْمةٍ دُرّيّةٍ سَكْرى
ودُرْجَ الذّكرياتِ
وسِحرَ مِصْباحِ الخيالِ
وغَفْـوَ أزهارِ الغدِ النادي على شُبّاكِ أمنيتي
ولمّا رتّبَتْ ما كان بَعْثَرَهُ الزّمانُ بداخلي
وأعادتِ الضّوءَ الدّفيءَ يُزيلُ أتربتي
ولمّا رَوْنَقَتْ أشْياءَها
وتوضّأَتْ بضيائِها
ودَعَتْ لقلبي بالسّكينةِ والرَّوَاءْ
حينا.. ولمّا أقبلَتْ رُسُلُ المساءْ
وقفَتْ ببابِ القلبِ، تنظُرُ شارعَ الإحساسِ يحْملُ عَوْدتي
في لحظةِ الحُزنِ العميقةِ في هدوءِ الليلِ
أو في بسْمةِ الذّكرى بساعةِ شوقِ قلبينِ اسْتَحَرّا
في شُرودِ الأمْنياتْ
يا خالقي!
وكأنّها ـ من نَبْتِ رَوْعتِها ـ أنا
منذُ استقرَّتْ في رِداءِ العُمْرِ سَوْسَنَه ـ أنا
في طِيبِ طِيبتِها ـ أنا
في ضَوءِ غُرَّتِها ـ أنا
شيءٌ طبيعيٌّ هو!
فأنا الذي علّمْتُها صَمْتي
شرودي في متاهاتي
علّمْتُها ذاتي التي في عُمْقِ أنّاتي
فتعلّمَتْني
أبصَرَتْ حزني
فضمَّتْني بعينيها،
تخبّئُني عن الأيّامِ بالأيّامْ  

محمد حمدي غانم
صيف 1998

صفحة الشاعر