المتابعون للمدونة

السبت، 22 مارس 2014

أسكنتها عمقي


أَسْكَنْتُهـا عُمْـقي 

هذا هو إلقائي للقصيدة:



علّمْتُها صَمْتي،
شرودي في متاهاتي
علّمْتُها ذاتي التي في عمقِ أنّاتي
فتعلّمتْني
أبصَرَتْ ناري فأمستْ في حكاياتي
علّمْتُها فتعلّمتْ
أحببتُها فتناثرَتْ دُرًّا مُضيئًا مِن مناراتي
أحببتُها: فتلوَّنَتْ بالسّحْرِ، بالأحلامِ،
بالعُصفورِ، بالأشْياءِ،
بالتّاريخِ، بالأفلاكِ،
بالرّوحِ التي تَسْري بجنّاتي
صارتْ أنامي أو أنا
صارتْ أنانِيَتي، أناتي
صارتْ بآلامي ملذاتي
سكوني طيَّ عينيها
رحيلي في مباهجِها
دموعي أو مسرّاتي
علّمتُها
أحببتُها
لوّنتُها
دوّنْتُ في مَسْرى النّسيمِ العَذْبِ
حلوى ثَغْرِها بعبيرِ همْساتي
أسكنْتُها عُمْقي
فلمّا جاوَزَتْ عُمْقي،
وأحْصَتْ كلَّ مُتَّكَئٍ وكُرْسيٍّ
ولوحةِ نَجْمةٍ دُرّيّةٍ سَكْرى
ودُرْجَ الذّكرياتِ
وسِحرَ مِصْباحِ الخيالِ
وغَفْـوَ أزهارِ الغدِ النادي على شُبّاكِ أمنيتي
ولمّا رتّبَتْ ما كان بَعْثَرَهُ الزّمانُ بداخلي
وأعادتِ الضّوءَ الدّفيءَ يُزيلُ أتربتي
ولمّا رَوْنَقَتْ أشْياءَها
وتوضّأَتْ بضيائِها
ودَعَتْ لقلبي بالسّكينةِ والرَّوَاءْ
حينا.. ولمّا أقبلَتْ رُسُلُ المساءْ
وقفَتْ ببابِ القلبِ، تنظُرُ شارعَ الإحساسِ يحْملُ عَوْدتي
في لحظةِ الحُزنِ العميقةِ في هدوءِ الليلِ
أو في بسْمةِ الذّكرى بساعةِ شوقِ قلبينِ اسْتَحَرّا
في شُرودِ الأمْنياتْ
يا خالقي!
وكأنّها ـ من نَبْتِ رَوْعتِها ـ أنا
منذُ استقرَّتْ في رِداءِ العُمْرِ سَوْسَنَه ـ أنا
في طِيبِ طِيبتِها ـ أنا
في ضَوءِ غُرَّتِها ـ أنا
شيءٌ طبيعيٌّ هو!
فأنا الذي علّمْتُها صَمْتي
شرودي في متاهاتي
علّمْتُها ذاتي التي في عُمْقِ أنّاتي
فتعلّمَتْني
أبصَرَتْ حزني
فضمَّتْني بعينيها،
تخبّئُني عن الأيّامِ بالأيّامْ  

محمد حمدي غانم
صيف 1998

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر