المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

الداروينية محيط هائل من العبث!


الداروينية محيط هائل من العبث!

هناك شخص علق على انتقاداتي لخرافة داروين محاولا تبسيط الاحتمالات المعقدة بمثال بدائي عن طائرة ترمي كرة لتسقط في حفرة وقال:
"لو أن عدد الحفر بالملايين والكرات بالملايين فستسقط كرة منها في حفرة"!
وهذا في رأيه يجعل كل شيء ممكنا.. هذا ردي الكامل عليه:
 
أولا: أرجو أن تقرأ كتابي عن خرافة داروين بعناية، ففيه تفصيل تدريجي لموضوع الاحتمالات، سيرد على أي تخيلات في ذهنك.

ثانيا: الاستحالة لا تأتي من حدوث صدفة ضئيلة الاحتمال بعد مليارات المحاولات.. الاستحالة أنك تنتظر حدوث سلسلة من الصدف بالترتيب الصحيح لصنع نظام System وهذا يخالف كل قواعد الرياضيات والهندسة والنظم المعروفة.. فتجميع 3 مليار شفرة على شريط DNA كيميائيا بالصدفة أمر خارج الحسابات الرياضية.. هذا دون النظر إلى المعلومات التي تحتويها هذه الشفرات الوراثية.. أما إذا انتظرت أن تحصل من بين كل تباديل وتوافيق 3 مليار شفرة على الترتيبات الصحيحة للمعلومات التي تنتج مخلوقات حية سليمة وصحيحة وجميلة الشكل ومتكيفة مع البيئة ... إلخ، فهذا يجعل المستحيل مجرد قطرة في بحر العبث!

ثالثا: سأفترض معك جدلا أن الصدف يسيرة الحدوث جدا بهذا الشكل، فهذا معناه أننا سنعثر على مخلوقات جديدة كل يوم، وسنرى تغيرات درامية في المخلوقات الحية كل يوم.. فما الذي اختلف في الماضي عن الحاضر؟
لاحظ أن الخط الزمني مستمر.. بمعنى أنك لو كنت تظن أن مليار سنة مثلا هو زمن مناسب لحدوث صدفة معينة، فأحب أن أبشرك أن هناك مليار سنة قد مرت وأنت تقرأ هذا الكلام الآن ولم يحدث شيء.. الأرض موجودة منذ أكثر من 4.5 مليار سنة بالفعل!

رابعا: الاستحالات أعقد بكثير من تكوين جزئ مفرد أو بروتين مفرد أو شريط DNA مفرد بالصدفة.. فالمطلوب أن يحدث التالي:
1- توفر المواد الخام المناسبة في الوقت المناسب والمكان المناسب والظروف المناسبة من درجة الحرارة والضغط وغيرها.
2- تكون شريط DNA يحتوي على معلومات صحيحة، مع وجود آلية لترجمته لبناء البروتين من الأحماض الأمينية.. وأن يوضع كل هذا داخل غشاء من البروتوبلازم يحميه من الوسط المحيط، ويأخذ منه الغذاء ليولد الطاقة اللازمة للعملية، ويتخلص من الفضلات.. أصلا هذه الآليات كلها مبرمجة على شريط DNA فكيف تولد معه وهو لم يصنعها بعد؟.. DNA هنا هو الدجاجة، وآلية تصنيع البروتين بواسطة RNA هي الديك، والخلية الحية هي البيضة!.. المشكلة هنا أن الدجاجة والديك والبيضة يجب أن توجد معا في نفس اللحظة في المكان الصحيح والوقت الصحيح!
3- بعد أن تنجح الصدفة في خلق الدجاجة والديك والبيضة معا، فإن ظروف خلقها المزعومة وسط الإشعاع الكوني والزلازل والبراكين والأعاصير والبيئة العدائية المميتة ستقتلها فورا!.. في الحقيقة يجب أن يتم خلق ملايين الخلايا معا فجأة لتحصل قلة منها على فرصة للبقاء.
4- كل هذه الاستحالات لتكوين خلية واحدة.. أما اللعب بشفرتها الوراثية ليخرج منها 9 مليون نوع مختلف من المخلوقات يحتاج لمحاولات تتجاوز عمر الكون المعروف ترليونات المرات! 

رابعا: تكوين خلية حية في المعمل عمل معقد جدا وغير ممكن حاليا بأي تقنية غير توليد الحياة من الحياة وليس خلقها من المواد الكيميائية.. وإن أمكن جدلا فعل هذا مستقبلا، فسيتم تصنيع DNA وباقي مكونات الخلية باستخدام تقنية النانو، لتشبيك الجزيئات معا فيما يشبه الهندسة، وليس باستخدام تفاعلات كيميائية عمياء.. كل هذا يحدث في جسمك وأجسام المخلوقات الحية من ملايين السنين وهذه أرقى تقنية على وجه الأرض لم يصل إليها الإنسان بعد.

خامسا: احتمال إلقاء كرة في ثقب على الكرة الأرضية دون أن تعرف مكانه = صفر.. السؤال هو: من الذي سيحفر مليون ثقب ومن الذي سيلقي مليون كرة؟.. هذه ليست صدفا، بل تصميم!
هذا هو ما يحدث عند التكلم عن صنع خلية حية.. ولو شئت أن تجعل المثال واقعيا ويمثل DNA مثلا، فيجب أن يكون كالتالي:
لديك طائرة فيها 12 مليار كرة لها أربع ألوان مختلفة (تمثل النيوتيكليدات الأربع المختلفة، التي تصنع كل أربعة منها معا شفرة وراثية)، وسأفترض معك للتسهيل أن سطح الكرة الأرضية كله ثقوب، وأن كل كرة ستسقط في ثقب لا محالة.. الآن، ما هو احتمال أن تسقط الكرات الملونة في الثقوب لتكوين سلسلة مرتبة الألوان بحيث تعطي شفرة شبيهة بالشفرة الوراثية الخاصة بك؟
لديك 64 شفرة محتملة، و 3 مليار موضع مختلف للشفرات.. الاحتمالات هي تكوين 64 أس 3 مليار شفرة وراثية مختلفة، وهو رقم خارج حدود الرياضيات والخيال البشري.. شفرتك الوراثية هي احتمال واحد فقط من بينها.. مع ملاحظة أن هذه الاحتمالات ستصنع كل البشر الأصحاء والمرضى والمشوهين، ومخلوقات ميتة غير قابلة للحياة وكتل مشوهة بلا معنى من البروتوبلازم وباقي أشكال الحياة الممكنة التي وجدت أو لم توجد بعد، كصنع إنسان بأجنحة يشبه الملائكة مثلا، أو صنع إنسان بقرن... إلخ.. لكن المتوقع أن نسبة الشفرات العبثية الفاشلة سيكون أكبر بكثير، بحيث أن احتمال شفرات الحياة سيكون أشبه بقطرة في محيط مظلم من العبث!
فالسؤال مجددا: هل إلقاء الطائرة ل 12 مليار كرة مرة واحدة كاف؟.. وكم مرة تحتاج الطائرة لإلقاء الكرات، لتغطي احتمالات مناسبة من بين 64 أس 3 مليار؟
والسؤال الأهم: هل يوجد وقود على سطح الأرض يكفي لتشغيل الطائرة، ولكم سنة؟.. وإذا استخدمت مليون طائرة، فمن سيصنعها ومن سيقودها ومن يصنع ترليونات الكرات التي ستلقيها؟

لو وجدت إجابة عن هذه الأسئلة، فستعرف إجابة السؤال الأزلي: ما هي الصدفة، ومن أين جاءت، وكيف أوجدت الكون من العدم، وكيف أوجدت الحياة من الموت؟
طبعا لا يوجد شيء اسمه صدفة.. نحن نعرّف الظروف غير المدبرة بشريا بأنها صدفة، لكنها ليست صدفة، بل يخضع بعضها مثل حركة الرياح لقوانين رياضية غير خطية من درجات معقدة تجعل عقولنا عاجزة عن استيعابها، وهي في النهاية تتبع قوانين الفيزياء المطردة التي لا علاقة لها بالعشوائية أو الفوضى أو الصدفة، والتي تدل على نظام محكم للكون من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة، تقدير الحكيم العليم.
أما ما يقع خارج هذه المعادلات غير الخطية من احتمالات غير ممكنة، فلا يمكن حدوثها إلا بتدخل إلهي مباشر، مثل خلق الكون من العدم وخلق كل نوع من أنواع المخلوقات الحية.
يمكن أن أختصر لك كل ما سبق بجملة واحدة:
الفارق بين التصميم الذكي والصدفة، هو أن التصميم الذكي يوفر الوقت والطاقة والجهود المهدرة.. فالذكي لديه هدف، ولديه وسائل لتحقيقه، لهذا يضع تصميما لتنفيذه.. كل ما تراه في الكون من نظم، هو نتاج تصميم ذكي له هدف.
اقرأ الكتاب، فسيفيدك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر