المتابعون للمدونة

الخميس، 22 يناير 2015

لماذا يعبد الملاحدة العدم؟


لماذا يعبد الملاحدة العدم؟ 

هذه تأملات كتبتها بعد مشاهدتي لهذا الفديو:

https://www.youtube.com/watch?v=08w8EKvtwzI

هناك ثلاثة معتقدات رئيسية تلتقي كلها عند سؤال واحد بلا إجابة يمكن إثباتها علميا أو منطقيا:

 - عبادة الإله:

أصحاب هذا المعتقد يؤمنون أن هناك خالقا أوجد هذا الكون وفي هذه الحالة يكون سؤال الملحدين: كيف أوجد هذا الإله نفسه؟.. إنه خالد ذاتي الوجود.

- عبادة الصدفة.. أو عبادة العدم:

أصحاب هذا المعتقد يؤمنون أن هذا الكون نشأ من العدم بالصدفة منذ ١٥ مليار سنة وفي هذه الحالة يكون السؤال: كيف أوجدت هذه الصدفة نفسها في العدم بدون مادة وبدون طاقة لتخلق فجأة المادة والطاقة والمكان والزمان وقوانين الفيزياء.. ألا يعني هذا أن هذه الصدفة عاقلة مدركة كلية القدرة متعالية على الزمان والمكان والمادة والطاقة والقوانين، وأنها بهذا تكون هي نفسها الإله؟

- عبادة المادة:

أصحاب هذا المعتقد يؤمنون أن الكون أزلي بلا بداية.. هذا يتعارض مع نظرية الانفجار العظيم Big Bang، لكن من يؤمنون بها يدعون أن الكون ينفجر ويتمدد ويتقلص وينفجر إلى ما لا نهاية (بدون أي دليل علمي مادي على هذا الافتراض).. في هذه الحالة يكون السؤال: كيف أوجد هذا الكون نفسه؟.. إنه خالد ذاتي الوجود!

 

كما تلاحظون: تصطدم جميع هذه المعتقدات بحائط مجهول يخرج عن نطاق العلم، ويجعلها تستند في النهاية إلى فرضيات غيبية لا يمكن إدراكها أو تصورها عقليا أو إثباتها علميا.. أي أنها تحتاج جميعا إلى قفزة إيمانية Leap Of Faith وليس إلى دليل مادي تجريبي لا يقبل الجدل!

وهذا معناه ٱن ادعاءات الماديين (من يعبدون المادة أو العدم) بأنهم المتحدث الرسمي الوحيد باسم العلم، وأن كل من عداهم يتكلمون بالخرافات، هو ادعاء كاذب، فالكل ـ شاءوا أم أبوا ـ محاصرون في هذه الدنيا بالمجاهيل والغيبيات.

بل العكس هو الصحيح: فالعقل البشري وما توصل إليه من علوم ومعارف مبني على السببية، وهو يعجز عن تقبل فكرة خروج النظام من الفوضى، وانبثاق الوجود من العدم بدون مسبب.. فالعلم جاء ليبحث عن القوانين المطردة القابلة للتكرار ولا يمكننا قبول الادعاء بأن أصل العلم صدفة بلا قانون، ولا أن كل هذه النظم المادية والحيوية قد تكوّنت عشوائيا بطريقة عمياء.. لهذا فإن المؤمنين أكثر اتساقا مع العلم من الملحدين من زاوية السببية، فالكون عندهم مسبَّب، والحياة لها غاية، وكل هذا يتسق مع إيمانهم بأن إدراكهم العقلي للعالم هو يقين وحقيقة وليس مجرد حلم أو وهم أو وعي عبثي خاطئ نشأ بالصدفة مشكوك في مدركاته أصلا!.. وكل هذه المسلّمات لا يمكن للملحدين إثباتها أو نفيها علميا، فالعلم نفسه منتج من منتجات الوعي البشري، ولا يمكن للمستوى الأقل (العلم) الحكم على المستوى الأعلى (الوعي)!

الخلاصة: الدين هو الحل الأقرب للعلم والعقل والمنطق والفطرة.. يمكننا أن ننتقد الأديان المختلفة ونرفض هذا ونقبل ذاك، ونقول إن هذا دين وثني أو مجموعة خرافات، وهذا دين سماوي لكنه محرّف، وهذا دين صحيح.. لكنني مقتنع تماما أنه حتى الوثني المتخلف الذي يعبد صخرة أو بقرة هو أكثر عقلانية واقترابا من المنهج العلمي (لأنه بحث عن السبب فأخطأه) من الملحد الذي يصنع سفينة الفضاء ليبحث عن الصدفة التي خلقت العلم الذي يطبقه (لأن هذا عبث غير سببي وغير علمي)!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر