المتابعون للمدونة

الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

طفل بلا وطن


طفلٌ بلا وطن 



عجبًا: بموتِكَ كيفَ زِدتَ براءةً
وغفوتَ بينَ الرملِ والأمواجِ؟
تَستقبلُ البحرَ الذي سامحتَهُ
عن لَفْظِ سِرِّكَ حينَ كُنتَ تُناجي
نَمْ يا صغيري ما مكانُكَ ها هنا
في خُلْدِ رَبِّكَ ما فُؤادُكَ راجي
هذي بلادٌ لا تُحبُّ طُيورَها
قد زُيِّنَتْ للشرِّ والأعلاجِ
وبرغمِ قَسوتِها تُقبّلُ أرضَها!
منها بدايةُ رحلةِ المِعراجِ
أحسنْتَ ظنًّا مِن نقاءِ سريرةٍ
ما كنتَ يومًا لاعنًا أو هاجي
أأراكَ لا تَدري بأنَّكَ ميتٌ
والحالمونَ بلقمةٍ وعلاجِ
حتّى زنيمُ القصرِ يَحفظُ عَرشَهُ
وسبيلُهُ دَمويّةُ الحَجَّاجِ
وحثالةُ الأعرابِ دُونَكَ أغلقوا
عادينَ بابَ الغَوثِ بالمزلاجِ
ما كفّنوهُمْ حينَ ماتَ شعورُهم
غِيدَ القصورِ وساكني الأبراجِ
شربوا خمورَ الدمِّ في لذّاتِهم
في غيِّهِم ضلّوا عن المِنهاجِ
وبلادُ أوروبا حُرِمتَ لُجوءَها
عنها مُنِعتَ بحاجزٍ وسياجِ
كلُّ الملوكَ رَموكَ حينَ رأيتَهمْ
سُودًا عرايا في قُصورِ زجاجِ
فهمستَ في دمعٍ لنومِ ضميرِهم:
"فلتقبلوا أسفي على الإزعاجِ"!
لم يَبقَ غيرُ البحرِ، حينَ بَثَثْـتَهُ
شَكواكَ رَدَّ بِعَصفةٍ وهِياجِ
لم يَدْرِ شوقًا حينَ ضمَّكَ أنّهُ
أجرى عليكَ الحُكمَ بالإفراجِ
أتريدُ أن تَقضي اختناقا مثلما
سبعينَ نفسًا كُدِّسَتْ كنعاجِ؟
أو كنتَ تُصبحُ مِن عبيدٍ حُلمُهمْ
أن يَعلِفُوهم في حظيرِ دجاجِ؟!
يا بِئْسَ مَنْ عشقوا الحياةَ ذليلةً
هَلَكَ الجميعُ وأنتَ كنتَ الناجي
نَمْ يا صغيري ما مكانُكَ ها هنا
وغدا يجيء الصبح بالإبلاجِ
محمد حمدي غانم
2/9/2015

 

هناك تعليق واحد:

  1. مجاراة الشاعر يحيى صمايري لقصيدة "طفل بلا وطن":

    رجعَتْ به الأمٰواجُ للأدراجِ = ومُناهُ تَرسُبُ في المحيطِ الداجي
    حتّى اتساعُ البحرِ ضاقَ بلاجئٍ = رفقًا مياهَ البحرِ بالأفواجِ!!
    رفقًا بهذا الغِرِّ لم يبدأْ ولمْ = يَرَ بَعدُ غيرَ عُبابِكَ المهتاجِ
    مِن قبلِ بِدْءِ عَنَا الحياةِ قد انتهى = كالزهرةِ العطشَى على الأمواجِ
    كم ماتَ والدُهُ بآخرِ لَمسةٍ = يَرجو فَلَمْ يَشفَعْ رجاءُ الراجي

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر