ملوخية بالسبانخ..
ثقافة الأكل!
شربت منذ قليل كوبا كبيرا (Mug)
من الملوخية المخلوطة بالسبانخ.. وللمفاجأة السارة وجدت فيه قطعة لحم :).. لمعرفة
السبب يجب أن أحكي لكم القصة:
في شهر أكتوبر الماضي أصابني دور برد صاحبه التهاب مفاجئ لعدة
مفاصل في جسمي أسوأها كان الركبتين، وظللت معظم ذلك الشهر أعاني في النوم والمشي
وآخذ الكثير من الأدوية.. وكان من الواضح لي أنني أحتاج إلى تعديل نظامي الغذائي،
الذي أعبث به منذ ثلاثة أعوام (بعد أن عبرت سنن الأربعين) لمواجهة زيادة حمض
اليوريك والدهون الثلاثية (مشاكل السمنة ما بعد الأربعين)، وواضح أنني لم أستطع أن
أصل إلى توازن جيد، لأنني سقطت في الأخطاء التالية:
1- قللت البروتين الحيواني جدا (لأنه أحد أسباب ارتفاع حمض
اليوريك)، لكنه يحتوي على أحماض أمينية غير موجودة في البروتين النباتي مهمة للجسم
والعظام.
2- نادرا ما آكل السمك أو أشرب اللبن.. كما أن محاولة تقليل
الخبز جعلتني أبتعد عن أكل الأجبان لأنها لا تملأ المعدة بمفردها وتستدرجني لأكل
رغيفين أو ثلاثة في الوجبة.. أكل رغيفين يوميا يثبت وزني، وأكل أكثر من هذا
يزيده.. الأسماك والألبان ومنتجاتها أهم مصادر فيتامين د.
3- البيض رفع لدي الكولسترول في إحدى الفترات، لهذا لم أكن آكل
سوى بيضتين أسبوعيا.. البيض أيضا مصدر للبروتين الحيواني وفيتامين د.
4- نمط حياتي يجعلني قليل التعرض للشمس وهي مصدر تكوين فيتامين
د طبيعيا في الجسم. بالمناسبة هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلني أتحمس لطلاء
الشبابيك على السطح.. أنا أبيض البشرة لكني أسمر دا في الصيف، لكني أحاول هذا
الشتاء أن أظل أسمر :) .
5- حتى حينما كنت أشرب اللبن كنت أضيف إليه الكاكاو.. اللبن
غني بالكالسيوم، والكاكاو غني بالأوجزالات، وهذا ينتج عنه أوجزالات الكالسيوم وهي
لا تمتص من الأمعاء وتخرج مع الفضلات، وبالتالي تضيع فرصة الاستفادة بالكالسيوم..
نفس المشكلة في طبق سلطة الطماطم الذي كنت أستخدمه لتقليل الأرز والمكرونة في الغداء
فهو غني بالأوكزالات التي تتحد مع الكالسيوم في المعدة أو في الدم.. لو تكونت
أوكزالات الكالسيوم في الدم يمكن أن تسبب حصوات في الكلى.. في كل الأحوال سيقلل
هذا من الكالسيوم اللازم لتدعيم العظام.
6- هناك خضروات كثيرة غنية بالمعادن كالحديد والكالسيوم
والمغناسيوم والبوتاسيوم لا أحبها ولا آكلها، مثل الملوخية والسبانخ والكوسة.
واضح أن كل هذه الأخطاء إضافة إلى زيادة الوزن هي ما سبب
المشكلة.. الحقيقة أنني مررت بمشكلة مشابهة في طفولتي (قبل المدرسة)، فبسبب
كراهيتي لمعظم الطعام أصابني الهزال والأنيميا ولين العظام في إحدى الفترات، ولا
يمكن أن أنسى كم الحقن التي أخذتها في تلك الفترة، وهي أحد أسباب عزوفي عن دخول
كلية الطب، فقد كان لدي خوف مرضي (فوبيا) من الأطباء والمستشفيات بسبب تلك الفترة!
لكل هذا، بدأت في الشهور الأخيرة نظاما غذائيا مختلفا، يهدف
إلى تقليل وزني لتخفيف العبء على المفاصل والتخلص من الدهون ومشاكلها (وهي أحد
أسباب صعوبة تخلص الكلى من حمض اليوريك)، ولتوفير البروتين والكالسيوم وفيتامين د
اللازمة لتقوية العظام.. والأمور تسير بشكل جيد بحمد الله، فقد تخلصت من حوالي 10
كجم إلى الآن ومستمر إلى أن يستقر وزني بإذن الله ما بين 80 و 85 كجم، ومفاصلي
تحسنت بشكل كبير، لكن ما زلت أعاني قليلا في الجلوس للتشهد، لكن الأمور في تحسن
مستمر.
أهم نقطة في نظامي الحالي، هي كيف أتقبل الأطعمة التي لا أحبها،
لهذا أتبع هذا النظام:
1- بالنسبة للّبن، أنا لا أحب رائحته وطعمه الدهني، لكني توقفت
عن مزجه بالكاكاو، وحاليا أستخدم ملعقة صغيرة من البُن لتغيير طعمه، أو أضيف له
السحلب في بعض الأيام.. البن والسحلب فيهما أوكزالات أيضا لكن طعم البن نفاذ جدا
لهذا يكفي القليل منه، إضافة إلى أنه مفيد في علاج النقرس إن استخدم بكميات قليلة..
أما السحلب فهو مستورد وسعره غال لهذا يضيفون إليه مكونات كثيرة أخرى كدقيق الأرز
والسكر والنشا وجوز الهند والمكسرات والزبيب وغيرها، لهذا لا أظن أنه يعطي نفس
تأثير الكاكاو.. وعلى كل حال لا أشربه كل يوم.. بهذه الطريقة صار إفطاري كوبا كبيرا
من اللبن وفقط، خاصة أنني أشرب لترا من المياه صباحا للمساعدة في التخلص من
الأملاح واليوريك آسيد.. ويمكن أن آكل بعض الجزر أو إصبع موز إلى أن يحين الغداء.
2- أما الملوخية فأنا لا أحب أكلها بالأرز ولو أكلتها بالخبز
تستدرجني لأكل عدة أرغفة، لهذا قررت شرب كوب كبير منها كل فترة.. والليلة قررت أن
أذوق السبانخ فلم أجدها سيئة، فقررت شربها أيضا، ولكن نظرا للزوجتها العالية،
خلطتها بالملوخية وشربت كوبا كبيرا من هذا المزيج :).. كان الطعم جيدا، ولكن ما
أخشاه هو الإسهال :D
3-
أما السمك فأنا لا أحب البلطي وأسماك المياه العذبة، لكني أحب البوري والبلميطة،
فخصصت لهما يوما واحد في الأسبوع بالتناوب.. وأحيانا آكل تونة معلبة بدلا منهما،
لكن لا أكثر منها لأنها تحتوي على نسبة من أكسيد الزئبق والكثير منه سام.. يكفي
مرة واحدة أسبوعيا.
4- تخلصت من طبق السلطة في الغداء (للطماطم فوائد لكن يكفي
وجودها في الصلصلة)، وآكل بعض الخضروات الورقية، مع برطمان من عصير الليمون
الممزوج بالبقدونس (بدون سكر) لملء المعدة وتقليل الأرز والمكرنة.. مع ملاحظة أنني أعصر
ليمونتين كبيرتين فقط لعدم زيادة حموضة المعدة.. الليمون غني بفيتامين سي الذي
يرفع المناعة، وبحمض الستريك الذي يذيب الدهون ويساعد في منع وتفتيت حصوات
الكالسيوم، كما أنه غني بالمغنسيوم الذي له دور أيضا في تفتيت الحصوات ومواجهة
النقرس.. لاحظوا أن المادة الفعالة في دواء معالجة أملاح الأوكزالات هو سترات
الماغنسيوم، أي أن الليمون قادر على أداء نفس الدور.. أما البقدونس فهو يساعد في
إدرار البول وله فوائد كثيرة.
5- لم أزد اللحوم في هذا النظام الغذائي.. أنا أتناول اللحم
البقري مرة أسبوعيا (زدت كميته قليلا)، ولحم الدجاج مرة أسبوعيا.. باقي الأيام
أعتمد على البروتين النباتي، لكن أضفت له بيضة واحدة لتعويض نقص البروتين
الحيواني.. ومع وجود كوب لبن يوميا أظن هذا معقولا وحقق نتائج جيدة.
6- بالنسبة لي، صارت مشكلة اليوريك آسيد والنقرس مزمنة منذ
ثلاث سنوات، لهذا أحتاج لأدوية اليوريك آسيد.. تناول هذه الأدوية يوميا لسنوات
يقلقني من أعراضها الجانبية، لهذا قررت أن أمزج بين الأدوية والأغذية الطبيعية مثل
البن والبقدونس والخس والليمون والحمضيات والإكثار من شرب المياه.. أما الأدوية
فهناك أربع مواد فعالة مختلفة لمعالجة اليوريك آسيد والنقرس (اثنتان تثبطان أنزيم
الزانثين في الكبد واثنتان تزيدان إفراز اليوريك آسيد من الكلية)، بعد تجربة كل
منها منفردة في السنوات الماضية ومعرفة تأثيراتها عليّ، قررت أن أمزج بينها بحيث آخذ
كل نوع من الدواء مرة واحدة أسبوعيا لتقليل الآثار الجانبية إلى أدنى حد، كما أني
جعلت بين كل نوع وآخر يوما لا أتعاطى فيه أدوية لمنع أي تداخل بينها.. ما زلت أجرب
هذا النظام وأرجو أن ينجح.
7- أضيف أيضا نصف ملعقة صغيرة من الزنجبيل إلى طبق الفول في
العشاء.. الزنجبيل عدة أدوية مندمجة معا، فله تأثير الإسبرين (منع التجلط وزيادة
سيولة الدم) وتأثير أدوية الدهون فهو يساعد في حرق الدهون والتخسيس، وتأثير
المسكنات وتخفيف الأورام، لهذا هو مفيد لالتهابات المفاصل واحتقان الحلق وغيرها،
كما أنه مضاد للأكسدة وعوامل الشيخوخة وغيرها من الفوائد.. لكن يجب ألا تزيد جرعته
اليومية عن 3 جم حتى لا يزيد سيولة الدم لدرجة تسبب النزيف ومنع التئام الجروح..
أضيف أيضا للفول زيت الزيتون لأن فوائده كثيرة منها مقاومة الكولسترول الضار،
وتزويد الجسم ببعض أوميجا 3.
8- لا أشرب الشاي، وأشرب بدلا منه الينسون والعناب والحلبة
وغيرها، ولا أضع فيها أي سكر.
9- أخيرا، أستخدم بعض المكملات الغذائية للمساعدة في إنهاء
مشاكل المفاصل:
أ. أولها بالطبع فيتامين د (1000 وحدة دولية فقط يوميا لأن
زيادته قد تسبب مشاكل، وسأوقفه في الصيف بإذن الله أو أقلل منه جدا عى حسب تعرضي
للشمس).
ب. زيت السمك (أوميجا 3) قرص واحد يوميا ما عدا اليوم الذي آكل
فيك السمك، مع الحذر لأن زيادة أوميجا 3 يزيد سيولة الدم.
ج. قرص دروفين للمساعدة في منع تآكل الغضاريف وإعادة بنائها.
10- لا أنصح بأخذ حبوب الكالسيوم إلا لمن يعانون من هشاشة
العظام وبإشراف الطبيب.. الكالسيوم موجود في كل شيء تقريبا: السمك واللبن والبيض
واللحوم والفواكه (خاصة البرتقال والرمان) والخضروات، وحتى الأرز والقمح فيهما نسب
قليلة من الكالسيوم ونحن نأكلهما كثيرا.. حدوث نقص في الكالسيوم في الجسم قد يكون
ناتجا عن اتحاده بالاوكزالات كما شرحت، أو مشاكل في امتصاصه من الأمعاء (امتصاصه
من اللبن هو الأفضل لاحتوائه على اللاكتوز وفيتامين د والمغنسيوم)، أو وجود مشاكل
في الغدة الدرقية لأنها تفرز الهرمون الذي ينظم الكالسيوم في الدم.. أخذ حبوب
الكالسيوم يزيد نسبته فجأة في الدم وهو ما قد يكون حصوات في الكلى، أو يتحد مع
الدهون لتكوين جلطات ويسبب أزمات قلبية!.. خذوا الكالسيوم من مصادره الطبيعية، فإن
استمرت المشكلة، فابحثوا في الأسباب التي أشرت إليها.
أحببت أن أشارك معكم هذه التفاصيل لأنني أجمع هذه المعلومات
بالقراءة والبحث والتجريب واستشارة الأطباء منذ ثلاث سنوات.. للآسف نحن لا نتعلم
في المدارس كيف نأكل مع أن هذه الثقافة أهم للصحة وأكثر فائدة بكثير من المعلومات
التي بلا قيمة التي يحشون بها كتب المدرسة.. من المهم أن تعلموا أطفالكم أن الطعام
كالدواء مطلوب فيه التنوع والتوازن، وأن تجدوا طريقة لتغيير طعم الأطعمة التي لا
يحبونها حتى لا يحرموا من فوائدها، مع ضرورة النشاط والحركة والتعرض للشمس.. أشعة
الشمس تساعد في تحويل جزء من الكولسترول إلى فيتامين د.. هذا يعني تقليل
الكولسترول وتكوين العظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.