يسخر الملحدون من آيات القرآن التي تقول إن الله سبحانه خلق السماوات والأرض في ستة أيام.. لكن الأسوأ من هذا أنني رأيت من يرد عليهم بأن هذه الأيام الستة تساوي 6000 سنة، مستدلا بقوله تعالى في القرآن الكريم: (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)!
وهذه قفزة عجيبة في الاستنتاج، ولن
تحل أي مشكلة لدى الملحدين، حتى مع قوله إن الـ 6000 سنة هي زمن الخلق وليست عمر
الكون، فهذا الرقم صغير جدا بالنسبة للأزمان اللازمة لتشكل النجوم والمجرات، كما
أن القرآن أكد في مواضع كثيرة أن الزمن الإجمالي لخلق السماوات والأرض معا هو 6 أيام،
ومن المستحيل أن يتشكل كوكب الأرض في 6 آلاف سنة من سنواتنا المعروفة بعد الانفجار
العظيم، خاصة أن القرآن فصل الأيام الستة التي خلقت فيها الأرض إلى يومين للخلق
وأربعة أيام لتقدير الأقوات والأرزاق وهذه قد تعني الحقب الجيولوجية التي تشكل
فيها الغلاف الجوي ونشأت الحياة وظهرت النباتات والحيوانات وتكون الفحم والبترو
وكل هذا من الأقوات التي نعتمد عليها اليوم.. فهل حدث كل هذا في 4000 سنة فقط؟
لهذا من المنطقي أن نفرق بين أيام
الله المذكورة في الآية الكريمة، وبين أيام الخلق، لأن الله سبحانه ذكر في موضع
آخر في القرآن عن يوم القيامة:
(تعرج الملائكة والروح إليه في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة).
فلماذا نحسب يوم الخلق بألف سنة، ولا
نحسبه بخمسين ألف سنة؟ علما بأن الأقرب للمنطق أن يكون كل يوم من أيام الخلق الستة
أقرب إلى يوم القيامة، لأن القرآن يقول: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ
السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً
عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ).. فالكون يوم القيامة سيعود لحالة تشبه حالة
بدايته.
لكن.. هل 300 ألف سنة (6 * 50 ألف
سنة) تكفي لخلق السماوات والأرض؟
هنا أريد أن أطرح تأملا عجيبا حول
الآية الكريمة (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).. فهنا
لم تقل الآية "مما تعدون" كما في الآية (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما
تعدون)!
وهنا أسأل:
ماذا لو أن أيام تلك السنة محسوبة بأيام
الله أصلا وليست بأيامنا، بمعنى أن كل يوم فيها "كألف سنة مما تعدون"؟
هذا يجعل يوم القيامة = 50 ألف سنة كل
يوم منها بألف سنة من سنواتنا = 50 ألف * 354 يوم في السنة القمرية * ألف سنة =
17700 مليون سنة = 17.7 مليار سنة قمرية، أي حوالي 17 مليار سنة شمسية!
ولو قال قائل: لكن عمر الكون 13.5
مليار سنة فقط، فكيف يكون اليوم الواحد من أيام الخلق بـ 17 مليار سنة؟.. فسأقول
إن عمر الكون الذي نعرفه هو تقديرنا نحن تبعا لقدرة آلات الرصد لدينا الآن وما
نراه من الكون من زاويتنا فيه، ومن المحتمل أن تتغير هذه الأرقام مع تطور تقنياتنا
العلمية، ولا أستبعد أن يكون الكون أكبر وأقدم من هذا بكثير!
الخلاصة: الله أعلم.. آيات القرآن لم
تحدد أرقاما صريحة لزمن خلق السماوات والأرض، فاليوم في القرآن نسبي والتأويل يفتح
المجال لاستنتاجات كثيرة تبدأ من من 6000 سنة وتمتد إلى 300 ألف سنة، ويمكن أن تصل
إلى 17 مليار سنة!.. فأرجو ألا يستسهل أحد إطلاق الأحكام القاطعة على كتاب الله،
فما يعلم تأويله إلا الله سبحانه.