بين الشمس والقمر

 يخلط كثيرون بين العام الشمسي والتقويم الميلادي وبين العام القمري والتقويم الهجري... فمواسم الزراعة مثلا عند كل شعوب العالم مرتبطة بالعام الشمسي مع اختلاف التقويم الذي اتبعوه في ذلك لأن حل مشكلة ربع اليوم الزائد الناتج عن دوران الأرض حول الشمس دورة كاملة في 365 يوما وربع اليوم، سببت مشاكل كثيرة وبعض التقاويم كانت تجعل الشهور 30 يوما وتضيف شهرا كل عدة أعوام، وبعضها الآخر كان يجعل كل الشهور 31 يوما ويحذف أسبوعا كل فترة، إلى أن وصلنا إلى إضافة يوم إلى شهر فبراير كل أربع سنوات في التقويم الجريجوري الذي يحتوي على شهور مدتها 30 يوما وأخرى مدتها 31 يوما، مع العلم ان هناك كسورا من الدقائق ستحتاج لتصحيح كل عدة قرون لكن هذا لا يشغلنا الآن بالتأكيد :D

والعام القمري أيضا استخدمته شعوب كثيرة فحركة القمر تؤثر في الجزر والمد لهذا تدخل في حياة الشعوب الساحلية والبحارة، ونحن نحدد الصيام والحج والزكاة بالشهور القمرية، وأيضا هناك تقويمات مختلفة في العالم مبنية على حركة القمر.
وبالمناسبة آيات تحريم النسيء واعتماد التقويم القمري في القرآن كانت تأسيسا لحكم المسلمين للعالم لتوحيد التقويم في كل البلاد التي سيحكمونها وبدون هذا كان العرب سيقعون في فوضى عارمة بسبب تضارب التقاويم في تلك الدولة الكبيرة الممتدة من الصين والهند الى أسبانيا مرورا بشمال ووسط أفريقيا.
ولكن هذا لم يلغ اعتماد الفلاحين على حركة الشمس في الزراعة لهذا ستجدهم في مصر مثلا ما زالوا يعرفون الشهور القبطية.
وبالمناسبة: لا يوجد مانع من إنشاء تقويم شمسي يبدأ عد السنين من عام الهجرة النبوية... يعني بدلا من أن نكون في ٢٠٢٣ سنكون مثلا في عام ١٤٠٠ من الهجرة شمسيا، وسنهنئ أنفسنا حينها بالهجرة النبوية في يناير وتنتهي المشكلة الفقهية عند البعض :D.. والتقويم الشمسي مستخدم في القرآن الكريم: (ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعا).. 300 سنة شمسية، تقابلها 309 سنة قمرية.

مع العلم أن محرم ليس شهر الهجرة الحقيقي وإنما هو فقط بداية العام الهجري مثلما أن يناير ليس شهر مولد سيدنا المسيح عليه السلام وإنما هو فقط بداية العام الميلادي.. هناك أشكال وألوان من التقويمات في العالم والتقويم الصيني مثلا يحتوي على حقب كل حقبة تعد السنين نسبة لتاريخ حكم امبراطور معين.
من المفيد جدا قراءة كتاب فكرة الزمان عبر التاريخ من سلسلة عالم المعرفة، لأن إدراك الإنسان لمفهوم الزمن والتقويم مر بمراحل كثيرة والكتاب يتطرق إلى مفاهيم أبعد من هذا أيضا.

بالمناسبة: أناقش جزءا مهما من هذا الكتاب في رواية "حب في القطار" وهي رواية رومانسية فلسفية قصيرة، يمكنكم قراءتها أو تنزيلها من جوجل درايف.