بحمد لله وفضله وتوفيقه، نشرت للتو على أمازون كتاب: المدخل البرمجي للهندسة المستوية للإخوة مدرسي الرياضيات والحاسب الآلي
ماذا؟.. لا لا لا.. أقصد: كتاب مرحبا بالسلحفاة Hi Turtle
لطلبة الصف الثالث الابتدائي!
ما هذه اللخبطة؟.. لحظة حتى نفهم:
لو شئت، يمكنك اعتباره كتابا في الهندسة المستوية Geometry،
لكنه متنكر في ثوب كتاب برمجي، لكي لا يبدو مخيفا!
نعم هو كتاب رياضيات زاخر بالمعلومات عن الأشكال
الهندسية كالمثلث بأنواعه المختلفة، والمضلعات رباعية الشكل كالمربع والمستطيل
ومتوازي الأضلاع والمعين وشبه المنحرف وحتى الشكل الرباعي المتقاطع والشكل الرباعي
غير المنتظم.. لكنه يستخدم السلحفاة لرسم وتلوين هذه الأشكال بأكواد برمجية في
منتهى البساطة، بالاعتماد على خصائص أضلاعها وزواياها!
كل هذا في مئة صفحة فقط، مليئة بالرسوم والأمثلة
والأسئلة والتدريبات التي تبدو كتحديات صغيرة شيقة لاستثمار ما تعلمه الطفل في رسم
أشكال مركبة من بعض الأشكال الأساسية.. فمثلا، الفصل الأخير يعلم الطفل كيف يرسم بالسلحفاة
هرما من صفوف المربعات، ويلون كلا منها بلون عشوائي.. وفي التدريب على هذا الفصل
سألته أن يعيد نفس البرنامج لكن باستخدام المثلثات بدلا من المربعات.
ولكن لماذا السلحفاة؟
السلحفاة أسهل أداة لتعليم البرمجة والرسوم منذ ظهرت في
لغة لوجو عام 1967.. فهذه السلحفاة ترسم خطا وهي تمشي للأمام، ويمكنها أن تدور
يمينا ويسارا بالزاوية التي نريدها.. وبتكرار هذين الأمرين البسيطين يمكن رسم
أشكال مدهشة بسيطة أو حتى معقدة لو شئت.. وستجدون على صفحاتي أمثلة استخدمت فيها
السلحفاة لرسم زهور وفراشات وأرابيسك وأشكال مبهرة.. كل هذا بأكواد مختصرة، لكنها
تعتمد على قدرة الحاسوب على التكرار بلا كلل أو ملل.
أهمية هذا الأمر للطفل لا تكمن فقط في جاذبية الأشكال
والألوان، ولكن أيضا في أنها تسمح بتعليمه رسم الأشكال الهندسية بدون اللجوء إلى
حساب المثلثات Trigonometry والدخول في متاهات التربيع والجذر وفيثاغورث
والجيب وجيب التمام التي لا تناسب سنه ومعلوماته!.. وإن كانت السلحفاة قادرة على
صنع المعجزات حينما نضيف إليها قوة حساب المثلثات في مراحل لاحقة.
مع السلحفاة، يمكن أن يألف الطفل أوامر لغة البرمجة
واستخدام الأبعاد والاتجاهات والزوايا، لأنه يظن أنه يلعب ويركز على ما ترسمه
السلحفاة له، ويستمتع بالتحدي في إنجاز المطلوب.
وقد مهدت للأمر بنبذة عن الزوايا، والسبب الفلكي
التاريخي وراء تقسيم تدريج المنقلة إلى 360 درجة، لأن أحد مشاكل مناهج التعليم هو
الاختصار المخل الذي يفرغها من تاريخ العلم وفلسفة العلم، بل وحتى تطبيق العلم!
والحقيقة أنني كنت أحتاج لتأسيس هذه الأرضية، فمن خلال
تعاملي مع الطلبة من سن 10 إلى 16 في دورات البرمجة، رأيتهم يعانون مع أمثلة
التحريك Animation والألعاب البسيطة الشيقة التي حاولت شرحها لهم، لأنهم عاجزون عن
تخيل النظام الإحداثي عمليا رغم دراستهم له، وهكذا كان مجرد تحريك كرة أو سيارة
على الشاشة يبدو أمرا معقدا جدا بالنسبة لهم، خاصة عند وصول الشكل إلى حافة
النافذة وارتداده عنها أو اصطدامه بشكل آخر!.. مع أني كنت أمهد تصاعديا لهذه النقطة عبر حصص كثيرة، لكن يظل أغلب
الطلبة عاجزين عن الاستيعاب، لأن الرياضيات بالنسبة لهم أمر نظري تماما متعلق
بمعلومات توضع في ورقة الامتحان ولا علاقة لها بالواقع، وبالتالي عقولهم غير مدربة
على استيعابها وتطبيقها خارج الورقة بشكل آخر غير ما حفظوه.
والنتيجة المؤسفة أن الطالب سيظل محصورا في هذا الجب
طوال سنوات الدراسة.. حتى طلبة الحاسبات والمعلومات الذين شرحت لهم، وجدتهم يعانون
نفس المشاكل مع الأمثلة الرياضية البسيطة التي تقدم لهم على الشاشة السوداء في
منهج مقدمة البرمجة، والتي لا تزيد عن كونها تطبيقا لما درسوه في الرياضيات في
المرحلة الثانوية! والسبب في هذا مزيج من ضعف مستواهم في اللغة الإنجليزية
والرياضيات واستخدام نظام الويندوز والكتابة على لوحة المفاتيح!
وتغيير كل هذا يحتاج إلى تأسيس وتدريب طويل من سن أصغر،
لتشكيل الصلصال في أمثل صورة قبل أن يجف.. وهذا ما أحاول أن أفعله، بجعل البرمجة
تسير جنبا إلى جنب مع مناهج المدرسة من الصفوف الأولى.
ولن أيأس أبدا من انتظار اليوم الذي يقرر فيه أصدقائي
مدرسو الرياضيات والحاسب الآلي تعلم البرمجة، للخروج من صندوق المدرسة، وتقديم مثل
هذا المحتوى لتلاميذهم في الدروس الخصوصية، بدلا من استمرار طاحونة التلخيص والحفظ
والتسميع ولم درجات مجوفة من الفائدة.. هذه الطاحونة التي صدعتنا جعجعتها بدون
طحين!
ولا يفهم أحد من هذا أنني ضد مناهج التعليم.. على العكس،
أنا أحاول باستماتة أن أقنع الأطفال بأنها مدخلهم للبرمجة، وأرفض أي طفل يريد أن
أشرح له دورة برمجة أثناء الدراسة، لأن المناهج التي يدرسها جزء من البرمجة وعليه
أن يجيدها أولا لأستطيع أن أواصل معه.. لكني بدأت مؤخرا أفكر في عمل دورات أشرح
فيها مناهج الرياضيات والعلوم باستخدام البرمجة، إلى أن يتكرم الإخوة المدرسون
بإراحتي من هذا العبء!
بالمناسبة: وأنا أجهز لهذا الكتاب، وجدت أن محتوى منهج
الرياضات للصف الثالث الابتدائي في مصر هو نفسه تقريبا في الولايات المتحدة.. نحن
لا نعاني من مشكلة في المنهج.. نحن نعاني من طريقة شرحه للتلاميذ!.. وهذا ما أحاول
أن أدلي بدلوي فيه من جهتي كمبرمج ومهندس.. لكن بالتأكيد ليست هذه هي الطريقة
الوحيدة، وعلى كل منا أن يبدع في ابتكار طرق لتطبيق المناهج الدراسية في مجال
تخصصه لشد الأطفال إليه.
وهكذا وجدت أن ما بدأته يوما كفيديوهات لشرح لغة سمول
بيزيك للأطفال، قد زج بي إلى تطوير لغة برمجة أسميتها سمول فيجوال بيزيك، ثم انتهى
بي إلى محاولة وضع مناهج دراسية رياضية برمجية بنفسي!
وقد نشرت حتى الآن بحمد الله ثلاثة كتب في سلسلة "الطفل
المبرمج بلغة سمول فيجوال بيزيك":
Small Visual Basic
Kid Programmer
وهي سلسلة أكتبها لتعليم البرمجة للأطفال باللغة
الإنجليزية، أما الأطفال العرب فقد خصصت لهم قناة على يوتيوب، نشرت فيها حاليا
حوالي 80 فيديو (بمتوسط 10 دقائق) وما زلت أواصل النشر.. وبإذن الله سأقدم الكتب
العربية يوما ما، حينما تختمر التجربة وتتوفر الظروف الملائمة.. فللأسف ما زلت
أعاني من التهميش والتجاهل على جميع المستويات!
لا تبخلوا علي بالدعوات الصادقة بالتوفيق لإكمال هذا
المشروع، وأن يستفيد الأطفال والمبتدئون بهذا العمل، ويهتم به الأهالي ومدرسو
الحاسب والرياضيات، فهو حصيلة 4 سنوات ونصف متواصلة من البرمجة والشرح والكتابة
والدورات، غيرت فيها طريقي وطريقتي أكثر من مرة، في محاولة لاكتشاف أفضل أسلوب
للتواصل مع الأطفال برمجيا، واستخدام البرمجة لرفع مستواهم في التعليم بشكل عام،
والرياضيات بشكل خاص.. وما زالت أستكشف وأتعلم، وبإذن الله سأجرب في الصيف القادم
طريقة جديدة للدورات، لجعل الدورة حصة واحدة أسبوعيا على امتداد شهور الصيف، لأعطي
للطفل فرصة للاستيعاب بدون ضغط، ولأستطيع أن أستخدم فيها الخبرات التي اكتسبتها
وأنا أكتب هذه السلسلة، فقد كان من المهم أن أعيد ترتيب تفكيري والخطوات التي
أستطيع بها تقديم البرمجة للطفل، لتتناسب مع حصيلته العلمية والرياضية، وتناسب
نضجه العقلي.. هذا الموضوع ذو أهمية قصوى بالنسبة لي، فبدون أن يهتم الأطفال بالتعليم
ويحبوا الرياضيات والعلوم، فلا أمل في المستقبل.. وأظن أنني أعرف كيف يمكن أن
تساهم البرمجة في حل ألغاز المناهج، وجعل الطفل يدرك أهميتها ويستمتع بتطبيقها
رقميا.. لكن الأمر يحتاج للكثير من العمل.. لهذا سألتكم الدعاء.
هذه ترجمة لمقدمة الكتاب:
لغة Small Visual Basic هي لغة تعليمية سهلة وممتعة،
ويهدف هذا الكتاب إلى إثبات هذا باستخدام رسوم السلحفاة Turtle
Graphics لتقديم محتوى هندسي بسيط وغني لطلاب الصف الثالث الابتدائي ومن هم أكبر.
إن برامج السلحفاة متشابهة وتستخدم في الغالب أمري
التحرك Move والدوران Turn. ويمكن أن يساعد هذا التكرار الأطفال
في حفظ صيغ البرمجة، والتعود على استدعاء الدوال، وتمرير المعاملات، وقراءة
الخصائص، وتخزين القيم في المتغيرات، إضافة إلى الألفة في التعامل مع المسافات
والزوايا في نظام الإحداثيات.
كما يقدم الكتاب بعض المهارات البرمجية الجديدة مثل:
·
تغيير الألوان
من خلال الكود.
·
تعريف الإجراءات
الفرعية subroutines والمعاملات parameters.
·
استدعاء الإجراءات
الفرعية وتمرير القيم إليها.
·
استخدام حلقات التكرار
Loops لتكرار تنفيذ الأكواد.
وعلاوة على ذلك، يهدف الكتاب إلى تعزيز مهارات الطلاب في
الرياضيات من خلال:
·
تقديم بعض
أساسيات الهندسة المستوية، مثل حساب المحيط والمساحة للمربعات والمستطيلات
والدوائر.
·
فهم أولويات
العمليات الحسابية.
·
تقديم الخصائص
الأساسية لبعض المضلعات، مثل المثلثات والأشكال الرباعية بأنواعها المختلفة.
·
رسم أكثر من 20
شكلاً هندسياً مختلفاً بتحريك وتدوير السلحفاة فقط، دون الحاجة إلى أي حسابات
مثلثية.
·
توليد أرقام
وألوان عشوائية، واستخدامها في تطبيقات ممتعة.
·
تقريب الأعداد
العشرية.
·
تحويل الأطوال
المقاسة على الشاشة من البكسل إلى السنتيمتر.
بالرغم من صغر حجم هذا الكتاب (103 صفحة)، هناك الكثير
من المتعة التي سيجعلك تعيشها في صحبة السلحفاة، والكثير من المعرفة الهندسية التي
سيضيفها إليك.
فماذا تنتظر؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.