يتكون جسم الإنسان من حوالي 100 ترليون خلية (الترليون = مليون
مليون)، كل خلية منها لا ترى بالعين المجردة، وبمركزها نواة، داخل هذه النواة 46
صبغيا (كروموزوم)، كل منها عبارة عن شريطين حلزونيين، هما DNA.
ويصل طول شريط DNA الواحد إلى 2 متر، ولو فردنا أشرطة DNA
الموجودة في كل خلايا جسم إنسان واحد وأوصلناها معا، لكانت كافية للتوصيل بين
الأرض والشمس أكثر من ألف مرة، ولو كتبنا المعلومات الموجودة عليها على شريط من
الورق، لكان كافيا للتوصيل بين القطب الشمالي وخط الاستواء.
وكل شريط في حلزون DNA المزدوج يحمل
نسخة كاملة من الشفرة الوراثية، والشريط الآخر مكمل له ويمكن استنتاجه منه، وهذا
يعني أن كل شريط له نسخة احتياطية لحماية المعلومات من الخطأ والتكسر والضياع، ويوجد
150 إنزيم داخل الخلية تعمل على إصلاح أي أخطاء تحدث في شريطي DNA..
وهذا يجعل حدوث تحورات عشوائية نتيجة خطأ في نسخ المعلومات الوراثية أمرا نادرا،
وهذا لحسن الحظ، فأي تغيير في المعلومات يفسدها، وينتج عنه تشوه للجسم، لهذا معظم
التحورات (يسميها الداروينيون العرب خطأ باسم الطفرات، وهي ترجمة خاطئة عمدا لكلمة
Mutation
بمعنى التبدل والتغير، أما الطفرة في اللغة العربية فهي قفزة لأعلى، وتم اختيارها
لإيهام السامع بأن هذه التغيرات قوة تغيير إيجابية تقفز بالحياة لأعلى في سلم
التطور).
فالخلية مصممة لحماية معلوماتها لا لتغييرها.. وهذا ما حافظ
على إبداع التصميم والكفاءة الوظيفية لملايين الأنواع التي تعيش على ظهر الأرض
لمليارات السنين، وإلا كان التشوه والقبح والمرض قد قضت على كل مظاهر الحياة على
ظهر الأرض بسبب التحورات العمياء.
وإن حدثت ظروف بيئية تكسر المعلومات الوراثية وتبدلها وتحورها،
مثل تلوث كيميائي أو أشعة نووية، فهذا يشوه الأجنة لأجيال كما حدث في هيروشيما
وناجازاكي بسبب إلقاء القنبلتين النوويتين عليهما.
وهذا يذكرنا بأن ممارسات القتل الوحشي والإبادة الجماعية هي
سمة داروينية، وأن الشيوعية والنازية ودعوات اليوجينيا العنصرية في أمريكا خرجت
كلها من تحت عباءة الداروينية، وتسببت في قتل مئات الملايين من البشر في حروب
دموية وممارسات عنصرية غير آدمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.