حقل ألغام
إنّها غاضبة.. كالمعتاد!
ماذا تريد لكي تصفو؟
ماذا تريد لكي تصفح؟
لماذا تصرّ على أن تصارع الأشواك، وهي لا تمتلك أكثر من عبير الأزهار؟
لحظة: هذا الأسلوب لا يناسبها..
هي ترى أنّه لا يناسبها..
إنّها ليست بهذه السذاجة ـ كما تظنّنا نتصوّرها!
ولا أحد يدري ما يناسبها..
أن نجرحها ونقسو عليها؟
قد تكون هذه فلسفتها في الحياة!
إذ يبدو أنّها ترى الدَّعة.... ضِعَةً!
والرقّة.... رِقّا!
قلنا لحظة: هذا الأسلوب لا يناسبها..
قالت إنّه لا يناسبها!
ولكنّها لم تقل ما يناسبها!!!
يبدو أنها جامحة..
فرس برّيّة تأبى الترويض..
ولكنّها لم تنتبه إلى أنها لا تعدو كالرياح في السهول الخصيبة، تطاير
معرفتها كخيوط الشمس الفتيّة..
إنّ حولها صحراء جرداء، نهارها قيظ وليلها زمهرير، ورحلتها عطش أُحاح،
وسيرها أقدام سوخ في رمال الإنهاك!
سراب هنا وهناك..
كثبان وأجراف ورمال متحركة وشِراك..
تيه ووحدة ومخاطر وهلاك..
وفي هذا قد لا تحتاج الفرس لرائض.. ولكنّها حتما تحتاج لرائد..
كما تحتاج لأن تنتمي للسرب، لتحتمي من السراب..
ولكن هل تستطيع الوصول إلى مجتمع الخيول بمفردها؟
قالت لحظة: هذا الأسلوب لا يناسبها..
كلّ هذه مفردات طريدة من قاموسها دحيقة، شريدة من ناموسها سحيقة..
إنّها تمقت من ينصحها..
وتدفع من يحاول الاقتراب منها، رافعة لافتة "احترس.. حقل ألغام".
صحَّ.. هذه هي المفردات التي تناسبها..
تُرضي رغبتها في إثبات قوتها..
في إثبات تفوقها وتميّزها..
فهي تعتقد أنّ انتماءها للآخرين يخنقها ويقضي على طموحاتها..
احترس.. يبدو أنّنا قد اخترقنا سهوا حقل الألغام!
إنّنا نقترب من ذاتها المنيعة، وهي جريمة بالنسبة لها لا تغتفر..
وللأسف فات الوقت:
لم يعد التراجع ممكنا، فالألغام تحيط بنا بالفعل من كلّ جانب!
كما أنّ التقدّم صار مغامرة غير مأمونة العواقب!
إذن فلنتجمّد في أماكننا، إلى أن تقرّر هي منحنا خريطة ألغامها حتّى نستطيع
تفاديها!
ولننتظر..
فلننتظر..
هكذا صار كلّ شيء بيدها كما تريد..
ولنرَ هل ستجيد التصرّف أم لا.
محمد حمدي غانم
أكتوبر، 2003