الانغماس في الواقع والخيال!
سألني م. وائل حسن هذا السؤال:
كيف تأتي بكل هذه الأفكار الجميلة؟!
وكانت هذه إجابتي:
مبدئيا لا أعرف ماذا تقصد تحديدا بـ (الأفكار)؟
هل تقصد المقترحات السياسية والمشاريع العلمية أو العملية التي أنادي بها أحيانا؟
أم تقصد أفكار مقالاتي وقصصي بشكل عام؟
على كل حال، الإجابة لن تختلف عن هذه أو تلك.. فبعد توفيق الله سبحانه وما يلهمني به، أظن أن الأفكار تنبع من الحاجة التي هي أم الاختراع :)
فالحقيقة أنني شخص (مهووس) بحل مشاكل العالم.. وكل إنسان يتألم في هذا العالم يعنيني، وكل مجرم في أي مكان في الدنيا لي ثأر عنده، وكل شيء جميل خلقه الله في الكون أشعر أنه ملكي وأغضب جدا إن دمره أحد أو خرّبه.
ونتيجة لكل هذا، أنا مشغول منذ وعيت بالتفكير في حلول لكل مشكلة أسمع عنها أو ألاحظها.. وبالتالي أنا أعيش منذ أكثر من عشرين عاما في حالة جدال يومي مستمر مع كل من حولي عن كيفية حل هذه المشكلات، ونتيجة لهذا وبجانب القراءة والمشاهدة، أخذت تصوراتي للحلول في مجالات عديدة تنمو بالتدريج.
على سبيل المثال، لدي عدة تصورات لنظم تحل مشاكل التعليم المزمنة في مصر، وأتمنى أن لو تم تجربتها جميعا على التوازي، وترك الحرية لكل متعلم لاختيار النظام الذي يريده منها.
من الواضح الآن من أين تأتي مقالاتي: فما هي إلا رصد للمشاكل وتحليل لها واقتراح لبعض الحلول.
ويظهر هذا أيضا في قصصي ورواياتي، ففي كل قصة كنت أعالج جزءا من قضية، وحتى الأعمال العاطفية منها، كنت أهدف منها إلى تعزيز نموذج الحب المبني على القلبِ والعقل والضمير، بدلا من نموذج حب المراهقة القائم على العين والغريزة، وكنت أتخذ هذه الأعمال تكأة لمناقشة قضايا احتشام المرأة وعمل المرأة وتحرر المرأة وتمردها على الرجل وما شابه.
وحتى في روايات الخيال العلمي، كنت أتطرق لمناقشة الإيمان والإلحاد، وما شابهها من القضايا الفكرية.
وبعض قصصي أهاجم فيه الأمركة والمتأمركين وأمريكا نفسها :)
يمكنك أن تقول إنني كاتب كل كتاباتي موجهة لخدمة عقيدة معينة.. وقد كانت قراءتي لبروتوكولات حكماء صهيون، حافزا كبيرا لهذا، جعل كل حرف أكتبه موجها لهدف.
(هذا ما يمكنك تسميته: الانغماس في الواقع حتى النخاع!)
من المهم أيضا أن أشير إلى أن عشقي للخيال العلمي قراءةً ومشاهدةً وكتابةً، له دور كبير في توليد هذه الأفكار.. يقول أينشتاين: إن الخيال يكون أحيانا أهم من المعرفة.. وأنا أستدرك عليه: ولا يوجد خيال بلا معرفة.
لهذا حينما تصيبني حالة خمول، أمضي الوقت في مشاهدة مسلسلات الخيال العلمي، ولا أعتبر هذا تضييعا للوقت بأي حال، أو مجرد تسلية مجردة، بل أعتبره تدريبا عاليا للعقل على الخيال والابتكار، وهو ما أشعر بقيمته حينما تأتي إليّ فجأة فكرة غير تقليدية، فأدرك أن الوقت الذي استثمرته في تحفيز خيالي لم يضع هباء.
(وهذا ما يمكنك تسميته: الانغماس في الخيال حتى النخاع!)
وقد منّ الله علي بخيال خصب، إضافة إلى عقلية تحليلية ساعدت في تنميتها دراستي للهندسة (الفيزياء والرياضيات)، وهما ما أستعيض به عن ضعف ذاكرتي الذي أعاقني كثيرا في الحياة اجتماعيا وأكاديميا!
فبالتحليل، تستطيع تفكيك المشكلة إلى أجزائها البسيطة.. وبالخيال تستطيع إكمال الأجزاء الناقصة، أو إعادة تركيب الأجزاء الموجودة بطريقة غير تقليدية.
على سبيل المثال: أنا أعمل حاليا على برنامج قد يساعد في حل جزء من مشكلة المرور في القاهرة الكبرى.. فكرة البرنامج نفسه لا علاقة لها بالطرق والكباري والأنفاق ووسائل المواصلات!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.