الاسم المنقوص الممنوع من الصرف
(سيروا فيها لياليَ وأياما آمنين)
الاسم المنقوص، هو الاسم الذي ينتهي بياء، مثل: قاضي، ساعي، مرتجي.... إلخ.
ونظرا لأن الياء من حروف العلة (الألف والواو والياء)، فإنها تتسبب في معاملة الاسم المنقوص معاملة خاصة في بعض الحالات الإعرابية والصرفية.
فمثلا: عند جمع الاسم المنقوص جمعا سالما، تنقص الياء من الكلمة (تحذف)، فنقول: قاضون/ قاضين، وساعون/ ساعين، ومرتجون/ مرتجين، ولا نقول أبدا قاضيون أو ساعيون أو مرتجيون.
لاحظ أنّه في حالة المثنّى لا تحذف الياء، فنقول: قاضيان/ قاضيَيْن، وساعيان/ ساعيَيْن، ومرتجيان/ مرتجيَيْن.
ومن الحالات الخاصة بالنسبة للاسم المنقوص كذلك، حالة التنوين بالضم والكسر حيث تنقص الياء، فنقول مثلا: إنه قاضٍ عادلٌ (قاضٍ: خبر إنّ مرفوع بالضمة المقدّرة على الياء المحذوفة، وتنوين الكسر عوض عن الياء المحذوفة)، وذهبت إلى قاضٍ عادلٍ (قاضٍ: اسم مجرور بعد حرف الجر وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة، وتنوين الكسر عوض عن الياء المحذوفة).. طبّق نفس الكلام على ساعٍ ومُرتَجٍ... إلخ.
لاحظ أنّه في حالة التنوين بالفتح لا تحذف الياء، فنقول: كان محمدٌ قاضيا عادلا ساعيا إلى الحقّ مرتجيا عفو ربه. (عادلا: خبر كان منصوب بالفتحة الظاهرة).
جميل.. هذه أمور نعرفها جميعا.. لكن ما الجديد هنا والذي يرتبك البعض بسببه؟
الجديد هو تداخل قاعدتين معا: أن يكون الاسم المنقوص ممنوعا من الصرف.
فلنتذكر معا أنّ الاسم الممنوع من الصرف هو اسم ممنوع من التنوين.. فمثلا: نحن نقول علماءَ ولا نقول علماءًا، ونقول فاطمةُ ولا نقول فاطمةٌ، ونقول كتائبَ ولا نقول كتائبا، ونقول أبيضَ ولا نقول أبيضا... لاحظ أنّ الشعراء فقط هم من يتجاوزن هذه القاعدة على سبيل الضرورة الشعرية ليتفق كلامهم مع الوزن.. لكن بالنسبة للنثر لا يجوز كسر هذه القاعدة.
وللممنوع من الصرف حالات كثيرة، لا مجال لها هنا.. لكن ما يهمنا الآن هو صيغة منتهى الجموع.
ما هي صيغة منتهى الجموع بالضبط؟
منتهى الجموع هي صيغة لجمع تكسير فيه ألف زائدة على أصل الكلمة، يتبعها حرفان أو ثلاثة أوسطهما ساكن.
أخ.. ما هذا الكلام المعقد؟
لا تعقيد إن شاء الله.. نفهم الأمر:
تعرف من قديم الأزل أن الجمع السالم هو ما يلحق بمفرده بعض الحروف الزائدة، مثل: مغرور -> مغرورون، طيّبة -> طيّبات.
بينما جمع التكسير هو كل ما لم يسلم مفرده من التغيير مثل: تلميذ -> تلاميذ، كاتب -> كتبة، رجل -> رجال.... إلخ.
جميل.. عرفنا جمع التكسير.. فما هو موضوع الألف الزائدة هذه؟
خذ مثلا كلمة كتيبة من مادة كتب، تجد أن جمعها كتائب قد زادت فيه ألف لم تكن في أصل مادة كتب.. هذه الألف يليها حرفان (ئب).. إذن فكلمة كتائب جاءت على صيغة منتهى الجموع، لهذا فهي ممنوعة من الصرف، فتقول: رأيتُ كتائبَ كثيرة (كتائب: مفعول به منصوب بالفتحة)، وسرت مع كتائبَ كثيرة (كتائبَ: اسم مجرور بعد حرف الجر وعلامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف).. لاحظ أننا في حالة إضافة الاسم الممنوع من الصرف إلى غيره لا نجره بالفتحة بل بالكسرة كما هو الطبيعي، فنقول: سرت مع كتائبِ الحقّ.
وطبعا في كل ما سبق لا نقول: رأيتُ كتائبا أو سرت مع كتائبٍ أو إنها كتائبٌ.
فلنأخذ مثالا آخر: كلمة مجاميع.. مفردها مجموع من مادة جمع.. إذن فكلمة مجاميع فيها ألف زائدة على أصل المادة، يليها ثلاثة أحرف (ميع) أوسطها ساكن (ياء المد، وحروف المد ساكنة).. إذن فمجاميع ممنوعة من الصرف، لهذا نقول: رأيتُ مجاميعَ كثيرةً، وهذه مجاميعُ كثيرةٌ، وسرت في مجاميعَ كثيرةٍ، وسرت في مجاميعِ النصرِ.
وفي الغالب تأتي صيغة منتهى الجموع على الأوزان الصرفية التالية:
1- أفاعل: (أكابر، أشاوس، أجاود.... إلخ)
2- أفاعيل: (أباطيل، أهازيج، أراجيح.... إلخ)
3- مفاعل: (مناطق، مشارب، مراحل.... إلخ)
4- مفاعيل: (مناطيد، مزامير، مسامير..... إلخ)
5- فعائل: (كتائب، كنائس، براقع.. إلخ)
6- فواعل: (قواعد، مواخر، موانع.... إلخ)
جميل.. ما علاقة صيغة منتهى الجموع بالاسم المنقوص إذن؟
فلنأخذ مثلا كلمة ليالي.. مفردها ليلة، وأصلها من مادة ليل.. إذن في الجمع ألف زائدة، بعدها حرفان (لي).. هذه إذن صيغة منتهى الجموع وهي ممنوعة من الصرف.. لكنها أيضا كلمة تنتهي بالياء إذن فهي من الأسماء المنقوصة.. ترى: كيف تعامل هذه الكلمة في حالات التنوين المختلفة؟.. فلنرَ:
في حالة الضم والكسر، نحذف ياء الاسم المنقوص، فنقول: هذه ليالٍ لا تنسى، وسافرت لليالٍ متتالية.
لاحظ أن التنوين عوض عن الياء المحذوفة لهذا نحن لم نتجاوز قاعدة المنع من الصرف.
أما في حالة النصب، فتبرز النقطة التي تربك البعض، فتجدهم يقولون مثلا: سهرت ليالٍ طويلة، وهذا طبعا خطأ.. كما أنه من الخطأ أن تقول: سهرت لياليا طويلة، لأن الكلمة ممنوعة من الصرف (التنوين).. لكن الصواب أن تقول: سهرت لياليَ طويلة.. وفي القرآن الكريم: (سيروا فيها لياليَ وأياما آمنين).
قِس على ذلك الكلمات التالية: أماني، معاني، مثاني، أغاني... إلخ.
والآن حتّى لا ننسى كل هذه القواعد، فلنحظ معا بعض الجمل لنقيس عليها كل ما شابهها:
- إنه قاضٍ عادلٌ، وعرفتُه قاضيًا عادلا.
- (والفجرِ وليالٍ عشرٍ)، (سيروا فيها لياليَ وأيامًا آمنين)
- سرتُ في مواكبَ كثيرةٍ، وسافرتُ في مواكبِ الخيرِ، وإنها مواكبُ حاشدةٌ، ورأيتُ مواكبَ حاشدةً.
لا أظنّ أنّها جمل كثيرة.. ردّدها عدة مرات، واحفظها لتكون قالبك الذي تقيس عليه ما تشابه من الجمل.. هذه هي الطريقة التي يعمل بها المخ البشري: القياس على مخزونه من الخبرة.. لا تحتاج لحساب القاعدة قبل أن تكتب أو تقرأ كل كلمة.. سيقوم مخك بحساب كل هذا بسرعة البرق ليجعلك تتكلم بطريقة صحيحة بدون انتباه منك.. لكن هذا لن يحدث بدون تدريب جيد وبعض التعب في البداية.. لهذا أنصحك بأن تحفظ هذه الجمل عن ظهر قلب، وأن تصوغ عددا كبيرا من الجمل التي تتناول القواعد التي ناقشناها في هذا الدرس، لتكون مخزون مخك من الخبرة التي ستريحك من العناء فيما بعد.
محمد حمدي غانم، 2005
اعرف أن سؤالى لا علاقة له بالموضوع و لكنه له علاقة بالاسم المنقوص فقد اخبرنى احد اساتذتى أن كلمة غزاة هى اسم منقوص بحكم أن مفردها غازى و هو اسم منقوص فهل هذا صواب أم خطأ ؟
ردحذفكلمة غزاة جمع تكسير يعرف بشكل عادي في جميع حالاته (غزاةٌ ـ غزاةً ـ غزاةٍ) ولا علاقة له بالاسم المنقوص من أي وجه.
ردحذفالاسم المنقوص هو الذي ينتهي بياء.. لهذا إن دخلت عليه حتى تاء التأنيث خرج من هذا التعريف، فكلمة قاضية مثلا تعرب بشكل عادي في جميع حالاتها (قاضيةٌ ـ قاضيةً ـ قاضيةٍ).
ربما يقصد أستاذك جمع المذكر السالم، فكلمة الغازون وكلمة الغازين حذفت منهما الياء عند جمع الاسم المنقوص جمعا سالما.. وهذا لا يحدث في حالة التثنية وجمع المؤنث السالم.
تحياتي
أخي الكريم ...تقول القاعدة بأنّ الاسم المنقوص اسم معرب ينتهي بياء لازمة مكسور ما قبلها........وهذا لا ينطبق على كلمة ليالي ’حيث أنّ الياء غير أصلية
ردحذفمرحبا أخي الفاضل:
ردحذفالتعريف لا يذكر شيئا عن حتمية كون الياء أصلية، وإنما اشترط أن تكون ياء لازمة، أي جزء من بنية الكلمة، وليست ياء مضافة مثل ياء النسب أو ياء الملكية أو ما شابه.. فكلمة نضالي مثلا ليست اسما منقوصا لأن الكلمة هي نضال، والياء ياء الملكية.. أما كلمات مثل أماني ومعاني وليالي وأثافي وغيرها، فهي أسماء منقوصة الياء فيها لازمة، وتنطبق عليها قاعدة الاسم المنقوص.
تحياتي
إن كان عنوان كتاب: "ليالي" أيُكتَب العنوان هكذا، أم يكتب "ليالٍ"؟
ردحذففي قراءة حفص في القرآن الكريم يوقف على الاسم المنقوص بالتسكين: فاقض ما أنت قاضْْ
حذفوفي الشعر يجوز الوجهان، فيتم الوقف بالتسكين في القوافي الساكنة، ويتم التحريك بالكسر أو بإشباع الياء في القوافي المكسورة، مثل قول أبي العتاهية:
أبو العتاهية :
أقولُ وَيَقضي اللهُ ما هُوَ قاض ِ وَإِنّي بتقدير ِ الإلهِ لَراض ِ
ومثل قول البهاء زهير :
هذهِ قِصَّتي وَهذا حَديثي وَلَكَ الأمرُ فاقض ِ ما أنتَ قاضي
تحياتي
والفجر وليالٍ عشر
ردحذفاليست ليالٍ هنا اسم منقوص
بسم الله الرحمن الرحيم..السلام عليكم ،ورحمة الله تعالى،وبركاته بارك الله فيك على ما تنشر من فوائد جمّة..وسؤالي : التنوين في الاسم المنقوص هل هو توين تمكين ،أو عوض؟
ردحذفيعني ايه تمكين
حذفامانيَّ مانوع الياءات هنا علما انها مشدده
ردحذفأماني من مادة م ن ي، وهي على وزن: أفاعيل.. الياء المشددة = ياءين، الأولى هي الياء من الصيغة الصرفية أفاعيل، والياء الثانية من أصل المادة
ردحذفجزاك الله خيرا يا استاذ
ردحذفتحية تقدير
حذفجزاك الله عنا كل الخير ، اود ان أنوه بانه بالسهو ورد اعراب عادلا بدل اعراب قاضيا خبر كان منصوب في العبارة الآتية : كان محمد قاضيا عادلا
دمت لنا منارة ثقافة ، ومنصة نور واشعاع، ومنهلا لا ينضب نرده لننهل منه كلما احسسنا بالعطش
بوركت وبوركت يداك وبارك الله لك في كل أثر خلفته لنا
فنتاجك خير معين ومنقذ لتائه في محيطات اللغة وفي فيافي العلم والأدب
تقبل مني فائق الاحترام والتقدير لكنوز معرفتك ودرر علومك
جزاك الله عنا كل الخير
ردحذفمعذرة منك استاذنا الكبير
اكيد لقد سقط سهوا فبدل اعراب قاضيا خبر كان منصوب
ذكر بالسهو اعراب عادلا بدلا منها
في اعراب العبارة الآتية : كان محمد قاضيا عادلا
طب لو في سؤال بيقول " كم مساع دعا إليها المصلحون"
ردحذفهتكون مساع ممنوعة من الصرف ولا مصروفة وخصوصا انها مضافة ل كم الخبرية
والتنوين هيكون عوض عن الياء ولا تنوين الصرف