في لحظة فقدانِ الوعي!
لو تشعرُ أنّكَ كأميبا في ماءِ البحرْ
أو أنكَ نَجمٌ مهجورٌ في تِيهِ سماءْ
لو أنَّ مكانَكَ قد ساوى في عقلِكَ صِفرا
وسنينَ زمانِكَ في قلبِكَ قد ساوتْ صفرا
لو أنّكَ أنكَ في نفسِكَ لا تَعدو صِفرا
لو طارتْ شَتّى أطيارِكَ في فَلَكِ فَراغْ
وانحصرَ المَعنَى في عُمقِكَ في كِلْمةِ نَفْيْ
لا معنى لا أيَّ شعورْ
لا شيءَ يُمكِّنُ أفكارَكَ مِن حيّزِ فِعلْ
في تلكَ اللحظةِ يَنمو في عُمقِكَ إيمانْ
إحساسٌ بوجودِ الخالقِ فوقَ الأكوانْ
هو جَلَّ الواحدُ والقادرُ وبيدِه المُلكْ
تشعرُ بصَغارِكَ وهوانِكَ في مَلكُوتِهْ
هو جَلَّ يُساعدُ وجدانَكَ أن يَتحرّرْ
كي يَخرجَ من طَوْرِ ضَياعْ
هو يقدرُ أن يُنبتَ في عُمقِ فَنائِكَ كَينونةْ
هو يَملِكُ أن يُلبسَ أجسادًا خُلقَتْ مِن عَدَمٍ إحساسَ وُجودْ
فاللهُ المُوجِدُ والموجودْ
وتُحسُّ بأنكَ تَلمسُ أوتارًا في قلبِ الكونْ
وتحلّقُ كضياءٍ نَهِمٍ في عُمقِ السرِّ الأبديّْ
تتعانقُ حولَكَ في لَهَفٍ أطيافُ الرُّوحْ
وتَخالُكَ تَسمعُ مشدوها تسبيحَ ملاكْ
أو تسمعُ دمدمةَ النَّزْغَةِ في فَمِ شيطانْ
وصراخَ جنونِ مُعذَّبِهم في نارِ جهنَّمْ!
هذا بالفعلِ ستشعرُه في تلكَ اللحظةْ
لحظةِ إحساسِكَ بالخالقِ من غيرِ العقلْ
لحظةِ إدراكِكَ لوجودِكَ في فقدِ الوَعْي!
محمد حمدي غانم
1994
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.