المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 19 مارس 2013

المغامر والحورية


المغامر والحورية

 

من رواية حائرة في الحب:


على لسان سماح بطلة الرواية:

صمتَ لحظة، وهو يطوفُ بعينيه في عينيّ، ثمّ تساءل:

-   أتدرينَ ماذا أرى في عينيكِ؟

-   ماذا؟

-   جنّةً من ذكرياتِ الأمس.. هل أسألُكِ سؤالا؟

-   سَلْ.

-   مَن هي (سماح فتحي).

-   [ضاحكةً]: أنا.

-   [باسمًا]: إذن مَن أنْتِ؟.. أيُّ مجموعةٍ من الأحلامِ والذّكريات، الصّفاتِ والعادات، الأفكارِ والمعتقدات، هي التي تُشكّلُ (سماح فتحي)؟

-   [بدلال]: ماذا ترى أنت؟

-   أرى أبدعَ حوريّةٍ، تنعكسُ شمسُ الصّباحِ عن ملامحِها، كما تنعكسُ عنِ الذّهبِ والفضّةِ وماءِ الغدير.. ولكنَّ للحوريّةِ أسطورة، وأسطورتُها تتكلّمُ عن كنزٍ ولغز.. وخريطةُ الكَنزِ وحلُّ اللغزِ معها هي وحدَها.

-   وهل تتوقّعُ أن تمنحَ الحوريّةُ خريطةَ كنزِها لأيِّ مُغامرٍ عابر؟.. ألا تعلمُ أنَّ الخريطةَ موشومةٌ على قلبِها، بنبضاتٍ من الحُلم؟.. تريدُها أن تموت؟

-   تموتُ فيه ليحيا بها.

-   وماذا ستجْني هي من وراءِ ذلك؟

-   [وعيناه ترسمانِ المعاني]: تقولُ الأسطورة: إنَّ المغامرَ لو نالَ كنزَه، فسيحملُ معه الحوريّةَ إلى جنّتِها التي تنتظرُها.

-   وماذا لو كانَ الطريقُ طويلا مليئًا بالأخطار؟

-   إنّه مُغامرٌ شجاع.

-   هذا يعني أنّه بلا قلب.

-   تقولُ الأسطورةُ إنّه يخافُ من شيءٍ واحد.

-   أيُّ شيء؟

-         عينا الحوريّة، فهما أخطرُ من السّهامِ الناريّةِ والعواصفِ الرعدية وقلاع الأهوال.

-   لقد حيّرني هذا المغامر.

-   وقد حيّرتْه هذه الحوريّة: مَن هي؟.. بماذا تحلُم؟.. هل تمنحُه خريطةَ كَنزِها، وتُدخلُه معها جنّتَها لو حملَها إليها؟.. هل تُوافقُ أحلامُها أحلامَه؟.. تحبُّ ما يحبُّ وتكرهُ ما يكره؟.. هل طريقُهما واحد؟.. يا لها من لُغزٍ غامض!

-   ربّما كانت هي أيضًا، لا تعرفُ عن نفسِها شيئا.. ربما كانت تنتظرُ مُغامرَها الذي رأى في جولاتِه وأخطارِه تجاربَ الدّنيا وحكمتَها.. وحينما يحكي لها عن أحلامِه تصيرُ أحلامَها، وحينما يسردُ عليها ذكرياتِه تصبحُ ذاتَها.. إنَّ لكلِّ جنّةٍ حوريّةً، ولكلِّ حوريّةٍ مغامرًا لم تُخلقْ إلا له، تريدُ أن تمنحَه كلَّ شيء، ولا تريدُ منه إلا شيئًا واحدا.

-   هو؟

-   قلبُ المُغامر.. جنّتُها.. ألا تقولُ الأسطورةُ ذلك؟

-   أنا أعرفُ فقط نصفَ الأسطورة، وطيلةَ عُمري أبحثُ عمّن يعرفُ نصفَها الآخر.

ابتسمْتُ في سعادةٍ غامرة، فقالَ مُداعبًا:

-   على فكرة: أنتِ مُراوغةٌ كبيرة.. هيّا.. إنَّ لي أذنينِ كبيرتين كما ترَيْن، وأريدُ أن أملأَهما بثرثرةٍ طويلةٍ منكِ.. لا تتركي شيئًا في عقلِكِ أبدا.. اسكبيهِ فورًا فيهما.. أريدُ أن أعرفَ حالا: مَن هي المدعوّةُ (سماح فتحي).

ووجدْتُني كالمأخوذةِ أحكي له كلَّ شيءٍ عنّي.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر