مجلس الشعب جماهيري رقابي،
ومجلس الشورى تخصصي تشريعي
أقترح أن يتم تكوين مجلس الشورى بطريقة أخرى غير الانتخاب الشعبي، بأن يدخل إليه مباشرة هؤلاء الأعضاء:
- رئيس كل حزب له مقعد واحد على الأقل في مجلس الشعب.
- رؤساء الجامعات والنقابات والاتحادات والصحف والمجالس القومية المتخصصة ومجلس القضاء الأعلى وما شابه.
- ممثلون عن منظمات المجتمع المدني الكبيرة.
- ممثل عن كل محافظة، وليكن رئيس المجلس المحلي للمحافظة، أو أي عضو في المجلس المحلي ينوب عنه.
- مندوبون عن الأزهر ولجنة الإفتاء والكنيسة وما شابه.
- مندوبون عن المؤسسة العسكرية.
مع ملاحظة أن معظم هؤلاء الأفراد منتخبون في أماكنهم وليسوا معينين، كرؤساء النقابات والجامعات مثلا.. وهذا معناه أن مجلس الشورى سيكون منتخبا من الشعب أيضا، لكن بطريقة مختلفة.. هذه الطريقة تحقق ما يلي:
- تمثيل قطاعات الشعب بصورة عَرَضية، مبنية على التخصصات المهنية والعلمية والفكرية، وهذا يجعل مجلس الشورى مجلسا متخصصا للصفوة (رؤوس المؤسسات)، يعبر عن طوائف وقطاعات الشعب المختلفة كالأطباء والمهندسين والعمال والفلاحين.. إلخ، وبهذا يختلف عن مجلس الشعب الذي يتم اختيار أعضائه من الشخصيات السياسية العامة تبعا للتقسيم الجغرافى.
- اختيار مجلس الشورى بهذه الطريقة يمنع وصول الأميين ومحدودي العلم والثقافة إليه، وهذا يمنحه ثقلا ومكانة تمكننا من تحديد دور مميز له.
- هذه الطريقة ستوفر تكاليف الدعاية والانتخابات وتأمينها، وستوفر وقتا وجهدا.. خاصة أنه لا توجد أي فائدة عملية لجعل الناس يذهبون لاختيار مجلسين مختلفين بنفس الطريقة.. فإما أن يختاروا كل الأعضاء في مجلس واحد، وإما أن تختلف طريقة الاختيار لكل مجلس.
- هذا التوزيع سيعطي للنقابات والمؤسسات العلمية والصحفية والقضائية والقانونية ومؤسسات المجتمع المدني دورها في التشريع ومناقشة قضايا المجتمع، مما يقلل من مشاكل الانتخاب المباشر، الذي يأتي بالأكثر مالا ونفوذا وشهرة وشعبية وسيطرة إعلامية أو حتى مكانة دينية، ويجعل فئات أو أحزاب معينة تطغى على شكل المجلس بسبب تأثيرها على الشارع.
- تنتفي حاجة للنص على "كوتة" لبعض الفئات.
ويتبقى شق آخر للفكرة، وهو خاص بتحديد صلاحيات ودور كل من مجلسي الشعب والشورى:
بما أن مجلس الشعب سيكون مجلسا نيابيا يمثل الدوائر الجغرافية سياسيا، فأقترح أن تقتصر صلاحياته على عرض مشاكل المواطنين في كل دائرة، ومراقبة الحكومة ومحاسبة الوزراء، ومراجعة الموازنة العامة، وما إلى ذلك.
أما مجلس الشورى، فسيكون مجلسا تخصصيا للصفوة الخبيرة في كل قطاعات المجتمع، من أساتذة الجامعات والقضاة ونقباء المحامين والصحفيين والأطباء والمهندسين وقيادات العمال والفلاحين، وممثلي الأزهر والكنيسة والجيش... إلخ، وبالتالي أقترح أن تسند إليه مهمة التشريع ووضع القوانين، لأننا نضمن في هذه الحالة نقاشا واعيا جادا حولها، من أناس يترأسون النقابات المهنية والمؤسسات العلمية والصحفية والقانونية والقضائية والدينية، وبالتالي سنضمن أن تخرج لنا قوانين حكيمة تراعي مصالح جميع الفئات، خاصة أن رؤساء المؤسسات مسئولون أمام مجالس مؤسساتهم، وسيعودون إليها للتشاور حتما قبل اتخاذ أي قرار، كما أنهم في كثير من الأحيان ينتمون إلى أحزاب أو تيارات فكرية، وهذا يعني أنهم سيستشيرون أحزابهم أيضا قبل البت في أي أمر.. هذا يضمن لنا سيادة مبدأ الشورى ضد الرأي الفردي، مما سيوصلنا إلى أكبر دقة ممكنة في مناقشة القوانين من جميع أوجهها وتأثيراتها على قطاعات المجتمع.
ويمكن أن تكون هناك مجالات متقاطعة بين المجلسين، يتحتم فيها أخذ التصويت فيهما معا (كالسياسات الخارجية الحرجة، وقرار إعلان الحرب مثلا).. ويمكن أن نجعل من حق مجلس الشعب رفض تشريع مجلس الشورى بأغلبية الثلثين، ومن حق رئيس الجمهورية رفض القوانين، وفي هذه الحالة يجب إقرارها بأغلبية الثلثين في جلسة مشتركة من المجلسين.. إلى آخر هذه التفاصيل الدقيقة التي يتفق عليها الخبراء وتُقنّن عند وضع الدستور.
وبهذا التقسيم المميز بين طريقة اختيار وصلاحيات كل من المجلسين، سنوازن بين القيادة الشعبية اللازمة لتمثيل الشعب في مجمله، بما لهذه القيادة السياسية من حضور وتأثير وجماهيرية، وبين القيادة الخبيرة المتخصصة من الصفوة الذين يمثلون قطاعات بعينها من المجتمع.. وبهذا لن يزعجنا كثيرا أن يدخل أي أحد إلى مجلس الشعب، سواء كان شابا أو عاملا أو فلاحا أو رجل أعمال أو سياسيا، ليصرخ في وجه الحكومة كما يشاء ويعرض مشاكل من انتخبوه بالطريقة التي تناسبه.. لأننا مطمئنون أنه لن يكون مسئولا عن وضع قوانين لا يفهمها، فلا يفرض علينا الضرائب، ولا يتدخل في نظام التعليم وسياسة الجامعة، ولا قوانين الأحوال الشخصية، ولا نظام الاقتصاد، ولا السياسة الخارجية... إلخ.
م. محمد حمدي غانم
25/12/2011