المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 2 يونيو 2020

نقد مسلسل النهاية علميا


نقد مسلسل النهاية علميا

يجب أن يكون الخيال العلمي قائما على أسس علمية، لهذا لا بد من نقد هذه الأعمال من منظور علمي أيضا.
مبدئيا، أنا أشعر بسخافة استنساخ فكرة الحاسوب اللوحي المستقبلي الشفاف والتي شاهدتها في الكثير من الأعمال الأجنبية، فهذا اللوح الشفاف يخالف أبسط قواعد الخصوصية، ويجعل كل من حولك يشاهدون ما تفعله عليه :D ناهيكم عن أنني لا أعرف أي فكرة علمية يمكنها أن تجعل الدوائر الرقمية ومصدر الطاقة شفافة!
وطبعا كنت مستاء من تسمية مكعب الطاقة AC (وأظن المقصود IC) وتسمية الحوامات ذاتية القيادة التي تنقل الجنود "درونز" في خلط واضح بينها وبين الطائرات الآلية الصغيرة الموجهة عن بعد.
من المهم أن يكون هناك مراجع علميّ مختص في أعمال الخيال العلمي، حتى لا تطفو على السطح أخطاء تشوه الحبكة الدرامية.. فمثلا: لا يمكن لصباح أن تصنع إنسانا آليا وهي مجرد عاملة متواضعة في الإنتاج الزراعي لمجرد أن أبيها كان يعمل في هذا المجال!!.. والأغرب أنهم في منتصف المسلسل أظهروها مع أبيها وأمها وهي طفلة وهم يهربون إلى القدس سعيا لمستقبل أفضل لهم ولها، وهذا جعل كونها مجرد عاملة تناقضا كبيرا.. ثم في الحلقات الأخيرة من المسلسل اضطروا لجعلها فجأة خبيرة في الهندسة الوراثية، بشكل لا يتناسب مع دورها منذ بداية المسلسل، وبدأ يظهر أن صديقتها المهندسة هي التي ساعدتها في بدء صناعة الآلي في محاولة لترقيع هذا المسار المتخبط.. ولكن رغم كل هذا، من المستحيل صنع إنسان آلي بمجرد توصيل عدة أجزاء، وإلا لكان الجميع صنعوه سرا مثلها حتى لو بدون ذكاء اصطناعي!.. هذا الأمر يحتاج لآلات تجميع معقدة وخبراء في مجالات مختلفة من الهندسة والبرمجة (حتى بدون ذكاء صناعي)، وتكلفة عالية جدا لا تناسب حالتها الفقيرة!.. كان من الأذكى أن تعثر صباح مثلا على الإنسان الآلي تحت الأنقاض وتغير ملامح وجهه ثم تستعين بالريس عزيز في شحنه وإعادة برمجته.
وأبعد من كل هذا، بعد أن صنعته من معدن قوي جدا يصمد أمام الأسلحة ويوقف السيارات ويحطمها عند الاصطدام بها، نجد صباح تسحبه بمفردها ببساطة بعد أن سقط مصابا وتنقله إلى السيارة.. لو كان مصنوعا من معدن قوي وخفيف فستستطيع صباح حمله لكنه لن يستطيع تحطيم سيارة، فهذا يحتاج إلى كتلة كبيرة!
في هذا المشهد حاول المخرج أن يمنع عقل المشاهد من إدراك هذه الثغرة، فلم يصورها وهي تحمل الإنسان الآلي أو تسحبه، وإنما قفز فجأة إلى إغلاقها باب السيارة عليه، حتى لا يخبرنا كيف ظل جنود "اينرجي كو" يتفرجون عليها دون أن يوقفوها وهي تجر هذا الحمل الثقيل!!
الخلاصة: أنا مقتنع أن مسار الإنسان الآلي تم إقحامه على الفكرة الأصلية للمسلسل لتطويله، وهذا جعله نسخة مشوهة من سلسلة أفلام ومسلسلات المدمر Terminator بلا ضرورة حقيقة، خاصة أنه تخلص منه ببساطة في ذروة الدراما دون أن يستغله بأي شكل في إيقاف مخططات المنتظر أو إنقاذ المهندس زين، أو حتى بالانضمام إلى المنتظر، باعتبار أن هدفيهما متشابهان، وكان هذا سيفتح بابا للصدام بينهما على الزعامة حتى كنهاية مفتوحة!
عندي انتقادات شبيهة كثيرة، أهمهما التناقض الصارخ بين أزمة الطاقة السائدة، وبين التقنيات المتطورة التي يزخر بها المسلسل والتي يحصل عليها كثير من الأشخاص العاديين، وهذا يدفعنا للتساؤل: كم مقدار الطاقة اللازمة لتشغيل الإنسان الآلي، خاصة الريس عزيز الذي ظل متخفيا لسبعين عاما أو أكثر، لكن واضح أنه لم يعان أي مشاكل في التزود بالطاقة!
ثم لماذا ترفض "إينرجي كو" اختراع المهندس زين لوحدات طاقة يتم شحنها من الشمس مع أنه سيحل أزمة الطاقة؟.. على الأقل كانت تحتكره لنفسها فتتسيد العالم!
(ولماذا لا يستخدمون خلايا الطاقة الشمسية العادية في المستقبل مع أنها متاحة اليوم؟)
ثم لماذا تعيد الشركة مطاردته لتحصل على الاختراع مع أنه قدم البحث نفسه إليهم ويمكنهم تطبيقه؟.. نفس الأمر ينطبق على القائمين على أمر الواحة، فقد حصلوا على نسخة من مكعب الطاقة الجديد وسهل أيضا أن يحصلوا على البحث، فما حاجتهم إلى المهندس زين نفسه، ما داموا لا يضمنون ولاءه؟
تقريبا ستجدون مثل هذه الأسئلة في بناء كل شخصية وتصرفاتها، وهو أمر ناتج عن أن الكاتب ليس كاتب خيال علمي في الأساس لكن يبدو أنه مشاهد جيد، فاعتمد على انتقاء الأجزاء الدرامية من تراث مشاهداته، لكن التنافرات بينها واضحة للمشاهد الخبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر