تنظيم
المرور بتنظيم الموظفين
أقترح
الفكرة التالية كمشروع تخرج لطلبة هندسة وحاسبات ومعلومات (وربما تصلح للماجستير
والدكتوراه):
في
القاهرة الكبرى، يعمل الكثيرون بعيدا عن أماكن سكنهم، خاصة مع أزمة السكن وغلاء
الإيجارات التي تجعل الانتقال من مسكن إلى آخر أمرا ليس سهلا، مع اعتبارات مدارس
الأبناء وغير ذلك.
لهذا
أقترح تصميم برنامج يستقبل الطلبات من موظفي القطاع العام وقطاع الأعمال في
القاهرة الكبرى، للانتقال من مكان العمل إلى أقرب مكان لسكن الموظف، مع حفظ درجته
الوظيفية وراتبه.
التحدي
هنا هو عدم وجود فراغات.. الفراغات القليلة تحدث عند موت موظف أو خروجه على المعاش
أو سفره للخارج.. وتتفضل وزارة القوى العاملة بملء هذه الفراغات بوضع أي شخص بغض
النظر عن مكان سكنه.. والنتيجة على مدى السنوات، هي وجود حالة فوضى في توزيع
الموظفين، تؤدي إلى تكدس المرور.
وكمثال:
كان لي صديق يعمل مدرسا منذ سنوات في القناطر الخيرية، رغم أنه يسكن في بولاق
الدكرور، رغم أن هناك عشرات المدارس في بولاق!
لو
استطاع البرنامج تنظيم الموظفين بحيث يعمل كل موظف في أقرب مكان إلى بيته، فلن
يحتاج إلى ركوب المواصلات، أو سيركب لمسافة أقصر، وبالتالي سيخف العبء عن المواصلات،
ويحل جزء من المشكلة، مما يسمح لباقي الحلول الخاصة بالمرور بأن تكون فعالة.
ندخل
في فكرة البرنامج:
افترض
أن شخصا يعمل في مدينة نصر، طلب الانتقال إلى الدقي..
وشخصا
يعمل في الدقي، طلب الانتقال إلى الهرم..
وشخصا
يعمل في الهرم، طلب الانتقال إلى القناطر..
وشخصا
يعمل في القناطر، طلب الانتقال إلى مدينة نصر..
من
الواضح أن من الممكن تحقيق كل هذه الطلبات بعملية تبادل مواقع بسيطة، ولا تكلف
الدولة شيئا!
المطلوب
من البرنامج، هو أن يفحص كل الطلبات المقدمة، ويرى كل إمكانيات الانتقال المتاحة،
مع مراعاة الوظيفة والتخصص.. (في المثال السابق لو كان صاحب طلب الانتقال إلى
الدقي مدرس أحياء، فيجب أن يكون الباقون مدرسي أحياء أيضا.. ولو كان صاحب الطلب
مدير حسابات، فيجب أن يكون الباقون كذلك.. وهكذا).
قد
تبدو فكرة هذا البرنامج بسيطة.. من الممكن كتابة برنامج يفحص شجرة الاحتمالات
باستخدام Stack للحصول على كل دائرة تباديل مغلقة.. لكن المشكلة أن شجرة
الاحتمالات قد تكون هائلة، والدائرة قد تتكون من عشرات وربما مئات التبديلات، وهو
ما قد يستغرق سنوات لكي يحسبها البرنامج.. لا تنسَ أن القاهرة الكبرى فيها 30
مليون مواطن، وأرجح أن يكون منهم على الأقل مليون موظف حكومي، ولو أرسل 1% منهم
طلبات تنقل، فسيكون أمام البرنامج 10 آلاف طلب للبحث فيها!
لاحظ أيضا أن هناك اعتبارات أخرى يجب أن يراعيها
البرنامج:
- بالنسبة لموظف مدينة نصر، لن يرفض لو عرض عليه البرنامج الانتقال
إلى المهندسين أو الجيزة أو التحرير أو رمسيس أو العباسية بدلا من الدقي.. ففي كل
الأحوال هو سيوفر جزءا من وقت المواصلات ومعاناتها لأن هذه الأماكن أقرب إليه من
مدينة نصر.. أخذ هذا في الاعتبار سيزيد من عدد الاحتمالات التي يجب فحصها!.. إضافة
إلى أننا نحتاج إلى إدخال معلومات عن متوسط زمن المواصلات بين كل منطقة وأخرى في
القاهرة.. والأسهل أن يقدم المواطن في الطلب المناطق البديلة التي يمكن أن يقبل النقل
إليها.
- هناك تخصصات مشتركة بين عدة وزارات كالمحاسبين
والإداريين وغيرهم.. وبالتالي يمكن أن يسمح مجلس الوزراء بالتنقل بين الوزارات
بنفس الدرجة والراتب، فهذا لن يكلف موازنة الدولة شيئا.
- نظرا لعدم تلقي كل الطلبات في نفس الوقت، سيواجه
البرنامج مشكلة في إعادة الحسابات مع كل طلب جديد يتلقاه وهذا إهدار للوقت، ويحتاج
إلى طريقة لعدم تكرار الحسابات السابقة، والاستفادة من الطلب الجديد في إكمال
الدوائر المكسورة.. هذه مشكلة ليست سهلة.
- سيكون تسهيلا جميلا إذا استطاع البرنامج في مرحلة متقدمة
أن يقدم للموظف الحل العكسي: لماذا لا تنتقل أنت للسكن قرب محل العمل، ولكن هذا
يتطلب تقديم معلومات عن الشقق المتاحة والإيجارات المحتملة والمدارس التي يمكن أن
ينقل إليها أولاده... هذه مرحلة تحتاج لقاعدة بيانات الحكومة الذكية J
عامة، هذا البرنامج يصنف في البرمجة والتفكير الهندسي
ضمن ما يسمى بالبرمجة المرنة Dynamic
programming، والمشكلة التي تواجهنا
هنا تسمى مشكلة توزيع الموارد Resource
Allocation.. وهي مشكلة مشهورة تواجه
المهندسين في التخطيط العمراني وإدارة الشحن والتفريغ في أرصفة الموانئ، وتواجه المبرمجين
في كتابة نظم التشغيل وغير ذلك.. لهذا يحتاج الأمر إلى القراءة في هذا الأمر جيدا
قبل كتابة أي كود.. لهذا على من تهمه فكرة البرنامج، أن يجري بعض البحث عن:
Resource allocation
Algorithms
و
Dynamic programming
ليعرف
ما هي أقرب خوارزمية للمشكلة التي تواجهنا هنا، ليختصر وقتا طويلا في إجراء عمليات
التبديل، وتفادي شجرة البحث، فالبحث الشجري يكون أسيا
Exponential ويستغرق أوقاتا خارقة.. لهذا وضع
المهندسون طرقا رياضية لحل مثل هذه المشاكل.
من المهم أيضا لمن يعمل في هذا البرنامج أن يجد إحصائيات
عن موظفي الحكومة وتوزيعهم، والنسبة التي سيحلها البرنامج من أزمة المرور لو أعاد
توزيعهم جغرافيا.. يعني مثلا: هل سيحل 10% من أزمة المرور في القاهرة أم أكثر أم
أقل.. طبعا هذا يعتمد على حجم الفوضى في توزيع الموظفين حاليا، وهو ما أعتقد أنه
في ذروة مجده كما هي سمات كل شيء في عصر مبارك!!