عمّــــو
(3)
سألها (ماهر) بلهفة:
- أنتِ أيضا ما زلتِ تذكرينني؟!
قال (هالة) بحياء جميل:
- لقد أرشدَتْني كلماتك إلى الطريق.. لا ينسى أستاذَه إلا تلميذٌ جاحد.
وضحكت بعذوبة مضيفة:
- ثم إنك تعرف أن ذاكرة الأطفال قوية.
قال بفتون:
- لم تكوني قَطُّ طفلة.
غزا الشجن نظراتها وهي تهمهم:
- معك حق.. لقد ولدت كبيرة، فتُهت عن طفولتي.
- (بتعاطف) أتفهّم ما تعنين.. ويل لمن سبق عقله سنه.
-
(بامتنان) أنت تُشعرني دائما أنني لست غريبة في هذا العالم.
- اعتبريها ألفة غريبين التقيا.
- فهذه إذن إجابة سؤالك.. وهل ينسى أحدهما الآخر بعد أن التقيا؟
ابتسم بسعادة وهو يتأمل ملامحها، فعادت تهرب منه ببصرها
في اضطراب.. فسألها ليخرجها من حرجها:
- أي طريق إذن؟
- (حائرةً) ماذا تعني؟
- قلتِ إنني دلَلْتكِ على الطريق.. فأي طريق؟
- (مبتسمة) آه.. القراءة.. انتابني
الفضول لأعرف ماذا ترى في كتب التاريخ فجربت قراءة بعضها.. واكتشفت أن الكتاب
صديقي المفضل، الذي يفهمني أكثر، فشرعت أقرأ في مجالات ثقافية أخرى، واستمتعت
بقراءة الروايات والأدب، واستمتعت أكثر بالقراءة في تبسيط العلوم وتاريخ العلم..
ومع متعة كل كتاب قرأته، كنت أشعر بالامتنان لك وأشكرك بالغيب على هذه النصيحة الغالية
التي نصحتني بها ضمنيا دون أن تعظني مباشرة.
- (ضاحكا) المراهقون لا يحبون الوعظ
ولا تلقي الأوامر.. في الغالب يتمردون على ذلك، باعتباره تدخلا سافرا في خصوصياتهم
وكبتا لحرياتهم، ومحاولة لتشكيل شخصياتهم على عكس هواهم.. كما أن الخبرات المعلبة الجامدة
تفقدهم متعة استكشاف العالم بأنفسهم، ويرون أنها موضات قديمة يفرضها عليهم جيل لا
يواكب العصر.. لا أعني بهذا ترك الحبل لهم على الغارب، لكنْ مصادقتهم وإعادة
استكشاف عالمهم معهم، فهذا يجعل المراهق أكثر رضا، ويجعل مرشده يستمتع بعيش شبابه معه
مرة أخرى.