في هذه الصورة، الحاج جمال خليفة رحمه الله بابتسامته الجميلة يحمل أخي محسن الباكي، وبجواره أخي حمدي المتعجب من بكاء محسن، وأنا الوحيد الذي أنظر للكاميرا محاولا افتعال ابتسامة لم أنجح فيها في أي صورة حتى يومنا هذا!
الصورة في بنغازي بليبيا حوالي عام ١٩٨١ وعمري أربع سنوات.. كنا نسكن في (حوش) قرب ميناء بنغازي، وهو بيت يتكون من طابقين يتوسطه ساحة فارغة بدون سقف وحولها بعض الغرف، وسلم داخلي للطابق الثاني.. كان الحاج جمال و أ. عبد السلام شتية يسكنان في الطابق الأرضي وكنا نحن نسكن في الطابق العلوي.. وانا أحب الحاج جمال من أيامها لانه كان يصحبنا كل يوم خميس بالسيارة للتنزه على كورنيش بنغازي وأكل الهامبورجر (الذي لم اره في مصر بعدها لسنوات ولم أتذوقه بهذا الطعم بعدها قط!).. وذات يوم ابتلع اخي محسن الذي لم يبلغ العامين حينها علبة حبوب خاصة باستاذ عبد السلام، ودخل في غيبوبة فأخذنا أ. جمال بالسيارة بسرعة إلى المستشفى وكانت بعيدة نوعا، وتم عمل غسيل معدة لمحسن وكتب الله له عمرا فله الحمد والشكر.
ومن الطرائف أن الحاج جمال حاول ذات مرة أن يحلق لنا شعورنا التي تبدو طويلة في الصورة، وأذكر أنه جرح أذن أحدنا، فلم يكن خبيرا في هذا الأمر.
لم أمكث في ليبيا أكثر من عام بسبب خلافات السادات والقذافي.. لكن حينما عدنا الى مصر اكتشفت مسرورا أن الحاج جمال رحمه الله كان جارنا، وظل خير جار حتى انتقلنا من الشقة التي نستأجرها إلى بيتنا الحالي عام ١٩٩٧.. لكن العلاقة استمرت، لانه استأجر عندنا مرآبا (جراج) لسنوات أخرى، وحتى بعد أن تركه، ظل على زياراته لوالدي فقد كانا خير الاصدقاء رحمهما الله.. وكان كثير الزيارة لوالدي في مرضه الأخير، وكان معنا في المستسفى بعد وفاته وأثناء غسله، وظل يزورنا بعد وفاته رحمه الله.
توفي الحاج جمال خليفة منذ أسبوعين، فذهب معه جزء جميل آخر من عالمي.
رحمه الله ورحم أبي وكفر عنهما سيئاتهما وغفر لهما ذنوبهما ووقاهما عذاب القبر وعذاب النار، وأدخلهما الجنة بفضله ورحمته.
اللهم ارحمه واعف عنه با كريم عمى العزيز وخير الصديق ..
ردحذف..صبرى خليفة