الجحود مرض نفسي

يلجأ الإنسان في لحظات الحزن إلى بعض الحيل النفسية مثل التسامي أو الإنكار ليحمي نفسه من الانهيار أمام الحزن.

هذا شيء مفيد إذا لم يتحول إلى إدمان ومرض نفسي في ذاته، يجعل الإنسان بليدا قاسيا عاجزا عن الشعور بقيمة الأشياء والأشخاص المهمين في حياته، مستسهلا فقد أي شيء وكل شيء، ما دام في النهاية واثقا من قدرته على إسقاط الذنب عن نفسه وإلقائه على الآخرين، والتهوين من قيمة ما فقده.. هذه الدرجة من الجحود تجعل الإنسان يفقد ذكاءه العاطفي وذكاءه الاجتماعي.. فالحزن في حدوده الآمنة يعلمنا أن نخاف على ما نحبه ونعمل على حمايته وعدم فقده تجنبا للألم والمرارة.. وهذا يجعلنا نقدر الآخرين ونتلمس رضاهم فنسعدهم ويسعدوننا.

أما الذين لا يحزنون على شيء ولا يخافون على شيء، فهم مرضى نفسيون أغبياء عاطفيا واجتماعيا، يوهمون أنفسهم بالسعادة وهي في حقيقتها بلادة وخواء، وتنتهي حياتهم بالعزلة والوحدة والوحشة في سجن نفوسهم المظلمة الباردة.

بعض الدموع وبعض الندم وبعض الاعتذار ليست دليلا على الضعف، بل على الصحة النفسية والذكاء العاطفي.

الرقة ليست ضعفا.. بل اهتمام ورحمة وتقدير.