المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

كوز المحبة


اثنان في واحد (ليس برت بلاس)
(13)
كوز المحبة



كان أحمد غطاطي يفتح ملزمة الرياضيات، حينما سقطت منها ورقة مطوية.. انحنى غطاطي ليلتقطها وفضها ليجد فيها ما يلي:
"مرحبا يا غطاطي.. استأثر النماس لنفسه بمحمد ولي العائد من المستقبل.. دعه له فلا مشكلة.. ولكننا نحتاج إلى إعادة محمد ولي الخاص بنا إلى الماضي الأسبوع القادم حتى نصحح التداخل الزمني، وهو يستأثر به أيضا.. مهمتك يا غطاطي إذا كنت ستقبلها، أن تسرق محمد ولي الصحيح من النماس (وحذار من سرقة محمد ولي القادم من المستقبل، وستعرفه من احمرار خده الأيسر، الذي لم تصفعه ناني عليه فهي بريئة كما تعلم).. وسيكون فريقك في هذه المهمة المستحيلة:
محمد حمدي: كاتب خيال علمي مبتدئ.. لن يفيدك بشيء سوى في تمييز محمد ولي الذي صفعه في فكه، من محمد ولي الذي لم تصفعه ناني على خده!!
أحمد عزيز: مثقف متفيهق ومدخن شره.. لن يفيدك بشيء سوى إلهاء النماس بحواراته العبثية أثناء تنفيذ المهمة.
ملحوظة: هذه الورقة ستحترق بعد خمس ثوان من قراءتك لها، فإن لم تفعل (وهذا هو الاحتمال المؤكد) فقم بإحراقها أنت!
ملحوظة أخرى: هناك شريط ستجده في جهاز التسجيل، لو قمت بتشغيله، فستسمع الموسيقى المميزة لمسلسل المهمة المستحيلة.. أبوس يدك لا داعي لإحراقه فقد استعرناه من أحمد النميري.
***
إلى أن يقوم فريق المهمة المستحيلة باستعادة محمد ولي الأصلي من بين براثن النماس، سأستغل هذه الفترة في أن أحكي لكم بعض ذكرياتنا الطريفة في تلك المرحلة.. واخرس أنت أيها القارئ المفقوع، فنحن هنا نتعامل بقواعد فن الرعاشة، وهو فن جديد ليست له أي قواعد معروفة، وبالتالي من حقي أن أضع قواعده على مزاجي، وأولى هذه القواعد: وداعا للتكثيف والوحدة العضوية.. الحياة لا تعرف ولا تعترف بهذا الهراء.. وقبل أن تسأل: نعم ولا.. أنا كاتب واقعي غير واقعي في آن.. وإلا فكيف كنت تظن أن يولد على يدي فن الرعاشة؟!
***
عندنا في السنة الإعدادية في كلية الهندسة مادة اسمها الإنسانيات، وهي أقرب إلى المواد الأدبية منها إلى المواد العلمية.. وكان محاضرنا فيها هو د. أمير بيومي وهو مهندس حاصل على الدكتوراة في الهندسة المدنية.. وذات يوم أخذ يحدثنا عن العلاقة بين الهندسة والفن، موضحا كيف أعطت الهندسة للفن مصطلحات كثيرة شاعت في لغة الأدب، وضرب مثلا بعدة أغان شهيرة مثل (من فوق برج الجزيرة...) و (على كوبري العباس ماشية وناسية الناس)، ثم قال:
-  حينما نريد أن نعبر عن حدوث خلل في علاقة ما ونريد إصلاحه نقول: رأب الصدع في جدار العلاقة.. ولكن الشاعر كان أبلغ من هذا حينما قال في الأغنية: (كوز المحبة اتخرم.. عايز له بنطة لحام)، وأنا أرى أنها أغنية راقية جدا ومبتكرة، وليست مبتذلة كما يدعي النقاد الذين في صدورهم مرض!.. ولو أنها تلاقي نقدا، فربما يرجع هذا إلى اللحن أو المغني أو الأداء.. أو لأن المثقفين يحشون عقولهم بالمعلومات فيصابون بالتعالي الثقافي ويعز عليهم أن تكون هناك أغنية لا تناسب مستواهم!
وطبعا قوبل كلامه باستهجان شديد كان يتوقعه، لهذا قطع سبيل الجدال وأغلق باب النقاش بصرامة!
وقد ظللت أفكر في رد بليغ عليه، لهذا ذهبت إليه بعد انتهاء المحاضرة التالية، وقلت له:
-      هل تسمح لي بالكلام بلا حزازة يا دكتور؟
فسمح لي مشكورا، فقلت له من بين ضحكاتي إنني كتبت أغنية وأريد أن أسمعها له، فقال لي:
-      امسك نفسك وقل!
فقلت له:
-      برسيم المحبة خلص، وحمير الشوق جعانين
وعلف التلاقي غلي، وأنا أجيب فلوسه منين؟
فضحك قائلا:
-      أغنية جميلة، ولكن ما علاقة المحبة بالبرسيم؟
-      هذا تشبيه بليغ بإضافة المشبه به إلى المشبه.
-      لا تحاول خداعي.
-  لا أبدا.. هي هكذا في البلاغة فعلا.. ثم إن علاقة المحبة بالبرسيم، هي نفس علاقتها بالكوز :).. برسيم المحبة.. كوز المحبة.. فيتامين المحبة!!
فضحك قائلا:
-  لدينا منتدى أدبي هنا في الكلية يعقد أسبوعيا، وعليك أن تأتي.. وسأقول لك كلاما بيننا كشباب، أنا لا أستلطف كلمة اتخرم، وأراها غير لائقة.
شكرته على الدعوة وعلى صراحته، وتوقعت أنه سيحذف هذا المثال بعد ذلك من محاضراته، ولكن من حضروا محاضراته التالية، أكدوا لي أنه لم يفعل!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر