المتابعون للمدونة

الأحد، 2 يوليو 2017

نهج البردة 4

المقطع الرابع من قصيدة نهج البردة
لأمير الشعراء أحمد شوقي
 
للاستماع لإلقائي لهذا المقطع بصوتي على ساوند كلاود:
أو على يوتيوب:
 

 

وهذا هو شرح الأبيات ومعاني الكلمات:
 

وَنودِيَ "اِقرَأْ"، تَعالى اللهُ قائِلُها = لَم تَتَّصِل ـ قَبلَ مَن قيلَت لَهُ ـ بِفَمِ
ونودي: ناداه جبريل عليه السلام.. وهي أول آية نزلت من القرآن الكريم لهذا استدرك الشاعر بأن الله سبحانه وتعالى هو قائلها.
قبل من قيلت له: قبل سيدنا محمد.
لم تتصل بفم: يعني أن آية "اقرأ" وسورة العلق لم ينطق بها بشر قبل الرسول صلى الله عليه وسلم.
 
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ، فَاِمتَلأَتْ = أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
أذّنَ للرحمن: أي دعا الناس إلى عبادته.
قدسية النغم: إشارة إلى ترتيل القرآن.
 
فَلا تَسَلْ عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها = وَكَيفَ نَفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
لا تَسَلْ: لا تسألْ
نَفْرتُها: جَزَعها وفُرقتها.. وهذه اللفظة تعطي معنى النفور ومعنى الاستنفار.
العَلَم: الجبل.
ومعنى البيت: أن قريشا انقسمت آراؤها حين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام ما بين مصدق ومكذب، كأنهم قطيع غزلان نافر بين السهول والجبال.
 
تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ = رَمَى المَشايِخَ وَالوِلدانَ بِاللَمَمِ
تساءلوا: سأل بعضهم بعضا.. والضمير عائد على قريش في البيت السابق.
عظيم ألمّ بهم: أمر عظيم أصابهم، وهو حيرتهم أمام دعوة الإسلام.
اللمم: الجنون.. كأن مفاجأة دعوة الرسول لهم للإسلام أصابت عقولهم بالذهول والجنون.
 
يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ = هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
يا جاهلين عليه: يا معتدين عليه بالقول والفعل.. الجهل هنا عكس الحِلم.
هل تجهلون: هل تنكرون.. الجهل هنا عكس المعرفة.
مكان: مكانة ومنزلة.
العَلَم: المشهور المعلوم.. في هذه القصيدة استخدم أحمد شوقي الكثير من المعاني المختلفة لكلمة العلم ومنها (الجبل، المنار، الراية، المشهور).
 
لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ = وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
وما الأمين على قول بمتهم: أصلها: وما الأمين متهما.. وتدخل الباء الزائدة على خبر ليس و خبر ما العاملة عمل ليس.
ومعنى البيت: أنهم لقبوا الرسول بالصادق الأمين، والأمين لا يتهم في أقواله.
 
فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ، فَكَمْ = بِالخُلْقِ والخَلْقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
فاق البدور: تفوق عليها وعلاها.
الخُلْق: الخُلُق.
الخَلْق: الخِلقة والهيئة.
لاحظ كيف أجاد الشاعر في استخدام العطف لوصف خُلُق الرسول بالحُسن، وخَلْقه بالعظمة (دلالة على كمال هيئته وجلال هيبته).
 
جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ = وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
الآيات: البينات والمعجزات.
انصرمت: صرم الشيء أي قطعه (ولهذا يسمى السيف بالصارم).. وصرم الزرع أي قطعه وحصده.. ويعني هنا أن معجزات الرسل السابقة انقطعت ومضت وذهبت ولم تستمر باقية ليراها من يأتي بعدهم.
وجئتنا بحكيم: القرآن الكريم.
غير منصرم: لا ينتهي فمعجزة القرآن باقية إلى قيام الساعة.
 
آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدَى جُدُدٌ = يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
طال المدى: يعني مضى الزمن وبعد عن زمن نزوله.
جُدُد: جمع جديد، ويعني أن آيات القرآن متجددة الإعجاز، كلما تقدم العلم فهمنا من معانيها أكثر.
يَزينهنّ: يعني يُزّين آيات القرآن.. زان يَزِين، وزيّنَ يُزيّن.
العتق: العَتْقُ بفتح العين: الكريم الرَّائعُ من كل شيء.. والعِتق بكسر العين: الكرم أو الجمال أو القِدم.. والشاعر هنا يقصد القدم، فآيات القرآن عتيقة قديمة في الزمن لكنها جديدة متجددة المعاني والإعجاز.
 
يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ = يُوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوَى وَبِالرَحِمِ
مبالغة تدل على شدة بلاغة القرآن، فكأن اللفظة الواحدة من اللغة، تتسع فيه لتحمل معاني جمل كاملة توصي بالحق والتقوى وصلة الرحم.
 
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً = حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
الضاد: تسمى اللغة العربية لغة الضاد لأنه لا يوجد إلا في لغة أخرى غير العربية (وبالمناسبة معظمنا حاليا لا يستطيع نطقه بالشكل الصحيح)!.
الذائق: المتذوق لبلاغة اللغة.
الفَهِم: شديد الفهم أو عميق الفهم.. صيغة مبالغة من الفاهم على وزن فَعِل.
وكان الرسول أفصح وأبلغ العرب، لأنه أوتي مجامع الكلم.
 
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ = في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
حليت جيد البيان: زينته بالحَلْي وهو الجواهر.
به: الهاء تعود على "حَديثُكَ الشَهدُ" في البيت السابق.
العَطَل: عَطِلَت المرأة عَطَلا وعُطولا أي لم تتزين بأي زينة وحلي وقلائد.
الجِيد: العنق.
البيان: التعبير والبلاغة.
وأصل الجملة: حلَّيتَ جِيدَ البيانِ به مِن بعدِ عَطَلِه.
منتثر: قول جاء نثرا.
منتظم: قول منظوم شعرا.
ومعنى البيت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفصح العرب، فكأن كلامهم قبله كان عاديا غير مزدان رغم ما عرفوا به من الفصاحة والبلاغة، فجاء الرسول وزينه بفصاحته وبلاغته، وكلامه النثري الذي له حسن وجمال الشعر المنظوم، فالرسول نزه عن قول الشعر (وما علمناه الشعر وما ينبغي له).
 
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ = تُحيىِ القُلوبَ وَتُحيىِ مَيِّتَ الهِمَمِ
الهمم: جمع همة.
ميت الهمم: يعني الهمم الميتة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر